للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِفْتَاءُ بَعْضِهِمْ بِصِحَّتِهِ بَعِيدٌ وَقَوْلُهُ: الِاسْتِخْلَافُ لَيْسَ حُكْمًا حَتَّى يَمْتَنِعَ بَلْ مُجَرَّدُ إذْنٍ فَهُوَ كَمُحْرِمٍ وَكَّلَ مَنْ يُزَوِّجُهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ، أَوْ أَطْلَقَ يُرَدُّ بِأَنَّهُ إذْنٌ اسْتَفَادَهُ بِالْوِلَايَةِ بِمَحَلٍّ مَخْصُوصٍ فَكَيْفَ يُعْتَدُّ مِنْهُ بِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ؟ وَيُرَدُّ قِيَاسُهُ الْمَذْكُورُ بِأَنَّهُ لَيْسَ قِيَاسَ مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَيْسَ مَمْنُوعًا إلَّا مِنْ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ، وَالْقَاضِي قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَمْ يَتَأَهَّلْ لِإِذْنٍ وَلَا حُكْمٍ وَإِنَّمَا قِيَاسُهُ أَنْ يُقَيَّدَ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ بِبَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِيهِ التَّوْكِيلُ، وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ لَهُ بِالْإِذْنِ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ فِي غَيْرِهَا نَعَمْ إنْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِنَابَةِ الْمُتَوَلِّي قَبْلَ وُصُولِهِ وَعَلِمَ بِهَا مُنِيبُهُ لَمْ يَبْعُدْ الْجَوَازُ حِينَئِذٍ.

. (وَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَعْزُولٍ) أَيْ: ذَكَرَ لِلْقَاضِي وَسَمَّاهُ دَعْوَى تَجَوُّزًا؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ حُضُورِهِ (أَنَّهُ أَخَذَ مَالَهُ بِرِشْوَةٍ) أَيْ: عَلَى سَبِيلِ الرِّشْوَةِ كَمَا بِأَصْلِهِ وَهِيَ أَوْلَى؛ لِإِيهَامِ الْأُولَى أَنَّ الرِّشْوَةَ سَبَبٌ مُغَايِرٌ لِلْأَخْذِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الرِّشْوَةِ لَازِمُهَا أَيْ: بِبَاطِلٍ (أَوْ شَهَادَةِ عَبْدَيْنِ مَثَلًا) وَأَعْطَاهُ لِفُلَانٍ وَمَذْهَبُهُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا (أُحْضِرَ وَفُصِلَتْ خُصُومَتُهُمَا) لِتَعَذُّرِ إثْبَاتِ ذَلِكَ بِغَيْرِ حُضُورِهِ، وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَلَا يَحْضُرَ قَالَا: وَمَنْ حَضَرَ لِجَدِيدٍ وَتَظَلَّمَ مِنْ مَعْزُولٍ لَمْ يُحْضِرْهُ قَبْلَ اسْتِفْصَالِهِ عَنْ دَعْوَاهُ؛ لِئَلَّا يَقْصِدَ ابْتِذَالَهُ (وَإِنْ قَالَ: حَكَمَ بِعَبْدَيْنِ)

ــ

[حاشية الشرواني]

أَنْ يَشْهَدَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عَلَى كِتَابِ حُكْمٍ كَتَبَهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَالْحُكْمُ كَالْإِشْهَادِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لَا بَأْسَ بِهَا وَمِثْلُهَا الْإِذْنُ إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ حُكْمًا كَأَنْ أَذِنَ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فِي الْإِفْرَاجِ عَنْ خَصْمٍ مَحْبُوسٍ فِي مَحَلِّهَا بِسُؤَالِ خَصْمِهِ.

اهـ. فَقَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ حُكْمًا يُفْهِمُ الِامْتِنَاعَ فِيمَا يَتَضَمَّنُ حُكْمًا وَهَذَا قَدْ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِخْلَافِ الْمَذْكُورِ عَلَى خِلَافِ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِتَضَمُّنِ الْحُكْمِ أَنَّ الْإِذْنَ نَفْسَهُ يَتَضَمَّنُهُ لَا أَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ يَتَضَمَّنُهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّنْبِيهِ مَا نَصُّهُ وَلَا يَحْكُمُ وَلَا يُوَلِّي وَلَا يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ. اهـ. وَلَا يَخْفَى ظُهُورُهُ فِي خِلَافِهِ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا أَيْضًا. اهـ. سم بِحَذْفِ أَقُولُ: بَلْ عِبَارَةُ التَّنْبِيهِ الْمَذْكُورَةِ صَرِيحَةٌ فِي خِلَافِهِ وَفِي وِفَاقِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ: قَوْلُ الْبَعْضِ مُسْتَدِلًّا عَلَى إفْتَائِهِ بِالصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: اسْتَفَادَهُ) أَيْ: الْقَاضِي ذَلِكَ الْإِذْنَ. (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ إلَى قَوْلِهِ: نَعَمْ إلَخْ) رَدَّهُ النِّهَايَةُ بِمَا نَصُّهُ: وَمُنَازَعَةُ بَعْضِهِمْ فِيهِ بِأَنَّهُ إذْنٌ اسْتَفَادَهُ إلَخْ وَأَنَّ الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِمُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَيْسَ مَمْنُوعًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: قِيَاسُهُ) أَيْ: الْبَعْضِ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ مَمْنُوعًا إلَّا مِنْ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ بِوَكِيلِهِ أَيْضًا مَا دَامَ الْإِحْرَامُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ صِحَّةُ الْقِيَاسِ وَيَسْقُطُ الْفَرْقُ. وَقَوْلُهُ: لَمْ يَتَأَهَّلْ إلَخْ هَذَا أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ. اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قِيَاسُهُ أَنْ يُقَيَّدَ إلَخْ) مَرْدُودَةٌ بِصِحَّةِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُحْرِمِ فِي النِّكَاحِ مُخْتَلَّةٌ مُطْلَقًا بِنَفْسِهِ، أَوْ نَائِبِهِ فِي زَمَنِ الْإِحْرَامِ وَصَحَّ إذْنُهُ الْمَذْكُورُ فَكَذَلِكَ الْقَاضِي يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الْخَارِجِ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَصَحَّ إذْنُهُ فِيهِ فَتَأَمَّلْ. اهـ.، وَمَرَّ آنِفًا عَنْ الرَّوْضِ، وَالتَّنْبِيهِ مَا يُوَافِقُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ وَكَذَا قَوْلُهُ: الْآتِي وَهُوَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِغَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّوْكِيلِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.

. (قَوْلُهُ: أَيْ ذَكَرَ) إلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَى قَالَ: وَهَذَا قَوْلُهُ وَبِمَا قَرَّرْت إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَسَمَّاهُ) أَيْ: الْإِخْبَارَ لِلْقَاضِي (قَوْلُهُ: بَعْدَ حُضُورِهِ) أَيْ: الْمَعْزُولِ (قَوْلُ الْمَتْنِ: بِرِشْوَةٍ) هِيَ بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ مَا يُبْذَلُ لَهُ لِيَحْكُمَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، أَوْ لِيَمْتَنِعَ مِنْ الْحُكْمِ بِالْحَقِّ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) إنَّمَا صَدَّرَ الْجَوَابَ بِإِلَّا الْمُشْعِرَةِ بِبُعْدِهِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَدْفَعُ الْإِيرَادَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرِدُ أَوْلَوِيَّةُ تَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ، ثُمَّ رَأَيْت قَالَ الرَّشِيدِيُّ: قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُجَابَ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَدْفَعُ الْأَوْلَوِيَّةَ، وَالْإِيهَامُ قَائِمٌ وَغَايَةُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ تَصْحِيحٌ لِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لَا دَافِعٌ لِلْإِيهَامِ. اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: مَثَلًا) أَيْ: أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَأَعْطَاهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى أَخَذَ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَأَعْطَاهُ) إلَى قَوْلِهِ: وَبِمَا قَرَّرْت فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَقَالَ غَيْرُهُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: يُرَدُّ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَى قَالَ وَهَذَا. (قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُهُ) أَيْ: الْمَعْزُولِ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ إلَخْ) وَإِذَا حَضَرَ، فَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، أَوْ أَقَرَّ حَكَمَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَسَائِرِ الْأُمَنَاءِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِمْ خِيَانَةً. اهـ. مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَحْضُرُ) فَإِذَا حَضَرَ وَكِيلُهُ اُسْتُؤْنِفَتْ الدَّعْوَى. اهـ. نِهَايَةٌ قَالَ الرَّشِيدِيُّ: لَعَلَّهُ سَقَطَ لَفْظُ، أَوْ قُبِلَ قَوْلُ وَكِيلِهِ أَيْ: فَإِذَا حَضَرَ هُوَ، أَوْ وَكِيلُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَا: وَمَنْ حَضَرَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَإِنَّمَا يَجِبُ إحْضَارُهُ إذَا ذَكَرَ شَيْئًا يَقْتَضِي الْمُطَالَبَةَ شَرْعًا كَمَا مَثَّلَهُ فَلَوْ طَلَبَ إحْضَارَهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ؛ إذْ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ حَقٌّ وَإِنَّمَا يَقْصِدُ ابْتِذَالَهُ بِالْخُصُومَةِ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي (تَنْبِيهٌ)

لَوْ حَضَرَ إنْسَانٌ إلَى الْقَاضِي الْجَدِيدِ وَتَظَلَّمَ مِنْ الْمَعْزُولِ وَطَلَبَ إحْضَارَهُ لَمْ يُبَادِرْ بِإِحْضَارِهِ بَلْ يَقُولُ: مَا تُرِيدُ مِنْهُ، فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ دَيْنًا، أَوْ عَيْنًا أَحْضَرَهُ وَلَا يَجُوزُ إحْضَارُهُ قَبْلَ تَحَقُّقِ الدَّعْوَى؛ إذْ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَقْصِدَ ابْتِذَالَهُ) أَيْ: بِالْحُضُورِ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ: حَكَمَ) أَيْ: الْقَاضِي

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

ظُهُورُ عِبَارَةِ التَّنْبِيهِ الْمَذْكُورَةِ فِي خِلَافِ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَإِفْتَاءُ بَعْضِهِمْ) هُوَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَيْسَ مَمْنُوعًا إلَّا مِنْ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ) فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ بِوَكِيلِهِ أَيْضًا مَادَامَ الْإِحْرَامُ. وَبِهَذَا يَظْهَرُ صِحَّةُ الْقِيَاسِ وَيَسْقُطُ الْفَرْقُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَأَهَّلْ لِإِذْنٍ) هَذَا أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَعْزُولٍ أَنَّهُ أَخَذَ مَالَهُ بِرِشْوَةٍ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ الْمَتْنُ فِيهِ) زَادَ التَّنْبِيهُ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ قَالَ: جَارَ عَلَيَّ فِي الْحُكْمِ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ فِي أَمْرٍ لَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَوَافَقَ رَأْيَهُ لَمْ يَنْقُضْهُ، وَإِنْ خَالَفَهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا يَنْقُضُهُ، وَالثَّانِي لَا يَنْقُضُهُ. اهـ. وَقَوْلُهُ: لَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ أَيْ: بِأَنْ خَالَفَ النَّصَّ، وَالْإِجْمَاعَ، أَوْ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ وَنَحْوَهُ كَمَا قَرَّرَهُ ابْنُ النَّقِيبِ، وَإِنْ كَانَ يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: كَثَمَنِ الْكَلْبِ وَضَمَانِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>