للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَحْوَ الْوَقْفِ مِمَّا يُحْتَاطُ لَهُ. وَأَشَارَ الْمَتْنُ إلَى أَنَّ الْمَحْضَرَ مَا تُحْكَى فِيهِ وَاقِعَةُ الدَّعْوَى، وَالْجَوَابُ وَسَمَاعُ الْبَيِّنَةِ بِلَا حُكْمٍ، وَالسِّجِلُّ مَا تَضَمَّنَ إشْهَادَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا، أَوْ نَفَّذَهُ (وَيُسْتَحَبُّ نُسْخَتَانِ) أَيْ: كِتَابَتُهُمَا (إحْدَاهُمَا) تُدْفَعُ (لَهُ) بِلَا خَتْمٍ (وَالْأُخْرَى تُحْفَظُ فِي دِيوَانِ الْحُكْمِ) مَخْتُومَةٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا اسْمُ الْخَصْمَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخَصْمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلتَّذَكُّرِ لَوْ ضَاعَتْ تِلْكَ.

. (وَإِذَا حَكَمَ بِاجْتِهَادٍ) وَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ، أَوْ بِاجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ (ثُمَّ بَانَ) أَنَّ مَا حَكَمَ بِهِ (خِلَافَ نَصِّ الْكِتَابِ، أَوْ السُّنَّةِ) الْمُتَوَاتِرَةِ، أَوْ الْآحَادِ (أَوْ) بَانَ خِلَافَ (الْإِجْمَاعِ) ، وَمِنْهُ مَا خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ (أَوْ) خِلَافَ (قِيَاسٍ جَلِيٍّ) ، وَهُوَ مَا يَعُمُّ الْأُولَى، وَالْمُسَاوِيَ قَالَ الْقَرَافِيُّ: أَوْ خَالَفَ الْقَوَاعِدَ الْكُلِّيَّةَ قَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: أَوْ كَانَ حُكْمًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ أَيْ: قَطْعًا فَلَا نَظَرَ؛ لِمَا بَنُوهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ النَّقْضِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ قَالَ بِهَا غَيْرُهُمْ لِأَدِلَّةٍ عِنْدَهُ. قَالَ السُّبْكِيُّ: أَوْ خَالَفَ الْمَذَاهِبَ الْأَرْبَعَةَ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُخَالِفِ لِلْإِجْمَاعِ أَيْ: لِمَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ (نَقَضَهُ) أَيْ: أَظْهَرَ بُطْلَانَهُ وُجُوبًا، وَإِنْ لَمْ يُرْفَعْ إلَيْهِ (هُوَ وَغَيْرُهُ) بِنَحْوِ: نَقَضْته أَوْ أَبْطَلْته، أَوْ فَسَخْته إجْمَاعًا فِي مُخَالِفِ الْإِجْمَاعِ وَقِيَاسًا فِي غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّصِّ هُنَا الظَّاهِرُ عَلَى مَا فِي الْمَطْلَبِ عَنْ النَّصِّ لَا مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ، وَهُوَ مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ السُّبْكِيّ: فَمَتَى بَانَ الْخَطَأُ قَطْعًا، أَوْ ظَنًّا نُقِضَ الْحُكْمُ قَالَ: أَمَّا مُجَرَّدُ التَّعَارُضِ لِقِيَامِ بَيِّنَةٍ بَعْدَ الْحُكْمِ، بِخِلَافِ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ الَّتِي حَكَمَ بِهَا فَلَا نَقْلَ فِيهِ. وَاَلَّذِي يَتَرَجَّحُ أَنَّهُ لَا نَقْضَ فِيهِ وَأَطَالَ فِي تَقْرِيرِهِ وَكَأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا يَأْتِي عَنْهُ قُبَيْلَ فَصْلِ الْقَائِفِ مَعَ بَيَانِ أَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ قَطَعَ بِمَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ أُبْطِلَ وَإِلَّا فَلَا عَلَى أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِتَبَيُّنِ بُطْلَانِهِ إذَا بَانَ فِسْقُ شَاهِدِهِ أَوْ رُجُوعُهُ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، لَكِنْ لَا يَرِدُ هَذَا عَلَى السُّبْكِيّ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مُعَارِضًا بَلْ رَافِعًا وَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا.

وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: بِاجْتِهَادٍ خِلَافًا لِمَنْ أَوْرَدَهُ عَلَيْهِ مَا لَوْ حَكَمَ بِنَصٍّ، ثُمَّ بَانَ نَسْخُهُ أَوْ خُرُوجُ تِلْكَ الصُّورَةِ عَنْهُ بِدَلِيلٍ. وَيُنْقَضُ أَيْضًا حُكْمُ مُقَلِّدٍ بِمَا يُخَالِفُ نَصَّ إمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَنَصِّ الشَّارِعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُجْتَهِدِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَاعْتَمَدَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَأَلْحَقَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ

ــ

[حاشية الشرواني]

لِتَوَقُّفِهِ عَلَى كَوْنِهِ مَالِكًا لِمَا وَقَفَهُ حِينَ وَقَفَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَنَحْوَ الْوَقْفِ) كَالْوَصِيَّةِ، وَالْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَيُسْتَحَبُّ) أَيْ: لِلْقَاضِي نُسْخَتَانِ أَيْ: بِمَا وَقَعَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبَا ذَلِكَ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: تُدْفَعُ لَهُ) أَيْ: لِصَاحِبِ الْحَقِّ لِيَنْظُرَ فِيهَا وَيَعْرِضَهَا عَلَى الشُّهُودِ؛ لِئَلَّا يَنْسَوْا. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ: تُحْفَظُ فِي دِيوَانِ الْحُكْمِ) وَيَضَعُهَا فِي حِرْزٍ لَهُ، وَمَا يَجْتَمِعُ عِنْدَ الْحَاكِمِ يُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ، وَيُكْتَبُ عَلَيْهِ مَحَاضِرُ كَذَا فِي شَهْرِ كَذَا فِي سَنَةِ كَذَا وَإِذَا احْتَاجَ إلَيْهِ تَوَلَّى أَخْذَهُ بِنَفْسِهِ وَنَظَرَ أَوَّلًا إلَى خَتْمِهِ وَعَلَامَتِهِ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى رَأْسِهَا. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخَصْمُ ذَلِكَ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيُسْتَحَبُّ نُسْخَتَانِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَالْأُخْرَى تُحْفَظُ إلَخْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَنِيعُهُ.

. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَإِذَا حَكَمَ بِاجْتِهَادٍ إلَخْ) تَنْبِيهٌ مَا يَقْضِي بِهِ الْقَاضِي، وَيُفْتِي بِهِ الْمُفْتِي الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَالْقِيَاسُ، وَقَدْ يُقْتَصَرُ عَلَى الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَيُقَالُ: الْإِجْمَاعُ يَصْدُرُ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَالْقِيَاسُ يَرِدُ إلَى أَحَدِهِمَا. وَلَيْسَ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ إنْ لَمْ يَنْتَشِرْ فِي الصَّحَابَةِ حُجَّةً؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ مِنْ الْخَطَأِ، لَكِنْ يُرَجَّحُ بِهِ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَإِذَا كَانَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَاخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ فِي شَيْءٍ كَاخْتِلَافِ سَائِرِ الْمُجْتَهِدِينَ، فَإِنْ انْتَشَرَ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ فِي الصَّحَابَةِ، وَوَافَقُوهُ فَإِجْمَاعٌ حَتَّى فِي حَقِّهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ كَغَيْرِهِ مُخَالَفَةُ الْإِجْمَاعِ، فَإِنْ سَكَتُوا فَحُجَّةٌ إنْ انْقَرَضُوا، وَإِلَّا فَلَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُخَالِفُوهُ لِأَمْرٍ يَبْدُو لَهُمْ، وَالْحَقُّ مَعَ أَحَدِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْفُرُوعِ قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ: وَفِي الْأُصُولِ، وَالْآخَرُ مُخْطِئٌ مَأْجُورٌ لِقَصْدِهِ الصَّوَابَ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِاجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ) كَانَ يَنْبَغِي حَذْفُهُ، أَوْ زِيَادَةُ، أَوْ نَصِّ إمَامِهِ بَعْدَ، أَوْ الْآحَادِ. (قَوْلُهُ: إنَّ مَا حَكَمَ بِهِ) هَذَا التَّقْدِيرُ بِغَيْرِ إعْرَابِ الْمَتْنِ وَقَدَّرَ الْمُغْنِي حُكْمَهُ وَهُوَ أَخْصَرُ وَأَسْلَمُ. (قَوْلُهُ: بَانَ) الْأَسْبَكُ حَذْفُهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ قَطْعًا) أَيْ: انْتَفَى الدَّلِيلُ عَلَيْهِ انْتِفَاءً قَطْعِيًّا. (قَوْلُهُ: فَلَا نَظَرَ لِمَا بَنَوْهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ النَّقْضِ) أَيْ فَلَا يَنْفُذُ هَذَا النَّقْضُ؛ لِعَدَمِ الْقَطْعِ بِانْتِفَاءِ الدَّلِيلِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ: الْغَيْرِ. اهـ. نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ أَيْ: أَظْهَرَ بُطْلَانَهُ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي وَفِي تَعْبِيرِهِمْ بِنَقَضَ وَانْتَقَضَ مُسَامَحَةٌ إذْ الْمُرَادُ بَانَ أَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَصِحَّ مِنْ أَصْلِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وُجُوبًا) إلَى قَوْلِهِ: وَالْمُرَادُ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُرْفَعْ إلَيْهِ) وَعَلَيْهِ إعْلَامُ الْخَصْمَيْنِ بِانْتِقَاضِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ رَوْضٌ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ نَقَضْته إلَخْ) وَلَوْ قَالَ: هَذَا بَاطِلٌ، أَوْ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَوَجْهَانِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ نَقْضًا. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ) يَعْنِي مَا يَشْمَلُ الظَّاهِرَ (قَوْلُهُ: أَوْ ظَنًّا) هُوَ مَحَطُّ التَّأْيِيدِ. (قَوْلُهُ: وَكَانَ هَذَا) أَيْ: قَوْلُ السُّبْكِيّ: وَاَلَّذِي يَتَرَجَّحُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَعَ بَيَانِ إلَخْ) أَيْ: مِنْ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ التَّعَارُضِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: بِتَبَيُّنِ بُطْلَانِهِ) أَيْ: الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: لَا يَرُدُّ هَذَا) أَيْ: تَصْرِيحُهُمْ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا) أَيْ: نَحْوَ تَبَيُّنِ فِسْقِ شَاهِدِ الْحُكْمِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ رَافِعًا) الْأَوْلَى رَفْعُ الرَّافِعِ (قَوْلُهُ: وَيُنْقَضُ) إلَى قَوْلِهِ: لِمَا مَرَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: أَيْ: لِأَنَّهُ إلَى وَحَكَمَ مَنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: حُكْمُ مُقَلَّدٍ) أَيْ: وَلِيَ لِلضَّرُورَةِ. اهـ. مُغْنِي وَتَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ وَلَوْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَمَتَى وَلَّاهُ الْإِمَامُ يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ مُجْتَهِدٍ صَالِحٍ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي عَنْهُ قُبَيْلَ فَصْلِ الْقَائِفِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ: وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِاحْتِيَاجِ نَحْوِ يَتِيمٍ لِبَيْعِ مَالِهِ وَأَنَّ قِيمَتَهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَبَاعَهُ الْقَيِّمُ بِهِ وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ ثُمَّ قَامَتْ أُخْرَى بِأَنَّهُ بَيْعٌ بِلَا حَاجَةٍ، أَوْ بِأَنَّ قِيمَتَهُ مِائَتَانِ نُقِضَ الْحُكْمُ وَحُكِمَ بِفَسَادِ الْبَيْعِ عِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ قَالَ: لِأَنَّهُ إنَّمَا حَكَمَ بِنَاءً عَلَى سَلَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَنْ الْمُعَارِضِ، وَلَمْ تَسْلَمْ فَهُوَ كَمَا لَوْ أُزِيلَتْ يَدُ دَاخِلٍ بِبَيِّنَةِ خَارِجٍ، ثُمَّ أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً فَإِنَّ الْحُكْمَ يُنْقَضُ لِذَلِكَ وَخَالَفَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ: لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ بِالشَّكِّ إذْ التَّقْوِيمُ حَدْسٌ وَتَخْمِينٌ وَقَدْ تَطَّلِعُ بَيِّنَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>