للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِاحْتِمَالِ أَنْ يَظُنَّ مَا لَيْسَ بِمُسْتَنَدٍ مُسْتَنَدًا، وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ بِشَاهِدَيْنِ فَقَالَا: إنَّمَا شَهِدْنَا بِطَلَاقٍ مُقَيَّدٍ بِصِفَةٍ وَلَمْ تُوجَدْ، وَقَالَ: بَلْ أَطْلَقْتُمَا أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِي ذَلِكَ لِعِلْمِهِ وَدِيَانَتِهِ (فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) ، وَهُوَ خَارِجُ عَمَلِهِ لَا مَجْلِسِ حُكْمِهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ مُوَلِّيَهُ قَيَّدَ وِلَايَتَهُ بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ (فَكَمَعْزُولٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَ الْحُكْمِ حِينَئِذٍ فَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ بِهِ. وَأَخَذَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا وَلِيَ بِبَلَدٍ لَمْ يَتَنَاوَلْ مَزَارِعَهَا وَبَسَاتِينَهَا فَلَوْ زَوَّجَ، وَهُوَ بِأَحَدِهِمَا مَنْ هِيَ بِالْبَلَدِ أَوْ عَكْسَهُ لَمْ يَصِحَّ قِيلَ: وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ.

وَالنَّظَرُ وَاضِحٌ بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ قُبَيْلَ فَصْلِ جُنَّ قَاضٍ أَنَّهُ إنْ عُلِمَتْ عَادَةٌ بِتَبَعِيَّةٍ، أَوْ عَدَمِهَا حُكِمَ بِهَا، وَإِلَّا اُتُّجِهَ مَا ذَكَرَهُ؛ اقْتِصَارًا عَلَى مَا نَصَّ لَهُ عَلَيْهِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ كَمَعْزُولٍ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مِنْهُ فِيهِ تَصَرُّفٌ اسْتَبَاحَهُ بِالْوِلَايَةِ كَإِيجَارِ وَقْفٍ نَظَرَهُ لِلْقَاضِي، وَبَيْعِ مَالِ يَتِيمٍ، وَتَقْرِيرٍ فِي وَظِيفَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَتَزْوِيجِ مَنْ لَيْسَتْ بِوِلَايَتِهِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ مَنْ يَحْكُمُ بِهَا

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ إلَخْ) كَمَا هُوَ كَثِيرٌ، أَوْ غَالِبٌ فِي قُضَاةِ الْعَصْرِ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِأَنَّهُ إلَخْ) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الشَّارِحِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُقْبَلُ إلَخْ) جَوَابٌ لَوْ حَكَمَ إلَخْ فَكَانَ يَنْبَغِي إسْقَاطُ لَفْظَةِ أَنَّهُ كَمَا فَعَلَهُ النِّهَايَةُ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إلَخْ) هَذَا فِي غَيْرِ قَاضِي الضَّرُورَةِ م ر اهـ سم. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِي ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ جَاهِلًا، أَوْ فَاسِقًا فَلَا يُقْبَلُ نَظِيرُ مَا مَرَّ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ خَارِجُ) إلَى قَوْلِهِ: وَأَفْهَمَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَى الْمَتْنِ.

(قَوْلُهُ: لَا مَجْلِسِ حُكْمِهِ) أَيْ: الْمُعَدِّ لِلْحُكْمِ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: قَيَّدَ وِلَايَتَهُ إلَخْ) أَيْ: فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ الْمُعْتَادِ نَفَذَ حُكْمُهُ فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ كُلِّهِ، وَإِنْ قَيَّدَ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ كَمَسْجِدٍ مَثَلًا، وَمَحَلُّ عَمَلِهِ مَا نَصَّ مُوَلِّيهِ، أَوْ اُعْتِيدَ أَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْمَحَلِّ الَّذِي وَلَّاهُ لِيَحْكُمَ فِيهِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: بِأَحَدِهِمَا) أَيْ: الْمَذْكُورَيْنِ مِنْ الْمَزَارِعِ، وَالْبَسَاتِينِ. (قَوْلُهُ: قِيلَ: وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَلَوْ قَالَ الْمَعْزُولُ لِلْأَمِينِ: أَعْطَيْتُك الْمَالَ أَيَّامَ قَضَائِي لِتَحْفَظَهُ لِفُلَانٍ فَقَالَ الْأَمِينُ: بَلْ لِفُلَانٍ صُدِّقَ الْمَعْزُولُ وَهَلْ يَغْرَمُ الْأَمِينُ لِمَنْ عَيَّنَّهُ هُوَ قَدْرَ ذَلِكَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَوْجَهُهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا: الْمَنْعُ، فَإِنْ قَالَ لَهُ الْأَمِينُ: لَمْ تُعْطِنِي شَيْئًا بَلْ هُوَ لِفُلَانٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعْطَاءِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَ أَهْلِ وِلَايَتِهِ حَيْثُمَا كَانَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: هَذَا الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ وَقَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ أَنَّهُ حَكَمَ عَلَيْهِ بِكَذَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: حَكَمَ بِهَا) أَيْ: بِالْعَادَةِ ثَابِتٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَعَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِهِ فَالتَّقْدِيرُ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ أَوْ نَحْوُهُ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: مِنْهُ فِيهِ) أَيْ: مِنْ الْقَاضِي فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ هَذَا) أَيْ: الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ نَعَمْ لَوْ اسْتَخْلَفَ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ مَنْ يَحْكُمُ بِهَا بَعْدَ وُصُولِهِ لَهَا صَحَّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ إذْ الِاسْتِخْلَافُ لَيْسَ بِحُكْمٍ حَتَّى يَمْتَنِعَ إلَخْ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ اسْتَخْلَفَ إلَخْ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَرْسَلَ لِمَنْ يَحْكُمُ عَنْهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ: بَعْدَ وُصُولِهِ أَيْ: الْقَاضِي. اهـ. وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: بَعْدَ وُصُولِهِ أَيْ: الْخَلِيفَةِ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: مَنْ يَحْكُمُ بِهَا) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا أَيْ: قَبْلَ وُصُولِ الْقَاضِي، أَوْ بَعْدَهُ فَإِفْتَاءُ بَعْضِهِمْ إلَخْ هُوَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَفِي الرَّوْضِ وَلِلْقَاضِي أَنْ يَشْهَدَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عَلَى كِتَابِ حُكْمٍ كَتَبَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَا عَكْسُهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَيْ: لَيْسَ لَهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

بِوُجُوبِ بَيَانِ الْقَاضِي) ، وَلَا بُدَّ فِي قَاضِي الضَّرُورَةِ مِنْ بَيَانِ مُسْتَنَدِهِ إلَخْ م ر. (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ إلَخْ) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الشَّارِحِ بِالْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ م ر ثُمَّ قَالَ: إلَّا قَاضِيَ الضَّرُورَةِ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ فِي آخِرِ بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَلِلْقَاضِي أَنْ يُشْهِدَ فِي مَحِلِّ وِلَايَتِهِ عَلَى كِتَابِ حُكْمٍ كَتَبَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَا عَكْسُهُ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَيْ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ فِي غَيْرِ مَحِلِّ وِلَايَتِهِ عَلَى كِتَابِ حُكْمٍ كُتِبَ فِي مَحِلِّ وِلَايَتِهِ، وَالْحُكْمُ كَالْإِشْهَادِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لَا بَأْسَ بِهَا وَمِثْلُهَا الْإِذْنُ إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ حُكْمًا كَأَنْ أَذِنَ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحِلِّ وِلَايَتِهِ فِي الْإِفْرَاجِ عَنْ خَصْمٍ مَحْبُوسٍ فِي مَحِلِّهَا بِسُؤَالِ خَصْمِهِ. اهـ.

فَقَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ حُكْمًا يُفْهِمُ الِامْتِنَاعَ فِيمَا يَتَضَمَّنُ حُكْمًا وَهَذَا قَدْ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِخْلَافِ الْمَذْكُورِ عَلَى خِلَافِ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِتَضَمُّنِ الْحُكْمِ أَنَّ الْإِذْنَ نَفْسَهُ يَتَضَمَّنُهُ لَا أَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ يَتَضَمَّنُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّنْبِيهِ مَا نَصُّهُ، وَلَا يَحْكُمُ، وَلَا يُوَلِّي وَلَا يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ. اهـ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِيهِ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الرَّعِيَّةِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فِيهِ خِلَافٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَاَلَّذِي يَسْتَمِرُّ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ جَوَازُهُ وَحَكَى الزَّبِيلِيُّ قَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا سَمِعَ الْبَيِّنَةَ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ وَوَقَفَ عَلَى عَدَالَتِهِمْ فِي عَمَلِهِ وَحَكَمَ بِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ أَمْ لَا؟ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ كَوْنَهَا مِنْ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ وَإِنْ سَلِمَ فَأَيُّ مَعْنًى لِفَرْضِ سَمَاعِ عَدَالَتِهِمْ فِي عَمَلِهِ، بَلْ قَدْ يَظْهَرُ أَنَّ مَأْخَذَ الْخِلَافِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الشُّهُودِ إذَا زُكُّوا بِوَقْتِ الشَّهَادَةِ أَمْ بِوَقْتِ التَّزْكِيَةِ كَمَا سَبَقَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ إذَا شَهِدُوا بَعْدَ الزَّوَالِ، أَوْ عُدِّلُوا بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَلَوْ سَمِعَ الشَّهَادَةَ فِي عَمَلِهِ، وَالتَّعْدِيلَ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: يَحْكُمُ بِهِ إنْ قُلْنَا: يَقْضِي بِعِلْمِهِ وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ وَغَيْرُهُ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ اهـ كَلَامُ ابْنِ النَّقِيبِ، وَلَا يَخْفَى

<<  <  ج: ص:  >  >>