للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَصْحَابِ الْأَوْجُهِ مَعَ وُجُودِ أَفْضَلَ مِنْهُ، لَكِنْ فِي الرَّوْضَةِ لَيْسَ لِمُفْتٍ وَعَامِلٍ عَلَى مَذْهَبِنَا فِي مَسْأَلَةٍ ذَاتِ قَوْلَيْنِ، أَوْ وَجْهَيْنِ أَنْ يَعْتَمِدَ أَحَدَهُمَا بِلَا نَظَرٍ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ بَلْ يَبْحَثُ عَنْ أَرْجَحِهِمَا بِنَحْوِ تَأَخُّرِهِ إنْ كَانَا لِوَاحِدٍ. اهـ. وَنَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ لَكِنْ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْمُفْتِي، وَالْقَاضِي؛ لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ تَقْلِيدِ غَيْرِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ بِشَرْطِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِمُسَاوَاةِ الْعَامِلِ لِلْمُفْتِي فِي ذَلِكَ فَالْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى عَامِلٍ مُتَأَهِّلٍ لِلنَّظَرِ فِي الدَّلِيلِ وَعِلْمِ الرَّاجِحِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ عَنْ الْهَرَوِيِّ وَمَا يَأْتِي عَنْ فَتَاوَى السُّبْكِيّ؛ لِأَنَّهُ فِي عَامِّيٍّ لَا يَتَأَهَّلُ لِذَلِكَ.

وَإِطْلَاقُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ مَنْ لِإِمَامِهِ فِي مَسْأَلَةٍ قَوْلَانِ لَهُ تَقْلِيدُهُ فِي أَيِّهِمَا أَحَبَّ يَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ وَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْخُطْبَةِ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ مَفْرُوضٌ كَمَا تَرَى فِيمَا إذَا كَانَا لِوَاحِدٍ، وَإِلَّا تَخَيَّرَ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ تَرْجِيحَ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ قَائِلِهِ الْأَهْلِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ أَيْضًا: اخْتِلَافُ الْمُتَبَحِّرَيْنِ كَاخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدَيْنِ فِي الْفَتْوَى.

وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَرْجَحَ التَّخْيِيرُ فِيهِمَا فِي الْعَمَلِ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِجَوَازِ تَقْلِيدِ الْمَرْجُوحِ قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ فِي مُقَلِّدِ مُصَحِّحِ الدَّوْرِ فِي السُّرَيْجِيَّةِ لَا يَأْثَمُ، وَإِنْ كُنْت لَا أُفْتِي بِصِحَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْفُرُوعَ الِاجْتِهَادِيَّةَ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهَا. وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: يَمْتَنِعُ التَّقْلِيدُ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ فِيهَا: يُنْقَضُ قَضَاءُ الْقَاضِي بِصِحَّةِ الدَّوْرِ. وَمَرَّ أَنَّ مَا يُنْقَضُ لَا يُقَلَّدُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ يَنْقُضُهُ يَمْنَعُ تَقْلِيدَهُ وَمَنْ لَا يَنْقُضُهُ يُجَوِّزُ تَقْلِيدَهُ. وَفِي فَتَاوَى السُّبْكِيّ يَتَخَيَّرُ الْعَامِلُ فِي الْقَوْلَيْنِ أَيْ: إذَا لَمْ يَتَأَهَّلْ لِلْعِلْمِ بِأَرْجَحِهِمَا كَمَا مَرَّ، وَلَا وَجَدَ مَنْ يُخْبِرُهُ بِهِ، لَكِنْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْخُطْبَةِ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ مَا يُخَالِفُ بَعْضَ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ

ــ

[حاشية الشرواني]

فَكَاخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ: لَكِنْ الْمَشْهُورُ إلَخْ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: مِنْ أَصْحَابِ الْأَوْجُهِ) كَذَا كَانَ فِي أَصْلِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، ثُمَّ أُصْلِحَ بِالْوُجُوهِ وَلَيْسَ بِضَرُورِيٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْقَضِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: فِيهِ الْإِجْمَاعُ) أَيْ: فِي وُجُوبِ الْبَحْثِ عَنْ الْأَرْجَحِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ حَمَلَهُ إلَخْ) أَيْ: كَلَامَ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: مِنْ جَوَازِ تَقْلِيدِ غَيْرِ الْأَئِمَّةِ إلَخْ) أَيْ: فِي الْعَمَلِ لِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ: فِي الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَرِيحٌ بِمُسَاوَاةِ الْعَامِلِ إلَخْ) أَيْ: فَإِنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِمُفْتٍ وَعَامِلٍ إلَخْ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ: وُجُوبِ الْبَحْثِ. (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ عَنْ الْهَرَوِيِّ إلَخْ) أَيْ: مِنْ تَخَيُّرِ الْعَامِّيِّ فِي الْوَجْهَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَمَا يَأْتِي إلَخْ) أَيْ: آنِفًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) كُلٌّ مِمَّا مَرَّ، وَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: إطْلَاقُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) أَيْ: الشَّامِلُ لِلْمُتَأَهِّلِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: يَرُدُّهُ إلَخْ) هَلَّا قَالَ: يُحْمَلُ عَلَى عَامِّيٍّ غَيْرِ مُتَأَهِّلٍ لِلنَّظَرِ. (قَوْلُهُ: مَا تَقَرَّرَ) أَيْ: كَلَامِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورِ مَعَ قَوْلِهِ: فَالْوَجْهُ حَمْلُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى وَإِطْلَاقُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مَفْرُوضٌ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَلْ قَوْلُهَا إنْ كَانَ لِوَاحِدٍ فِيهِ نَوْعُ إشْعَارٍ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِمَا أَيْ: الْوَجْهَيْنِ وَلَوْ لِمُتَعَدِّدٍ فَتَدَبَّرْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ كَانَا لِمُتَعَدِّدٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: إلَخْ) أَيْ: قَوْلُ صَاحِبِ الرَّوْضَةِ أَقُولُ: قَدْ سَبَقَ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ تَقْيِيدُ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ بِجَهْلِ الْمُسْتَفْتِي اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمَا بِزِيَادَةِ عِلْمٍ، أَوْ وَرَعٍ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ سَبَقَ) أَيْ: فِي أَوَّلِ الْفُرُوعِ. (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ: الْمُجْتَهِدَيْنِ. (قَوْلُهُ: فِي الْعَمَلِ) أَخْرَجَ الْفَتْوَى، وَالْحُكْمَ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: فِي مُقَلِّدِ مُصَحِّحِ إلَخْ) بِالْإِضَافَةِ وَقَوْلُهُ: لَا يَأْثَمُ إلَخْ مَقُولُ الْبُلْقِينِيِّ. (قَوْلُهُ: بِصِحَّتِهِ) أَيْ: الدَّوْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ: قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ. (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) أَيْ: مَسْأَلَةِ صِحَّةِ الدَّوْرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ: فِي أَوَّلِ الْفُرُوعِ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ: فَالْوَجْهُ حَمْلُهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِ مَا يُخَالِفُ إلَخْ) وَمِمَّا يُخَالِفُهُ كَلَامُ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَأَهَّلْ لِلْعِلْمِ بِالرَّاجِحِ وَلَا وُجِدَ مَنْ يُخْبِرُهُ يَتَوَقَّفُ وَلَا يَتَخَيَّرُ حَيْثُ قَالَ هُنَا: وَلَيْسَ لَهُ أَيْ: لِكُلٍّ مِنْ الْعَامِلِ، وَالْمُفْتِي كَمَا فِي شَرْحِهِ الْعَمَلُ، وَالْفَتْوَى بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، أَوْ الْوَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى أَنْ قَالَ: فَإِنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّرْجِيحِ، أَوْ التَّخْرِيجِ اسْتَقَلَّ بِهِ مُتَعَرِّفًا ذَلِكَ مِنْ الْقَوَاعِدِ، وَالْمَآخِذِ وَإلَّا تَلَقَّاهُ مِنْ نَقَلَةِ الْمَذْهَبِ فَإِنْ عَدِمَ التَّرْجِيحَ أَيْ: بِأَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ بِطَرِيقٍ تَوَقَّفَ أَيْ: حَتَّى يُحَصِّلَهُ إلَى أَنْ قَالَ: فَإِنْ اخْتَلَفُوا أَيْ: الْأَصْحَابُ فِي الْأَرْجَحِ وَلَمْ يَكُنْ أَيْ: كُلٌّ مِنْ الْعَامِلِ، وَالْمُفْتِي أَهْلًا لِلتَّرْجِيحِ اُعْتُمِدَ مَا صَحَّحَهُ الْأَكْثَرُ فَالْأَعْلَمُ، وَإِلَّا أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُصَحِّحُوا شَيْئًا تَوَقَّفَ. اهـ. وَلَا يَخْفَى مُخَالَفَةُ هَذَا لِإِطْلَاقِ الْهَرَوِيِّ السَّابِقِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: تَلَقَّاهُ وَالْأَصَحُّ مِنْ نَقَلَةِ الْمَذْهَبِ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَلَفُوا وَلَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّرْجِيحِ شَامِلٌ لِلْعَامِّيِّ إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْصُورًا فِيهِ وَلَمْ يُخَيِّرْهُ بَلْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ تَعَرُّفَ الرَّاجِحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ الْهَرَوِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَحِّرِينَ فِي غَيْرِ التَّرْجِيحِ أَوْ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي غَيْرِ الْعَامِّيِّ الصِّرْفِ وَمُخَالَفَتُهُ لِحَمْلِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ: فَالْوَجْهُ حَمْلُ إلَخْ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَهِّلِ تَعَرُّفَ الرَّاجِحِ وَمُخَالَفَتَهُ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّخْيِيرِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي غَيْرِ التَّرْجِيحِ مَعَ التَّسَاوِي عِنْدَهُ، أَوْ عَلَى الْمُتَسَاوِيَيْنِ فِيهِ عِنْدَهُ وَعَنْ السُّبْكِيّ مِنْ جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْمَرْجُوحِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

عَنْهُ أَقْوَالٌ إلَخْ زَادَ الْمَحَلِّيُّ عَقِبَ الْعَامِّيِّ مَا نَصُّهُ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ انْتَهَى. وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ إلَخْ هَذَا فِي الْعَامِّيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ عَنْ الْهَرَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ فِي عَامِّيٍّ إلَخْ. فَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ السَّابِقَ: وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا اعْتِقَادُ أَرْجَحِيَّةِ مُقَلَّدِهِ إلَخْ شَامِلٌ لِلْعَامِّيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ كَوْنَهُ عَامِّيًّا إلَخْ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُمْنَعُ قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ إلَخْ وَيُقَالُ: بَلْ قَضِيَّتُهُ مَنْعُ ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَكَاخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدَيْنِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ: لَكِنْ الْمَشْهُورُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ) أَيْ: كَلَامَ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِمُسَاوَاةِ الْعَامِلِ لِلْمُفْتِي إلَخْ) أَيْ: فَإِنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِمُفْتٍ وَعَامِلٍ صَاحِبُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: فِي الْعَمَلِ) أَخْرَجَ الْفَتْوَى، وَالْحُكْمَ. (قَوْلُهُ: وَعَنْ غَيْرِهِ مَا يُخَالِفُ بَعْضَ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ) وَمِمَّا يُخَالِفُهُ كَلَامُ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>