للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَاهِرٌ لَيْسَتْ كَالْهَدِيَّةِ بِشَرْطِ اعْتِيَادِهَا لِمِثْلِهِ وَأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ بِهَا قَلْبُهُ عَنْ التَّصْمِيمِ عَلَى الْحَقِّ. وَسَائِرُ الْعُمَّالِ مِثْلُهُ فِي نَحْوِ الْهَدِيَّةِ، لَكِنَّهُ أَغْلَظُ هَذَا مَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ. وَقَوْلُ الْبَدْرِ بْنِ جَمَاعَةَ بِالْحِلِّ لَهُمْ ضَعِيفٌ جِدًّا مُصَادِمٌ لِلْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ «هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ» وَلَمَّا سَأَلَ السُّبْكِيُّ شَيْخَهُ ابْنَ الرِّفْعَةِ عَنْ هَذَا التَّخَالُفِ فَأَجَابَهُ بِأَنَّهُمْ إنْ كَافَئُوا عَلَيْهَا وَلَوْ بِدَجَاجَةٍ لَمْ يَحْرُمْ قَالَ: أَتَوَهَّمُ أَنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ عَدَمُ مُوَافَقَتِهِ لِلطَّائِفَتَيْنِ، أَوْ عَدَمُ إتْقَانِهِ لِلْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لَنَا وَلَهُ. اهـ.

(وَالْأَوْلَى) لِمَنْ جَازَ لَهُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ (أَنْ يُثِيبَ عَلَيْهَا) ، أَوْ يَرُدَّهَا لِمَالِكِهَا، أَوْ يَضَعَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ سَدُّ بَابِ الْقَبُولِ مُطْلَقًا حَسْمًا لِلْبَابِ.

(وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ) ، وَلَا سَمَاعُهُ لِشَهَادَةٍ (لِنَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ تَعْزِيرُ مَنْ أَسَاءَ أَدَبَهُ عَلَيْهِ فِي حُكْمِهِ كَحَكَمْت عَلَيَّ بِالْجَوْرِ؛ لِئَلَّا يُسْتَخَفَّ، وَيُسْتَهَانَ بِهِ؛ فَلَا يُسْمَعُ حُكْمُهُ. وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَحْكُمَ لِمَحْجُورِهِ، وَإِنْ كَانَ وَصِيًّا عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ تَضَمَّنَ حُكْمُهُ اسْتِيلَاءَهُ عَلَى الْمَالِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَتَصَرُّفَهُ فِيهِ، وَكَذَا بِإِثْبَاتِ وَقْفٍ شُرِطَ نَظَرُهُ لِقَاضٍ هُوَ بِصِفَتِهِ، وَإِنْ تَضَمَّنَ حُكْمُهُ وَضْعَ يَدِهِ عَلَيْهِ وَبِإِثْبَاتِ مَالٍ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ يُرْزَقُ مِنْهُ. وَإِفْتَاءُ الْعَلَمِ الْبُلْقِينِيِّ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْ الْقَاضِي الْحُكْمُ بِمَا آجَرَهُ هُوَ، أَوْ مَأْذُونُهُ مِنْ وَقْفٍ هُوَ نَاظِرُهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا فَصَّلَهُ الْأَذْرَعِيُّ حَيْثُ قَالَ: الظَّاهِرُ مَنْعُهُ لِمَدْرَسَةٍ هُوَ مُدَرِّسُهَا وَوَقْفٍ نَظَرُهُ لَهُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْخَصْمُ

ــ

[حاشية الشرواني]

اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ الْعُمَّالِ) هَلْ مِنْهُمْ نَاظِرُ الْوَقْفِ؟ . اهـ. سم عِبَارَةُ ع ش وَمِنْهُمْ مَشَايِخُ الْأَسْوَاقِ، وَالْبُلْدَانِ وَمُبَاشِرُ الْأَوْقَافِ وَكُلُّ مَنْ يَتَعَاطَى أَمْرًا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْلِمِينَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ الْعُمَّالِ مِثْلُهُ إلَخْ) وَلَا يَلْتَحِقُ بِالْقَاضِي فِيمَا ذُكِرَ الْمُفْتِي، وَالْوَاعِظُ وَمُعَلِّمُ الْقُرْآنِ، وَالْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ أَهْلِيَّةُ الْإِلْزَامِ، وَالْأَوْلَى فِي حَقِّهِمْ وَإِنْ كَانَ الْهَدِيَّةُ لِأَجْلِ مَا يَحْصُلُ مِنْهُمْ مِنْ الْإِفْتَاءِ، وَالْوَعْظِ، وَالتَّعْلِيمِ عَدَمُ الْقَبُولِ لِيَكُونَ عَمَلُهُمْ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ أُهْدِيَ إلَيْهِمْ تَحَبُّبًا وَتَوَدُّدًا لِعِلْمِهِمْ وَصَلَاحِهِمْ فَالْأَوْلَى الْقَبُولُ وَأَمَّا إذَا أَخَذَ الْمُفْتِي الْهَدِيَّةَ لِيُرَخِّصَ فِي الْفَتْوَى، فَإِنْ كَانَ بِوَجْهٍ بَاطِلٍ فَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ يُبَدِّلُ أَحْكَامَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَشْتَرِي بِهَا ثَمَنًا قَلِيلًا، وَإِنْ كَانَ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً شَرْحُ م ر. اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: لَهُمْ) أَيْ لِسَائِرِ الْعُمَّالِ. (قَوْلُهُ: لِلْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَرُوِيَ «هَدَايَا الْعُمَّالِ سُحْتٌ» وَرُوِيَ «هَدَايَا السُّلْطَانِ سُحْتٌ» . اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: عَنْ هَذَا التَّخَالُفِ) أَيْ: بَيْنَ الْجَمْعِ وَالْبَدْرِ بْنِ جَمَاعَةَ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُمْ إلَخْ) أَيْ: سَائِرَ الْعُمَّالِ وَقَوْلُهُ: عَلَيْهَا أَيْ الْهَدِيَّةِ. (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ: السُّبْكِيُّ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْحَامِلَ لَهُ) أَيْ: لِابْنِ الرِّفْعَةِ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ جَازَ) إلَى قَوْلِهِ: وَإِفْتَاءُ الْمُعَلِّمِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَأَوْلَى إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: وَلَا سَمَاعُهُ لِشَهَادَةٍ وَقَوْلَهُ: وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ إلَخْ) (فُرُوعٌ)

لَيْسَ لِلْقَاضِي حُضُورُ وَلِيمَةِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ حَالَةَ الْخُصُومَةِ وَلَا حُضُورُ وَلِيمَتِهِمَا وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْوِلَايَةِ وَلَهُ تَخْصِيصُ إجَابَةِ مَنْ اعْتَادَ تَخْصِيصَهُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ وَيَنْدُبُ لَهُ إجَابَةُ غَيْرِ الْخَصْمَيْنِ إنْ عَمَّمَ الْمُولِمُ النِّدَاءَ لَهَا وَلَمْ يَقْطَعْهُ كَثْرَةُ الْوَلَائِمِ عَنْ الْحُكْمِ، وَإِلَّا فَيَتْرُكُ الْجَمِيعَ، وَيُكْرَهُ لَهُ حُضُورُ وَلِيمَةٍ اُتُّخِذَتْ لَهُ خَاصَّةً، أَوْ لِلْأَغْنِيَاءِ وَدُعِيَ فِيهِمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ اُتُّخِذَتْ لِلْجِيرَانِ أَوْ لِلْعُلَمَاءِ وَهُوَ فِيهِمْ وَلَا يُضَيِّفُ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ دُونَ الْآخَرِ. وَلَا يَلْحَقُ بِمَا ذُكِرَ الْمُفْتِي، وَالْوَاعِظُ وَمُعَلِّمُ الْقُرْآنِ، وَالْعِلْمِ. وَلِلْقَاضِي أَنْ يَشْفَعَ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَيَزِنَ عَنْهُ مَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَعُهُمَا وَأَنْ يُعِيدَ الْمَرْضَى وَيَشْهَدَ الْجَنَائِزَ وَيَزُورَ الْقَادِمِينَ وَلَوْ كَانُوا مُتَخَاصِمِينَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّعْمِيمُ أَتَى بِمُمْكِنِ كُلِّ نَوْعٍ وَخَصَّ مَنْ عَرَفَهُ وَقَرُبَ مِنْهُ. اهـ. مُغْنِي.

. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ) وَلِأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: كَحَكَمْت) بِفَتْحِ التَّاءِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَحْكُمَ لِمَحْجُورِهِ إلَخْ) وَفِي مَعْنَاهُ حُكْمُهُ عَلَى مَنْ فِي جِهَتِهِ مَالٌ لِوَقْفٍ تَحْتَ نَظَرِهِ بِطَرِيقِ الْحُكْمِ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ إلَخْ) أَيْ: فِي هَذِهِ الْغَايَةِ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ وَقْفٍ هُوَ نَاظِرُهُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ بِأَنَّ هَذَا مُتَبَرِّعٌ بِخِلَافِ ذَاكَ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ مُتَبَرِّعًا أَيْضًا صَحَّ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِإِثْبَاتِ وَقْفٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي الثَّانِيَةُ أَيْ: مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ الْأَوْقَافُ الَّتِي شُرِطَ النَّظَرُ فِيهَا لِلْحَاكِمِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ، أَوْ صَارَ فِيهَا النَّظَرُ إلَيْهِ لِانْقِرَاضِ نَاظِرِهَا الْخَاصِّ لَهُ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهَا وَمُوجِبِهَا وَأَنْ تُضْمَنَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِقَاضٍ هُوَ بِصِفَتِهِ) يَخْرُجُ مَا لَوْ شُرِطَ النَّظَرُ لَهُ بِخُصُوصِهِ، وَيُنَاسِبُهُ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ الْآتِي وَنَظَرُهُ لَهُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: بِإِثْبَاتِ مَالٍ إلَخْ) وَكَذَا لِلْإِمَامِ الْحُكْمُ بِانْتِقَالِ مِلْكٍ إلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ اسْتِيلَاؤُهُ عَلَيْهِ بِجِهَةِ الْإِمَامَةِ. اهـ. مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَإِفْتَاءُ الْبُلْقِينِيِّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: يُحْمَلُ عَلَى مَا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ يُتَّجَهُ حَمْلُهُ عَلَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فَصَّلَهُ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ هَلْ يَحْكُمُ لِجِهَةِ وَقْفٍ كَانَ نَاظِرَهَا الْخَاصَّ قَبْلَ الْوِلَايَةِ وَلِمَدْرَسَةٍ هُوَ مُدَرِّسُهَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ تَفَقُّهًا لَا نَقْلًا الْمَنْعُ؛ إذْ هُوَ الْخَصْمُ وَحَاكِمٌ لِنَفْسِهِ وَشَرِيكِهِ، فَإِنْ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِالنَّظَرِ فَكَوَلِيِّ الْيَتِيمِ انْتَهَتْ فَقَوْلُهُ: إذْ هُوَ الْخَصْمُ تَعْلِيلٌ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: وَسَائِرُ الْعُمَّالِ) هَلْ مِنْهُمْ نَاظِرُ الْوَقْفِ؟ (قَوْلُهُ: وَسَائِرُ الْعُمَّالِ فِي نَحْوِ الْهَدِيَّةِ) وَلَا يَلْحَقُ بِالْقَاضِي فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُفْتِي، وَالْوَاعِظُ وَمُعَلِّمُ الْقُرْآنِ، وَالْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ أَهْلِيَّةُ الْإِلْزَامِ، وَالْأَوْلَى فِي حَقِّهِمْ إنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لِأَجْلِ مَا يَحْصُلُ مِنْهُمْ مِنْ الْإِفْتَاءِ، وَالْوَعْظِ، وَالتَّعْلِيمِ عَدَمُ الْقَبُولِ لِيَكُونَ عَمَلُهُمْ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ أُهْدِيَ إلَيْهِمْ تَحَبُّبًا وَتَوَدُّدًا لِعِلْمِهِمْ وَصَلَاحِهِمْ فَالْأَوْلَى الْقَبُولُ، وَأَمَّا إذَا أَخَذَ الْمُفْتِي الْهَدِيَّةَ لِيُرَخِّصَ فِي الْفَتْوَى فَإِنْ كَانَ بِوَجْهٍ بَاطِلٍ فَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ يُبَدِّلُ أَحْكَامَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَشْتَرِي بِهَا ثَمَنًا قَلِيلًا، وَإِنْ كَانَ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً ش م ر.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ وَصِيًّا عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَلِي أَمْرَ الْأَيْتَامِ كُلِّهِمْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً فَلَا تُهْمَةَ ش رَوْضٌ. (قَوْلُهُ: لِقَاضٍ هُوَ بِصِفَتِهِ) يَخْرُجُ مَا لَوْ شُرِطَ النَّظَرُ لَهُ بِخُصُوصِهِ وَيُنَاسِبُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>