للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُكَلَّفُ إعْطَاءَ وَكِيلِهِ أَوْ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ فَلَا يُحْمَلُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ ثُمَّ رَأَيْت الْجَلَالَ الْبُلْقِينِيَّ رَجَّحَ ذَلِكَ أَيْضًا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا فِي التَّوَسُّطِ عَنْ فَتَاوَى ابْنِ الْبِزْرِيِّ قَالَ: إنْ جَاءَ حَادِيَ عَشَرَ الشَّهْرِ وَمَا أَوْفَيْتُك أَوْ لَأَقْضِيَنَّك إلَى الْحَادِيَ عَشَرَ فَسَافَرَ الدَّائِنُ قَبْلَهُ فَإِنْ قَصَدَ كَوْنَهُ لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِيفَاءِ قَبْلَهُ حَنِثَ وَإِنْ جَعَلَهُ يَعْنِي الْحَادِيَ عَشَرَ ظَرْفًا لِلْإِيفَاءِ فَسَافَرَ قَبْلَهُ فَفِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ أَيْ: وَالْأَصَحُّ مِنْهُ لَا حِنْثَ وَإِنْ أَطْلَقَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُرَاجَعَ اهـ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ مَا يُتَبَادَرُ مِنْ اللَّفْظِ أَنَّ الْمُدَّةَ كُلَّهَا مِنْ حِينِ الْحَلِفِ إلَى تَمَامِ الْحَادِيَ عَشَرَ ظَرْفٌ لِلْإِيفَاءِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِذَا سَافَرَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْإِيفَاءِ حَنِثَ الْحَالِفُ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَقُلْ: أَرَدْتُ أَنَّ الْحَادِيَ عَشَرَ هُوَ الظَّرْفُ لِلِاسْتِيفَاءِ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِهِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ وَجْهُ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ؛ لِأَنَّ لَأَقْضِيَنَّك غَدًا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْغَدَ هُوَ الظَّرْفُ لِلْإِيفَاءِ بِخِلَافِ صُورَتَيْ الْحَادِيَ عَشَرَ، فَلَمْ يُؤَثِّرُ السَّفَرُ قَبْلَ الْغَدِ فِي تِلْكَ وَأَثَّرَ فِي هَاتَيْنِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ وَالْأَوْجَهُ أَيْضًا أَنَّ مَوْتَ الدَّائِنِ كَسَفَرِهِ فِيمَا مَرَّ فِيهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الدَّفْعِ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الَّذِي يُتَّجَهُ فِي لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك أَنَّهُ لَا يَفُوتُ الْبِرُّ بِالسَّفَرِ وَالْمَوْتِ لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ هُنَا مَعَ غَيْبَتِهِ، وَإِبْرَاءُ الدَّائِنِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مَانِعٌ مِنْهُ، وَأَمَّا مَا فِي عَقَارِبِ الْمُزَنِيّ أَيْ: وَسَمَّاهُ بِذَلِكَ لِصُعُوبَتِهِ مِنْ أَنَّهُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْقَضَاءِ يَحْنَثُ إجْمَاعًا فَأَشَارَ الرَّافِعِيُّ إلَى رَدِّهِ كَمَا مَرَّ بَلْ إعْرَاضُ الْأَئِمَّةِ عَنْهُ وَإِطْبَاقُهُمْ عَلَى التَّفْرِيعِ عَلَى خِلَافِهِ مِنْ اعْتِبَارِ التَّمَكُّنِ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى عَدَمِ صِحَّتِهِ وَأُوِّلَ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ قَضَائِهِ فِي الْغَدِ فَلَمْ يَقْضِهِ، وَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ بِيَمِينِهِ الْعَجْزَ لِإِعْسَارٍ أَوْ نِسْيَانٍ بَلْ لَوْ ادَّعَى الْأَدَاءَ فَأَنْكَرَهُ الدَّائِنُ قُبِلَ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْحِنْثِ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ مَعَ مَا فِيهِ.

(أَوْ) حَلَفَ (لَا رَأَى مُنْكَرًا) أَوْ نَحْوَ لُقَطَةٍ (إلَّا رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي فَرَأَى) مُنْكَرًا (وَتَمَكَّنَ) مِنْ رَفْعِهِ لَهُ (فَلَمْ يَرْفَعْهُ) أَيْ: لَمْ يُوصِلْ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِلَفْظٍ أَوْ نَحْوِ كِتَابَةٍ لِلْقَاضِي خَبَرَهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَا غَيْرِهِ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ (حَتَّى مَاتَ) الْحَالِفُ (حَنِثَ) أَيْ مِنْ قَبِيلِ الْمَوْتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمُنْكَرِ

ــ

[حاشية الشرواني]

يُتَوَقَّفُ عَلَى مُضِيِّ زَمَنِ الْقَضَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُكَلَّفُ إعْطَاءَ وَكِيلِهِ إلَخْ) بَلْ لَا عِبْرَةَ بِإِعْطَائِهِمَا وَلَا يَكُونُ كَإِعْطَائِهِ حَتَّى لَوْ سَافَرَ الدَّائِنُ فِي الْمُدَّةِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ لَمْ يَنْدَفِعْ الْحِنْثُ بِإِعْطَائِهِمَا لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ. اهـ. سم

(قَوْلُهُ: إنْ جَاءَ حَادِيَ عَشَرَ إلَخْ) أَيْ: فَامْرَأَتِي طَالِقٌ (قَوْلُهُ: أَوْ لَأَقْضِيَنَّك إلَى الْحَادِي إلَخْ) أَيْ وَاَللَّهِ لَأَقْضِيَنَّك إلَخْ (قَوْلُهُ: قَبْلَهُ) أَيْ: الْحَادِيَ عَشَرَ وَقَوْلُهُ كَوْنَهُ أَيْ: كُلٍّ مِنْ التَّرْكِيبَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَعَلَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى بُعْدُهُ فِي الثَّانِيَةِ سم (قَوْلُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُرَاجِعَ) الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ عَدَمُ الْحِنْثِ عِنْد تَعَذَّرَ الْمُرَاجَعَةُ (قَوْلُهُ: مَا يَتَبَادَرُ مِنْ اللَّفْظِ) مُبْتَدَأٌ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرُهُ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ وَاَلَّذِي إلَخْ (قَوْلُهُ لِلْإِيفَاءِ) أَيْ أَوْ لِقَضَاءِ (قَوْلُهُ: حَنِثَ) أَيْ: إذَا لَمْ يَجْعَلْ الْحَادِيَ عَشَرَ ظَرْفًا لِلْإِيفَاءِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: سَافَرَ قَبْلَ الْحَادِيَ عَشَرَ أَوْ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا إلَخْ) أَيْ: بِقَوْلِهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: غَدًا) الْأَوْلَى يَوْمُ كَذَا (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُؤَثِّرْ السَّفَرُ) أَيْ: لَمْ يَحْنَثْ بِهِ

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا تَقَرَّرَ) أَيْ: مَا لَمْ يَقُلْ أَرَدْتُ أَنَّ الْحَادِيَ عَشَرَ هُوَ الظَّرْفُ إلَخْ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ: السَّفَرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ) أَيْ: الْمَوْتُ (قَوْلُهُ: فِي لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك) أَيْ بِخِلَافِ الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ) أَيْ بِالْإِعْطَاءِ لِوَكِيلِهِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ مَانِعٌ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: الْعَقَارِبِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: آنِفًا فِي قَوْلِهِ وَكَلَامُهُمَا نَاطِقٌ بِذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأُوِّلَ) أَيْ: مَا فِي الْعَقَارِبِ (قَوْلُهُ: إذَا تَمَكَّنَ إلَخْ) أَيْ: ثُمَّ عَجَزَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْعَجْزَ إلَخْ) أَطْلَقَ هُنَا قَبُولَ قَوْلِهِ فِي الْإِعْسَارِ وَنَقَلَهُ قُبَيْلَ الرَّجْعَةِ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْإِكْرَاهَ إلَّا بِقَرِينَةٍ كَحَبْسٍ فَكَذَا هُنَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ فِي التَّفْلِيسِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ إلَّا إذَا لَمْ يُعْهَدْ لَهُ مَالٌ انْتَهَى وَسَبَقَ فِي التَّفْلِيسِ عَنْ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ نَقْلًا عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ تَقْيِيدُ قَبُولِ قَوْلِ الْحَالِفِ فِي الْإِعْسَارِ بِمَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ

(قَوْلُهُ: قُبِلَ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْحِنْثِ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ الْحَلِفُ بِطَلَاقٍ كَأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ خَرَجْت أَوْ إنْ خَرَجْت أَبَدًا بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ وَادَّعَى الْإِذْنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ وَأَنْكَرَتْ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُفَارِقُ كَوْنَ الْقَوْلِ قَوْلَهُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ بِاتِّفَاقِهِمَا هُنَا عَلَى وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْخُرُوجُ وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي شَرْطِهِ م ر. اهـ. سم (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْحِنْثِ) أَيْ: لَا بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ الدَّيْنِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ لُقَطَةٍ) إلَى قَوْلِهِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ عَلَى قَاضِي الْبَلَدِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ لُقَطَةٍ) أَيْ: كَضَالَّةٍ اهـ مُغْنِي عِبَارَةُ النِّهَايَةِ أَوْ نَحْوَ لَغَطٍ قَالَ. اهـ. ع ش أَيْ: فِي مَحَلٍّ لَا يَلِيقُ بِهِ اللَّغَطُ كَالْمَسْجِدِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مُنْكَرًا) الْأَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا زَادَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ كِتَابَةٍ) لَعَلَّهُ أَدْخَلَ بِالنَّحْوِ الرِّسَالَةَ كَمَا صَرَّحَ بِهَا النِّهَايَةُ وَلَكِنْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ فَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ كَمَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: حَتَّى مَاتَ الْحَالِفُ) أَخْرَجَ مَوْتَ الْقَاضِي وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي الرَّفْعُ لِمَنْ يُوَلَّى بَعْدَهُ كَمَا لَوْ عُزِلَ قَبْلَ الرَّفْعِ إلَيْهِ مَعَ التَّمَكُّنِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِإِمْكَانِ رَفْعِهِ لِمَنْ يُوَلَّى بَعْدُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. اهـ. سم

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ) وَلَا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

كَإِعْطَائِهِ حَتَّى لَوْ سَافَرَ الدَّائِنُ فِي الْمُدَّةِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ لَمْ يَنْدَفِعْ الْحِنْثُ بِإِعْطَائِهِمَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَعَلَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى بُعْدَهُ فِي الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: قَبْلُ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْحِنْثِ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ الْحَلِفُ بِطَلَاقٍ كَأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ خَرَجْت أَوْ إنْ خَرَجْت أَبَدًا بِغَيْرِ إذْنِي: فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ وَادَّعَى الْإِذْنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ وَأَنْكَرَتْ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُفَارِقُهُ كَوْنُ الْقَوْلِ قَوْلَهُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّارِحِ بِاتِّفَاقِهِمَا هُنَا عَلَى وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْخُرُوجُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شَرْطِهِ م ر.

(قَوْلُهُ: حَتَّى مَاتَ الْحَالِفُ) أَخْرَجَ مَوْتَ الْقَاضِي وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي الرَّفْعُ لِمَنْ يُوَلَّى بَعْدَهُ كَمَا لَوْ عُزِلَ قَبْلَ الرَّفْعِ إلَيْهِ مَعَ التَّمَكُّنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>