للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَذْرَعِيُّ اخْتِيَارَهُ أَنَّ الْإِغْمَاءَ لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّهُ مَرَضٌ لَا يَقْدَحُ فِي النُّبُوَّةِ أَيْضًا وَمِمَّا يَرُدُّ عَلَيْهِمَا أَنَّ الْمَلْحَظَ هُنَا غَيْرُهُ ثَمَّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. ثُمَّ رَأَيْته فِي الْقُوتِ أَشَارَ لِهَذَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَمَى نَبِيٍّ كَمَا حُقِّقَ فِي مَوْضِعِهِ. وَمَرَّ رَدُّ الِاسْتِدْلَالِ بِقِصَّةِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَلَوْ عَمِيَ بَعْدَ ثُبُوتِ أَمْرٍ عِنْدَهُ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْحُكْمُ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى إشَارَةٍ نَفَذَ حُكْمُهُ بِهِ.

(وَكَذَا لَوْ فَسَقَ) أَوْ زَادَ فِسْقُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ مُوَلِّيهِ بِفِسْقِهِ الْأَصْلِيِّ، أَوْ الزَّائِدِ حَالَ تَوْلِيَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِوُجُودِ الْمُنَافِي هَذَا إنْ قُلْنَا: لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ جَزْمًا، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ التَّكْرَارِ فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلِانْعِزَالِ لَا لِنُفُوذِ الْحُكْمِ. وَلَا نَظَرَ لِفَهْمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ النُّفُوذِ عَدَمُ الْوِلَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ: (فَإِنْ زَالَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ لَمْ تَعُدْ وِلَايَتُهُ فِي الْأَصَحِّ) إلَّا بِتَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ كَالْوَكَالَةِ وَلِأَنَّ مَا بَطَلَ لَا يَعُودُ إلَّا بِتَجْدِيدِ عَقْدِهِ.

(وَلِلْإِمَامِ) أَيْ: يَجُوزُ لَهُ (عَزْلُ قَاضٍ) لَمْ يَتَعَيَّنْ (ظَهَرَ مِنْهُ خَلَلٌ) لَا يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ كَكَثْرَةِ الشَّكَاوَى مِنْهُ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ ضَعُفَ، أَوْ زَالَتْ هَيْبَتُهُ فِي الْقُلُوبِ وَذَلِكَ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ، أَمَّا ظُهُورُ مَا يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ، فَإِنْ ثَبَتَ انْعَزَلَ وَلَمْ يَحْتَجْ لِعَزْلٍ، وَإِنْ ظَنَّ بِقَرَائِنَ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ، وَيُحْتَمَلُ فِيهِ نَدْبُ عَزْلِهِ. وَإِطْلَاقُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبَ صَرْفِهِ عِنْدَ كَثْرَةِ الشَّكَاوَى مِنْهُ اخْتِيَارٌ لَهُ (أَوْ لَمْ يَظْهَرْ) مِنْهُ خَلَلٌ (وَهُنَاكَ أَفْضَلُ مِنْهُ) فَلَهُ عَزْلُهُ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ مِمَّا يَأْتِي فِي الْمِثْلِ

؛ رِعَايَةً لِلْأَصْلَحِ لِلْمُسْلِمِينَ

، وَلَا يَجِبُ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ وِلَايَةَ الْمَفْضُولِ لَا تَنْعَقِدُ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ حُدُوثُ الْأَفْضَلِ بَعْدَ الْوِلَايَةِ فَلَمْ يَقْدَحْ فِيهَا (أَوْ) هُنَاكَ (مِثْلُهُ) ، أَوْ دُونَهُ (وَفِي عَزْلِهِ بِهِ مَصْلَحَةٌ كَتَسْكِينِ فِتْنَةٍ) ؛ لَمَا فِيهِ مِنْ

الْمَصْلَحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ

(وَإِلَّا) يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ (فَلَا) يَجُوزُ عَزْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَتَصَرُّفُ الْإِمَامِ يُصَانُ عَنْهُ.

وَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْمَصْلَحَةِ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ مَعَهَا: وَلَيْسَ فِي عَزْلِهِ فِتْنَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تَتِمُّ الْمَصْلَحَةُ إلَّا إذَا انْتَفَتْ الْفِتْنَةُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ شَارِحٍ: لَا يُغْنِي عَنْهُ فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ مَصْلَحَةً مِنْ وَجْهٍ وَمَفْسَدَةً مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. (لَكِنْ) مَعَ الْإِثْمِ عَلَى الْمُوَلِّي، وَالْمُتَوَلِّي

ــ

[حاشية الشرواني]

وَهُوَ الْمَوْجُودُ الْيَوْمَ غَالِبًا فَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا، أَوْ يُشْبِهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ لَهُ أَدْنَى تَغَفُّلٍ وَنَحْوُهُ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ لِانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِ فَيَقْدَحُ فِي وِلَايَتِهِ مَا عَسَاهُ يُغْتَفَرُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الِاحْتِجَاجِ الْمَذْكُورِ.

(قَوْلُهُ: أَشَارَ لِهَذَا) أَيْ: لِمُغَايَرَةِ الْمَلْحَظِ فِي الْمَقَامَيْنِ. (قَوْلُهُ: لَا يُحْتَاجُ مَعَهُ إلَى إشَارَةٍ) أَيْ: بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ بِأَنْ كَانَا مَعْرُوفَيْ الِاسْمِ، وَالنَّسَبِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ زَادَ فِسْقُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِفِسْقِهِ الْأَصْلِيِّ إلَخْ) أَيْ: وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ لَمْ يُوَلِّهِ مَعَ ذَلِكَ. اهـ. سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَمَحَلُّ ذَلِكَ أَيْ: مَا فِي الْمَتْنِ فِي غَيْرِ قَاضِي الضَّرُورَةِ أَمَّا هُوَ إذَا وَلَّاهُ ذُو شَوْكَةٍ، وَالْقَاضِي فَاسِقٌ فَزَادَ فِسْقُهُ فَلَا يَنْعَزِلُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: أَوْ الرَّائِدِ إلَخْ عِبَارَةُ م ر فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى شَرْحِ الرَّوْضِ نَصُّهَا وَيَظْهَرُ لِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ مَا طَرَأَ عَلَيْهِ لَوْ عَلِمَ بِهِ مُسْتَنِيبُهُ لَمْ يَعْزِلْهُ بِسَبَبِهِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى وِلَايَتِهِ، وَإِلَّا فَلَا. اهـ. (قَوْلُهُ: حَالَ تَوْلِيَتِهِ) ظَرْفٌ لِيَعْلَمْ. (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الْمُنَافِي) إلَى قَوْلِهِ: أَوْ ظَنَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَا نَظَرَ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: الْخِلَافُ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْوَجْهَانِ إذَا قُلْنَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا لَا يَنْعَزِلُ إلَخْ) أَيْ: عَلَى الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ: قَوْلِهِ: هَذَا إنْ قُلْنَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا ذَكَرَهُ) أَيْ: طُرُوُّ الْفِسْقِ. (قَوْلُهُ: لَا لِنُفُوذِ الْحُكْمِ) الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمُغْنِي لَا لِعَدَمِ نُفُوذِ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ لِفَهْمِ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ التَّكْرَارَ يُعْتَبَرُ فِيهِ خُصُوصُ مَا تَقَدَّمَ وَلَا يَكْفِي فِيهِ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ السِّيَاقِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا تَقَدَّمَ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالْفَهْمِ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي تَعُودُ كَالْأَبِ إذَا جُنَّ ثُمَّ أَفَاقَ، أَوْ فَسَقَ، ثُمَّ تَابَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَمِثْلُ الْأَبِ فِي هَذَا الْحُكْمِ الْجَدُّ، وَالْحَاضِنَةُ، وَالنَّاظِرُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي (تَنْبِيهٌ)

لَوْ زَالَتْ أَهْلِيَّةُ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ، ثُمَّ عَادَتْ فَإِنْ كَانَ نَظَرُهُ مَشْرُوطًا فِي أَصْلِ الْوَقْفِ عَادَتْ وِلَايَتُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ لِقُوَّتِهِ؛ إذْ لَيْسَ لِأَحَدٍ عَزْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا تَعُودُ إلَّا بِتَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ ضَعُفَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: ظَهَرَ مِنْهُ خَلَلٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّ إلَخْ) خِلَافًا لِإِطْلَاقِ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ، أَمَّا ظُهُورُ خَلَلٍ يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ فَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى عَزْلٍ لِانْعِزَالِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَالْأَوَّلِ) وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَلِلْإِمَامِ عَزْلُ قَاضٍ إلَخْ فَيَجُوزُ عَزْلُهُ. اهـ. ع ش، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ قَوْلُ الشَّارِحِ، أَمَّا ظُهُورُ مَا يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ إلَخْ كَمَا يُفِيدُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي آنِفًا (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَيَكْفِي فِيهِ أَيْ: ظُهُورِ الْخَلَلِ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَمِنْ الظَّنِّ كَثْرَةُ الشَّكَاوَى مِنْهُ بَلْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إذَا كَثُرَتْ الشَّكَاوَى مِنْهُ وَجَبَ عَزْلُهُ انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وُجُوبَ صَرْفِهِ) أَيْ: عَزْلِهِ عَنْ الْوِلَايَةِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: اخْتِيَارٌ لَهُ) خَبَرُ وَإِطْلَاقُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْهُ خَلَلٌ) إلَى قَوْلِهِ: وَاسْتَغْنَى فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَرْضَ إلَخْ) يَنْبَغِي عَلَى الْأَصَحِّ أَنْ لَا يُحْتَاجَ لِكَوْنِ الْفَرْضِ ذَلِكَ. اهـ. سم. (قَوْلُ الْمَتْنِ: بِهِ) أَيْ: الْمِثْلِ يَعْنِي لِأَجْلِ نَصْبِهِ قَاضِيًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ (قَوْلُهُ: عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إلَخْ) أَيْ: الْمُحَرَّرِ عِبَارَتُهُ: أَوْ مِثْلُهُ وَفِي عَزْلِهِ بِهِ مَصْلَحَةٌ وَلَيْسَ فِي عَزْلِهِ فِتْنَةٌ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مَعَهَا) أَيْ: الْمَصْلَحَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي عَزْلِهِ فِتْنَةٌ مَقُولُ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: قَوْلُ الشَّارِحِ إلَخْ) وَافَقَهُ الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: لَا يُغْنِي) أَيْ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفِي عَزْلِهِ بِهِ مَصْلَحَةٌ عَنْهُ أَيْ: عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَيْسَ فِي عَزْلِهِ فِتْنَةٌ. (قَوْلُهُ: مَعَ الْإِثْمِ) إلَى قَوْلِهِ وَلِلْمُسْتَخْلِفِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُوَلِّيهِ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُوَلِّي) أَيْ: السُّلْطَانِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَالْمُتَوَلِّي) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ سَعَى فِي الْعَزْلِ وَلَوْ بِمُجَرَّدِ الطَّلَبِ، وَإِلَّا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

نَعَمْ إنْ كَانَ ذَهَابُ الضَّبْطِ يُنَافِي أَهْلِيَّةَ الِاجْتِهَادِ ظَهَرَ التَّقْيِيدُ. (قَوْلُهُ: أَوْ الزَّائِدِ حَالَ تَوْلِيَتِهِ) أَيْ: وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ لَمْ يُوَلِّهِ مَعَ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفَرْضَ حُدُوثُ الْأَفْضَلِ) يَنْبَغِي عَلَى الْأَصَحِّ أَنْ لَا يُحْتَاجَ لِكَوْنِ الْفَرْضِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ مَعَ الْإِثْمِ عَلَى الْمُوَلِّي، وَالْمُتَوَلِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>