وَلَا مُشْتَمِلًا عَلَى خِطَابِ غَيْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (أَوْ قَرَأَ) وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ (قُرْآنًا) ، وَلَوْ جُنُبًا (فَلَا حِنْثَ) بِخِلَافِ مَا عَدَا ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ أَيْ إنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ أَوْ كَانَ بِحَيْثُ يُسْمَعُ لَوْلَا الْعَارِضُ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ؛ لِانْصِرَافِ الْكَلَامِ عُرْفًا إلَى كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ خَبَرُ مُسْلِمٍ لَكِنْ نَازَعَ فِيهِ جَمْعٌ بِأَنَّ نَحْوَ التَّسْبِيحِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ كَلَامٌ لُغَةً وَعُرْفًا وَهُوَ لَمْ يَحْلِفْ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ النَّاسَ بَلْ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ مُقَدَّمٌ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى كَلَامًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى أَنَّ الْعَادَةَ الْمُطَّرِدَةَ أَنَّ الْحَالِفِينَ كَذَلِكَ إنَّمَا يُرِيدُونَ غَيْرَ مَا ذَكَرَ وَكَفَى بِذَلِكَ مُرَجِّحًا، وَكَذَا نَحْوُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّهُ إنْ قَرَأَهَا مَثَلًا كُلَّهَا حَنِثَ لِتَحَقُّقِ أَنَّ فِيهَا مُبْدَلًا كَثِيرًا بَلْ لَوْ قِيلَ: إنَّ أَكْثَرَهَا كَكُلِّهَا لَمْ يَبْعُدْ
(أَوْ لَا يُكَلِّمهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ) ، وَلَوْ مِنْ صَلَاةٍ كَمَا مَرَّ أَوْ قَالَ لَهُ قُمْ: مَثَلًا أَوْ دُقَّ عَلَيْهِ الْبَابَ فَقَالَ وَقَدْ عَلِمَهُ: مَنْ (حَنِثَ) إنْ سَمِعَهُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ فَهْمُهُ لِمَا سَمِعَهُ، وَلَوْ بِوَجْهٍ أَوْ لَا كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَقَضِيَّةُ اشْتِرَاطِهِمْ سَمْعَهُ الْأَوَّلَ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ لَكِنْ مَنَعَ مِنْهُ عَارِضٌ كَلَغَطٍ كَانَ كَمَا لَوْ سَمِعَهُ نَعَمْ فِي الذَّخَائِرِ كَالْحِلْيَةِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَكْلِيمِهِ الْأَصَمَّ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِي صَمَمٍ يَمْنَعُ السَّمَاعَ مِنْ أَصْلِهِ، وَلَوْ عَرَّضَ لَهُ كَأَنْ خَاطَبَ جِدَارًا بِحَضْرَتِهِ بِكَلَامٍ لِيُفْهِمَهُ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا لَوْ ذَكَرَ كَلَامًا مِنْ غَيْرِ خِطَابِ أَحَدٍ بِهِ كَذَا أَطْلَقَهُ شَارِحٌ وَيَرِدُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ التَّفْصِيلِ فِي قِرَاءَةِ الْآيَةِ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَلَوْ جُنُبًا) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْحِنْثِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْقُرْآنَ بِأَنْ قَصَدَ الذِّكْرَ أَوْ أَطْلَقَ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ وَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ كَوْنُهُ قُرْآنًا لَمْ يَنْتَفِ كَوْنُهُ ذِكْرًا وَهُوَ لَا يَحْنَثُ بِهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا عَدَا ذَلِكَ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ كَالْعُبَابِ حَنِثَ بِكُلِّ لَفْظٍ مُبْطِلٍ لِلصَّلَاةِ وَقَضِيَّتُهُ الْحِنْثُ فِيمَا لَوْ رَدَّ عَلَى الْمُصَلِّي وَقَصَدَ الرَّدَّ فَقَطْ أَوْ أَطْلَقَ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعُلِمَ بِذَلِكَ تَخْصِيصُ عَدَمِ الْحِنْثِ بِمَا لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ زَيْدٍ لَمْ يَحْنَثْ بِسَمَاعِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ قَالَهُ الْجِيلِيُّ انْتَهَى وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْحِنْثِ بِسَمَاعِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَإِنْ انْصَرَفَ عَنْ الْقُرْآنِيَّةِ بِقَرِينَةٍ كَأَنْ قَصَدَ الْقَارِئُ بِهِ التَّفْهِيمَ فَقَطْ أَوْ كَانَ جُنُبًا وَأَطْلَقَ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ قُرْآنٌ بِذَاتِهِ، وَالْقَرِينَةُ إنَّمَا تَصْرِفُهُ عَنْ حُكْمِ الْقُرْآنِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ انْصِرَافَهُ عَنْ حُكْمِ الْقُرْآنِ يَقْتَضِي الْحِنْثَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمُ الْقُرْآنِ بَلْ حُكْمُ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
سم (قَوْلُهُ: لِانْصِرَافِ الْكَلَامِ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ هَذَا التَّعْلِيلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِهِ وَرَسُولِهِ (قَوْلُهُ: عُرْفًا) أَيْ: فِي عُرْفِ الشَّرْعِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَيُرَدُّ إلَخْ وَيَحْتَمِلُ الْعُرْفَ الْعَامَّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي عَلَى أَنَّ الْعَادَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) فِي سَبْكِهِ مَا لَا يَخْفَى وَحَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَمَا ذُكِرَ لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ خَبَرُ مُسْلِمٍ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: خَبَرُ مُسْلِمٍ) وَهُوَ «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» أَسْنَى وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ نَازَعَ فِيهِ) أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: مِنْ الْخَبَرِ) أَيْ: خَبَرِ مُسْلِمٍ فَأَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا) إلَى قَوْلِهِ بَلْ لَوْ قِيلَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَكَذَا نَحْوُ التَّوْرَاةِ إلَخْ) أَيْ: فَلَا يَحْنَثُ بِهِ أَيْ: إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ تَبْدِيلُهُ وَإِلَّا فَيَحْنَثُ بِذَلِكَ. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: إنْ قَرَأَهَا إلَخْ) أَيْ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَنَحْوَهُمَا (قَوْلُهُ: مَثَلًا) اُنْظُرْ مَا فَائِدَتُهُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي بَلْ لَوْ قِيلَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ الصَّلَاةِ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ لَيُثْنِيَنَّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ نَعَمْ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ عَرَّضَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ الصَّلَاةِ) أَيْ: لِأَنَّ السَّلَامَ عَلَيْهِ نَوْعٌ مِنْ الْكَلَامِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِ بِالسَّلَامِ فَلَوْ قَصَدَ التَّحَلُّلَ فَقَطْ أَوْ أَطْلَقَ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ الظَّاهِرُ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لَهُ قُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى مَعَ شَرْحِهِ وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك فَتَنَحَّ عَنِّي أَوْ قُمْ أَوْ اُخْرُجْ أَوْ غَيْرَهَا وَلَوْ مُتَّصِلًا بِالْيَمِينِ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ دُقَّ إلَخْ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ عَلَيْهِ أَيْ: الْحَالِفِ وَيَجُوزُ كَوْنُهُ بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ وَضَمِيرُهُ الْمُسْتَتِرُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَنْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ مَقُولُ فَقَالَ (قَوْلُ الْمَتْنِ حَنِثَ) وَلَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ بِذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَبَحَثَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ عَدَمَ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْهُ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ هُنَاكَ تُصَدِّقُهُ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ اشْتِرَاطِهِمْ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ حُكْمًا وَأَخْذًا. اهـ. سم وَسَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي مَا يُؤَيِّدُهُ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَرْجِيحِ اعْتِبَارِ الْفَهْمِ فِي الْمَسْمُوعِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِي صَمَمٍ إلَخْ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ طُرُوُّ الصَّمَمِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَلِفِ وَكَوْنِهِ كَذَلِكَ وَقْتَهُ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَرَّضَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاعْتَبَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَفَّالُ الْمُوَاجَهَةُ أَيْضًا فَلَوْ تَكَلَّفَ بِكَلَامٍ فِيهِ تَعْرِيضٌ لَهُ وَلَمْ يُوَاجِهْهُ كَيَا حَائِطُ أَلَمْ أَقُلْ لَك كَذَا لَمْ يَحْنَثْ وَالْمُرَادُ بِالْكَلِمِ الَّذِي يَحْنَثُ بِهِ اللَّفْظُ الْمُرَكَّبُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ (تَنْبِيهٌ)
لَوْ كَلَّمَهُ وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ وَكَانَ لَا يَعْلَمُ بِالْكَلَامِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَنَقَلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَلَّمَهُ وَهُوَ نَائِمٌ بِكَلَامٍ يُوقِظُ مِثْلُهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا وَأَنَّهُ لَوْ كَلَّمَهُ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُسْمَعُ كَلَامُهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا سَمِعَ كَلَامُهُ أَمْ لَا. اهـ. وَقَوْلُهُ لَوْ كَلَّمَهُ وَهُوَ مَجْنُونٌ إلَخْ فِي الْأَسْنَى مِثْلُهُ (قَوْلُهُ كَذَا أَطْلَقَهُ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ عَرَّضَ إلَخْ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَلْيُحْمَلْ إلَخْ) أَيْ: فَيَحْنَثُ إذَا أَفْهَمَهُ بِذَلِكَ الْكَلَامِ مَقْصُودَهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْآيَةِ، أَمَّا لَوْ لَمْ يُفْهِمْهُ ذَلِكَ فَهَذَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ فَلَا وَجْهَ لِلْحِنْثِ بِهِ إلَّا إنْ قَصَدَ مُخَاطَبَتُهُ بِهِ. اهـ. سم
(قَوْلُهُ:
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
بِأَنَّ انْصِرَافَهُ عَنْ حُكْمِ الْقُرْآنِ يَقْتَضِي الْحِنْثَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمُ الْقُرْآنِ بَلْ حُكْمُ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ قَرَأَ قُرْآنًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ حَيْثُ لَا يَحْرُمُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ جُنُبًا) يُحْتَمَلُ أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا انْصَرَفَ عَنْ حُكْمِ الْقُرْآنِ كَأَنْ أَطْلَقَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ فِي حُكْمِ الْآدَمِيِّينَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عُلِمَ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى كَلَامًا إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ.
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ اشْتِرَاطِهِمْ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ حُكْمًا وَأَخْذًا.