حُكْمِهِ: (حَكَمْت بِكَذَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَ الْحُكْمِ حِينَئِذٍ (فَإِنْ شَهِدَ) وَحْدَهُ (أَوْ مَعَ آخَرَ بِحُكْمِهِ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ. وَفَارَقَ الْمُرْضِعَةَ بِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْإِثْبَاتِ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهَا لَا تَتَضَمَّنُ تَزْكِيَةَ نَفْسِهَا بِخِلَافِ الْحَاكِمِ فِيهَا وَخَرَجَ بِحُكْمِهِ شَهَادَتُهُ بِإِقْرَارٍ صَدَرَ فِي مَجْلِسِهِ فَيُقْبَلُ جَزْمًا (أَوْ) شَهِدَ (بِحُكْمِ حَاكِمٍ جَائِزِ الْحُكْمِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ حَذْفَهُ مُوهِمٌ لِاحْتِمَالِهِ حَاكِمًا لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ كَحَاكِمِ الشُّرْطَةِ مَثَلًا فَقَوْلُ شَارِحٍ: إنَّهُ تَأْكِيدٌ؛ إذْ الْحَاكِمُ هُوَ جَائِزُ الْحُكْمِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْأَوْجَهُ مَا ذَكَرْته. وَمَنْ عَبَّرَ بِقَاضٍ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ، فَإِنْ قُلْت: سَيَأْتِي أَنَّ إطْلَاقَ الشَّاهِدِ لَا يَجُوزُ عَلَى مَا فِيهِ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَ الْقَاضِي قَدْ يُخَالِفُ مَذْهَبَهُ فَكَيْفَ اكْتَفَى بِقَوْلِهِ هُنَا جَائِزِ الْحُكْمِ؟ قُلْت إنَّمَا لَمْ يَنْظُرُوا لِذَلِكَ هُنَا لِقِلَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِانْتِفَاءِ الشَّهَادَةِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَاحْتِمَالُ الْمُبْطِلِ لَا أَثَرَ لَهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ حُكْمُهُ لَمْ يَقْبَلْهُ.
وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ اشْتَرَى شَيْئًا فَغَصَبَهُ مِنْهُ غَاصِبٌ فَادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ وَشَهِدَ لَهُ الْبَائِعُ بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ الْبَائِعُ لَهُ كَمَنْ رَأَى عَيْنًا فِي يَدِ شَخْصٍ يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا، وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَشْهَدُ بِظَاهِرِ الْيَدِ فَيَقْبَلُهُ، وَإِنْ كَانَ لَوْ صَرَّحَ بِهِ لَمْ يَقْبَلْ. ثُمَّ رَأَيْت الْغَزِّيِّ نَظَرَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ التُّهْمَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْحُكْمِ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَجْبُولٌ عَلَى تَرْوِيجِ حُكْمِهِ مَا أَمْكَنَهُ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ.
(وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ قَبْلَ عَزْلِهِ: حَكَمْت بِكَذَا) ، وَإِنْ قَالَ: بِعِلْمِي لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ حِينَئِذٍ حَتَّى لَوْ قَالَ: عَلَى سَبِيلِ الْحُكْمِ نِسَاءُ هَذِهِ الْقَرْيَةِ طَوَالِقُ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ قُبِلَ. وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي مَحْصُورَاتٍ، وَإِلَّا فَهُوَ كَاذِبٌ مُجَازِفٌ وَفِي قَاضٍ مُجْتَهِدٍ وَلَوْ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ قَالَ: وَلَا رَيْبَ عِنْدِي فِي عَدَمِ نُفُوذِهِ مِنْ جَاهِلٍ، أَوْ فَاسِقٍ، وَقَدْ أَفْتَيْت بِوُجُوبِ بَيَانِ الْقَاضِي لِمُسْتَنَدِهِ إذَا سُئِلَ عَنْهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
حَكَمْت بِكَذَا) أَيْ: كُنْت حَكَمْت بِكَذَا لِفُلَانٍ مُغْنِي وَرَوْضٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَ الْحُكْمِ إلَخْ) أَيْ: فَلَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَحْدَهُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، أَوْ يَحْكُمُ حَاكِمٌ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَحْدَهُ) أَيْ: فِيمَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ، وَالْيَمِينِ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْمُرْضِعَةَ) أَيْ: فِيمَا لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهَا أَرْضَعَتْ وَلَمْ تُطَالِبْ بِأُجْرَةٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ فِعْلَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ) بَلْ الْمَقْصُودُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ التَّحْرِيمِ وَقَوْلُهُ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهَا إلَخْ وَجْهُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِرْضَاعِ حُصُولُ اللَّبَنِ فِي جَوْفِ الطِّفْلِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ التَّحْرِيمُ وَهَذَا الْمَعْنَى يَحْصُلُ بِإِرْضَاعِ فَاسِقَةٍ. اهـ.
ع ش. (قَوْلُهُ: فَيُقْبَلُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَشْهَدُ عَلَى إقْرَارٍ سَمِعَهُ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ شَارِحٍ أَنَّهُ تَأْكِيدٌ) جَرَى عَلَيْهِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمَنْ عَبَّرَ بِقَاضٍ) أَيْ: بَدَلَ حَاكِمٍ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ أَيْ: جَائِزِ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِيهِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قُلْنَا لَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُ الْحَاكِمِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْحُكْمِ بَلْ يَكْفِي أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى حُكُومَةِ حَاكِمٍ مِنْ الْحُكَّامِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ، أَمَّا إذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ فَلَا تُقْبَلُ قَطْعًا. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَذْهَبَ الْقَاضِي) أَيْ: الْمَرْفُوعِ إلَيْهِ الْأَمْرُ. (قَوْلُهُ: مَذْهَبَهُ) أَيْ: الشَّاهِدِ. (قَوْلُهُ: وَاحْتِمَالُ الْمُبْطِلِ) أَيْ: أَنَّهُ أَرَادَ حُكْمَهُ. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ حُكْمُهُ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا يَضُرُّ إضَافَةُ الْآخَرِ الْقَضَاءَ فِي شَهَادَتِهِ إلَى الْمَعْزُولِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْقَبُولِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْ الرَّافِعِيِّ كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. اهـ. سم وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ عَلَى الْقَبُولِ الَّذِي إلَخْ هَذَا مُنَافٍ لِمَا فِي الْمُغْنِي مِمَّا نَصُّهُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي أَنَّهُ حُكْمُهُ، وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ جَزْمًا نَظَرًا لِبَقَاءِ التُّهْمَةِ. اهـ. فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى قَوْلِهِ: لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ حُكْمُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: بِدُونِ بَيَانِ سَبَبِ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَخْ) الْأَوْلَى بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ.
. (قَوْلُهُ: لِقُدْرَتِهِ) إلَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ: وَظَاهِرُ هَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: إنْ لَمْ يُتَّهَمْ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: وَأَخَذَ الزَّرْكَشِيُّ إلَى وَأَفْهَمَ. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ قَالَ عَلَى سَبِيلِ الْحُكْمِ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: مَا لَوْ أَسْنَدَهُ إلَى مَا قَبْلَ وِلَايَتِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: قُبِلَ) أَيْ: قَوْلُهُ بِلَا حُجَّةٍ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَمَحَلُّهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ: مَحَلَّ مَا قَالُوهُ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ:. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: فِي مَحْصُورَاتٍ، وَإِلَّا فَهُوَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فِي قَرْيَةٍ أَهْلُهَا مَحْصُورُونَ، أَمَّا فِي بَلَدٍ كَبِيرٍ كَبَغْدَادَ فَلَا لِأَنَّا نَقْطَعُ بِبُطْلَانِ قَوْلِهِ: وَإِلَى مَا قَالَهُ أَيْ: الْأَذْرَعِيُّ يُشِيرُ تَعْبِيرُ الشَّيْخَيْنِ بِالْقَرْيَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ جَاهِلٍ) الْمُرَادُ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ فِي الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَيْت إلَخْ) مِنْ مَقُولِ الْأَذْرَعِيِّ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَيْت إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا بُدَّ فِي قَاضِي الضَّرُورَةِ مِنْ بَيَانِ مُسْتَنِدِهِ فَلَوْ قَالَ: حَكَمْت بِحُجَّةٍ أَوْجَبَتْ الْحُكْمَ شَرْعًا وَامْتَنَعَ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ حُكْمُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِاحْتِمَالِ إلَخْ وَأَفْتَى أَيْضًا بِأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ بِشَاهِدَيْنِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِوُجُوبِ بَيَانِ الْقَاضِي إلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ يَنْهَ مُوَلِّيهِ عَنْ طَلَبِ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ كَمَا قَدَّمَهُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيُنْدَبُ إلَخْ. اهـ. ع ش
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَقَوْلُهُ وَبَحَثَ غَيْرُهُ كَتَبَ عَلَيْهِ م ر.
. (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ حُكْمُهُ لَمْ يَقْبَلْهُ) عَلَى هَذَا يَضُرُّ إضَافَةُ الْآخَرِ الْقَضَاءَ فِي شَهَادَتِهِ إلَى الْمَعْزُولِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْقَبُولِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْ الرَّافِعِيِّ كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ قَبْلَ عَزْلِهِ: حَكَمْت بِكَذَا إلَخْ) فِي التَّكْمِلَةِ فَرْعٌ إذَا ذَكَرَ الْحَاكِمَ أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا شَهِدَا عِنْدِي بِكَذَا وَأَنْكَرَ الشَّاهِدَانِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إنْكَارِهِمَا، وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْحَاكِمِ هَذَا فِي غَيْرِ قَاضِي الضَّرُورَةِ م ر أَقُولُ: هَلْ يُشْكِلُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِنَا بَيْنَ السُّطُورِ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَاضِي ضَرُورَةٍ الْحَاكِمَ؟ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا كَانَ إنْكَارُهُمَا بِمَنْزِلَةِ الرُّجُوعِ فِي أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعْرَفُوا بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي فَتَاوِيهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَيْت بِوُجُوبِ بَيَانِ الْقَاضِي إلَخْ) أَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَقَدْ أَفْتَيْت