للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمُهْلَةٍ أَوْ عَدَمِهَا، وَلَوْ غَيْرَ نَحْوِيٍّ كَمَا أَطْلَقُوهُ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا مَرَّ لَهُ فِي أَنَّ دَخَلَتْ بِالْفَتْحِ خِلَافُهُ وَعَلَيْهِ فَيَتَّجِهُ فِي عَامِّيٍّ لَا نِيَّةَ لَهُ أَنْ لَا تُعْتَبَرَ تَرْتِيبٌ فَضْلًا عَنْ قَيْدِهِ (أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ) أَوْ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ أَوْ لَيُسَافِرَنَّ (غَدًا فَمَاتَ) بِغَيْرِ قَتْلِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ نَسِيَ (قَبْلَهُ) أَيْ: الْغَدِ وَمِثْلُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي مَوْتُهُ أَوْ نِسْيَانُهُ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ وَقَبْلَ تَمَكُّنِهِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ.

(وَإِنْ مَاتَ) أَوْ نَسِيَ (أَوْ تَلِفَ الطَّعَامُ) أَوْ بَعْضُهُ (فِي الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ) مِنْ قَضَائِهِ أَوْ السَّفَرِ أَوْ (مِنْ أَكْلِهِ) بِأَنْ أَمْكَنَهُ إسَاغَتُهُ وَإِنْ كَانَ شَبْعَانَ أَيْ حَيْثُ لَا ضَرَرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي مَبْحَثِ الْإِكْرَاهِ، وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ بَعْضِهِمْ مِنْ أَنَّ الشِّبَعَ عُذْرٌ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْته (حَنِثَ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ حِينَئِذٍ بِاخْتِيَارِهِ، وَمِنْ ثَمَّ أُلْحِقَ قَتْلُهُ لِنَفْسِهِ قَبْلَ الْغَدِ بِهَذَا

ــ

[حاشية الشرواني]

حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شَيْئًا فَلَبِسَ دِرْعًا أَوْ خُفًّا أَوْ نَعْلًا أَوْ خَاتَمًا أَوْ قَلَنْسُوَةً أَوْ نَحْوَهَا مِنْ سَائِرِ مَا يُلْبَسُ حَنِثَ لِصِدْقِ الِاسْمِ بِذَلِكَ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا حَنِثَ بِقَمِيصٍ وَرِدَاءٍ وَسَرَاوِيلَ وَجُبَّةٍ وَقَبَاءٍ وَنَحْوِهَا مَخِيطًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ قُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَصُوفٍ وَإِبْرَيْسَمٍ سَوَاءٌ أَلَبِسَهُ بِالْهَيْئَةِ الْمُعْتَادَةِ أَمْ لَا بِأَنْ ارْتَدَى أَوْ اتَّزَرَ بِالْقَمِيصِ أَوْ تَعَمَّمَ بِالسَّرَاوِيلِ؛ لِتَحَقُّقٍ اسْمِ اللُّبْسِ وَالثَّوْبِ لَا بِالْجُلُودِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْحُلِيِّ لِعَدَمِ اسْمِ الثَّوْبِ نَعَمْ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَةٍ يَعْتَادُونَ لُبْسَ الْجُلُودِ ثِيَابًا فَيُشْبِهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يَحْنَثَ بِهَا وَلَا يَحْنَثُ بِوَضْعِ الثَّوْبِ عَلَى رَأْسِهِ وَلَا بِافْتِرَاشِهِ تَحْتَهُ وَلَا بِتَدَثُّرِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى لُبْسًا وَإِنْ حَلَفَ عَلَى رِدَاءٍ أَنَّهُ لَا يَلْبَسُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الرِّدَاءَ فِي يَمِينِهِ بَلْ قَالَ: لَا أَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَقَطَّعَهُ قَمِيصًا وَلَبِسَهُ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى لُبْسِهِ ثَوْبًا فَحُمِلَ عَلَى الْعُمُومِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قَمِيصًا مُنَكَّرًا أَوْ مُعَرَّفًا كَهَذَا الْقَمِيصِ فَارْتَدَى أَوْ اتَّزَرَ بِهِ بَعْدَ فَتْقِهِ لِزَوَالِ اسْمِ الْقَمِيصِ فَلَوْ أَعَادَهُ عَلَى هَيْئَتِهِ الْأُولَى فَكَالدَّارِ الْمُعَادَةِ بِنَقْضِهَا وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا

وَلَوْ قَالَ لَا أَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ وَكَانَ قَمِيصًا أَوْ رِدَاءً فَجَعَلَهُ نَوْعًا آخَرَ كَسَرَاوِيلَ حَنِثَ بِلُبْسِهِ لِتَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِعَيْنِ ذَلِكَ الثَّوْبِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا دَامَ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ أَوْ لَا أَلْبَسُ هَذَا الْقَمِيصَ أَوْ الثَّوْبَ قَمِيصًا فَارْتَدَى أَوْ اتَّزَرَ أَوْ تَعَمَّمَ لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ صِدْقِ الِاسْمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَا أَلْبَسُهُ وَهُوَ قَمِيصٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ خَاتَمًا أَوْ مِخْنَقَةَ لُؤْلُؤٍ وَهِيَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْخُنَاقِ بِضَمِّ الْخَاءِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ مَوْضِعُ الْمِخْنَقَةِ مِنْ الْعُنُقِ أَوْ تَحَلَّى بِالْحُلِيِّ الْمُتَّخَذِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْجَوَاهِرِ وَلَوْ مِنْطَقَةً مُحَلَّاةً وَسِوَارًا وَخَلْخَالًا وَدُمْلُجًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَالِفُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً حَنِثَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى حُلِيًّا وَلَا يَحْنَثُ بِسَيْفٍ مُحَلًّى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حُلِيًّا وَيَحْنَثُ بِالْخَرَزِ وَالسَّبَجِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَالْجِيمِ وَهُوَ الْخَرَزُ الْأَسْوَدُ وَبِالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ إنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ يَعْتَادُونَ التَّحَلِّيَ بِهِمَا كَأَهْلِ السُّودَانِ وَأَهْلِ الْبَوَادِي وَإِلَّا فَلَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ

(قَوْل لَهُ بِمُهْلَةٍ) أَيْ: عُرْفًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فَضْلًا عَنْ قَيْدِهِ) وَهُوَ التَّرَاخِي. اهـ. ع ش أَيْ أَوْ عَدَمِهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ لَيَأْكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ أَكْلُهُ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ نَسِيَ) أَيْ: وَاسْتَمَرَّ نِسْيَانُهُ حَتَّى مَضَى الْغَدُ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: الْآتِي) أَيْ: آنِفًا (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا ضَرَرَ) وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يُبِحْ التَّيَمُّمَ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ إلَخْ أَيْ فَإِنْ أَضَرَّهُ لَمْ يَحْنَثْ بِتَرْكِ الْأَكْلِ لَكِنْ لَوْ تَعَاطَى مَا حَصَلَ بِهِ الشِّبَعُ الْمُفْرِطُ فِي زَمَنٍ يُعْلَمُ عَادَةً أَنَّهُ لَا يَنْهَضِمُ الطَّعَامُ فِيهِ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ هَلْ يَحْنَثُ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا ذَكَرَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ ذِي الرُّمَّانَةَ مَثَلًا فَوَجَدَهَا عَافِنَةً تَعَافُهَا الْأَنْفُسُ وَيَتَوَلَّدُ الضَّرَرُ مِنْ تَنَاوُلِهَا فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا ذَكَرْته) أَيْ: مِنْ شِبَعٍ يَضُرُّ الْأَكْلُ مَعَهُ (قَوْلُهُ لِتَفْوِيتِهِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ يَأْكُلُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أُلْحِقَ قَتْلُهُ لِنَفْسِهِ إلَخْ)

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

بِأَوْ بَعْدَ النَّفْيِ لِأَحَدِ الْمَذْكُورِينَ أَوْ الْمَذْكُورَاتِ بِحَسَبِ أَصْلِ وَضْعِ اللَّفْظِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ اسْتِعْمَال اللُّغَة فَمَا رَجَّحَاهُ نَظَرَا فِيهِ إلَى الْأَوَّلِ إنْ سَلَّمَا مَا قَرَّرَهُ هَؤُلَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ نَحْوِيٍّ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: فَمَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ الْغَدِ أَيْ: وَاسْتَمَرَّ نِسْيَانُهُ حَتَّى مُضِيِّ الْغَدِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أُلْحِقَ قَتْلُهُ لِنَفْسِهِ قَبْلَ الْغَدِ) لِهَذَا الْقَائِلِ أَنْ يَقُولَ لَا مَعْنَى لِإِلْحَاقِهِ بِهِ إلَّا حِنْثُهُ إذَا جَاءَ الْغَدُ وَمَضَى قَبْلَ التَّمَكُّنِ إذْ الْحِنْثُ إنَّمَا يَكُونُ حِينَئِذٍ كَمَا سَيَأْتِي، لَكِنْ يَرِدُ حِينَئِذٍ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ تَحْنِيثُ الْمَيِّتِ وَهُوَ غَيْرُ سَائِغٍ، وَلِهَذَا لَمَّا قَالُوا إنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَهَبُ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالْوَصِيَّةِ لَهُ عَلَّلُوهُ بِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْمَيِّتُ لَا يَحْنَثُ اهـ فَتَأَمَّلْ.

وَكَقَتْلِهِ لِنَفْسِهِ قَتْلُ غَيْرِهِ لَهُ قَبْلَ الْغَدِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِهِ فَلَمْ يَدْفَعْهُ كَمَا فِي النَّاشِرِيِّ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِالْحِنْثِ فِيمَا إذَا صَالَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغَدِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ دَفْعِهِ فَلَمْ يَدْفَعْهُ حَتَّى قَتَلَهُ وَنَقَلَهُ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ، وَأَنَّهُ قَالَ: إنَّهُ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ. اهـ. وَفِيهِ مَا عَلِمْت مِنْ قَتْلِهِ لِنَفْسِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِيَ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ وَهُوَ يُنَافِي قَوْلَهُ: وَمِنْ ثَمَّ أُلْحِقَ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ. وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي الصَّوْمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ آخَرُ عَنْ الزَّرْكَشِيّ فِي مَسْأَلَتِنَا عَدَمُ الْحِنْثِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَمِنْ ثَمَّ أُلْحِقَ قَتْلُهُ لِنَفْسِهِ قَبْلَ الْغَدِ بِهَذَا) وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ ذَلِكَ الْحِنْثِ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ الرِّفْعَةِ إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ السَّفَرِ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ إذْ الْحِنْثُ إنَّمَا يَكُونُ بِعُذْرٍ مِنْ التَّمَكُّنِ فَإِنْ حَنِثَ بَعْدَهُ لَزِمَ الْحِنْثُ بَعْدَ الْخُلْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>