وَلَكِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا تُسَاوُوهُمْ فِي الْمَجَالِسِ» ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إيثَارُ الْمُسْلِمِ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ، وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ طَوَائِفَ صَرَّحُوا بِوُجُوبِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا.
(وَإِذَا جَلَسَا) ، أَوْ قَامَا بَيْنَ يَدَيْهِ (فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ) لِئَلَّا يُتَّهَمَ (وَلَهُ أَنْ يَقُولَ لِيَتَكَلَّمْ الْمُدَّعِي) مِنْكُمَا؛ لِأَنَّهُمَا رُبَّمَا هَابَاهُ فَإِنْ عَرَفَ عَيْنَ الْمُدَّعِي قَالَ لَهُ: تَكَلَّمْ (فَإِذَا ادَّعَى) دَعْوَى صَحِيحَةً (طَالَبَ) جَوَازًا (خَصْمَهُ بِالْجَوَابِ) بِنَحْوِ اُخْرُجْ مِنْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْمُدَّعِي لِتَنْفَصِلَ الْخُصُومَةُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَإِنْ انْحَصَرَ الْأَمْرُ فِيهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَلَدِ قَاضٍ آخَرُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ الْخَصْمُ: طَالِبْهُ لِي بِجَوَابِ دَعْوَايَ، وَلَوْ قِيلَ: بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْعُدْ، وَإِلَّا لَزِمَ بَقَاؤُهُمَا مُتَخَاصِمَيْنِ، وَإِذَا أَثِمَ بِدَفْعِهِمَا عَنْهُ فَكَذَا بِهَذَا؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ وَاحِدَةٌ (فَإِنْ أَقَرَّ) حَقِيقَةً
ــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلُهُ: لَكِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ إلَخْ.) هُوَ مَحَلُّ الِاسْتِشْهَادِ قَوْلُهُ: يَقُولُ: «لَا تُسَاوُوهُمْ فِي الْمَجَالِسِ» تَتِمَّتُهُ كَمَا فِي الْمُغْنِي اقْضِ بَيْنِي، وَبَيْنَهُ يَا شُرَيْحٌ فَقَالَ شُرَيْحٌ: مَا تَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: هَذِهِ دِرْعِي ذَهَبَتْ عَلَيَّ مُنْذُ زَمَانٍ فَقَالَ شُرَيْحٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ: هَلْ مِنْ بَيِّنَةٍ فَقَالَ عَلِيٌّ صَدِّقْ شُرَيْحُ فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: إنِّي أَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ أَحْكَامُ الْأَنْبِيَاءِ، ثُمَّ أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ فَأَعْطَاهُ عَلِيٌّ الدِّرْعَ، وَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ عَتِيقٍ قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَقَدْ رَأَيْته يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ عَلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إيثَارُ الْمُسْلِمِ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ) أَيْ: حَتَّى فِي التَّقْدِيمِ بِالدَّعْوَى كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَلَّتْ الْخُصُومُ الْمُسْلِمُونَ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ لِكَثْرَةِ ضَرَرِ التَّأْخِيرِ أَسْنَى وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ) دَخَلَ فِيهِ الدُّخُولُ عَلَيْهِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِهِ الْإِذْنُ فِي دُخُولِ الْمُسْلِمِ قَبْلَ الْكَافِرِ لَا فِي دُخُولِهِ فَقَطْ، وَفِي التَّنْبِيهِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا، وَالْآخَرُ كَافِرًا قَدَّمَ الْمُسْلِمَ عَلَى الْكَافِرِ فِي الدُّخُولِ، وَرَفَعَهُ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ انْتَهَى، وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْمُسْلِمَ فِي الدُّخُولِ أَوَّلًا لَا فِي أَصْلِ الدُّخُولِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: بِأَنَّ طَوَائِفَ) أَيْ: مِنْ أَصْحَابِنَا
(قَوْلُهُ: أَوْ قَامَا) إلَى قَوْلِهِ: وَمِنْ ثَمَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: جَوَازًا، وَقَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَى الْمَتْنِ، وَإِلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ قِيلَ مَحَلُّهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَامَا بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ: كَمَا هُوَ الْغَالِبُ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ) أَيْ: عَنْهُمَا حَتَّى يَتَكَلَّمَا؛ لِأَنَّهُمَا حَضَرَا لِيَتَكَلَّمَا (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَقُولَ إلَخْ.)
أَيْ: إنْ لَمْ يَعْرِفْ الْمُدَّعِي، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ الْقَائِمُ بَيْنَ يَدَيْهِ. اهـ. مُغْنِي عِبَارَةُ سم عَنْ ابْنِ النَّقِيبِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ قَائِلُ ذَلِكَ الْقَائِمَ عَلَى رَأْسِ الْقَاضِي، أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ لَهُ تَكَلَّمْ) أَيْ: لَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: تَكَلَّمْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: جَوَازًا) أَيْ: قَبْلَ طَلَبِ خَصْمِهِ، وَوُجُوبًا إنْ طَلَبَ. اهـ. قَلْيُوبِيٌّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ إلَخْ.) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَالْمُتَّجَهُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَإِلَّا لَزِمَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ سُؤَالِ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي مُطَالَبَةَ خَصْمِهِ بِالْجَوَابِ، وَقَدْ انْحَصَرَ الْأَمْرُ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَكَذَا بِهَذَا) أَيْ: بِعَدَمِ سُؤَالِهِ جَوَابَ الْخَصْمِ. اهـ. ع ش أَيْ: بَعْدَ الطَّلَبِ (قَوْلُ الْمَتْنِ، فَإِنْ أَقَرَّ فَذَاكَ) عِبَارَةُ التَّنْبِيهِ، فَإِنْ أَقَرَّ لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يُطَالِبَهُ الْمُدَّعِي. اهـ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ حَقُّهُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ فَيَقُولُ: قَدْ أَقَرَّ لَك بِمَا ادَّعَيْت فَمَا تُرِيدُ، وَلَا يَقُولُ: سَمِعْت إقْرَارَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حُكْمًا بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِخِلَافِ قَدْ أَقَرَّ، وَقَبْلَ الْحُكْمِ لَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ مُلَازَمَتُهُ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ النَّقِيبِ. اهـ.
سم، وَقَوْلُهُ: وَقَبْلَ الْحُكْمِ لَيْسَ لَهُ إلَخْ. مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي فَيَلْزَمُهُ -
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إيثَارُ الْمُسْلِمِ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ) دَخَلَ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ الدُّخُولُ عَلَيْهِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِهِ الْإِذْنُ فِي دُخُولِ الْمُسْلِمِ قَبْلَ الْآخَرِ لَا فِي دُخُولٍ فَقَطْ، وَفِي التَّنْبِيهِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا، وَالْآخَرُ كَافِرًا قُدِّمَ الْمُسْلِمُ عَلَى الْكَافِرِ فِي الدُّخُولِ، وَرَفَعَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ. اهـ.، وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْمُسْلِمُ فِي الدُّخُولِ أَوَّلًا لَا فِي أَصْلِ الدُّخُولِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ فِي تَصْحِيحِهِ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ تَقْدِيمِ الْمُسْلِمِ عَلَى خَصْمِهِ الْكَافِرِ فِي الدُّخُولِ، وَإِنَّمَا يَرْفَعُهُ عَلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ فَقَطْ. اهـ. فَإِنْ أَرَادَ أَصْلَ الدُّخُولِ، وَإِلَّا أَشْكَلَ (قَوْلُهُ: فِي سَائِرِ وُجُوهِ الْإِكْرَامِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَيْ: حَتَّى فِي التَّقْدِيمِ بِالدَّعْوَى كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَلَّتْ الْخُصُومُ الْمُسْلِمُونَ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ لِكَثْرَةِ ضَرَرِ التَّأْخِيرِ. اهـ. وَكَذَا ش م ر (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ طَوَائِفَ إلَخْ.) تَرَكَهُ م ر
(قَوْلُهُ: وَإِذَا جَلَسَا، أَوْ قَامَا بَيْنَ يَدَيْهِ إلَخْ.) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: فَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى الْآخِرِ حَقًّا قُدِّمَ السَّابِقُ مِنْهُمَا بِالدَّعْوَى، فَإِنْ انْقَضَتْ خُصُومَتُهُ سَمِعَ دَعْوَى الْآخَرِ، فَإِنْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا الْكَلَامَ عَلَى صَاحِبِهِ، أَوْ ظَهَرَ مِنْهُ لَدَدٌ، وَسُوءُ أَدَبٍ نَهَاهُ، فَإِنْ عَادَ زَبَرَهُ أَيْ: أَغْلَظَ عَلَيْهِ، وَتَوَعَّدَهُ، فَإِنْ عَادَ عَزَّرَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَقُولَ لِيَتَكَلَّمْ الْمُدَّعِي مِنْكُمَا) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ قَائِلُ ذَلِكَ الْقَائِمَ عَلَى رَأْسِ الْقَاضِي، أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَرَفَ عَيْنَ الْمُدَّعِي قَالَ لَهُ: تَكَلَّمْ إلَخْ.) قَالَ الشَّيْخَانِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْأَوْلَى لِلْخَصْمَيْنِ أَنْ يَسْتَأْذِنَاهُ فِي الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْعُدْ) هُوَ الْمُتَّجَهُ ش م ر (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَرَّ فَذَاكَ) عِبَارَةُ التَّنْبِيهِ، فَإِنْ أَقَرَّ لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يُطَالِبَهُ الْمُدَّعِي. اهـ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ لِأَنَّ الْحُكْمَ حَقُّهُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ فَيَقُولُ قَدْ أَقَرَّ لَك بِمَا ادَّعَيْت فَمَا تُرِيدُ، وَلَا يَقُولُ سَمِعْت إقْرَارَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ حُكْمًا بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِخِلَافِ قَدْ أَقَرَّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَبْلَ الْحُكْمِ لَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ مُلَازَمَتُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَجِيءُ وَجْهٌ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute