للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنْ حَدَثَتْ نِعْمَةٌ) تَقْتَضِي سُجُودَ الشُّكْرِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ تَعْبِيرُهُمْ بِالْحُدُوثِ (أَوْ ذَهَبَتْ نِقْمَةٌ) تَقْتَضِي ذَلِكَ أَيْضًا، وَمَرَّ بَيَانُهُمَا فِي بَابِهَا هَذَا مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ وَالِدِهِ وَطَائِفَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ لَكِنَّهُ رَجَّحَ قَوْلَ الْقَاضِي: أَنَّهُمَا لَا يَتَقَيَّدَانِ بِذَلِكَ وَيُوَافِقُهُ ضَبْطُ الصَّيْمَرِيِّ لِذَلِكَ بِكُلِّ مَا يَجُوزُ أَيْ: مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ أَنْ يُدْعَى اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ، وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ حَيْثُ قَالَ لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: إنْ جَامَعْتَنِي فَعَلَيَّ عِتْقُ عَبْدٍ فَإِنْ قَالَتْهُ عَلَى سَبِيلِ الْمَنْعِ فَلَجَاجٌ أَوْ الشُّكْرِ لِلَّهِ حَيْثُ يَرْزُقُهَا الِاسْتِمْتَاعَ بِزَوْجِهَا لَزِمَهَا الْوَفَاءُ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ نَذْرَيْ اللَّجَاجِ وَالتَّبَرُّرِ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ تَعْلِيقٌ بِمَرْغُوبٍ عَنْهُ وَالثَّانِي بِمَرْغُوبٍ فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ ضُبِطَ بِأَنْ يُعَلَّقَ بِمَا يُقْصَدُ حُصُولُهُ فَنَحْوُ إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَعَلَيَّ صَوْمٌ يَحْتَمِلُ النَّذْرَيْنِ وَيَتَخَصَّصُ أَحَدُهُمَا بِالْقَصْدِ، وَكَذَا قَوْلُ امْرَأَةٍ لِآخَرَ إنْ تَزَوَّجْتَنِي فَعَلَيَّ أَنْ أُبْرِئَك مِنْ مَهْرِي وَسَائِرِ حُقُوقِي فَهُوَ تَبَرُّرٌ إنْ أَرَادَتْ الشُّكْرَ عَلَى تَزَوُّجِهِ (تَنْبِيهٌ) .

عُلِمَ مِنْ هَذَا الْحَاصِلِ أَنَّ مَنْ قَالَ لِبَائِعِهِ: إنْ جِئْتنِي بِمِثْلِ عِوَضِي فَعَلَيَّ أَنْ أُقِيلَكَ أَوْ أَفْسَخَ الْبَيْعَ لَزِمَهُ أَحَدُهُمَا إنْ نُدِبَ لِنَدَمِهِ، وَكَانَ يُحِبُّ إحْضَارَ مِثْلِ عِوَضِهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

قَدْ يُقَالُ صِفَةُ الْقُرْبَةِ قُرْبَةٌ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: تَقْتَضِي سُجُودَ الشُّكْرِ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ لَهَا وَقْعٌ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ النِّعْمَةَ وَخَصَّهَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بِمَا يَحْصُلُ عَلَى نُذُورٍ فَلَا يَصِحُّ فِي النَّعَمِ الْمُعْتَادَةِ كَمَا لَا يُسْتَحَبُّ سُجُودُ الشُّكْرِ لَهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي بَابِهَا) أَيْ: سُجُودِ الشُّكْرِ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ تَقْيِيدُهُمَا بِذَلِكَ الِاقْتِضَاءِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ رَجَّحَ) أَيْ: الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: اقْتِضَائِهِمَا سُجُودَ الشُّكْرِ ع ش (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ الْمُعَلَّقِ بِهِ الِالْتِزَامُ مِنْ حُدُوثِ النِّعْمَةِ أَوْ زَوَالِ النِّقْمَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَتْهُ عَلَى سَبِيلِ الْمَنْعِ إلَخْ) وَلَوْ أَطْلَقَتْ يَلْحَقُ بِأَيِّهِمَا. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ قَضِيَّةُ مَا يَأْتِي آنِفًا عَنْ سم مَعَ مَا فِيهِ الْإِلْحَاقُ بِالثَّانِي وَقَضِيَّةُ الْحَاصِلِ الْآتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي (فَائِدَةٌ)

الصِّيغَةُ إنْ احْتَمَلْت نَذْرَ اللَّجَاجِ وَنَذْرَ التَّبَرُّرِ رُجِعَ فِيهَا إلَى قَصْدِ النَّاذِرِ فَالْمَرْغُوبُ فِيهِ تَبَرُّرٌ وَالْمَرْغُوبُ عَنْهُ لَجَاجٌ وَضَبَطُوا ذَلِكَ بِأَنَّ الْفِعْلَ إمَّا طَاعَةٌ أَوْ مَعْصِيَةٌ أَوْ مُبَاحٌ وَالِالْتِزَامُ فِي كُلٍّ مِنْهَا تَارَةً يَتَعَلَّقُ بِالْإِثْبَاتِ وَتَارَةً بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتُ فِي الطَّاعَةِ كَقَوْلِهِ إنْ صَلَّيْت فَعَلَيَّ كَذَا يَحْتَمِلُ التَّبَرُّرَ بِأَنْ يُرِيدَ إنْ وَفَّقَنِي اللَّهُ تَعَالَى لِلصَّلَاةِ فَعَلَيَّ كَذَا وَاللَّجَاجَ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ صَلِّ فَيَقُولُ لَا أُصَلِّي وَإِنْ صَلَّيْت فَعَلَيَّ كَذَا وَالنَّفْيُ فِي الطَّاعَةِ كَقَوْلِهِ وَقَدْ مُنِعَ مِنْ الصَّلَاةِ إنْ لَمْ أُصَلِّ فَعَلَيَّ كَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا لَجَاجًا فَإِنَّهُ لَا بِرَّ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ وَالْإِثْبَاتُ فِي الْمَعْصِيَةِ كَقَوْلِهِ وَقَدْ أُمِرَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فَعَلَيَّ كَذَا يُتَصَوَّرُ لَجَاجًا فَقَطْ وَالنَّفْيُ فِي الْمَعْصِيَةِ كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ فَعَلَيَّ كَذَا يَحْتَمِلُ التَّبَرُّرَ بِأَنْ يُرِيدَ إنْ عَصَمَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الشُّرْبِ فَعَلَيَّ كَذَا وَاللَّجَاجَ بِأَنْ يُمْنَعَ مِنْ الشُّرْبِ فَيَقُولُ إنْ لَمْ أَشْرَبْ فَعَلَيَّ كَذَا

وَيُتَصَوَّرُ التَّبَرُّرُ وَاللَّجَاجُ فِي الْمُبَاحِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، وَالتَّبَرُّرُ فِي النَّفْيِ كَقَوْلِهِ: إنْ لَمْ آكُلْ كَذَا فَعَلَيَّ كَذَا يُرِيدُ إنْ أَعَانَنِي اللَّهُ تَعَالَى عَلَى كَسْرِ شَهْوَتِي فَعَلَيَّ كَذَا وَفِي الْإِثْبَاتِ كَقَوْلِهِ إنْ أَكَلْت كَذَا فَعَلَيَّ كَذَا يُرِيدُ إنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَعَلَيَّ كَذَا وَاللَّجَاجُ فِي النَّفْيِ كَقَوْلِهِ وَقَدْ مُنِعَ مِنْ أَكْلِ الْخُبْزِ: إنْ لَمْ آكُلْهُ فَعَلَيَّ كَذَا وَفِي الْإِثْبَاتِ كَقَوْلِهِ وَقَدْ أُمِرَ بِأَكْلِهِ إنْ أَكَلْتُهُ فَعَلَيَّ كَذَا. اهـ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْفَرْقَ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ لَيْسَ مَرْغُوبًا فِيهِ وَلَا مَرْغُوبًا عَنْهُ بِأَنْ اسْتَوَى عِنْدَهُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَذْرُ تَبَرُّرٍ وَأَنْ يَكْتَفِيَ فِيهِ بِكَوْنِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ غَيْرَ مَرْغُوبٍ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مَرْغُوبًا فِيهِ أَوْ لَا وَعَلَى هَذَا يَتَقَيَّدُ نَذْرُ التَّبَرُّرِ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ بِمَا إذَا قَالَتْ مَا ذَكَرَ عَلَى سَبِيلِ الشُّكْرِ بَلْ يَكْفِي أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الْمَنْعِ. اهـ. سم

أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ صُورَةِ الِاسْتِوَاءِ لَك أَنْ تُنْكِرَ تَحَقُّقَهَا فِي مَقَامِ النَّذْرِ وَمَا ذَكَرَهُ ثَانِيًا مِنْ الِاحْتِمَالِ وَمَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ الْحَاصِلِ الْمَذْكُورِ الَّذِي اتَّفَقُوا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِيهِ تَعْلِيقٌ) أَيْ: لِالْتِزَامِ قُرْبَةٍ (قَوْلُهُ ضُبِطَ) أَيْ: الثَّانِي (قَوْلُهُ وَيَتَخَصَّصُ) أَيْ: يَتَعَيَّنُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ لِآخَرَ) الْأَنْسَبُ لِرَجُلٍ (قَوْلُهُ: فَهُوَ تَبَرُّرٌ) أَيْ: فَيَجِبُ عَلَيْهَا إبْرَاؤُهُ مِمَّا يَجِبُ لَهَا فِي الْمَهْرِ وَمِمَّا يَتَرَتَّبُ لَهَا بِذِمَّتِهِ مِنْ الْحُقُوقِ بَعْدُ وَإِنْ لَمْ تَعْرِفْهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ النَّاذِرِ مَا نَذَرَ بِهِ إلَخْ (فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ نَذَرَ شَخْصٌ أَنَّهُ إنْ رَزَقَهُ اللَّهُ وَلَدًا سَمَّاهُ بِكَذَا وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُسْتَحَبَّةِ كَمُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ وَعَبْدِ اللَّهِ انْعَقَدَ نَذْرُهُ وَأَنَّهُ حَيْثُ سَمَّاهُ بِمَا عَيَّنَهُ بَرَّ وَإِنْ لَمْ يُشْتَهَرْ ذَلِكَ الِاسْمُ بَلْ وَإِنْ هُجِرَ بَعْدُ. اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ: إنْ نُدِبَ لِنَدَمِهِ) هَلْ يُعْتَبَرُ كَالْمَحَبَّةِ الْآتِيَةِ فِي وَقْتِ الْإِتْيَانِ بِالثَّمَنِ أَوْ فِي وَقْتِ النَّذْرِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَكَانَ يَجِبُ إحْضَارُ مِثْلِ عِوَضِهِ) إنْ قُرِئَ كَانَ فِعْلًا مَاضِيًا اقْتَضَى أَنَّ اللُّزُومَ مَوْقُوفٌ عَلَى نَدَمِ الْبَائِعِ الْمُسْتَلْزِمِ لِنَدْبِ الْإِقَالَةِ وَمَحَبَّةِ الْمُشْتَرِي الْإِحْضَارَ مِثْلُ عِوَضِهِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي إلَخْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاوُ فِي وَكَانَ بِمَعْنَى أَوْ وَإِنْ قُرِئَ كَأَنْ بِصُورَةِ الْكَافِ الْجَارَّةِ وَأَنَّ الْمَصْدَرِيَّةِ زَالَ هَذَا التَّنَافِي لَكِنْ لَا يَحْسُنُ عَطْفُهُ عَلَى نُدِبَ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهَا يَكُونُ جُمْلَةً

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْقَ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ لَيْسَ مَرْغُوبًا فِيهِ وَلَا مَرْغُوبًا عَنْهُ بِأَنْ اسْتَوَى عِنْدَهُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ نَذْرُ تَبَرُّرٍ وَأَنْ يُكْتَفَى فِيهِ بِكَوْنِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ غَيْرَ مَرْغُوبٍ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مَرْغُوبًا فِيهِ أَوْ لَا وَعَلَى هَذَا لَا يَتَقَيَّدُ نَذْرُ التَّبَرُّرِ فِي مَسْأَلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>