للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلْيُحْمَلْ هَذَا عَلَى ذَلِكَ التَّفْصِيلِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.

(وَلَوْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا حِنْثَ) عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَصَمَّ أَوْ أَخْرَسَ (فِي الْجَدِيدِ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِكَلَامٍ عُرْفًا وَإِنْ كَانَتْ كَلَامًا لُغَةً وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ نَعَمْ إنْ نَوَى شَيْئًا مِنْهَا حَنِثَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَجَازَ تُقْبَلُ إرَادَتُهُ بِالنِّيَّةِ وَجُعِلَتْ نَحْوُ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ فِي غَيْرِ هَذَا كَالْعِبَارَةِ لِلضَّرُورَةِ (وَإِنْ قَرَآ آيَةً أَفْهَمَهُ بِهَا مَقْصُودَهُ وَقَصَدَ قِرَاءَةً) ، وَلَوْ مَعَ الْإِفْهَامِ (لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ الْإِفْهَامَ وَحْدَهُ أَوْ أَطْلَقَهُ (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ

ــ

[حاشية الشرواني]

فَلْيُحْمَلْ هَذَا عَلَى ذَلِكَ التَّفْصِيلِ إلَخْ) يَرْجِعُ إلَى مَسْأَلَةِ الْجِدَارِ أَيْضًا عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ عَرَّضَ لَهُ كَأَنْ خَاطَبَ جِدَارًا بِحَضْرَتِهِ بِكَلَامٍ لِيُفْهِمَهُ بِهِ أَوْ ذَكَرَ كَلَامًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَاطِبَ أَحَدًا بِهِ اُتُّجِهَ جَرَيَانُ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي قِرَاءَةِ آيَةٍ فِي ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ غَيْرِهَا) كَعَيْنٍ وَرَأْسٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ) إلَى قَوْلِهِ بِمَا يَرُدُّهُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ الْحَالِفُ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبِهَا) أَيْ: بِكَوْنِهَا كَلَامًا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ كَمَا يُفِيدُهُ صَنِيعُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِهِ) أَيْ: قَطْعًا. اهـ. مُغْنِي

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَجَازَ تُقْبَلُ إرَادَتُهُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْكَلَامِ بِالْفَمِ وَقَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ فَصْلِ الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى مِنْ أَنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ الْمُتَعَارَفِ مَعًا إذَا أَرَادَ دُخُولَهُ خِلَافُهُ وَيُؤَيِّدُ الْحِنْثَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ وَقَالَ أَرَدْت مَسْكَنَهُ مِنْ الْحِنْثِ بِمَا يَسْكُنُهُ وَلَيْسَ مِلْكًا لَهُ وَبِمَا يَمْلِكُهُ وَلَمْ يَسْكُنْهُ حَيْثُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ اهـ ع ش أَقُولُ كَلَامُ الْمُغْنِي كَالصَّرِيحِ فِيمَا رَجَّحَهُ مِنْ الْحِنْثِ بِالْكَلَامِ اللِّسَانِيِّ بَلْ مَا ادَّعَاهُ مِنْ أَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ الْقَوْلِ عَدَمُ الْحِنْثِ بِذَلِكَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ (قَوْلُهُ: وَجُعِلَتْ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ مَنْشَؤُهُ قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَخْرَسَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَجُعِلَتْ نَحْوُ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ فِي غَيْرِ هَذَا إلَخْ) كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَتُعُقِّبَ بِمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي مِنْ أَنَّ الْأَخْرَسَ لَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَقَرَأَهُ بِالْإِشَارَةِ حَنِثَ وَبِمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ نَاطِقٍ فَخَرِسَ وَأَشَارَ بِالْمَشِيئَةِ طَلُقَتْ، وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْخَرَسَ مَوْجُودٌ فِيهِ قَبْلَ الْحَلِفِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْكَلَامَ مَدْلُولُهُ اللَّفْظُ فَاعْتُبِرَ بِخِلَافِ الْمَشِيئَةِ وَإِنْ كَانَتْ تُؤَدَّى بِاللَّفْظِ اهـ مُغْنِي وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ وَقَضِيَّةُ جَوَابِهِ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ الْأَخْرَسُ لَا يَتَكَلَّمُ وَتَكَلَّمَ بِالْإِشَارَةِ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ إذَا عُدَّتْ الْإِشَارَةُ تَكْلِيمًا عُدَّتْ كَلَامًا أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ مِمَّا يُصَرِّحُ بِانْعِقَادِ يَمِينِ الْأَخْرَسِ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَالِفِ النُّطْقُ اهـ

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِنْ قَرَأَ آيَةً أَفْهَمَهُ إلَخْ) أَيْ: الْمَحْلُوفَ عَلَى عَدَمِ كَلَامِهِ نَحْوَ: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ} [الحجر: ٤٦] عِنْدَ طَرْقِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ الْبَابَ وَمِثْلُ هَذَا مَا لَوْ فَتَحَ عَلَى إمَامِهِ أَوْ سَبَّحَ لِسَهْوِهِ فَيَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ قِرَاءَةِ الْآيَةِ (فُرُوعٌ) .

لَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ حَنِثَ بِمَا قَرَأَ وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ أَوْ لَيَتْرُكَنَّ الصَّوْمَ أَوْ الْحَجَّ أَوْ الِاعْتِكَافَ أَوْ الصَّلَاةَ حَنِثَ بِالشُّرُوعِ الصَّحِيحِ فِي كُلٍّ مِنْهَا وَإِنْ فَسَدَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى صَائِمًا وَحَاجًّا وَمُعْتَكِفًا وَمُصَلِّيًا بِالشُّرُوعِ لَا بِالشُّرُوعِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ إلَّا فِي الْحَجِّ فَيَحْنَثُ بِهِ وَصُورَةُ انْعِقَادِ الْحَجِّ فَاسِدًا أَنْ يُفْسِدَ عُمْرَتَهُ ثُمَّ يُدْخِلَ الْحَجَّ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا أَوْ لَا أُصَلِّي صَلَاةً حَنِثَ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا لَا بِالشُّرُوعِ فِيهَا وَلَوْ مِنْ صَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَمِمَّنْ يُومِئُ إلَّا إنْ أَرَادَ صَلَاةً مُجْزِيَةً فَلَا يَحْنَثُ بِصَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَجِبُ قَضَاؤُهَا عَمَلًا بِنِيَّتِهِ، وَلَا يَحْنَثُ بِسُجُودِ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ وَطَوَافٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى صَلَاةً قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَفَّالُ وَلَا يَحْنَثُ بِصَلَاةِ جِنَازَةٍ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَبَادِرَةٍ عُرْفًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي أَنَّهُ يَحْنَثُ بِصَلَاةِ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ

وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَهُوَ أَوْجَهُ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً أَوْ لَا أُصَلِّي خَلْفَ زَيْدٍ فَحَضَرَ الْجُمُعَةَ فَوَجَدَهُ إمَامًا وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ صَلَاةِ جُمُعَةٍ غَيْرِ هَذِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَهُ؛ لِأَنَّهُ مُلْجَأٌ إلَى الصَّلَاةِ بِالْإِكْرَاهِ الشَّرْعِيِّ وَهَلْ يَحْنَثُ أَوْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا بَحَثَهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: فَلْيُحْمَلْ إلَخْ) أَيْ: فَيَحْنَثُ إذَا فَهَّمَهُ بِذَلِكَ الْكَلَامِ مَقْصُودَهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْآيَةِ، أَمَّا لَوْ لَمْ يُفْهِمْهُ ذَلِكَ فَهَذَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ بِوَجْهٍ فَلَا وَجْهَ لِلْحِنْثِ بِهِ إلَّا إنْ قَصَدَ مُخَاطَبَتَهُ بِهِ، وَهَلْ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ هُنَا عَدَمُ قَصْدِ الْإِفْهَامِ بَعْدَ قَصْدِ الْمُخَاطَبَةِ وَهَلْ يُقَيَّدُ الْإِطْلَاقُ فِي الْآيَةِ بِمَا إذَا قَصَدَ مُخَاطَبَتَهُ بِهَا وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ إذَا فَهَّمَهُ مَقْصُودَهُ فَقَدْ خَاطَبَهُ فَلَا يُصَدَّقُ قَوْلُهُ: بِلَا خِطَابِ أَحَدٍ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. .

(قَوْلُهُ: وَجُعِلَتْ نَحْوُ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ فِي غَيْرِ هَذَا كَالْعِبَارَةِ لِلضَّرُورَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَتُعُقِّبَ بِمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ الْأَخْرَسُ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَقَرَأَهُ بِالْإِشَارَةِ حَنِثَ وَبِمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ نَاطِقٍ فَخَرِسَ وَأَشَارَ بِالْمَشِيئَةِ طَلُقَتْ، وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْخَرَسَ مَوْجُودٌ فِيهِ قَبْلَ الْحَلِفِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا بَعْدَهُ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْكَلَامَ مَدْلُولُهُ اللَّفْظُ فَاعْتُبِرَ بِخِلَافِ الْمَشِيئَةِ وَإِنْ كَانَتْ تُؤَدَّى بِاللَّفْظِ انْتَهَى، وَقَضِيَّةُ جَوَابِهِ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ الْأَخْرَسُ لَا يَتَكَلَّمُ فَتَكَلَّمَ بِالْإِشَارَةِ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ إذَا عُدَّتْ الْإِشَارَةُ تَكْلِيمًا عُدَّتْ كَلَامًا أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>