للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ تَشَبُّهٍ وَتَغْرِيرٍ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ السُّبْكِيُّ: إذَا قَصَدَ بِهِ الْمُفْتِي مَصْلَحَةً دِينِيَّةً جَازَ أَيْ: مَعَ تَبْيِينِهِ لِلْمُسْتَفْتِي قَائِلَ ذَلِكَ. وَعَلَى مَا اخْتَلَّ فِيهِ شَرْطٌ مِمَّا ذُكِرَ يُحْمَلُ قَوْلُ السُّبْكِيّ: مَا خَالَفَ الْأَرْبَعَةَ كَمُخَالِفِ الْإِجْمَاعِ. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا اعْتِقَادُ أَرْجَحِيَّةِ مُقَلَّدِهِ، أَوْ مُسَاوَاتِهِ لِغَيْرِهِ لَكِنْ الْمَشْهُورُ الَّذِي رَجَّحَاهُ جَوَازُ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ كَوْنَهُ عَامِّيًّا جَاهِلًا بِالْأَدِلَّةِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّلِيلِ لِحُصُولِهِ بِالتَّسَامُحِ وَنَحْوِهِ قَالَ الْهَرَوِيُّ: مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْعَامِّيَّ لَا مَذْهَبَ لَهُ أَيْ: مُعَيَّنٌ يَلْزَمُهُ الْبَقَاءُ عَلَيْهِ وَحَيْثُ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ مُتَبَحِّرَانِ أَيْ: فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ فَكَاخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدَيْنِ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ: مِمَّا يَأْتِي) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ قَوْلَهُ: لَكِنْ فِي الرَّوْضَةِ إلَى فَلَا يُنَافِي وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحَاكِمِ لَا يَجُوزُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَحْضُ تَشَبُّهٍ إلَخْ) كَيْفَ ذَلِكَ مَعَ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ.

اهـ. سم وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الشُّرُوطَ الْمَذْكُورَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْعَمَلِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: إذَا قَصَدَ بِهِ) أَيْ: بِالْإِفْتَاءِ بِمَذْهَبِ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ بَلْ غَيْرِ إمَامِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ مَعَ تَبْيِينِهِ لِلْمُسْتَفْتِي قَائِلِ ذَلِكَ) أَيْ: لِيُقَلِّدَهُ فَيَكُونُ قَوْلُ الْمُفْتِي حِينَئِذٍ إرْشَادًا لَا إفْتَاءً. (قَوْلُهُ: كَمُخَالِفِ الْإِجْمَاعِ) خَبَرُ مَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ الْمَشْهُورُ الَّذِي رَجَّحَاهُ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَيَعْمَلُ أَيْ: الْمُسْتَفْتِي بِفَتْوَى عَالِمٍ مَعَ وُجُودِ أَعْلَمَ مِنْهُ جَهِلَهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ بِأَنْ اعْتَقَدَهُ أَعْلَمَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْدُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ الْأَعْلَمِ إذَا جَهِلَ اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمَا بِزِيَادَةِ عِلْمٍ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ اخْتَلَفَا أَيْ: الْمُفْتِيَانِ جَوَابًا وَصِفَةً وَلَا نَصَّ أَيْ: مِنْ كِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ قَدَّمَ الْأَعْلَمَ وَكَذَا إذَا اعْتَقَدَ أَحَدَهُمَا أَعْلَمَ، أَوْ أَوْرَعَ أَيْ: قَدَّمَ مَنْ اعْتَقَدَهُ أَعْلَمَ، أَوْ أَوْرَعَ، وَيُقَدَّمُ الْأَعْلَمُ عَلَى الْأَوْرَعِ انْتَهَى. فَانْظُرْ هَلْ يُخَالِفُ ذَلِكَ إطْلَاقَ جَوَازِ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَرْجَحَ التَّخْيِيرُ فِيهِمَا إلَخْ؟ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْإِطْلَاقَ الْمَذْكُورَ يُقَيَّدُ بِذَلِكَ كَمَا يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَلَا وَجَدَ مَنْ يُخْبِرُهُ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ: اشْتِرَاطَ الِاعْتِقَادِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْهَرَوِيُّ إلَخْ) بَيَّنَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي رِسَالَةِ التَّقْلِيدِ أَنَّ مُقْتَضَى الرَّوْضَةِ تَرْجِيحُ مَا نَقَلَهُ الْهَرَوِيُّ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: لَا مَذْهَبَ لَهُ) لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ لَهُ تَرْكَ التَّقْلِيدِ مُطْلَقًا بَلْ مَعْنَاهُ مَا عَبَّرَ عَنْهُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ بِقَوْلِهِ: فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِيمَا يَقَعُ لَهُ بِهَذَا الْمَذْهَبِ تَارَةً وَبِغَيْرِهِ أُخْرَى وَهَكَذَا انْتَهَى وَعِبَارَةُ السَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ فَيُقَلِّدُ وَاحِدًا فِي مَسْأَلَةٍ وَآخَرَ فِي أُخْرَى اهـ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: أَيْ: مُعَيَّنٌ إلَخْ. اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: أَيْ: مُعَيَّنٌ يَلْزَمُهُ الْبَقَاءُ إلَخْ) لَا يُقَالُ: هَذَا لَا يَخُصُّ الْعَامِّيَّ؛ لِأَنَّ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْفُقَهَاءِ جَوَازُ الِانْتِقَالِ وَلَوْ بَعْدَ الْعَمَلِ فَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ مَنْعُ مَا نَقَلَهُ الْهَرَوِيُّ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ، أَوْ نَقُولُ: غَيْرُ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِثْلُ الْعَامِّيِّ فِي ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ اخْتَلَفَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَاخْتِلَافُ الْمُفْتِيَيْنِ فِي حَقِّ الْمُسْتَفْتِي كَاخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدَيْنِ فِي حَقِّ الْمُقَلِّدِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُقَلِّدُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فَلِلْمُسْتَفْتِي ذَلِكَ عَلَى مَا يَأْتِي. اهـ. وَأَرَادَ بِمَا يَأْتِي مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ سم عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ إلَخْ) هَذَا فِي الْعَامِّيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: الْآتِي فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ عَنْ الْهَرَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ فِي عَامِّيٍّ إلَخْ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ السَّابِقَ: وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا اعْتِقَادُ أَرْجَحِيَّةِ مُقَلَّدِهِ إلَخْ شَامِلٌ لِلْعَامِّيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ كَوْنَهُ عَامِّيًّا إلَخْ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يَمْنَعُ قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ إلَخْ، وَيُقَالُ بَلْ قَضِيَّتُهُ مَعَ ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَحْضُ تَشَهٍّ وَتَغْرِيرٍ) كَيْفَ ذَلِكَ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ؟ (قَوْلُهُ: لَكِنْ الْمَشْهُورُ الَّذِي رَجَّحَهُ جَوَازُ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ) فِي الرَّوْضِ وَيَعْمَلُ أَيْ: الْمُسْتَفْتِي بِفَتْوَى عَالِمٍ مَعَ وُجُودِ أَعْلَمَ مِنْهُ جَهِلَهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ بِأَنْ اعْتَقَدَهُ أَعْلَمَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْدُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ الْأَعْلَمِ إذَا جَهِلَ اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمَا بِزِيَادَةِ عِلْمٍ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ اخْتَلَفَا أَيْ: الْمُفْتِيَانِ جَوَابًا وَصِفَةً وَلَا نَصَّ قُدِّمَ الْأَعْلَمُ، وَكَذَا إذَا اعْتَقَدَ أَحَدَهُمَا أَعْلَمَ، أَوْ أَوْرَعَ أَيْ: قَدَّمَ مَنْ اعْتَقَدَهُ أَعْلَمَ، أَوْ أَوْرَعَ وَيُقَدِّمُ الْأَعْلَمَ عَلَى الْأَوْرَعِ انْتَهَى. فَانْظُرْ هَلْ يُخَالِفُ ذَلِكَ إطْلَاقَهُ جَوَازَ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ الْآتِي فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَرْجَحَ التَّخْيِيرُ فِيهِمَا فِي الْعَمَلِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الْهَرَوِيُّ: مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْعَامِّيَّ إلَخْ) بَيَّنَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي رِسَالَةِ التَّقْلِيدِ أَنَّ مُقْتَضَى الرَّوْضَةِ تَرْجِيحُ مَا نَقَلَهُ الْهَرَوِيُّ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لَا مَذْهَبَ لَهُ) لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ لَهُ تَرْكَ التَّقْلِيدِ مُطْلَقًا بَلْ مَعْنَاهُ مَا عَبَّرَ بِهِ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ بِقَوْلِهِ: فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِيمَا يَقَعُ لَهُ بِهَذَا الْمَذْهَبِ تَارَةً وَبِغَيْرِهِ أُخْرَى وَهَكَذَا انْتَهَى. وَعِبَارَةُ السَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ فَيُقَلِّدُ وَاحِدًا فِي مَسْأَلَةٍ وَآخَرَ فِي أُخْرَى انْتَهَى. وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: أَيْ: مُعَيَّنٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ: مُعَيَّنٌ يَلْزَمُهُ الْبَقَاءُ عَلَيْهِ) لَا يُقَالُ: هَذَا لَا يَخُصُّ الْعَامِّيَّ؛ لِأَنَّ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْفُقَهَاءِ جَوَازُ الِانْتِقَالِ، وَلَوْ بَعْدَ الْعَمَلِ فَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ مَنْعُ مَا نَقَلَهُ الْهَرَوِيُّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ، أَوْ نَقُولُ: غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِثْلُ الْعَامِّيِّ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ عَطْفًا عَلَى مَعْمُولِ الْأَصَحِّ: وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْعَامِّيِّ الْتِزَامُ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ ثَمَّ فِي خُرُوجِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>