للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضُهُمْ.

وَفِي الْأَنْوَارِ: حَلَفَ لَا يَتَخَتَّمُ وَهُوَ لَابِسٌ الْخَاتَمَ فَاسْتَدَامَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي اللُّبْسِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ صِيغَةَ التَّفَعُّلِ تَقْتَضِي إيجَادَ مُعَانَاةٍ لِلْفِعْلِ، وَالِاسْتِدَامَةُ لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ فَلَمْ يُمْكِنْ التَّقْدِيرُ هُنَا بِمُدَّةٍ بِخِلَافِ صِيغَةِ أَصْلِ الْفِعْلِ كَاللُّبْسِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَخْتَصُّ هَذَا بِالنَّحْوِيِّ أَوْ لَا لِأَنَّ الْعَامِّيَّ يُدْرِكُ الْفَرْقَ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ التَّعْبِيرَ عَنْهُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ؛ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الْخَاتَمَ وَهُوَ لَابِسُهُ حَنِثَ بِالِاسْتِدَامَةِ، (قُلْت تَحْنِيثُهُ بِاسْتِدَامَةِ التَّزَوُّجِ وَالتَّطَهُّرِ) عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْمُحَرَّرِ (غَلَطٌ لِذُهُولٍ) عَمَّا فِي شَرْحَيْهِ، فَإِنَّ الَّذِي جُزِمَ بِهِ فِيهِمَا عَدَمُ الْحِنْثِ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ الْمَنْصُوصُ؛ إذْ لَا يُقَدَّرَانِ بِمُدَّةٍ كَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ فَلَا يُقَالُ: تَزَوَّجْت وَلَا تَسَرَّيْت وَلَا تَطَهَّرْت شَهْرًا مَثَلًا، بَلْ مُنْذُ شَهْرٍ، وَزَعَمَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ يُقَالُ: ذَلِكَ مَرْدُودٌ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: إنْ أُرِيدَ لَا يُقَالُ ذَلِكَ عُرْفًا اُتُّجِهَ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُقَالُ عُرْفًا وَهُمْ أَحَقُّ بِمَعْرِفَةِ الْعُرْفِ مِنْ غَيْرِهِمْ أَوْ نَحْوًا اُتُّجِهَ مَا قَالَهُ إذْ النَّحْوُ لَا يَمْنَعُهُ، لَكِنْ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْأَوَّلُ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْحِنْثِ فِيهِمَا إنْ لَمْ يَنْوِ اسْتِدَامَتَهُمَا وَإِلَّا حَنِثَ بِهَا جَزْمًا (وَاسْتِدَامَةِ طِيبٍ لَيْسَتْ تَطَيُّبًا فِي الْأَصَحِّ؛) إذْ لَا يُقَدَّرُ عَادَةً بِمُدَّةٍ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَلْزَمْهُ بِهَا فِدْيَةٌ فِيمَا لَوْ تَطَيَّبَ ثُمَّ أَحْرَمَ وَاسْتَدَامَ.

(وَكَذَا وَطْءٌ) وَغَصْبٌ (وَصَوْمٌ وَصَلَاةٌ) فَلَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهَا فِي الْأَصَحِّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، وَنَازَعَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهَا تُقَدَّرُ بِزَمَانٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُرَادَ فِي نَحْوِ نَكَحَ أَوْ وَطِئَ فُلَانَةَ وَغَصَبَ كَذَا وَصَامَ شَهْرًا اسْتِمْرَارُ أَحْكَامِ تِلْكَ لَا حَقِيقَتِهَا لِانْقِضَائِهَا بِانْقِضَاءِ أَدْنَى زَمَنٍ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَبِمُضِيِّ يَوْمٍ لَا بَعْضِهِ فِي الصَّوْمِ؛ إذْ حَقِيقَتُهُ الْإِمْسَاكُ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ وَهَذِهِ الْحَقِيقَةُ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُهَا بِزَمَنٍ إلَّا حُكْمًا كَمَا تَقَرَّرَ، وَالصَّلَاةُ لَمْ يُعْهَدْ عُرْفًا وَلَا شَرْعًا تَقْدِيرُهَا بِزَمَنٍ، بَلْ بِعَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَإِنْ قُلْت يُنَافِي مَا ذُكِرَ فِي الْوَطْءِ جَعْلُهُمْ اسْتِدَامَةَ الصَّائِمِ الْوَطْءَ بَعْدَ الْفَجْرِ مَعَ عِلْمِهِ وَطْئًا مُفْسِدًا، قُلْت: لَا يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ لِمَعْنًى آخَرَ أَشَارُوا إلَيْهِ بِقَوْلِهِمْ تَنْزِيلًا لِمَنْعِ الِانْعِقَادِ مَنْزِلَةَ الْإِبْطَالِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَكُلُّ عَقْدٍ أَوْ فِعْلٍ يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لَا تَكُونُ اسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ.

وَفِيمَا أَطْلَقَهُ فِي الْعَقْدِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ ذَاكَ عَلَى الشَّرِكَةِ بِغَيْرِ عَقْدٍ كَالْإِرْثِ،

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُمْ الْفِعْلُ الْمَنْفِيُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ فَهَلْ يَخْتَصُّ هَذَا) أَيْ: عَدَمُ الْحِنْثِ فِي مَسْأَلَةِ التَّخَتُّمِ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ: الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِالِاسْتِدَامَةِ) أَيْ: عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُ الْمَتْنِ تَحْنِيثُهُ) أَيْ: الْمُحَرَّرِ اهـ. مُغْنِي وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ إلَخْ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْحَالِفِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى ابْتِدَاءً اللُّبْسَ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُ الْمَتْنِ بِاسْتِدَامَةِ التَّزَوُّجِ إلَخْ) أَيْ: وَبِاسْتِدَامَةِ اللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: لَبِسْت يَوْمًا وَرَكِبْت يَوْمًا وَهَكَذَا الْبَاقِي اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ) إلَى قَوْلِهِ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَلَا تَسَرَّيْت وَقَوْلُهُ وَزَعَمَ إلَى وَمَحَلُّ، وَقَوْلُهُ: وَنَازَعَ إلَى فَإِنَّ الْمُرَادَ، وَقَوْلُهُ: إذْ حَقِيقَتُهُ إلَى وَالصَّلَاةُ (قَوْلُ الْمَتْنِ لِذُهُولٍ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَهُوَ نِسْيَانُ الشَّيْءِ وَالْغَفْلَةُ عَنْهُ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ عَمَّا فِي شَرْحَيْهِ) إلَى قَوْلِهِ: وَزَعَمَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَا تَسَرَّيْت. (قَوْلُهُ: فِي شَرْحَيْهِ) أَيْ: الرَّافِعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَسَرَّيْت) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: اُتُّجِهَ الرَّدُّ) أَيْ: عَلَى الْبُلْقِينِيِّ. (قَوْلُهُ: وَهُمْ) أَيْ: الْأَصْحَابُ (قَوْلُهُ: مَا قَالَهُ) أَيْ: الْبُلْقِينِيُّ. (قَوْلُهُ هُوَ الْأَوَّلُ) أَيْ: الْعُرْفُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ عَدَمِ الْحِنْثِ) إلَى قَوْلِهِ: وَنَازَعَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ: الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ التَّزَوُّجِ وَالْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ التَّطَهُّرِ. (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ اسْتِدَامَتِهِمَا (قَوْلُهُ: لَمْ تَلْزَمْهُ) أَيْ: الْمُحْرِمَ، وَقَوْلُهُ: بِهَا أَيْ: الِاسْتِدَامَةِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَصَلَاةٌ) بِأَنْ يَحْلِفَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا أَنَّهُ فِيهَا أَوْ كَانَ أَخْرَسَ وَحَلَفَ بِالْإِشَارَةِ مُغْنِي وَأَسْنَى. (قَوْلُهُ وَنَحْوِ نَكَحَ) اسْتِطْرَادِيٌّ ثُمَّ رَأَيْت قَالَ الرَّشِيدِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ نَكَحَ زَادَ الشَّارِحُ مَعَ مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ فَسَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَإِنَّ الْمُرَادَ فِي نَحْوِ نَكَحَ، وَقَوْلُهُ: فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ صَحِيحَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) أَيْ: النِّكَاحِ وَالْوَطْءِ وَالْغَصْبِ. (قَوْلُهُ: وَبِمُضِيِّ يَوْمٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى بِانْقِضَاءِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إذْ حَقِيقَتُهُ) أَيْ: الصَّوْمِ شَرْعًا (قَوْلُهُ: الْإِمْسَاكُ إلَخْ) الْمَذْكُورُ فِي بَابِ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ وَالصَّلَاةَ إلَخْ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الْمُرَادِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا يَخْلُو ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ إشْكَالٍ إذْ يُقَالُ: صُمْت شَهْرًا وَصَلَّيْتُ لَيْلَةً، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ انْعِقَادُ النِّيَّةِ وَالصَّوْمُ كَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالُوا فِي التَّزْوِيجِ: إنَّهُ قَبُولُ النِّكَاحِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي فَأَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ إحْرَامًا صَحِيحًا حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُصَلٍّ بِالتَّحَرُّمِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَاكَ) أَيْ: جَعْلَهُمْ الْمَذْكُورَ

(قَوْلُهُ: قَالَ) إلَى قَوْلِهِ: وَفِيمَا أَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَفِيمَا أَطْلَقَهُ فِي الْعَقْدِ نَظَرٌ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى احْتِيَاجِ الشَّرِكَةِ لِلنِّيَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ رَاجِعًا لِمَا قَبْلَهُ فَقَطْ اهـ سم. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) أَقُولُ أَوْ يُجَابُ بِأَنَّ الْحِنْثَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّرِكَةِ لَيْسَ لِاسْتِدَامَةِ الْعَقْدِ، بَلْ لِاسْتِدَامَةِ الِاخْتِلَاطِ الْحَاصِلِ مَعَهُ فَإِنَّهُ يُسَمَّى شَرِكَةً أَيْضًا كَالْعَقْدِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ عَنْ فَتَاوَى السُّيُوطِيّ اهـ. سم عِبَارَةُ ع ش

وَأَمَّا الشَّرِكَةُ الَّتِي تَحْصُلُ بِعَقْدٍ كَأَنْ خَلَطَا الْمَالَ وَأَذِنَ كُلٌّ لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ فَهَلْ يَكْفِي فِي عَدَمِ الْحِنْثِ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ الْفَسْخَ وَحْدَهُ أَوْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ قِسْمَةِ الْمَالَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ إذَا قُلْنَا إنَّهُ يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهَا عَلَى الرَّاجِحِ، أَمَّا إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْحِنْثِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ لَمْ يُحْتَجْ لِلْفَسْخِ وَلَا لِلْقِسْمَةِ مَا لَمْ يُرِدْ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ عَدَمَ بَقَائِهَا اهـ. (قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: وَفِيمَا أَطْلَقَهُ فِي الْعَقْدِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى احْتِيَاجِ الشَّرِكَةِ لِلنِّيَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ رَاجِعًا لِمَا قَبْلَهُ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) أَقُولُ أَوْ يُجَابُ بِأَنَّ الْحِنْثَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّرِكَةِ لَيْسَ لِاسْتِدَامَةِ الْعَقْدِ، بَلْ لِاسْتِدَامَةِ الِاخْتِلَاطِ الْحَاصِلِ مَعَهُ فَإِنَّهُ يُسَمَّى شَرِكَةً أَيْضًا كَالْعِقْدِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي أَعْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>