بِأَحَدِهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَيْهِمَا
فَإِنْ نَوَى لَا أَلْبَسُ مِنْهُمَا شَيْئًا حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا (فَإِنْ لَبِسَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا حَنِثَ) لِوُجُودِ لُبْسِهِمَا الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَا وَلَا هَذَا حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا) ؛ لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ حَتَّى لَوْ لَبِسَ وَاحِدًا ثُمَّ وَاحِدًا لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ مَعَ تَكَرُّرِ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ فَإِنْ أَسْقَطَهُ لَا كَانَ كَهَذَيْنِ نَحْوُ لَا آكُلُ هَذَا وَهَذَا أَوْ لَآكُلَنَّ هَذَا وَهَذَا أَوْ اللَّحْمَ وَالْعِنَبَ، فَيَتَعَلَّقُ الْحِنْثُ فِي الْأُولَى وَالْبِرُّ فِي الثَّانِيَةِ بِهِمَا وَإِنْ فَرَّقَهُمَا لَا بِأَحَدِهِمَا لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا وَلَا هَذَا لَكِنْ رَجَّحَ الْأَوَّلَ أَصْلُ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ
وَقَوْلُ النُّحَاةِ: النَّفْيُ بِلَا لِنَفْيِ كُلِّ وَاحِدٍ وَبِدُونِهَا لِنَفْيِ الْمَجْمُوعِ يُوَافِقُ ذَلِكَ ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْإِثْبَاتَ كَالنَّفْيِ الَّذِي لَمْ يُعَدْ مَعَهُ حَرْفُهُ هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَيُشِيرُ لِاعْتِمَادِهِ أَنَّهُمَا لَمَّا نَقَلَا عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ كَالنَّفْيِ الْمُعَادِ مَعَهُ حَرْفٌ حَتَّى تَتَعَدَّدَ الْيَمِينُ لِوُجُودِ حَرْفِ الْعَطْفِ تَوَقَّفَا فِيهِ، بَلْ رَدَّاهُ حَيْثُ قَالَا: لَوْ أَوْجَبَ حَرْفُ الْعَطْفِ تَعَدُّدَ الْيَمِينِ فِي الْإِثْبَاتِ لَأَوْجَبَهُ فِي النَّفْيِ أَيْ غَيْرِ الْمُعَادِ مَعَهُ حَرْفُهُ
وَقَدْ بَالَغَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُتَوَلِّي فَقَالَ: أَحْسِبُ أَنَّ مَا قَالَهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ، أَوْ لَأَلْبَسَنَّ هَذَا أَوْ هَذَا بَرَّ بِلُبْسٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ أَوْ إذَا دَخَلَتْ بَيْنَ إثْبَاتَيْنِ اقْتَضَتْ ثُبُوتَ أَحَدِهِمَا أَوْ لَا أَلْبَسُ هَذَا أَوْ هَذَا فَاَلَّذِي رَجَّحَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِلُبْسِهِمَا وَرَدَّا مُقَابِلَهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَيِّهِمَا لَبِسَ؛ لِأَنَّ أَوْ إذَا دَخَلَتْ بَيْنَ نَفْيَيْنِ اقْتَضَتْ انْتِفَاءَهُمَا كَمَا فِي: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: ٢٤] . بِمَنْعِ مَا عَلَّلَ بِهِ أَيْ وَمَا فِي الْآيَةِ إنَّمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ خَارِجٍ؛ لِأَنَّ أَوْ إذَا دَخَلَتْ بَيْنَ نَفْيَيْنِ كَفَى لِلْبِرِّ أَنْ لَا يَلْبَسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَا يَضُرُّ لُبْسُهُ لِأَحَدِهِمَا كَمَا أَنَّهَا إذَا دَخَلَتْ بَيْنَ إثْبَاتَيْنِ كَفَى لِلْبِرِّ أَنْ يَلْبَسَ أَحَدَهُمَا وَلَا يَضُرُّ أَنْ لَا يَلْبَسَ الْآخَرَ، وَانْتِصَارُ الْبُلْقِينِيِّ لِلْمُقَابِلِ مَرْدُودٌ، وَلَوْ عُطِفَ بِالْفَاءِ أَوْ ثُمَّ عُمِلَ بِقَضِيَّةِ كُلِّ مَنْ تَرَتَّبَ
ــ
[حاشية الشرواني]
أَيْ وَإِنْ قَلَّ حَيْثُ كَانَ يُحَسُّ وَيُدْرَكُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ) إلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمَعْنَى إلَّا قَوْلَهُ أَوْ لَآكُلَنَّ إلَى فَيَتَعَلَّقُ، وَقَوْلَهُ فِي الْأُولَى إلَى بِهِمَا (قَوْلُ الْمَتْنِ مَعًا) أَيْ فِي مُدَّةٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مُرَتَّبًا أَيْ بِأَنْ يَلْبَسَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ نَزَعَهُ ثُمَّ لَبِسَ الْآخَرَ (تَنْبِيهٌ) .
قَدْ اسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ مَعًا لِلِاتِّحَادِ فِي الزَّمَانِ وِفَاقًا لِثَعْلَبٍ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ ابْنِ مَالِكٍ خِلَافُهُ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا) إلَى قَوْلِهِ وَقَدْ بَالَغَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَانَ كَهَذَيْنِ وَقَوْلَهُ وَإِنْ فَرَّقَهُمَا إلَى ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ وَاحِدًا إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا يُفِيدُهُ ثُمَّ مِنْ التَّرْتِيبِ لَيْسَ بِقَيْدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَآكُلَنَّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى لَا آكُلُ هَذَا وَهَذَا (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ لَا آكُلُ هَذَا وَهَذَا وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَيْ: لَآكُلَنَّ هَذَا وَهَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَهُ) أَيْ: بَيْنَ هَذَيْنِ أَوْ بَيْنَ أَحَدِهِمَا عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ جَعْلِهِمَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ أَوْ الشَّيْئَيْنِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ رَجَّحَ إلَخْ) اُنْظُرْهُ فِي الثَّانِيَةِ. اهـ. سم وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِتَرَدُّدِهِ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْأُولَى فَقَطْ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ إلَخْ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ وَبِدُونِهَا لِنَفْيِ الْمَجْمُوعِ إلَخْ) وَفِي سم بَعْدَ سَرْدِ كَلَامِ الْمُغْنِي وَالدَّمَامِينِيِّ وَالشُّمُنِّيِّ مَا نَصُّهُ فَأَنْتَ تَرَى كَلَامَ الثَّلَاثَةِ يُفِيدُ احْتِمَالَ الْمَعْنَيَيْنِ عِنْدَ النُّحَاةِ، وَكَلَامَ الْمُغْنِي وَالشُّمُنِّيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي نَفْيِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَانْظُرْ مَعَ ذَلِكَ جَزْمَهُ عَنْ النُّحَاةِ بِقَوْلِهِ وَبِدُونِهِمَا لِنَفْيِ الْمَجْمُوعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
(قَوْلُهُ حَتَّى تَتَعَدَّدَ الْيَمِينُ) وَفَائِدَةُ تَعَدُّدِهَا فِي الْإِثْبَاتِ تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ إذَا انْتَفَى الْبِرُّ. اهـ. سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ لَعَلَّ مُرَادَ الْمُتَوَلِّي بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُمَا لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ لَا أَنَّهُ إذَا فَعَلَ أَحَدَهُمَا بَرَّ إذْ لَا وَجْهَ لَهُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ (قَوْلُهُ: تَوَقَّفَا فِيهِ إلَخْ) وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ مِنْ أَنَّهُ يَمِينٌ وَاحِدٌ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الثَّانِي هُوَ الْعَامِلُ فِي الْأَوَّلِ بِتَقْوِيَةِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الثَّانِي فِعْلٌ مُقَدَّرٌ. اهـ. نِهَايَةٌ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ إلَخْ قَدْ يُقَالُ لَوْ بَنَى الْمُتَوَلِّي كَلَامَهُ عَلَى الْمَرْجُوحِ لَقَالَ بِالتَّعَدُّدِ فِي جَانِبِ النَّفْيِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ قَائِلٍ بِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ إلْزَامِ الرَّوْضَةِ لَهُ بِهِ كَمَا مَرَّ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ تَصَرُّفِهِ) أَيْ: مِنْ فَهْمِهِ بِلَا نَقْلٍ (قَوْلُهُ: لَا يَحْنَثُ إلَّا بِلُبْسِهِمَا إلَخْ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ وَيُقَالُ يَنْبَغِي الْحِنْثُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا أَلْبَسُ أَحَدَهُمَا وَبِلُبْسِ وَاحِدٍ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَبِسَ الْأَحَدَ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ سم اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي قَرَّرَهُ الرَّضِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ بَعْدَ النَّفْيِ لِأَحَدِ الْمَذْكُورِينَ أَوْ الْمَذْكُورَاتِ بِحَسَبِ أَصْلِ وَضْعِ اللُّغَةِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ اسْتِعْمَالِ اللُّغَةِ فَمَا رَجَّحَاهُ نَظَرَا فِيهِ إلَى الْأَوَّلِ إنْ سَلَّمَا مَا قَرَّرَهُ هَؤُلَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِمَنْعِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَرَدَّا (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْآيَةِ) أَيْ: مِنْ نَفْيِ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ عُطِفَ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لَكِنَّ قَضِيَّتَهُ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ أَوْ نَسِيَ وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ إلَى الْمَتْنِ.
(فُرُوعٌ) لَوْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ رَجَّحَ إلَخْ) اُنْظُرْهُ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَبِدُونِهَا لِنَفْيِ الْمَجْمُوعِ) قَالَ فِي الْمُغْنِي فِي الْكَلَامِ عَلَى أَقْسَامِ الْعَطْفِ: تَنْبِيهٌ لَا تَأْكُلْ سَمَكًا وَتَشْرَبْ لَبَنًا إنْ جَزَمْت فَالْعَطْفُ عَلَى اللَّفْظِ وَالنَّهْيُ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا. اهـ.
قَالَ الدَّمَامِينِيُّ كَذَا قَالَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا وَلِي فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا مُوجِبَ لِتَعَيُّنِ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ النَّهْيَ عَنْ الْجَمِيعِ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالُوا: إذَا قُلْت مَا جَاءَنِي زَيْدٌ وَعَمْرٌو اُحْتُمِلَ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَنْ يُرَادَ نَفْيُ اجْتِمَاعِهِمَا فِي وَقْتِ الْمَجِيءِ فَإِذَا جِيءَ بِلَا صَارَ الْكَلَامُ نَصًّا فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَلَا يُرْتَابُ فِي أَنَّكَ إذَا قُلْت لَا تَضْرِبْ زَيْدًا وَعَمْرًا اُحْتُمِلَ تَعَلُّقُ النَّهْيِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا وَتَعَلُّقُهُ بِهِمَا عَلَى مَعْنَى الِاجْتِمَاعِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْفِعْلِ. اهـ. قَالَ الشُّمُنِّيُّ: يَرْتَفِعُ هَذَا النَّظَرُ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: وَالنَّهْيُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ: ظَاهِرًا فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ احْتِمَالُ النَّهْيِ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا. اهـ. فَأَنْتَ تَرَى كَلَامَ الثَّلَاثَةِ يُفِيدُ احْتِمَالَ الْمَعْنَيَيْنِ عِنْدَ النُّحَاةِ وَكَلَامُ الْمُغْنِي وَالشُّمُنِّيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي نَفْيِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَانْظُرْ مَعَ ذَلِكَ جَزْمَهُ عَنْ النُّحَاةِ بِقَوْلِهِ وَبِدُونِهَا لِنَفْيِ الْمَجْمُوعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: حَتَّى تَتَعَدَّدَ الْيَمِينُ) وَفَائِدَةُ تَعَدُّدِهَا فِي الْإِثْبَاتِ تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ إذَا انْتَفَى الْبِرُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَوْ إذَا دَخَلَتْ بَيْنَ نَفْيَيْنِ اقْتَضَتْ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي قَرَّرَهُ الرَّضِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْعَطْفَ