للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَحْتَاجُ لِلْيَمِينِ إذَا لَاحَظَ جِهَةَ الْحِسْبَةِ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْعِتْقِ، وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ الطَّلَاقَ، وَنَحْوَهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِنَحْوِ بَيْعٍ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِهِ، أَوْ بِالْإِقْرَارِ بِهِ، وَطَلَبَ الْحُكْمَ بِثُبُوتِهِ فَإِنَّهُ يُجِيبُهُ لِذَلِكَ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الْجَوَاهِرِ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ أَنْ يَحْلِفَ خَوْفًا مِنْ مُفْسِدٍ قَارَنَ الْعَقْدَ، أَوْ طُرُوُّ مُزِيلٍ لَهُ، وَيَكْفِي أَنَّهُ الْآنَ مُسْتَحِقٌّ لِمَا ادَّعَاهُ (وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ) التَّحْلِيفُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ إنْ كَانَ لَهُ دَافِعٌ، وَيَقَعُ أَنَّ الْحَاضِرَ بِالْبَلَدِ يُوَكِّلُ مَنْ يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ حَتَّى يَنْفِيَ عَنْهُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ أَخْذًا مِنْ ظَوَاهِرِ عِبَارَاتٍ تَقْتَضِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ بِصَوَابٍ، بَلْ الْمَجْزُومُ بِهِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِ الْمُوَكِّلِ، وَتِلْكَ الْعِبَارَاتُ مَحْمُولَةٌ عَلَى وَكِيلِ الْغَائِبِ أَيْ: إلَى مَحَلٍّ تُسْمَعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فِيهِ لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَسَكَتُوا عَنْ التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ لِوُضُوحِهِ (تَنْبِيهٌ)

ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ بِنَحْوِ طَلَاقٍ كَأَنْ عَلَّقَهُ بِمُضِيِّ شَهْرٍ فَمَضَى حَكَمَ بِهِ، وَلَا يُنْتَظَرُ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّ تَخَلُّفَهُ بِعُذْرٍ كَمَا مَرَّ مَبْسُوطًا أَوَاخِرَ الطَّلَاقِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ السُّبْكِيّ وُجُوبُ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ حَتَّى فِي الطَّلَاقِ أَيْ: إذَا لَمْ يُلَاحِظْ فِيهِ الْحِسْبَةُ فَإِنَّهُ أَفْتَى فِيمَنْ قَالَ: إنْ مَضَتْ مُدَّةُ كَذَا، وَلَمْ أَدْخُلْ بِهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ، وَهُوَ غَائِبٌ بِأَنَّهُ إنْ شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِبَكَارَتِهَا، وَحَلَفَتْ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ لِأَجْلِ غَيْبَتِهِ حُكِمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَقَوْلُهُ: وَحَلَفَتْ بِالْوَاوِ لَا بِأَوْ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي نُسَخٍ تَحْرِيفًا، وَتَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ: لِأَجْلِ غَيْبَتِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا يَمِينُ اسْتِظْهَارٍ، وَقَدْ يُجْمَعُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي بَيِّنَةٍ شَهَادَةٌ بِإِقْرَارِهِ فَهُوَ الْمُقَصِّرُ بِهِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِلِاسْتِظْهَارِ فِي حَقِّهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَفْرَدَ الضَّمِيرَ لِكَوْنِ الْعَطْفِ بِأَوْ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْتَاجُ لِلْيَمِينِ) هَذَا قَدْ أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، فَإِنَّهُ سُئِلَ هَلْ يَخْتَصُّ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ بِالْأَمْوَالِ، أَوْ يَجْرِي فِي غَيْرِهَا كَالْعِتْقِ، وَالطَّلَاقِ فَأَجَابَ بِالِاخْتِصَاصِ بِهَا، وَلَا يَخْفَى مُخَالَفَتُهُ لِمَا يَأْتِي عَنْ ظَاهِرِ كَلَامِ السُّبْكِيّ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: إذَا لَاحَظَ) أَيْ: فِي حُكْمِهِ جِهَةَ الْحِسْبَةِ أَيْ: مُعْرِضًا عَنْ طَلَبِهِ أَيْ: الْعَبْدُ. اهـ. قُوتٌ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ جِهَةَ الْحِسْبَةِ اقْتَضَتْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْيَمِينُ، وَبِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُلَاحِظْ جِهَتَهَا يَحْتَاجُ لِلْيَمِينِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَبِهِ أَفْتَى إلَخْ.) أَيْ: بِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِلْيَمِينِ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ.) أَيْ: فِي الْقُوتِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ: كَالْوَقْفِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَيِّتٍ، أَوْ غَائِبٍ كَمَا صُوِّرَ بِذَلِكَ فِي الْقُوتِ، وَأَطَالَ هُنَا. اهـ. سم (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْإِقْرَارِ بِهِ) هَذَا يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْإِقْرَارِ، وَلِمَا وَقَعَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ مَعَ م ر، وَكَانَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي شَرْحِهِ ضَرْبًا عَلَيْهِ. اهـ. سم، وَقَدْ مَرَّ آنِفًا مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْإِشْكَالُ، ثُمَّ رَأَيْت عَقِبَ الرَّشِيدِيِّ كَلَامَ سم الْمَذْكُورَ بِمَا نَصُّهُ، وَأَقُولُ لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى ذِكْرُ أَنَّهُ مُقِرٌّ فِي الْحَالِ، وَهُوَ غَيْرُ ذِكْرِ إقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَقَرَّ لِلْبَيِّنَةِ، ثُمَّ أَنْكَرَ الْآنَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَكْفِي إلَخْ.) أَيْ: فِي الْحَلِفِ فِيمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِنَحْوِ بَيْعٍ إلَخْ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَهُوَ الْأَفْيَدُ لِشُمُولِهِ لِجَمِيعِ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: التَّحْلِيفُ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَيَقَعُ إلَخْ.) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ نَعَمْ لَوْ غَابَ الْمُوَكِّلُ فِي مَحَلٍّ تُسْمَعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى، وَهُوَ بِهِ لَمْ يَتَوَقَّفْ الْحُكْمُ بِمَا ادَّعَى بِهِ وَكِيلُهُ عَلَى حَلِفٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِي مَحَلٍّ لَا يُسَوِّغُ سَمَاعَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، وَهُوَ بِهِ فَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ مِنْ حَلِفِهِ. اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ غَابَ إلَخْ. اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَيَجِبُ أَنْ يُحَلِّفَهُ إلَخْ.، وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: لَمْ يَتَوَقَّفْ الْحُكْمُ بِمَا ادَّعَى بِهِ وَكِيلُهُ أَيْ: عَلَى غَائِبٍ، وَقَوْلُهُ: عَلَى حَلِفٍ أَيْ: مِنْ الْمُوَكِّلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْحَاضِرَ بِالْبَلَدِ إلَخْ.) وَكَذَا الْغَائِبُ إلَى مَحَلٍّ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، وَهُوَ بِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ، وَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ إلَخْ.) أَيْ: مَا يَقَعُ، أَوْ الْأَخْذُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ) أَيْ: فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: مَحْمُولَةٌ عَلَى وَكِيلِ الْغَائِبِ) أَيْ: بِأَنْ وَكَّلَ الْغَائِبَ فِي الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: أَيْ: إلَى مَحَلٍّ تُسْمَعُ عَلَيْهِ إلَخْ.) يَنْبَغِي أَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي عَنْ بَعْضِهِمْ فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ مِنْ حُضُورِهِ، وَحَلِفِهِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: بِقَيْدٍ إلَى مَحَلٍّ تُسْمَعُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِمُضِيِّ شَهْرٍ) أَيْ: بِعَدَمِ الْمَجِيءِ إلَى تَمَامِ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: حَكَمَ بِهِ إلَخْ.) جَوَابُ لَوْ الْمُقَدَّرُ قَبْلَ ادَّعَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْتَظِرُ) أَيْ: إلَى حُضُورِهِ (قَوْلُهُ: فَانْقَضَتْ إلَخْ) .

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ قَالَ: إنْ مَضَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُ: إلَخْ.) الْأَوْلَى الْوَاوُ بَدَلُ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهَا) أَيْ: يَمِينَهَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجْمَعُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الِاسْتِيلَاءُ عَلَى نَفْسِهِ، وَالِاسْتِقْلَالُ، وَكَذَا الزَّوْجَةُ، وَغَرَضُ مُدَّعِي نَحْوِ الْبَيْعِ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمَبِيعِ، وَأَنْ يُمَكِّنَهُمْ الْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مُدَّعِي الدَّيْنِ إذَا كَانَ غَرَضُهُ أَنْ يُوَفِّيَهُ الْقَاضِي مِنْ مَالِ الْغَائِبِ الْحَاضِرِ حَيْثُ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ قَالَ: هُوَ مُعْسِرٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْتَاجُ لِلْيَمِينِ) هَذَا قَدْ أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، فَإِنَّهُ سُئِلَ هَلْ يَخْتَصُّ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ بِالْأَمْوَالِ، أَوْ يَجْرِي فِي غَيْرِهَا كَالْعِتْقِ، وَالطَّلَاقِ فَأَجَابَ بِالِاخْتِصَاصِ بِهَا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا أَفْتَى بِهِ أَيْضًا مِنْ تَحْلِيفِهَا فِيمَا إذَا عَلَّقَ الزَّوْجُ بِعَدَمِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا الْآتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ إلَخْ. لِأَنَّ تَحْلِيفَهَا إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْمَالِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ دَعْوَاهَا، وَلَا يَخْفَى مُخَالَفَةُ فَتْوَى شَيْخِنَا لِمَا يَأْتِي عَنْ ظَاهِرِ كَلَامِ السُّبْكِيّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إذَا لَاحَظَ فِي حُكْمِهِ) قُوتٌ (قَوْله أَيْضًا إذَا لَاحَظَ إلَخْ.) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ جِهَةَ الْحِسْبَةِ اقْتَضَتْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْيَمِينُ، وَبِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُلَاحِظْ جِهَتَهَا يَحْتَاجُ لِلْيَمِينِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا إذَا لَاحَظَ جِهَةُ الْحِسْبَةِ) مُعْرِضًا عَنْ طَالِبِهِ أَيْ: الْعَبْدِ قُوتٌ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ: فِي الْقُوتِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَيِّتٍ، أَوْ غَائِبٍ كَمَا صَوَّرَ بِذَلِكَ فِي الْقُوتِ، وَأَطَالَ هُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْإِقْرَارِ بِهِ) هَذَا يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْإِقْرَارِ، وَلِمَا وَقَعَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ مَعَ م ر، وَكَانَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي شَرْحِهِ ضَرْبًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَحْمُولَةٌ عَلَى وَكِيلِ الْغَائِبِ) بِأَنْ وَكَّلَ فِي الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ (قَوْلُهُ: أَيْ: إلَى مَحَلٍّ تُسْمَعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فِيهِ) يَنْبَغِي أَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي عَنْ بَعْضِهِمْ فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا أَيْ: إلَى مَحَلٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>