إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا فَكَالْوَصِيِّ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ رَدِّ بَعْضِهِمْ لِكَلَامِ الْعَلَمِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ أَوْلَى مِنْ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَى الْوَقْفِ بِجِهَةِ الْقَضَاءِ تَزُولُ بِانْعِزَالِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيُّ إذَا تَوَلَّى الْقَضَاءَ فَالتُّهْمَةُ فِي حَقِّهِ أَقْوَى، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَهِدَ الْقَاضِي بِمَالٍ لِلْوَقْفِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ قُبِلَ، أَوْ الْوَصِيُّ بِمَالٍ لِمُوَلِّيهِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ لَهُ لَمْ يُقْبَلْ (وَرَقِيقِهِ) لِذَلِكَ، نَعَمْ لَهُ الْحُكْمُ بِجِنَايَةٍ عَلَيْهِ قَبْلَ رِقِّهِ بِأَنْ جَنَى مُلْتَزِمٌ عَلَى ذِمِّيٍّ، ثُمَّ حَارَبَ وَأُرِقَّ، وَيُوقَفُ مَا ثَبَتَ لَهُ حِينَئِذٍ إلَى عِتْقِهِ، فَإِنْ مَاتَ قِنًّا صَارَ فَيْئًا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ: وَكَذَا لِمَنْ وَرِثَ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ الْحُكْمُ بِكَسْبِهِ أَيْ: لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ (وَشَرِيكِهِ) ، أَوْ شَرِيكِ مُكَاتَبِهِ (فِي الْمُشْتَرَكِ) لِذَلِكَ أَيْضًا، نَعَمْ لَوْ حَكَمَ لَهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ ذَكَرَهُ أَيْضًا. وَيُؤْخَذُ مِنْ عِلَّتِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يُشَارِكَهُ، وَإِلَّا فَالتُّهْمَةُ مَوْجُودَةٌ بِاعْتِبَارِ ظَنِّهِ وَهِيَ كَافِيَةٌ (وَكَذَا أَصْلُهُ وَفَرْعُهُ) وَلَوْ لِأَحَدِهِمْ عَلَى الْآخَرِ (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَبْعَاضُهُ فَكَانُوا كَنَفْسِهِ، وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ قَضَاؤُهُ لَهُمْ بِعِلْمِهِ قَطْعًا.
أَمَّا الْحُكْمُ عَلَيْهِمْ كَقِنِّهِ وَشَرِيكِهِ بَلْ وَنَفْسِهِ فَيَجُوزُ عَكْسُ الْعَدُوِّ. وَحُكْمُهُ عَلَى نَفْسِهِ حُكْمٌ لَا إقْرَارٌ عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ تَنْفِيذُ حُكْمِ بَعْضِهِ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ (وَيَحْكُمُ لَهُ) أَيْ الْقَاضِي (وَلِهَؤُلَاءِ الْإِمَامُ أَوْ قَاضٍ آخَرُ) مُسْتَقِلٌّ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ (، وَكَذَا نَائِبُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) كَبَقِيَّةِ الْحُكَّامِ.
. (وَإِذَا) اُدُّعِيَ عِنْدَهُ بِدَيْنٍ حَالٍّ، أَوْ مُؤَجَّلٍ، أَوْ بِعَيْنٍ مَمْلُوكَةٍ، أَوْ وَقْفٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ (أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ نَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي) أَوْ حَلَفَ بِلَا نُكُولٍ بِأَنْ كَانَتْ الْيَمِينُ فِي جِهَتِهِ لِنَحْوِ لَوْثٍ، أَوْ إقَامَةِ شَاهِدٍ مَعَ إرَادَةِ الْحَلِفِ مَعَهُ (وَسَأَلَ) الْمُدَّعِي (الْقَاضِيَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ عِنْدَهُ أَوْ يَمِينِهِ، أَوْ) سَأَلَ (الْحُكْمَ) لَهُ عَلَيْهِ (بِمَا ثَبَتَ، وَالْإِشْهَادَ بِهِ لَزِمَهُ) إجَابَتُهُ؛ لِمَا ذُكِرَ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَسَأَلَ الْإِشْهَادَ لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ فَلَا يُطَالِبُهُ مَرَّةً أُخْرَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْكِرُ بَعْدُ فَيَفُوتُ الْحَقُّ لِنَحْوِ نِسْيَانِ الْقَاضِي
ــ
[حاشية الشرواني]
لِمَسْأَلَةِ النَّظَرِ وَقَوْلُهُ: وَحَاكِمٌ لِنَفْسِهِ وَشَرِيكِهِ تَعْلِيلٌ لِمَسْأَلَةِ التَّدْرِيسِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا فَكَالْوَصِيِّ) قَدْ يَخْرُجُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الْوَصِيُّ مُتَبَرِّعًا. اهـ. سم (قَوْلُهُ: فَكَالْوَصِيِّ) أَيْ: فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ، وَإِنْ كَانَ مُدَرِّسًا، أَوْ نَاظِرًا قَبْلَ الْقَضَاءِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى مِنْ رَدِّ بَعْضِهِمْ لِكَلَامِ الْعَلَمِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الرَّدَّ يُشِيرُ لِتَفْصِيلِ الْأَذْرَعِيِّ لَا مُخَالِفَ لَهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَدَّ إفْتَاءَ الْعَلَمِ فِيمَا إذَا ثَبَتَ النَّظَرُ لِلْقَاضِي بِوَصْفِ الْقَضَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَى الْوَقْفِ بِجِهَةِ الْقَضَاءِ تَزُولُ بِانْعِزَالِهِ فَهَذَا الرَّدُّ مُوَافِقٌ لِلْعَلَمِ عَلَى الْمَنْعِ فِيمَا الْقَاضِي نَاظِرٌ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوِلَايَةِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَالتُّهْمَةُ فِي حَقِّهِ) أَيْ: الْوَصِيِّ أَقْوَى أَيْ: وَمَعَ ذَلِكَ صَحَّحْنَا حُكْمَهُ فَالْقَاضِي الْمَذْكُورُ أَوْلَى. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِمَالٍ لِلْوَقْفِ) أَيْ: الَّذِي نَظَرَهُ لَهُ وَقَوْلُهُ: قَبْلَ وِلَايَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمُتَعَلِّقٍ لِلْوَقْفِ وَقَوْلُهُ: قَبْلَ الْوَصِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِمُتَعَلِّقٍ لِمُوَلِّيهِ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَرَقِيقِهِ) بِالْجَرِّ أَيْ: وَلَا يَحْكُمُ لَهُ فِي تَعْزِيرٍ، أَوْ قِصَاصٍ، أَوْ مَالٍ وَرَقِيقُ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ كَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَهُمَا وَرَقِيقُ أَحَدِهِمَا فِي الْمُشْتَرَكِ كَذَلِكَ مُغْنِي وَرَوْضٌ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَإِذَا أَقَرَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَيُؤْخَذُ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ: لِلتُّهْمَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ حَارَبَ) أَيْ: الذِّمِّيُّ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَأُرِقَّ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ وَرِثَ إلَخْ) أَيْ: لِقَاضٍ وَرِثَ عَبْدًا مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ لِآخَرَ أَنْ يَحْكُمَ بِالْكَسْبِ لَهُ فَمُوصًى بِمَنْفَعَتِهِ الَّذِي هُوَ وَصْفٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ كَمَا تَقَرَّرَ مَعْمُولٌ لِوَرِثَ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي ثَانِيهَا أَيْ: الصُّوَرِ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا الْبُلْقِينِيُّ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ الْخَارِجِ مِنْ الثُّلُثِ إذَا قُلْنَا: إنَّ كَسْبَهُ لَهُ دُونَ الْوَارِثِ وَكَانَ الْوَارِثُ حَاكِمًا فَلَهُ الْحُكْمُ بِطَرِيقِهِ ثَالِثُهَا الْعَبْدُ الْمَنْذُورُ إعْتَاقُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ) أَيْ: لِأَنَّ كَسْبَهُ الْحَاصِلَ قَبْلَ عِتْقِهِ لَيْسَ لِلْوَارِثِ الْحَاكِمِ بَلْ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ) أَيْ: إنَّ الْقَاضِيَ لَا يُشَارِكُ شَرِيكَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِأَحَدِهِمْ) إلَى قَوْلِهِ: وَإِنْ وُجِدَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَأَخَذَ إلَى وَإِذَا عُدِّلَتْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِأَحَدِهِمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ حَكَمَ لِوَلَدِهِ عَلَى وَلَدِهِ، أَوْ لِأَصْلِهِ عَلَى فَرْعِهِ، أَوْ عَكْسَهُ لَمْ يَصِحَّ. اهـ. مُغْنِي، وَمَعْلُومٌ أَنَّ حُكْمَهُ لِبَعْضِ أُصُولِهِ عَلَى آخَرَ كَذَلِكَ وَقَدْ يُدَّعَى شُمُولُ كَلَامِ الشَّارِحِ لِهَذَا. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْحُكْمُ عَلَيْهِمْ) أَيْ: أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَلَوْ رَجَعَ الضَّمِيرُ لِجَمِيعِ مَنْ تَقَدَّمَ لَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ: كَقِنِّهِ وَشَرِيكِهِ بَلْ وَنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَالشَّهَادَةُ إلَخْ) وَفِي جَوَازِ حُكْمِهِ بِشَهَادَةِ ابْنٍ لَهُ لَمْ يُعَدِّلْهُ شَاهِدَانِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ، وَالثَّانِي لَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ الْأَرْجَحُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَعْدِيلَهُ، فَإِنْ عَدَّلَهُ شَاهِدَانِ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ وَكَابْنِهِ فِي ذَلِكَ سَائِرُ أَبْعَاضِهِ أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلِهَؤُلَاءِ) أَيْ: الْمَذْكُورِينَ مَعَ الْقَاضِي حَيْثُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ خُصُومَةٌ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ: أَوْ قَاضٍ آخَرُ) سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَهُ فِي بَلَدِهِ أَمْ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُؤَجَّلٍ) فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ الدَّعْوَى فِيهِ لَا تُسْمَعُ إلَّا بَعْدَ حُلُولِهِ كَذَا رَأَيْت بِهَامِشِ أَصْلِهِ بِخَطٍّ يُشْبِهُ خَطَّ تِلْمِيذِهِ وَشَيْخِنَا الْجَمَالِ الزَّمْزَمِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ سَيِّدُ عُمَرَ وَقَدْ يُقَالُ عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى لَا يُنَافِي صِحَّةَ الْإِقْرَارِ عَلَى أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الدَّعْوَى لِلْأَخْذِ حَالًّا لَا يُنَافِي صِحَّتَهَا لِمُجَرَّدِ الْإِشْهَادِ، وَالتَّسْجِيلِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: فَحَلَفَ الْمُدَّعِي) الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ، أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ: عَلَى إقْرَارِهِ) أَيْ: فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ، أَوْ يَمِينِهِ فِي صُورَةِ النُّكُولِ، أَوْ عَلَى مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: إجَابَتُهُ) إلَى قَوْلِهِ: وَأَخَذَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: كَامْتِنَاعِهِ إلَى وَصِيغَةُ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) أَيْ: مِنْ الْإِشْهَادِ، وَالْحُكْمِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَسَأَلَ الْإِشْهَادَ) أَيْ بِإِحْلَافِهِ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: لُزُومُ الْإِجَابَةِ. (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ نِسْيَانِ الْقَاضِي) أَيْ: كَعَدَمِ جَوَازِ قَضَائِهِ بِعِلْمِهِ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ:
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ الْآتِي: وَوَقْفٍ نَظَرَهُ لَهُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا فَكَالْوَصِيِّ) قَدْ يَخْرُجُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الْوَصِيُّ مُتَبَرِّعًا. (قَوْلُهُ: لَا إقْرَارٌ عَلَى الْأَوْجَهِ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute