للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَبْقَى لَهُ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ لَا يَحْنَثُ لِعُذْرِهِ.

(وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا) بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ نَظِيرَ مَا مَرَّ (فِي الْحَالِ لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِانْتِفَاءِ الْمُسَاكَنَةِ؛ إذْ الْمُفَاعَلَةُ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ وَفِي الْمُكْثِ هُنَا لِعُذْرٍ وَاشْتِغَالٍ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ مَا مَرَّ.

(وَكَذَا لَوْ بُنِيَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ) مِنْ طِينٍ أَوْ غَيْرِهِ، (وَلِكُلِّ جَانِبٍ مَدْخَلٌ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِلِاشْتِغَالِ بِرَفْعِ الْمُسَاكَنَةِ، وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَنَقَلَاهُ عَنْ الْجُمْهُورِ الْحِنْثُ؛ لِحُصُولِ الْمُسَاكَنَةِ إلَى تَمَامِ الْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَفَارَقَ الْمُكْثَ لِنَحْوِ جَمْعِ الْمَتَاعِ بِأَنَّهُ ثَمَّ رَفْعُ الْمُسَاكَنَةِ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ وَأَخْذُهُ فِي أَسْبَابِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، هَذَا إنْ كَانَ الْبِنَاءُ بِفِعْلِ الْحَالِفِ أَوْ أَمْرِهِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْآخَرِ، وَإِلَّا حَنِثَ قَطْعًا وَإِرْخَاءُ السِّتْرِ بَيْنَهُمَا وَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ مَانِعٌ لِلْمُسَاكَنَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي

وَخَرَجَ بِهَذِهِ الدَّارِ مَا لَوْ أَطْلَقَ الْمُسَاكَنَةَ، فَإِنْ نَوَى مُعَيَّنًا اخْتَصَّ بِهِ كَأَنْ نَوَى أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُهُ فِي بَلَدِ كَذَا عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ. وَقَوْلُ مُقَابِلِهِ لَيْسَ هَذَا مُسَاكَنَةً فَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ النِّيَّةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ فِيمَا لَا يُطَابِقُهُ اللَّفْظُ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ بِوَجْهٍ وَلَيْسَ مَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسَاكَنَةَ قَدْ تُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ مُعَيَّنًا حَنِثَ بِهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ، وَلَيْسَ مِنْهَا تَجَاوُرُهُمَا بِبَيْتَيْنِ مِنْ خَانٍ، وَإِنْ صَغُرَ وَاتَّحَدَ مَرَقَاهُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِكُلٍّ بَابٌ وَلَا مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ إنْ كَانَ لِكُلٍّ بَابٌ وَغُلِقَ، وَكَذَا لَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِحُجْرَةٍ انْفَرَدَتْ بِجَمِيعِ مَرَافِقِهَا، وَإِنْ اتَّحَدَتْ الدَّارُ وَالْمَمَرُّ.

(وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا) أَيْ: الدَّارَ (وَهُوَ فِيهَا أَوْ لَا يَخْرُجُ) مِنْهَا (وَهُوَ خَارِجٌ) قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَوْ لَا يَمْلِكُ هَذِهِ الْعَيْنَ وَهُوَ مَالِكُهَا فَاسْتَدَامَ مِلْكُهَا.

ــ

[حاشية الشرواني]

الِاسْتِنَابَةِ فِي نَقْلِ أَمْتِعَةٍ يُحِبُّ إخْفَاءَهَا عَنْ غَيْرِهِ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ اطِّلَاعُهُ عَلَيْهَا اهـ. سم عِبَارَةُ ع ش أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَخْشَ مِنْ الِاسْتِنَابَةِ ضَرَرًا وَمِنْهُ الْخَوْفَ عَلَى ظُهُورِ مَالِهِ مِنْ السُّرَّاقِ وَالظَّلَمَةِ اهـ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ إلَخْ) أَيْ: زَيْدًا مَثَلًا أَوْ لَا يَسْكُنُ مَعِي فِيهَا أَوْ لَا سَكَنْت مَعَهُ فِيهَا اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِيءُ هُنَا مَا سَبَقَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْخُرُوجِ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ وَعَدَمِهَا وَيَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ الْمَحْلُوفُ عَلَى عَدَمِ مُسَاكَنَتِهِ لِصَلَاةٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ حَانُوتٍ وَنَحْوِهَا وَمَكَثَ الْحَالِفُ فِي الدَّارِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِبُعْدِهِ عَنْ الْعُرْفِ انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُكْثِ هُنَا لِعُذْرٍ إلَخْ) وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ مَكَثَ أَحَدُهُمَا لِعُذْرٍ وَالْآخَرُ لِغَيْرِ عُذْرٍ حَنِثَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فِيمَا إذَا حَلَفَ كُلٌّ لَا يُسَاكِنُ الْآخَرَ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: الْخِلَافُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ الْآخَرِ) أَيْ: أَوْ بِفِعْلِهِمَا أَوْ بِأَمْرِهِمَا، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ: وَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ غَيْرِ الْحَالِفِ إمَّا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ الرَّوْضُ وَالْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: يُجَابُ إلَخْ) خَبَرٌ وَقَوْلُ مُقَابِلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: إنْ نَوَى إلَخْ. (قَوْلُهُ حَنِثَ بِهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ إلَخْ) أَيْ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَحْنَثُ بِاجْتِمَاعِهِمَا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَسْأَلَةُ التَّجَاوُرِ بِبَيْتَيْنِ مِنْ خَانٍ اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهَا) أَيْ الْمُسَاكَنَةِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: مَسْأَلَةٌ وَإِنْ صَغُرَ إلَخْ) غَايَةٌ، وَقَوْلُهُ: وَاتَّحَدَ مَرَقَاهُ أَيْ: وَحَشُّهُ أَيْضًا اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِكُلِّ بَابٍ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَوْضِعًا حَنِثَ بِالْمُسَاكَنَةِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ فَإِنْ سَكَنَا فِي بَيْتَيْنِ يَجْمَعُهُمَا صَحْنٌ وَمَدْخَلُهُمَا وَاحِدٌ حَنِثَ لِحُصُولِ الْمُسَاكَنَةِ لَا إنْ كَانَ الْبَيْتَانِ مِنْ خَانٍ وَلَوْ صَغِيرًا فَلَا حِنْثَ، وَإِنْ اتَّحَدَ فِيهِ الْمَرْقَى وَتَلَاصَقَ الْبَيْتَانِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِسُكْنَى قَوْمٍ وَبُيُوتُهُ تُفْرَدُ بِأَبْوَابٍ وَمَغَالِيقَ فَهُوَ كَالدَّرْبِ وَإِلَّا إنْ كَانَا مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ وَإِنْ تَلَاصَقَا فَلَا حِنْثَ لِذَلِكَ بِخِلَافِهِمَا مِنْ صَغِيرَةٍ وَيُشْتَرَطُ فِي الْكَبِيرَةِ لَا فِي الْخَانِ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ بَيْتٍ فِيهَا غَلْقٌ بِبَابٍ وَمَرْقًى فَإِنْ لَمْ يَكُونَا أَوْ سَكَنَا فِي صُفَّتَيْنِ مِنْ الدَّارِ أَوْ فِي بَيْتٍ وَصُفَّةٍ حَنِثَ اهـ. وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي اشْتِرَاطِ الْبَابِ لِكُلٍّ مِنْ الْبَيْتَيْنِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْخَانِ وَالدَّارِ الْكَبِيرَةِ بِاشْتِرَاطِ غَلْقٍ وَمَرْقًى لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ انْفَرَدَ إلَخْ) وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ وَأَطْلَقَ وَكَانَا فِي مَوْضِعَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَعُدُّهُمَا الْعُرْفُ مُتَسَاكِنَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ زَيْدًا وَعَمْرًا بَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا أَوْ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا لَمْ يَبَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا اهـ. نِهَايَةٌ قَالَ ع ش: وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي بَلَدِ كَذَا وَأَطْلَقَ وَسَكَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي دَارٍ مِنْهَا فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُمَا مُتَسَاكِنَيْنِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّحَدَتْ الدَّارُ إلَخْ) الْوَاوُ حَالِيَّةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَلَوْ انْفَرَدَ فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ بِحُجْرَةٍ مُنْفَرِدَةِ الْمَرَافِقُ كَالْمَرْقَى وَالْمَطْبَخِ وَالْمُسْتَحَمِّ وَبَابِ الْحُجْرَةِ فِي الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحُجْرَةٍ كَذَلِكَ فِي دَارٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ) كَذَا فِي أَصْلِهِ بِخَطِّهِ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَالْمُغْنِي ابْنُ الصَّلَاحِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَمْلِكُ هَذَا الْعَيْنَ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي هَذَا وَلَا يَبِيعُهُ، وَقَدْ سَبَقَ الْعَقْدَ عَلَيْهِ الْحَلِفُ فَلَا يَحْنَثُ بِالِاسْتِدَامَةِ فِي ذَلِكَ، لَكِنْ لَوْ أَرَادَ اجْتِنَابَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَدِيمُ الْمِلْكَ فِيهَا وَلَمْ يُوَافِقْهُ الْبَائِعُ عَلَى الْفَسْخِ مَثَلًا أَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ النَّقْلُ عَنْ مِلْكِهِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَمْلِكُهَا وَأَرَادَ لَا يَسْتَدِيمُ الْمِلْكَ هَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَوْ لَا وَهَلْ عَجْزُهُ عَمَّنْ يَشْتَرِي بِثَمَنِ الْمِثْلِ حَالًّا فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَسْتَدِيمُ الْمِلْكَ عُذْرٌ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الِاسْتِنَابَةِ فِي نَقْلِ أَمْتِعَةٍ يَجِبُ إخْفَاؤُهَا عَنْ غَيْرِهِ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ اطِّلَاعُهُ عَلَيْهَا

(قَوْلُهُ وَفِي الْمُكْثِ هُنَا لِعُذْرٍ وَاشْتِغَالٍ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ مَا مَرَّ) وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ مَكَثَ أَحَدُهُمَا لِعُذْرٍ وَالْآخَرُ لِغَيْرِ عُذْرٍ حَنِثَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فِيمَا إذَا حَلَفَ كُلٌّ لَا يُسَاكِنُ الْآخَرَ.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ نَوَى أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُهُ فِي بَلَدِ كَذَا عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ) فِي الرَّوْضِ، فَإِنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ وَنَوَى أَنْ لَا يُسَاكِنَهُ، وَلَوْ فِي الْبَلَدِ حَنِثَ بِمُسَاكَنَتِهِ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَسَكَنَا فِي بَيْتَيْنِ يَجْمَعُهُمَا صَحْنٌ وَمَدْخَلُهُمَا وَاحِدٌ حَنِثَ لَا مِنْ خَانٍ، وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَرْقَى وَلَا مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ، وَيُشْتَرَطُ فِي الدَّارِ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ بَيْتٍ غَلْقٌ وَمَرْقًى إلَخْ. (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ) أَيْ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَحْنَثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>