للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَالِفُ حَضَرِيًّا؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ يُطْلَقُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ حَقِيقَةً لُغَةً.

كَمَا يَحْنَثُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْخُبْزِ أَوْ الطَّعَامِ، وَإِنْ اخْتَصَّ بَعْضَ النَّوَاحِي بِنَوْعٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ؛ إذْ الْعَادَةُ لَا تُخَصِّصُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأُصُولِيِّينَ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّ لَفْظُ الرُّءُوسِ أَوْ الْبِيضِ أَوْ نَحْوِهِمَا بِمَا يَأْتِي لِلْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ وَهِيَ تَعَلُّقُ الْأَكْلِ بِهِ، وَأَهْلُ الْعُرْفِ لَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى مَا عَدَا مَا يَأْتِي فِيهَا وَفَرْقٌ بَيْنَ تَخْصِيصِ الْعُرْفِ لِلَّفْظِ بِنَقْلِهِ عَنْ مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ إلَى مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ وَبَيْنَ انْتِفَاءِ اسْتِعْمَالِهِمْ لَهُ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ مُسَمَّاهُ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي كَغَلَبَةِ اسْتِعْمَالِ أَهْلِ طَبَرِسْتَانَ لِلْخُبْزِ فِي خُبْزِ الْأُرْزِ لَا غَيْرٍ، فَهَذَا لَا يُوجِبُ تَخْصِيصًا وَلَا نَقْلًا عُرْفِيًّا لِلَّفْظِ، بَلْ هُوَ مَعَهُ بَاقٍ عَلَى عُمُومِهِ لِضَعْفِ الْمُعَارِضِ لِلْعُمُومِ فِي هَذَا دُونَ مَا قَبْلَهُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ وَمَنْ حَلَفَ بِنَحْوِ بَغْدَادَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً، لَمْ يَحْنَثْ بِالْحِمَارِ كَمَا فِي الْعَزِيزِ بِأَنَّ الْحِمَارَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ لَا يُسَمَّى دَابَّةً أَصْلًا بِخِلَافِ نَحْوِ الْخَيْمَةِ تُسَمَّى عِنْدَ الْحَضَرِ بَيْتًا، لَكِنْ مَعَ الْإِضَافَةِ كَبَيْتِ شَعْرٍ وَلَا يُنَافِيهِ عَدَمُ اعْتِبَارِهِمْ لِنَظِيرِهَا فِي قَوْلِهِمْ: فِي نَحْوِ الْمَسْجِدِ بَيْتِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ هَذَا حَدَثٌ لَهُ اسْمٌ خَاصٌّ فَلَمْ يُعَوَّلْ مَعَهُ عَلَى تِلْكَ الْإِضَافَةِ بِخِلَافِ نَحْوِ بَيْتِ الشَّعْرِ، وَإِنَّمَا أُعْطِيَ فِي الْوَصِيَّةِ الْحِمَارُ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهَا عَلَى مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اللَّفْظُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ عَلَى مَا مَرَّ وَقَيَّدَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ الْخَيْمَةَ بِمَا إذَا اُتُّخِذَتْ مَسْكَنًا بِخِلَافِهَا لِدَفْعِ أَذَى نَحْوِ مُسَافِرٍ، وَلَوْ ذَكَرَ الْبَيْتَ بِالْفَارِسِيَّةِ لَمْ يَحْنَثْ بِنَحْوِ الْخَيْمَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُطْلِقُونَهُ إلَّا عَلَى الْمَبْنِيِّ، وَيَظْهَرُ فِي غَيْرِ الْفَارِسِيَّةِ وَالْعَرَبِيَّةِ أَنَّهُ يَتْبَعُ عُرْفَهُمْ أَيْضًا.

(وَلَا يَحْنَثُ بِمَسْجِدٍ وَحَمَّامٍ وَكَنِيسَةٍ وَغَارِ جَبَلٍ) وَبَيْتِ الرَّحَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بُيُوتًا عُرْفًا مَعَ حُدُوثِ أَسْمَاءٍ خَاصَّةٍ لَهَا، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ فِي غَارٍ اُتُّخِذَ لِلسُّكْنَى أَنَّهُ بَيْتٌ وَالْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَنِيسَةِ مَحَلُّ تَعَبُّدِهِمْ، أَمَّا لَوْ دَخَلَ بَيْتًا فِيهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ اهـ. وَقِيَاسُهُ الْحِنْثُ بِخَلْوَةٍ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ رَأَيْته بَحَثَ عَدَمَ الْحِنْثِ بِسَاحَةِ نَحْوِ الْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ وَأَبْوَابِهَا بِخِلَافِ بَيْتٍ فِيهَا، وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته. (تَنْبِيهٌ)

يُعْلَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْبَيْتَ غَيْرُ الدَّارِ

ــ

[حاشية الشرواني]

كَمَا يَحْنَثُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْخُبْزِ) أَيْ: فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا أَوْ طَعَامًا. (قَوْلُهُ: إذْ الْعَادَةُ لَا تُخَصِّصُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتَ زَيْدٍ وَكَانَ الْعَادَةُ فِي مَحَلِّهِ إطْلَاقَ الْبَيْتِ عَلَى الدَّارِ بِتَمَامِهَا عَدَمُ الْحِنْثِ بِدُخُولِ الدَّارِ حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ بَيْتًا مِنْ بُيُوتِهَا اهـ. ع ش وَيَأْتِي عَنْ الرَّشِيدِيِّ مَا يُوَافِقُهُ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ تَعَلُّقُ الْأَكْلِ بِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِهِ غَيْرَ الْأَكْلِ كَأَنْ حَلَفَ لَا يَحْمِلُ رُءُوسًا أَوْ بَيْضًا يَحْنَثُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِهِ) ، وَقَوْلُهُ: لَا يُطْلِقُونَهُ أَيْ: لَفْظَ الرُّءُوسِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ: فِي الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: وَفَرْقٌ بَيْنَ تَخْصِيصِ الْعُرْفِ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ مُنْشَؤُهُ قَوْلُهُ: إذْ الْعَادَةُ لَا تُخَصِّصُ إلَخْ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ فِيهِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ فَهَذَا) أَيْ: انْتِفَاءُ ذَلِكَ الِاسْتِعْمَالِ. (قَوْلُهُ لِضَعْفِ الْمُعَارِضِ لِلْعُمُومِ فِي هَذَا إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ، وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَفَرْقٌ إلَخْ فَالْأَوْلَى الْبَاءُ بَدَلُ اللَّامِ.

(قَوْلُهُ: دُونَ مَا قَبْلَهُ) وَهُوَ تَخْصِيصُ الْعُرْفِ إلَخْ. (قَوْلُهُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ) أَيْ: مِنْ الْحِنْثِ بِدُخُولِ نَحْوِ الْخَيْمَةِ، وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ حَضَرِيًّا. (قَوْلُهُ: لَا يُسَمَّى دَابَّةً أَصْلًا) فِيهِ نَظَرٌ. اهـ سم. (قَوْلُهُ: لَكِنْ مَعَ الْإِضَافَةِ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا الْإِضَافَةُ فِي الْخَيْمَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ: الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ. (قَوْلُهُ: لِنَظِيرِهَا) أَيْ: الْإِضَافَةِ فِي نَحْوِ بَيْتِ الشَّعْرِ. (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ الزَّرْكَشِيُّ) إلَى قَوْلِهِ: وَهُوَ يُؤَيِّدُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَيَظْهَرُ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: مَعَ حُدُوثِ أَسْمَاءٍ خَاصَّةٍ لَهَا، وَقَوْلُهُ: اهـ. إلَى بَحَثَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا لِدَفْعِ أَذَى إلَخْ) أَيْ: فَلَا تُسَمَّى بَيْتًا اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَكَرَ الْبَيْتَ بِالْفَارِسِيَّةِ) أَيْ: كَأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ بخَانَه لَمْ يَحْنَثْ بِنَحْوِ الْخَيْمَةِ أَيْ بِغَيْرِ الْبَيْتِ الْمَبْنِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَجَمَ لَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى غَيْرِ الْمَبْنِيِّ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ بِمَسْجِدٍ) أَيْ: وَكَعْبَةٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبَيْتِ الرَّحَا) أَيْ: الْمَعْرُوفَةِ بِالطَّاحُونِ الْآنَ وَمِثْلُهُ الْقَهْوَةُ اهـ. ع ش قَوْلُهُ وَبَيْتِ الرَّحَا إلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: كَذَا قَالَ: إلَى وَخَرَجَ، وَقَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ بَيْتٌ) جَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَقَيَّدَهُ الْأَوَّلُ بِمَنْ اعْتَادَ سُكْنَاهُ عِبَارَتُهُ أَمَّا مَا اتَّخَذَ مِنْهُ بَيْتًا لِلسَّكَنِ فَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ اعْتَادَ سُكْنَاهُ اهـ. قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: مَنْ اعْتَادَهُ سَكَنًا هَلَّا يَحْنَثُ غَيْرُ الْمُعْتَادِ لِمَا مَرَّ وَيَأْتِي أَنَّ الْعَادَةَ إذَا ثَبَتَتْ بِمَحَلٍّ عَمَّتْ جَمِيعَ الْمَحَالِّ اهـ، وَقَوْلُهُ: هَلَّا يَحْنَثُ غَيْرُ الْمُعْتَادِ أَيْضًا أَيْ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ التُّحْفَةِ وَالْمُغْنِي

(قَوْلُهُ: وَالْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) الَّذِي فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ جَزْمٌ لَا بَحْثٌ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخَلْوَةٍ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ لَا تُعَدُّ مِنْهُ اهـ. نِهَايَةٌ أَيْ: بِأَنْ لَا تَدْخُلَ فِي وَقْفِهِ ع ش (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْته) أَيْ الْأَذْرَعِيَّ. (قَوْلُهُ: وَأَبْوَابِهَا) أَيْ الْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: يُعْلَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْبَيْتَ غَيْرُ الدَّارِ) أَيْ: وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ عُرْفَ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ إطْلَاقُ الْبَيْتِ عَلَى الدَّارِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْعُرْفَ الْعَامَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعُرْفِ الْخَاصِّ وَيُصَرِّحُ بِهَذَا كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ مِثْلَ الْإِطْلَاقِ الَّذِي فِي الشَّارِحِ هُنَا وَقَالَ: إنَّهُ الْأَصَحُّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الْمَيْلُ إلَى الْحِنْثِ أَيْ: فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ فَدَخَلَ دِهْلِيزَ الدَّارِ أَوْ صَحْنَهَا أَوْ صُفَّتَهَا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الدَّارِ بَيْتٌ بِمَعْنَى الْإِيوَاءِ ثُمَّ قَالَ: أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ قُلْت: وَهُوَ عُرْفُ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ يَقُولُونَ بَيْتُ فُلَانٍ وَيُرِيدُونَ دَارِهِ اهـ.

فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْأَصَحَّ لَا يُنْظَرُ إلَى ذَلِكَ وَبِهَذَا عُلِمَ رَدُّ بَحْثِ ابْنِ قَاسِمٍ إنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ الْبَيْتَ غَيْرُ الدَّارِ إلَخْ فِي غَيْرِ نَحْوِ مِصْرَ فَإِنَّهُمْ يُطْلِقُونَ الْبَيْتَ عَلَى الدَّارِ، بَلْ لَا يَكَادُونَ يَذْكُرُونَ الدَّارَ إلَّا بِلَفْظِ الْبَيْتِ فَيَنْبَغِي الْحِنْثُ اهـ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ الْبَيْتَ غَيْرُ الدَّارِ) يَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ دَعْوَى الْغَيْرِيَّةِ بِمَعْنَى الْمُبَايَنَةِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالْغَيْرِيَّةِ الْمُخَالَفَةُ فَلَا نِزَاعَ فَإِنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِجَمِيعِ الْمَنْزِلِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى دِهْلِيزٍ وَصَحْنٍ وَصُفَّةٍ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

(قَوْلُهُ: أَنَّ الْبَيْتَ غَيْرُ الدَّارِ إلَخْ) لَوْ اطَّرَدَ فِي بَلَدٍ تَسْمِيَةُ الدَّارِ بَيْتًا لَا دَارًا كَمَا فِي الْقَاهِرَةِ فَإِنَّهُمْ لَا يَسْتَعْمِلُونَ اسْمَ الدَّارِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فَهَلْ يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتَ فُلَانٍ بِدُخُولِ دَارِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي الْحِنْثُ. (قَوْلُهُ: لَا يَدْخُلُ بَيْتَ فُلَانٍ فَدَخَلَ دَارِهِ) كَأَنْ دَخَلَ صَحْنَ الدَّارِ أَوْ مَقْعَدًا فِيهَا؛ لِأَنَّ ذَاكَ لَيْسَ بَيْتًا م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>