أَنَّ الضَّيْفَ يَتَبَيَّنُ بِازْدِرَادِهِ أَنَّهُ مَلَكَهُ بِهِ، أَوْ لَا (يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ) أَوْ حَانُوتَهُ (حَنِثَ بِدُخُولِ مَا يَسْكُنُهَا بِمِلْكٍ لَا بِإِعَارَةٍ وَإِجَازَةٍ وَغَصْبٍ) وَإِيصَاءٍ بِمَنْفَعَتِهَا لَهُ وَوَقْفٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى مَنْ يَمْلِكُ تَقْتَضِي ثُبُوتَ الْمِلْكِ حَقِيقَةً، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ: هَذِهِ لِزَيْدٍ لَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِأَنَّهُ يَسْكُنُهَا، وَاعْتُمِدَ فِي الْمَطْلَبِ قَوْلُ جَمْعٍ الْفَتْوَى عَلَى الْحِنْثِ بِكُلِّ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ الْآنَ قَالَ: فَالْمُعْتَبَرُ عُرْفُ اللَّافِظِ لَا عُرْفُ اللَّفْظِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَسْكَنَهُ) فَيَحْنَثَ بِكُلِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ قَرِيبٌ، نَعَمْ ذَكَرَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ إرَادَتُهُ هَذِهِ فِي حَلِفٍ بِطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ ظَاهِرًا، وَاعْتَرَضُوا بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُغَلِّظٌ عَلَى نَفْسِهِ فَكَيْفَ لَا يُقْبَلُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُخَفَّفٌ عَلَيْهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ عَدَمُ الْحِنْثِ بِمَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَسْكُنُهُ فَلْيُقْبَلْ ظَاهِرًا فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ دُونَ مَا فِيهِ تَخْفِيفٌ لَهُ
(وَيَحْنَثُ بِمَا يَمْلِكُهُ) جَمِيعَهُ، وَإِنْ طَرَأَ لَهُ بَعْدَ الْحَلِفِ (وَلَا يَسْكُنُهُ) إلَّا أَنْ يَزِيدَ مَسْكَنُهُ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ عَمَلًا بِقَصْدِهِ، وَلَوْ اُشْتُهِرَتْ الْإِضَافَةُ لِلتَّعْرِيفِ فِي نَحْوِ دَارٍ أَوْ سُوقٍ حَنِثَ بِدُخُولِهَا
ــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلُهُ: أَنَّ الضَّيْفَ يَتَبَيَّنُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَقِيقًا حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وِفَاقًا لِمَرِّ نَعَمْ بَحَثَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ لِمِلْكِ السَّيِّدِ فَلَمْ يَأْكُلْ الْحَالِفُ إلَّا مِلْكَ سَيِّدِهِ انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ حَانُوتَهُ) خِلَافًا لِلرَّوْضِ وَوِفَاقًا لِشَرْحِهِ، عِبَارَةُ الْأَوَّلِ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ حَانُوتَ فُلَانٍ حَنِثَ بِدُخُولِ مَا يَعْمَلُ فِيهِ وَلَوْ مُسْتَأْجِرًا، وَعِبَارَةُ الثَّانِي: وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ مَعَ قَوْلِهِ: أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْحِنْثِ فِي الْمُسْتَأْجِرِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِيهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، لَكِنَّ الْمُخْتَارَ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ اهـ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ اهـ. وَمِثْلُ الْحَانُوتِ الدُّكَّانُ لِمُرَادَفَتِهَا لِلْحَانُوتِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ اهـ سم. (قَوْلُ الْمَتْنِ حَنِثَ بِدُخُولِ مَا يَسْكُنُهَا) أَيْ: الدَّارَ وَمِثْلُهَا فِي ذَلِكَ الْحَانُوتُ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَقَوْلُهُ: بِمِلْكٍ أَيْ: لِجَمِيعِهَا فَلَا حِنْثَ بِالْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ اهـ ع ش. (قَوْلُ الْمَتْنِ لَا بِإِعَارَةٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ دَارًا اهـ سم.
(قَوْلُهُ: وَإِيصَاءٍ إلَخْ) إلَى قَوْلِهِ: وَاعْتُمِدَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَبَحَثَ إلَى وَلَوْ اشْتَرَى، وَقَوْلُهُ: أَوْ خِلْقَةً. (قَوْلُهُ: وَاعْتُمِدَ فِي الْمَطْلَبِ قَوْلُ جَمْعٍ إلَخْ) ضَعِيفٌ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِكُلِّ ذَلِكَ) أَيْ: بِالْمُعَارِ وَغَيْرِهِ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: نَعَمْ ذَكَرَ جَمْعٌ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ نَعَمْ لَا يُقْبَلُ إلَخْ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر سُلْطَانٌ وَزِيَادِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: إرَادَتُهُ) أَيْ: الْمَسْكَنِ، وَقَوْلُهُ: هَذِهِ صِفَةُ الْإِرَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضُوا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا يُعْتَرَضُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ مُخَفَّفٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ لَا يُقْبَلُ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ مُخَفَّفٌ عَلَيْهَا إلَخْ) أَيْ: عَلَى نَفْسِهِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فِيمَا فِيهِ تَغْلِيظًا إلَخْ) أَيْ: فِيمَا إذَا دَخَلَ مَا يَسْكُنُهُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ: جَمِيعَهُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْمُشْتَرَكِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي: أَوْ عَنْ بَعْضِهِمَا وَإِنْ قَلَّ اهـ. ع ش عِبَارَةُ سم فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ بِالْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَأَدَلُّ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ قَوْلِ الرَّوْضِ أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامَهُ فَأَكَلَ مُشْتَرَكًا أَيْ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ حَنِثَ بِخِلَافِهِ فِي اللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ اهـ. مَا نَصُّهُ وَفِي مَعْنَى اللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ السُّكْنَى وَنَحْوُهَا انْتَهَى اهـ. وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي هَذَا إذَا كَانَ يَمْلِكُ الْجَمِيعَ فَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ بَعْضَ الدَّارِ فَظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ كَثُرَ نَصِيبُهُ وَأَطْبَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَأَ لَهُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَأَنْ مَاتَ مُورِثُهُ أَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ فَلَا يَحْنَثُ) إلَى قَوْلِهِ: وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْنَثُ) أَيْ: إنْ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ كَمَا قُيِّدَ بِهِ فِيمَا مَرَّ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اُشْتُهِرَتْ الْإِضَافَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بِمَا يَمْلِكُهُ أَوْ لَا يَمْلِكُهُ، وَلَكِنْ لَا تُعْرَفُ إلَّا بِهِ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ كَانَ بِالْبَلَدِ دَارٌ أَوْ سُوقٌ أَوْ حَمَّامٌ يُضَافُ إلَى رَجُلٍ كَسُوقِ أَمِيرِ الْجَيْشِ وَخَانِ الْخَلِيلِيِّ بِمِصْرَ وَسُوقِ يَحْيَى بِبَغْدَادَ وَخَانِ يَعْلَى بِقَزْوِينَ وَدَارِ الْأَرْقَمِ بِمَكَّةَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: أَنَّ الضَّيْفَ يَتَبَيَّنُ بِازْدِرَادِهِ أَنَّهُ مَلَكَهُ بِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَقِيقًا حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وِفَاقًا لِمَرِّ نَعَمْ بَحَثَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ لِمِلْكِ السَّيِّدِ فَلَمْ يَأْكُلْ الْحَالِفُ إلَّا مِلْكَ سَيِّدِهِ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ حَانُوتٍ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ حَانُوتَ فُلَانٍ حَنِثَ بِمَا أَيْ: بِدُخُولِهِ الْحَانُوتَ الَّذِي يَعْمَلُ فِيهِ، وَلَوْ مُسْتَأْجَرًا لِلْعُرْفِ، وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ مَعَ قَوْلِهِ: إنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْحِنْثِ فِي الْمُسْتَأْجَرِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِيهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْأُمِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ لَكِنَّ الْمُخْتَارَ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ اهـ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَحْنَثُ اهـ.
وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَيْضًا: أَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ سَرْجَ هَذِهِ الدَّابَّةِ فَرَكِبَهُ، وَلَوْ عَلَى دَابَّةٍ أُخْرَى، وَكَذَا لَوْ كَانَ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهُ وَهُوَ يُنْسَبُ إلَى زَيْدٍ بِلَا مِلْكٍ وَإِنَّمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ نِسْبَةَ تَعْرِيفٍ حَنِثَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ كُلُّ مَا لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْمِلْكُ فَتَكُونُ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ لِتَعْرِيفِهِ لَا لِلْمِلْكِ كَدَارِ الْعَدْلِ وَدَارِ الْوِلَايَةِ وَسُوقِ أَمِيرِ الْجُيُوشِ وَخَانِ الْخَلِيلِيِّ بِمِصْرَ وَسُوقِ يَحْيَى بِبَغْدَادَ وَخَانِ أَبِي يَعْلَى بِقَزْوِينَ وَدَارِ الْأَرْقَمِ بِمَكَّةَ وَدَارِ الْعَقِيقِيِّ بِدِمَشْقَ، فَإِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ شَيْئًا مِنْهَا حَنِثَ بِدُخُولِهِ، وَإِنْ كَانَ مَنْ يُضَافُ إلَيْهِ مَيِّتًا لِتَعَذُّرِ حَمْلِ الْإِضَافَةِ عَلَى الْمِلْكِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا بِإِعَارَةٍ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ دَارًا. (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُخَفَّفٌ إلَخْ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: جَمِيعَهُ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ بِالْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَأَدَلُّ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ فِي الرَّوْضِ: أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامَهُ فَأَكَلَ مُشْتَرَكًا أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ حَنِثَ بِخِلَافِهِ فِي اللُّبْسِ