هُنَا مُجْمَعٌ عَلَيْهَا فَأُلْحِقَتْ بِالذَّاتِيِّ بِخِلَافِهَا فِي نَذْرِ التَّصَدُّقِ وَالْعِتْقِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَكَالْمَعْصِيَةِ الْمَكْرُوهُ لِذَاتِهِ أَوْ لَازِمِهِ كَصَوْمِ الدَّهْرِ الْآتِي، وَكَنَذْرِ مَا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَهُوَ لَا يَصْبِرُ عَلَى الْإِضَاقَةِ لَا لِعَارِضٍ كَصَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِمَا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ صَامَ آخِرَهُ وَهُوَ الْجُمُعَةُ وَكَنَذْرِهِ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ أَوْلَادِهِ فَقَطْ، وَقَوْلُ جَمْعٍ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْإِيثَارَ هُنَا بِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ مَكْرُوهٌ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لِأَمْرٍ عَارِضٍ هُوَ خَشْيَةُ الْعُقُوقِ مِنْ الْبَاقِينَ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِذَا صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِصِحَّةِ نَذْرِ الْمُزَوَّجَةِ لِصَوْمِ الدَّهْرِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ لَكِنَّهَا لَا تَصُومُ إلَّا بِإِذْنِهِ مَعَ حُرْمَتِهِ فَأَوْلَى أَنْ يَصِحَّ بِالْمَكْرُوهِ اهـ عَلَى أَنَّ الْمَكْرُوهَ هُوَ عَدَمُ الْعَدْلِ وَهُوَ لَا وُجُودَ لَهُ عِنْدَ النَّذْرِ وَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يُعْطِيَ الْبَاقِينَ وَإِنَّمَا يُوجَدُ بَعْدُ بِتَرْكِ إعْطَاءِ الْبَاقِينَ مِثْلَ الْأَوَّلِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَعْطَاهُمْ مِثْلَهُ فَلَا كَرَاهَةَ وَإِنْ كَانَ قَدْ نَوَى عَدَمَ إعْطَائِهِمْ حَالَ إعْطَاءِ الْأَوَّلِ فَنَتَجَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَيْسَتْ مُقَارِنَةً لِلنَّذْرِ وَإِنَّمَا تُوجَدُ بَعْدَهُ فَلَمْ يَكُنْ لِتَأْثِيرِهَا فِيهِ وَجْهٌ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا أَطَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِلْبُطْلَانِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يُسَنَّ إيثَارُ بَعْضِهِمْ، أَمَّا إذَا نَذَرَ لِلْفَقِيرِ أَوْ الصَّالِحِ أَوْ الْبَارِّ مِنْهُمْ فَيَصِحُّ اتِّفَاقًا وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ فِي: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِي لَزِمَهُ الْوَفَاءُ ظَاهِرٌ فِي صِحَّتِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَحَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا وَلَدٌ وَاحِدٌ أَوْ سَوَّى بَيْنَهُمْ أَوْ فَضَّلَهُ لَوْ صَفَّ يَقْتَضِيهِ تَكَلُّفٌ
(تَنْبِيهٌ) .
اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي نَذْرِ مُقْتَرِضٍ مَالًا مُعَيَّنًا لِمُقْرِضِهِ كُلَّ يَوْمٍ مَا دَامَ دَيْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْخَاصِّ غَيْرُ قُرْبَةٍ بَلْ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى رِبَا النَّسِيئَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ حُدُوثِ نِعْمَةِ رِبْحِ الْقَرْضِ إنْ اتَّجَرَ فِيهِ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةِ الْمُطَالَبَةِ إنْ احْتَاجَ لِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِإِعْسَارٍ أَوْ إنْفَاقٍ؛ وَلِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يَرُدَّ زِيَادَةً عَمَّا اقْتَرَضَهُ فَإِذَا الْتَزَمَهَا بِنَذْرٍ انْعَقَدَ وَلَزِمَتْهُ فَهُوَ حِينَئِذٍ مُكَافَأَةُ إحْسَانٍ، لَا وَصْلَةٌ لِلرِّبَا إذْ هُوَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي عَقْدٍ كَبَيْعٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ النَّذْرَ فِي عَقْدِ الْقَرْضِ كَانَ رِبًا اهـ وَقَدْ يُجْمَعُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ أَنَّ نَذْرَهُ ذَلِكَ فِي مُقَابَلَةِ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ لَهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْأُولَى (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي الْأُولَى (قَوْلُهُ: وَكَالْمَعْصِيَةِ الْمَكْرُوهُ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: الْمَكْرُوهُ لِذَاتِهِ) كَالصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: الْآتِي) أَيْ: لِمَنْ يَتَضَرَّرُ بِهِ. اهـ. نِهَايَةُ عِبَارَةِ الْمُغْنِي لِمَنْ خَافَ بِهِ ضَرَرًا أَوْ فَوْتَ حَقٍّ، أَمَّا إذَا لَمْ يَخَفْ بِهِ فَوْتَ حَقٍّ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فَيَنْعَقِدُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ صِحَّةِ نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ رَمَضَانُ أَدَاءً وَقَضَاءً وَالْعِيدَانِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَكَفَّارَةٌ تَقَدَّمَتْ نَذْرَهُ فَإِنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ صَامَ عَنْهَا وَفَدَى عَنْ النَّذْرِ وَيَقْضِي فَائِتَ رَمَضَانَ ثُمَّ إنْ كَانَ فَوَاتُهُ بِلَا عُذْرٍ فَدَى عَنْ صَوْمِ النَّذْرِ وَلَا يُمْكِنُ قَضَاءُ مَا يُفْطِرُهُ مِنْ الدَّهْرِ فَلَوْ أَرَادَ وَلِيُّ الْمُفْطِرِ بِلَا عُذْرٍ الصَّوْمَ عَنْهُ حَيًّا لَمْ يَصِحَّ سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِهِ أَمْ لَا عَجَزَ أَمْ لَا فَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَسَفَرٍ وَمَرَضٍ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ سَفَرَ نُزْهَةٍ وَإِلَّا وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ. اهـ.
وَفِي الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ مِثْلُهُ إلَّا أَنَّهُ رَجَّحَ الِافْتِدَاءَ إذَا أَفْطَرَ فِي سَفَرِ النُّزْهَةِ (قَوْلُهُ: لَا لِعَارِضٍ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي وَشَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ وَإِلَى وِفَاقِهِمْ مَيْلُ كَلَامِ سم وَجَزَمَ بِهِ فَتْحُ الْمُعِينِ عِبَارَتُهُ وَكَالْمَعْصِيَةِ الْمَكْرُوهُ كَالصَّلَاةِ عِنْدَ الْقَبْرِ وَالنَّذْرِ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ أَوْلَادِهِ فَقَطْ. اهـ. وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ غَرَضٍ إلَخْ) حَالٌ مِنْ الْإِيثَارِ وَاحْتِرَازٌ عَمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إلَخْ وَقَوْلُهُ مَكْرُوهٌ خَبَرُ لِأَنَّ وَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ خَبَرُ وَقَوْلُ جَمْعٍ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ الْكَرَاهَةَ (قَوْلُهُ: لِأَمْرٍ عَارِضٍ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَازِمٌ لِلْإِيثَارِ الْمَذْكُورِ بِحَسَبِ الشَّأْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يَتِمُّ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الرَّدِّ.
(قَوْلُهُ: مَعَ حُرْمَتِهِ) قَدْ يُمْنَعُ إطْلَاقُ حُرْمَتِهِ. اهـ. سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ: وَلَوْ مَنَعَ الْمَرْأَةَ زَوْجُهَا مِنْ صَوْمِ الدَّهْرِ الْمَنْذُورِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِحَقٍّ سَقَطَ الصَّوْمُ عَنْهَا وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ كَأَنْ نَذَرَتْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَوْ كَانَ غَائِبًا عَنْهَا وَلَا تَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ فَلَا يَسْقُطُ الصَّوْمُ عَنْهَا وَعَلَيْهَا الْفِدْيَةُ إنْ لَمْ تَصُمْ وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ فَلَمْ تَصُمْ تَعَدِّيًا فَدَتْ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُوجَدُ) أَيْ: عَدَمُ الْعَدْلِ (قَوْلُهُ: حَالَ إعْطَاءِ الْأَوَّلِ) أَيْ: وَحَالَ النَّذْرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَنَتَجَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَيْسَتْ مُقَارِنَةً إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا يَضُرُّ عَدَمُ مُقَارَنَتِهَا فَإِنَّهَا فِي نَذْرِ الْمَكْرُوهَاتِ السَّابِقِ بُطْلَانُهُ غَيْرُ مُقَارِنَةٍ ضَرُورَةَ أَنَّ الْمَكْرُوهَ الْمَنْذُورُ وَلَا وُجُودَ لَهُ حِينَ النَّذْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَتَكَلُّفٌ) خَبَرُ وَحَمْلُهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: اخْتَلَفَ) إلَى قَوْلِهِ انْتَهَى فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ مَشَايِخُنَا) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَا دَامَ دَيْنُهُ) أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ فِي نَذْرِهِ مَا دَامَ مَبْلَغُ الْقَرْضِ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ دَفَعَ الْمُقْتَرِضُ شَيْئًا مِنْهُ بَطَلَ حُكْمُ النَّذْرِ لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ. اهـ. نِهَايَةٌ قَالَ ع ش: وَلَوْ دَفَعَ لِلْمُقْرِضِ مَالًا مُدَّةً وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ حَالَ الْإِعْطَاءِ أَنَّهُ عَنْ الْقَرْضِ أَوْ النَّذْرِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَى دَفْعَهُ عَنْ الْقَرْضِ قُبِلَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ اسْتَغْرَقَ الْقَرْضَ سَقَطَ حُكْمُ النَّذْرِ مِنْ حِينَئِذٍ وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِمُقْتَضَى النَّذْرِ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ذَكَرَ حَالَ الدَّفْعِ فَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ بَعْدُ أَنْ قَصَدَ غَيْرَهُ وَكَاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ عَنْ نَذْرِ الْقَرْضِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ كِتَابَةِ الْوُصُولَاتِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى أَنَّ الْمَأْخُوذَ عَنْ نَذْرِ الْمُقْرِضِ حَيْثُ اعْتَرَفَ حَالَ كِتَابَتِهَا أَوْ بَعْدَهَا بِمَا فِيهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِحُّ إلَخْ) وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى الْفَرْق بَيْنَ مَالِ الْيَتِيمِ وَغَيْرِهِ وَلَا وَجْهَ لَهُ أَيْ: الْفَرْقِ. اهـ. نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ إلَخْ) وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ حَيْثُ نَذَرَ لِمَنْ يَنْعَقِدُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: مَعَ حُرْمَتِهِ) قَدْ يُمْنَعُ إطْلَاقُ حُرْمَتِهِ. (قَوْلُهُ: فَنَتَجَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَيْسَتْ مُقَارِنَةً لِلنَّذْرِ) قَدْ يُقَالُ: لَا يَضُرُّ عَدَمُ مُقَارَنَتِهَا فَإِنَّهَا فِي نَذْرِ الْمَكْرُوهَاتِ السَّابِقِ بُطْلَانُهُ غَيْرُ مُقَارِنَةٍ ضَرُورَةِ أَنَّ الْمَكْرُوهَ الْمَنْذُورَ لَا وُجُودَ لَهُ حِينَ النَّذْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. .
(قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ) وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ حُدُوثِ نِعْمَةِ رِبْحِ الْقَرْضِ إلَخْ) وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَالِ الْيَتِيمِ وَغَيْرِهِ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ فِي نَذْرِهِ مَا دَامَ مَبْلَغُ الْقَرْضِ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ دَفَعَ الْمُقْتَرِضُ شَيْئًا مِنْهُ بَطَلَ حُكْمُ النَّذْرِ؛ لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ ش م ر.