مُسَارَعَةً لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ نَعَمْ إنْ عَرَضَ لَهُ مَا هُوَ أَهَمُّ كَسَفَرٍ يَشُقُّ فِيهِ الصَّوْمُ كَانَ التَّأْخِيرُ أَوْلَى ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمَ كَفَّارَةٍ سَبَقَتْ النَّذْرَ سُنَّ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي وَإِلَّا وَجَبَ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ (فَإِنْ قَيَّدَ بِتَفْرِيقٍ أَوْ مُوَالَاةٍ وَجَبَ) مَا قَيَّدَ بِهِ مِنْهُمَا عَمَلًا بِمَا الْتَزَمَهُ، أَمَّا الْمُوَالَاةُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا التَّفْرِيقُ فَلِأَنَّ الشَّارِعَ اعْتَبَرَهُ فِي صَوْمِ التَّمَتُّعِ فَإِنْ نَذَرَ عَشَرَةً مُفَرَّقَةً فَصَامَهَا وَلَاءً حُسِبَ لَهُ مِنْهَا خَمْسَةٌ (وَإِلَّا) يُقَيِّدْ بِتَفْرِيقٍ وَلَا مُوَالَاةَ (جَازَ) كُلٌّ مِنْهُمَا لَكِنَّ الْمُوَالَاةَ أَفْضَلُ.
(أَوْ) نَذَرَ صَوْمَ (سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ) كَسَنَةٍ كَذَا أَوْ سَنَةٍ مِنْ الْغَدِ أَوْ مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ أَوْ يَوْمِ كَذَا (صَامَهَا وَأَفْطَرَ الْعِيدَ) الْفِطْرَ وَالْأَضْحَى (وَالتَّشْرِيقَ) وُجُوبًا لِحُرْمَةِ صَوْمِهَا، وَالْمُرَادُ عَدَمُ نِيَّةِ صَوْمِ ذَلِكَ لَا تَعَاطِي مُفْطِرٍ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ (وَصَامَ رَمَضَانَ عَنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ (وَلَا قَضَاءَ) لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ صَوْمًا فَلَمْ تَدْخُلْ فِي نَذْرِهِ (وَإِنْ أَفْطَرَتْ لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ وَجَبَ الْقَضَاءُ فِي الْأَظْهَرِ) وَانْتَصَرَ لَهُ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِقَبُولِ زَمَنِهِمَا لِلصَّوْمِ فِي ذَاتِهِ فَوَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا لَوْ أَفْطَرَتْ رَمَضَانَ لِأَجْلِهِمَا (قُلْت الْأَظْهَرُ لَا يَجِبُ) الْقَضَاءُ (وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ أَيَّامَ أَحَدِهِمَا لَمَّا لَمْ تَقْبَلْ الصَّوْمَ، وَلَوْ لِعُرُوضِ ذَلِكَ الْمَانِعِ لَمْ يَشْمَلْهَا النَّذْرُ (وَإِنْ أَفْطَرَ يَوْمًا) مِنْهَا (بِلَا عُذْرٍ وَجَبَ قَضَاؤُهُ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ (وَلَا يَجِبُ اسْتِئْنَافُ سَنَةٍ) بَلْ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَضَاءِ مَا أَفْطَرَهُ؛ لِأَنَّ التَّتَابُعَ كَانَ لِلْوَقْتِ لَا لِكَوْنِهِ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ كَمَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَفْطَرَهَا كُلَّهَا لَمْ يَجِبْ الْوَلَاءُ فِي قَضَائِهَا وَيُتَّجَهُ وُجُوبُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَا تَعَدَّى بِفِطْرِهِ يَجِبُ قَضَاؤُهُ فَوْرًا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ مَا أَفْطَرَهُ بِعُذْرٍ فَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ نَعَمْ إنْ أَفْطَرَ لِعُذْرِ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمَتْنِ فِيهِمَا وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فِي الْمَرَضِ وَعَجِيبٌ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ الْمَتْنَ وَأَصْلَهُ ذَكَرَا وُجُوبَ الْقَضَاءِ فِي الْمَرَضِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ زَمَنَهُمَا يَقْبَلُ الصَّوْمَ فَشَمِلَهُ النَّذْرُ بِخِلَافِ نَحْوِ الْحَيْضِ فَإِنْ قُلْت: فَمَا مَحَلُّ قَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْأَعْذَارَ الْأُوَلَ ذَكَرَ أَنْ لَا قَضَاءَ فِيهَا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا عُذْرُ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ وَهُمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِهِمَا قُلْت لَا تَنْحَصِرُ الْأَعْذَارُ فِيمَا ذَكَرَ بَلْ مِنْهَا الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ فَلَا قَضَاءَ فِيهِمَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ وَالضَّابِطُ الْمَعْلُومُ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّ كُلَّ مَا قَبْلَ
ــ
[حاشية الشرواني]
أَيْ بِاللَّفْظِ فَلَوْ عَيَّنَهَا بِالنِّيَّةِ فَهَلْ تَتَعَيَّنُ فِيهِ نَظَرٌ وَمُقْتَضَى أَنَّ النَّذْرَ لَا يَلْزَمُ بِالنِّيَّةِ عَدَمُ التَّعَيُّنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا مِنْ التَّوَابِعِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي قَوْلِهِ فُرُوعٌ يَقَعُ لِبَعْضِ الْعَوَامّ إلَخْ وَفِي الِاعْتِكَافِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ اهـ سم (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ عَرَضَ إلَخْ) وَلَوْ خَشِيَ النَّاذِرُ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ الصَّوْمَ عَجَزَ عَنْهُ مُطْلَقًا إمَّا لِزِيَادَةِ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ لِهَرَمٍ لَزِمَهُ التَّعْجِيلُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُهَا) أَيْ: الْكَفَّارَةِ بِالصَّوْمِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْفَوْرِ أَيْ: بِأَنْ كَانَ سَبَبُهَا مَعْصِيَةً. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَجَبَ) أَيْ تَقْدِيمُهَا وَتَعْجِيلُهَا (قَوْلُهُ حُسِبَ لَهُ مِنْهَا خَمْسَةٌ) وَيَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ الْخَمْسَةُ الْأُخْرَى نَفْلًا لِلْجَاهِلِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ اُسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ تَخَلُّلَ النَّفْلِ بَيْنَ الْوَاجِبِ لَا يَمْنَعُ تَفْرِيقَهُ الْوَاجِبَ اهـ سم عِبَارَةُ ع ش وَوَقَعَتْ الْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ نَفْلًا مُطْلَقًا إنْ ظَنَّ إجْزَاءَهَا عَنْ النَّذْرِ فَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ إجْزَائِهَا عَنْهُ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي نَذْرِ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ مِنْ الْإِثْمِ وَعَدَمِ الصِّحَّةِ إلَخْ عَدَمُ الصِّحَّةِ هُنَا أَيْضًا. اهـ. .
(قَوْلُهُ: كَسَنَةِ كَذَا) أَيْ كَسَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ بَعْد أَلْفً وَمِائَتَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ أَوَّلِ شَهْرِ) بِلَا تَنْوِينٍ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَالتَّشْرِيقُ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تُقْبَلُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ لَوْ نَذَرَ صَوْمَهَا لَمْ يَنْعَقِد نَذْرُهُ فَإِذَا أَطْلَقَ لَا تَدْخُلُ فِي نَذْرِهِ. اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِنْ أَفْطَرَتْ) أَيْ: امْرَأَةٌ فِي سَنَةٍ نَذَرَتْ صِيَامَهَا. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ) أَيْ: قَضَاءُ زَمَنِ أَيَّامِهِمَا (تَنْبِيهٌ) .
الْإِغْمَاءُ فِي ذَلِكَ كَالْحَيْضِ مُغْنِي وَكَنْزٌ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ إلَخْ) وَلَوْ أَفْطَرَتْ بِجُنُونٍ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا جَزْمًا كَأَيَّامِ رَمَضَانَ كَنْزٌ اهـ سم (قَوْلُهُ: لَمْ يَشْمَلْهَا) أَيْ: النَّذْرُ الْمُطْلَقُ (قَوْلُهُ مِنْهَا) أَيْ: السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ (قَوْلُهُ: لَوْ أَفْطَرَهَا كُلَّهَا) أَيْ: السَّنَةِ الْمَنْذُورَةِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وُجُوبُهُ) أَيْ: الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إنَّ مَا تَعَدَّى إلَخْ) أَيْ: لَا مِنْ حَيْثُ الْإِجْزَاءُ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: لِعُذْرِ مَرَضٍ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَالرَّوْضِ وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ نَعَمْ إنْ أَفْطَرَ لِعُذْرِ سَفَرٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ أَوْ مَرَضٍ فَلَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ الْكِتَابِ وَلَا يَضُرُّ إطْلَاقُهُ الْعُذْرَ الشَّامِلَ لِلسَّفَرِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ خَرَجَ بِقَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ غَيْرُهُ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ سَفَرًا وَنَحْوَهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَوْ مَرَضًا فَلَا وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَرِدُ. اهـ. وَلَكِنْ نَظَرَ فِيهَا ع ش بِمَا نَصُّهُ: قَدْ يُشْكِلُ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ حَيْثُ أَفْطَرَ بِالْمَرَضِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ نَذَرَ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا فِي وَقْتٍ فَمَنَعَهُ مَرَضٌ وَجَبَ الْقَضَاءُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَسَوَّى حَجّ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا يَأْتِي. اهـ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمَتْنِ إلَخْ) وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلًا. اهـ. سم وَقَدْ مَرَّ مِثْلُهُ مَعَ زِيَادَةِ بَيَانٍ عَنْ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَعَجِيبٌ إلَخْ) مَرْجُوًّا بِهِ آنِفًا (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ وُجُوبُ الْقَضَاءِ لِإِفْطَارٍ فِي الْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ.
(قَوْلُهُ:
[حاشية ابن قاسم العبادي]
هَذَا مِنْ التَّوَابِعِ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْإِلْحَاقِ بِإِزَاءِ قَوْلِهِ: فُرُوعٌ يَقَعُ لِبَعْضِ الْعَوَامّ إلَخْ وَفِي بَابِ الِاعْتِكَافِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: حُسِبَ لَهُ مِنْهَا خَمْسَةٌ) وَيَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ الْخَمْسَةُ الْأُخْرَى نَفْلًا لِلْجَاهِلِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ اُسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ تَخَلُّلَ النَّفْلِ بَيْنَ الْوَاجِبِ لَا يَمْنَعُ تَفْرِيقَهُ الْوَاجِبَ
. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْطَرَتْ لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) قَالَ فِي الْكَنْزِ: أَوْ إغْمَاءٍ. (قَوْلُهُ: قُلْت الْأَظْهَرُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَلَوْ أَفْطَرَ بِجُنُونٍ لَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا جَزْمًا كَأَيَّامِ رَمَضَانَ. (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إنَّ مَا تَعَدَّى بِفِطْرِهِ إلَخْ) أَيْ: لَا مِنْ حَيْثُ الْإِجْزَاءُ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَفْطَرَ لِعُذْرِ مَرَضٍ إلَخْ) عَدَمُ الْقَضَاءِ فِي الْمَرَضِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَفْطَرَ لِعُذْرِ مَرَضٍ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ وم ر بِعَدَمِ الْقَضَاءِ فِي الْمَرَضِ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ إنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ، وَقَدْ مَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا: بَلْ الْأَصَحُّ فِيهِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي صَوْمِ الِاثْنَيْنِ. اهـ. ..
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute