للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ أَوْ جُزْءٍ مِنْ الْحَرَمِ فِي النَّذْرِ صَارَ مَوْضُوعًا شَرْعًا عَلَى الْتِزَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَمَنْ بِالْحَرَمِ يَصِحُّ نَذْرُهُ لَهُمَا فَيَلْزَمُهُ هُنَا أَحَدُهُمَا وَإِنْ نَذَرَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ الْمَسْجِدِ حَوْلَهَا

(فَإِنْ نَذَرَ الْإِتْيَانَ لَمْ يَلْزَمْهُ مَشْيٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ فَلَهُ الرُّكُوبُ

(وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ) إلَى الْحَرَمِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ (أَوْ) نَذَرَ (أَنْ يَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرَ مَاشِيًا فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمَشْيِ) مِنْ الْمَكَانِ الْآتِي بَيَانُهُ إلَى الْفَسَادِ أَوْ الْفَوَاتِ أَوْ فَرَاغِ التَّحَلُّلَيْنِ وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ رَمْيٌ بَعْدَهُمَا أَوْ فَرَاغُ جَمِيعِ أَرْكَانِ الْعُمْرَةِ وَلَهُ الرُّكُوبُ فِي حَوَائِجِهِ خِلَالَ النُّسُكِ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْمَشْيُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ جَعْلَهُ وَصْفًا لِلْعِبَادَةِ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا، وَكَوْنُ الرُّكُوبِ أَفْضَلَ لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَشْيَ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا وَهَذَا هُوَ الشَّرْطُ فِي النَّذْرِ، وَأَمَّا انْتِفَاءُ وُجُودِ أَفْضَلَ مِنْ الْمُلْتَزَمِ فَغَيْرُ شَرْطٍ اتِّفَاقًا فَانْدَفَعَ مَا لِلشَّارِحِ هُنَا وَعَجِيبٌ مِمَّنْ زَعَمَ التَّنَافِيَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَشْيِ مَقْصُودًا وَكَوْنِهِ مَفْضُولًا

وَفِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ عَلَى مَا فِيهِ: «مَنْ حَجَّ مَكَّةَ مَاشِيًا حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ سَبْعَمِائَةِ حَسَنَةٍ مِنْ حَسَنَاتِ الْحَرَمِ الْحَسَنَةُ بِمِائَةِ أَلْفِ حَسَنَةٍ» وَمَعَ كَوْنِ الرُّكُوبِ أَفْضَلَ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْمَشْيِ فَيَلْزَمُ بِهِ دَمُ تَمَتُّعٍ كَعَكْسِهِ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُتَغَايِرَانِ فَلَمْ يَجُزْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَذَهَبٍ عَنْ فِضَّةٍ وَعَكْسِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَنَذْرِ الصَّلَاةِ قَاعِدًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ الْقِيَامُ بِأَنَّ الْقِيَامَ أَوْ الْقُعُودَ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ الْمُلْتَزَمَةِ فَأَجْزَأَ الْفَاضِلُ عَنْ الْمَفْضُولِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ تَبَعًا وَالْمَشْيُ وَالرُّكُوبُ خَارِجَانِ عَنْ مَاهِيَّةِ الْحَجِّ وَسَبَبَانِ مُتَغَايِرَانِ إلَيْهِ مَقْصُودَانِ فَلَمْ يَجُزْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَأَيْضًا فَالْقِيَامُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَوُجِدَ الْمَنْذُورُ هُنَا بِزِيَادَةٍ وَلَا كَذَلِكَ فِي الرُّكُوبِ وَالذَّهَبِ مَثَلًا نَعَمْ يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ نَذَرَ شَاةً أَجْزَأَهُ بَدَلَهَا بَدَنَةٌ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ بَعْضَ الْبَدَنَةِ مُجْزِيًا عَنْ الشَّاةِ حَتَّى فِي نَحْوِ الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ فَإِجْزَاءُ كُلِّهَا أَوْلَى بِخِلَافِ الذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ وَعَكْسِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي نَحْوِ

ــ

[حاشية الشرواني]

صَارَ مَوْضُوعًا شَرْعًا عَلَى الْتِزَامِ حَجٍّ إلَخْ) فَلَا يُقَالُ هَذَا مَجَازٌ فَنُقَدِّمُ الْحَقِيقَةَ؛ لِأَنَّ هَذَا بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ وَلَوْ نُظِرَ إلَيْهِ لَلَزِمَ أَنْ لَا يَلْزَمَ فِي إتْيَانِ الْبَعِيدِ حَجٌّ وَلَا عُمْرَةٌ اهـ سم.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ بِالْحَرَمِ إلَخْ) مِنْ تَتِمَّةِ الْعِلَّةِ. (قَوْلُهُ: لَهُمَا) أَيْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا نَذَرَ إتْيَانَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَذَرَ ذَلِكَ إلَخْ) غَايَةٌ وَالْإِشَارَةُ إلَى إتْيَانِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. (قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ نَذَرَ الْإِتْيَانَ إلَخْ) أَيْ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ أَوْ الذَّهَابَ إلَيْهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ) إلَى قَوْلِهِ وَيُفَرَّقُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَانْدَفَعَ مَا لِشَارِحٍ هُنَا وَقَوْلُهُ: وَفِي خَبَرٍ إلَى وَمَعَ كَوْنِ الرُّكُوبِ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذُكِرَ

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ أَوْ أَنْ يَحُجَّ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْمَشْيِ حِينَ النَّذْرِ، أَمَّا الْعَاجِزُ فَلَا يَلْزَمُهُ مَشْيٌ وَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ مُغْنِي وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ الْأَسْنَى مَا نَصُّهُ وَظَاهِرُهُ انْعِقَادُ النَّذْرِ عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ مَشْيٌ اهـ. (قَوْلُهُ: الْآتِي بَيَانُهُ) أَيْ آنِفًا فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: إلَى الْفَسَادِ أَوْ الْفَوَاتِ) أَخْرَجَ مَا بَعْدَهُمَا وَسَيَأْتِي قُبَيْلَ الْمَتْنِ اهـ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ فَرَاغِ التَّحَلُّلَيْنِ) وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالْحَلْقِ وَالطَّوَافِ مَعَ السَّعْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ رَمْيٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَمِرَّ حَتَّى يَرْمِيَ وَيَبِيتَ؛ لِأَنَّهُمَا خَارِجَانِ مِنْ الْحَجِّ خُرُوجَ السَّلَامِ الثَّانِي اهـ. (قَوْلُهُ: رَمَى بَعْدَهُمَا) أَيْ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: فِي حَوَائِجِهِ) لِغَرَضِ تِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَشْيَ قُرْبَةٌ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مَقْصُودٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ إتْيَانًا لِلْحَرَمِ مَثَلًا اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الشَّرْطُ إلَخْ) أَيْ وَكَوْنُهُ قُرْبَةً مَقْصُودَةً فِي نَفْسِهَا هُوَ الشَّرْطُ فِي صِحَّةِ النَّذْرِ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ بِهِ) أَيْ بِالْمَشْيِ إذَا نَذَرَ الرُّكُوبَ. (قَوْلُهُ: كَعَكْسِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَرْعٌ

لَوْ نَذَرَ الرُّكُوبَ فَمَشَى لَزِمَهُ دَمٌ انْتَهَتْ فَانْظُرْ لَوْ سَافَرَ فِي سَفِينَةٍ هَلْ يَقُومُ مَقَامَ الرُّكُوبِ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ دَمٌ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَزِيدَ مُؤْنَةُ الرُّكُوبِ أَوْ تَعَبُهُ أَوْ لَا يَقُومَ مَقَامَهُ مُطْلَقًا اهـ سم أَقُولُ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ أَفْضَلِيَّةَ الرُّكُوبِ بِأَنَّ فِيهِ تَحَمُّلَ زِيَادَةِ مُؤْنَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: كَذَهَبٍ عَنْ فِضَّةٍ إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِأَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَأَجْزَأَ الْفَاضِلُ إلَخْ) فِعْلٌ فَفَاعِلٌ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ تَبَعًا) يُتَأَمَّلُ مَعَ قَوْلِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: إلَيْهِ) مُتَعَلِّقٌ بِسَبَبَانِ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُجْزِ أَحَدُهُمَا إلَخْ) أَيْ فِي الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ اهـ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَأَيْضًا فَالْقِيَامُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْقُعُودَ جَعْلُ النِّصْفِ الْأَعْلَى مُنْتَصِبًا وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْقِيَامِ مَعَ زِيَادَةٍ وَهِيَ انْتِصَابُ السَّاقَيْنِ وَالْفَخِذَيْنِ مَعَهُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: فِي الرُّكُوبِ) أَيْ عَنْ الْمَشْيِ وَقَوْلُهُ: وَالذَّهَبِ أَيْ عَنْ الْفِضَّةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَدَمِ إجْزَاءِ الرُّكُوبِ عَنْ الْمَشْيِ. (قَوْلُهُ: لَوْ نَذَرَ شَاةً) أَيْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ. (قَوْلُهُ: بَعْضُ الْبَدَنَةِ) وَهُوَ السُّبُعُ اهـ ع ش -

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذِكْرَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ أَوْ جَزْءٍ مِنْ الْحَرَمِ فِي النَّذْرِ صَارَ مَوْضُوعًا شَرْعًا عَلَى الْتِزَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِإِتْيَانِهِ الِاسْتِمْرَارَ فِيهِ فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ بِهَذِهِ الْإِرَادَةِ صَرَفَهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ شَرْعًا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا لِأَنَّ ذِكْرَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ أَوْ جَزْءٍ مِنْ الْحَرَمِ فِي النَّذْر صَارَ مَوْضُوعًا شَرْعًا عَلَى الْتِزَام حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) فَلَا يُقَالُ: هَذَا مَجَازٌ فَتُقَدَّمُ الْحَقِيقَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ، وَلَوْ نَظَرَ إلَيْهِ لَلَزِمَ أَنْ لَا يَلْزَمَ فِي إتْيَانِ الْبَعِيدِ حَجٌّ وَلَا عُمْرَةٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَذَرَ الْإِتْيَانَ لَمْ يَلْزَمْهُ مَشْيٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ فَلَهُ الرُّكُوبُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَرْعٌ لَوْ نَذَرَ الرُّكُوبَ فَمَشَى، لَزِمَهُ دَمٌ انْتَهَى فَانْظُرْ لَوْ سَارَ فِي سَفِينَةٍ هَلْ يَقُومُ مَقَامَ الرُّكُوبِ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ دَمٌ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَزِيدَ مُؤْنَةُ الرُّكُوبِ أَوْ نَفْسُهُ أَوْ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْمَشْيِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِهِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ حَالَةَ النَّذْرِ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَوْ أَمْكَنَهُ بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ انْتَهَى وَظَاهِرُهُ انْعِقَادُ النَّذْرِ عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ. (قَوْلُهُ: إلَى الْفَسَادِ أَوْ الْفَوَاتِ) أَخْرَجَ مَا بَعْدَهُمَا وَسَيَأْتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>