للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَلَا حِنْثَ بِهَذَا) ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الدُّخُولِ الِانْفِصَالُ مِنْ خَارِجٍ لِدَاخِلٍ، وَالْخُرُوجُ عَكْسُهُ وَلَمْ يُوجَدَا فِي الِاسْتِدَامَةِ؛ وَلِأَنَّهُمَا لَا يَتَقَدَّرَانِ بِمُدَّةٍ، نَعَمْ لَوْ نَوَى بِعَدَمِ الدُّخُولِ الِاجْتِنَابَ فَأَقَامَ أَوْ بِعَدَمِ الْخُرُوجِ أَنْ لَا يَنْقُلَ أَهْلَهُ مَثَلًا فَنَقَلَهُمْ حَنِثَ.

(أَوْ) حَلَفَ (لَا يَتَزَوَّجُ) أَوْ لَا يَتَسَرَّى كَمَا بَحَثَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَرُدَّ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْفَرْقِ أَنَّ التَّزَوُّجَ إيجَابٌ وَقَبُولٌ، وَهُوَ مُنْقَضٍ لَا دَوَامَ لَهُ، وَالتَّسَرِّي فِعْلٌ، وَهُوَ التَّحْصِينُ عَنْ الْعُيُونِ وَالْوَطْءُ وَالْإِنْزَالُ، وَهَذَا مُسْتَمِرٌّ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي إنْ حُمِلَ التَّسَرِّي عَلَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ لَا الْعُرْفِيِّ إذْ أَهْلُهُ لَا يُطْلِقُونَ التَّسَرِّيَ إلَّا عَلَى ابْتِدَائِهِ دُونَ دَوَامِهِ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْلَى عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ مَنْعُ أَنَّ التَّزَوُّجَ هُوَ مَا ذُكِرَ لَا غَيْرُ، بَلْ يُطْلَقُ لُغَةً وَعُرْفًا عَلَى الصِّفَةِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ الصِّيغَةِ فَسَاوَى التَّسَرِّيَ (أَوْ لَا يَتَطَهَّرُ أَوْ لَا يَلْبَسُ أَوْ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَقُومُ أَوْ لَا يَقْعُدُ) أَوْ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا أَوْ لَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ (فَاسْتَدَامَ هَذِهِ الْأَحْوَالَ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهَا تُقَدَّرُ بِزَمَانٍ كَلَبِسْت يَوْمًا وَرَكِبْت لَيْلَةً وَشَارَكْته شَهْرًا وَكَذَا الْبَقِيَّةُ، وَإِذَا حَنِثَ بِاسْتِدَامَةِ شَيْءٍ ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ فَاسْتَدَامَهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ الْأُولَى بِالِاسْتِدَامَةِ الْأُولَى، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: كُلَّمَا لَبِسْت فَأَنْتِ طَالِقٌ تَكَرَّرَ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ الِاسْتِدَامَةِ، فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا بِمُضِيِّ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ وَهِيَ لَابِسَةٌ وَمَا قِيلَ ذِكْرُ كُلَّمَا قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ لِلِابْتِدَاءِ مَرْدُودٌ بِمَنْعِ ذَلِكَ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي لَابِسٍ مَثَلًا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ إلَى وَقْتِ كَذَا، هَلْ تُحْمَلُ يَمِينُهُ عَلَى أَنْ لَا يُوجِدَ لُبْسًا قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةِ اللُّبْسِ وَلَوْ لَحْظَةً أَوْ عَلَى الِاسْتِدَامَةِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا إنْ اسْتَمَرَّ لَابِسًا إلَيْهِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِمْ: الْفِعْلُ الْمَنْفِيُّ بِمَنْزِلَةِ النَّكِرَةِ الْمَنْفِيَّةِ فِي إفَادَةِ الْعُمُومِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ فَلِذَا جَرَى عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْقَوْلُ بِالْحِنْثِ فِيهِمَا وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحِنْثِ فِيمَا لَوْ لَمْ يُوَافِقْهُ الْبَائِعُ عَلَى الْفَسْخِ فِيمَا لَوْ قَالَ: لَا أَشْتَرِي وَأَرَادَ رَدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا اهـ. ع ش أَقُولُ وَكَذَا الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحِنْثِ فِيمَا لَوْ أَرَادَ بِعَدَمِ اسْتِدَامَةِ الْمِلْكِ الْبَيْعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ حَالًا مَثَلًا وَلَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ الْبَيْعُ. (قَوْلُ الْمَتْنِ فَلَا حِنْثَ إلَخْ) أَيْ: وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فَلَوْ خَرَجَ مِنْهَا ثُمَّ عَادَ حَنِثَ بِالدُّخُولِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُمَا لَا يَتَقَدَّرَانِ بِمُدَّةٍ) ؛ وَلِأَنَّ مِلْكَ الشَّيْءِ عِبَارَةٌ عَنْ تَمَلُّكِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا يَمْلِكُ بِاخْتِيَارِهِ حَنِثَ، أَمَّا مَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَأَنْ مَاتَ مُورِثُهُ فَدَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ بِمَوْتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَلَمْ يُوجَدْ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ بِعَدَمِ الْخُرُوجِ أَنْ لَا يَنْقُلَ إلَخْ) أَيْ: أَوْ أَرَادَ بِعَدَمِ الْمِلْكِ أَنْ لَا تَبْقَى فِي مِلْكِهِ فَاسْتَدَامَ حَنِثَ أَوْ أَرَادَ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ حَنِثَ، وَإِنْ أَزَالَهَا عَنْ مِلْكِهِ حَالًا اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَرُدَّ مَا يُتَوَهَّمُ إلَخْ) فِي صَلَاحِيَّةِ هَذَا الْفَرْقِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلرَّدِّ نَظَرٌ اهـ سم. (قَوْلُهُ: فَسَاوَى التَّسَرِّي إلَخْ) أَمَّا لَوْ اسْتَدَامَ التَّسَرِّي مَنْ حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُ حَجَبَ الْأَمَةَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ وَإِنْزَالُهُ فِيهَا وَذَلِكَ حَاصِلٌ مَعَ الِاسْتِدَامَةِ شَرْحُ م ر اهـ. سم قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ اسْتَدَامَ إلَخْ كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذَا عَنْ اسْتِدْرَاكِ التَّزَوُّجِ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ. وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ خِلَافًا لِابْنِ حَجٍّ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُشَارِكُ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ: فَلِذَا جَرَى فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا إلَخْ) يَنْبَغِي أَوْ لَا يُقَارِضُهُ م ر وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ أَخَاهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَهِيَ مِلْكُ أَبِيهِمَا فَمَاتَ الْوَالِدُ وَانْتَقَلَ الْإِرْثُ لَهُمَا وَصَارَا شَرِيكَيْنِ فَهَلْ يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ شَرِكَةً تُؤَثِّرُ أَمْ لَا الْجَوَابُ أَمَّا مُجَرَّدُ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِالْإِرْثِ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ أَمَّا الِاسْتِدَامَةُ فَمُقْتَضَى قَوَاعِدِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِهَا انْتَهَى. سم عَلَى حَجّ أَيْ: وَطَرِيقُ الْبِرِّ أَنْ يَقْتَسِمَاهَا حَالًا فَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْفَوْرِيَّةُ فِيهِ لِعَدَمِ وُجُودِ قَاسِمٍ مَثَلًا عُذِرَ مَا دَامَ الْحَالُ كَذَلِكَ وَكَالدَّارِ فِيمَا ذُكِرَ مَا لَوْ حَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي بَهِيمَةٍ مَثَلًا وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا فَلَا تَخْلُصُ إلَّا بِإِزَالَةِ الشَّرِكَةِ فَوْرًا إمَّا بِبَيْعِ حِصَّتِهِ أَوْ هِبَتِهَا لِثَالِثٍ أَوْ لِشَرِيكِهِ اهـ. ع ش، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَذَّرَتْ الْفَوْرِيَّةُ إلَخْ فِيهِ تَوَقُّفٌ إذْ إزَالَةُ الشَّرِكَةِ بِنَحْوِ النَّذْرِ لِشَرِيكِهِ أَوْ غَيْرِهِ مُتَيَسِّرَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ فَاسْتَدَامَ هَذِهِ الْأَحْوَالَ) أَيْ: الْمُتَّصِفُ هُوَ بِهَا مِنْ التَّزَوُّجِ إلَى آخِرِهَا اهـ مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ حَنِثَ) مَحَلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا عَمِلَ بِهِ اهـ. أَسْنَى عِبَارَةُ سم: مَحَلُّهُ فِي الشَّرِكَةِ مَا لَمْ يُرِدْ الْعَقْدَ اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي: وَلَوْ نَوَى بِاللُّبْسِ شَيْئًا مُبْتَدَأً فَهُوَ عَلَى مَا نَوَاهُ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ زَيْدًا فَاسْتَدَامَ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِالْحِنْثِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ شَرِكَةً مُبْتَدَأَةً، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ فَاسْتَدَامَ حَنِثَ قَطْعًا اهـ. (قَوْلُهُ: بِمُضِيِّ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ إلَخْ) وَالْمُرَادُ بِاللَّحْظَةِ أَقَلُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ النِّزَاعُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: فَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةِ اللُّبْسِ) أَيْ: لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْإِيجَادِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: كُلٌّ مُحْتَمَلٌ لَكِنَّ قَضِيَّةَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ الْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

بِاجْتِمَاعِهِمَا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَسْأَلَةُ التَّجَاوُرِ بِبَيْتَيْنِ مِنْ خَانٍ

. (قَوْلُهُ: وَرُدَّ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْفَرْقِ إلَخْ) فِي صَلَاحِيَةِ هَذَا الْفَرْقِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ حَتَّى يُحْتَاجَ لِلرَّدِّ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ: إذْ أَهْلُهُ لَا يُطْلِقُونَ التَّسَرِّي إلَّا عَلَى ابْتِدَائِهِ دُونَ دَوَامِهِ) أَمَّا لَوْ اسْتَدَامَ التَّسَرِّي مَنْ حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ؛ لِأَنَّهُ حَجَبَ الْأَمَةَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، وَإِنْزَالٌ فِيهَا وَذَلِكَ حَاصِلٌ مَعَ الِاسْتِدَامَةِ ش م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا إلَخْ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ أَخَاهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَهِيَ مِلْكُ أَبِيهِمَا فَمَاتَ الْوَالِدُ وَانْتَقَلَ الْإِرْثُ لَهُمَا وَصَارَا شَرِيكَيْنِ فَهَلْ يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ شَرِكَةٌ تُؤَثِّرُ أَمْ لَا؟

الْجَوَابُ أَمَّا مُجَرَّدُ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِالْإِرْثِ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ وَأَمَّا الِاسْتِدَامَةُ فَمُقْتَضَى قَوَاعِدِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا) يَنْبَغِي أَوْ لَا يُقَارِضُ م ر. (قَوْلُهُ فَاسْتَدَامَ هَذِهِ الْأَحْوَالَ حَنِثَ) مَحَلُّهُ فِي الشَّرِكَةِ مَا لَمْ يُرَدَّ الْعَقْدُ م ر. (قَوْلُهُ: كُلٌّ مُحْتَمَلٌ) وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ الْفِعْلُ الْمَنْفِيُّ إلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>