وَهَذَا فِي بَيِّنَةٍ شَاهِدَةٍ بِفِعْلِهِ، وَهُوَ لِضَعْفِ دَلَالَتِهِ يَحْتَاجُ لِمُقَوٍّ فَوَجَبَتْ هَذَا، وَالْأَوْجَهُ إطْلَاقُ وُجُوبِهَا؛ لِأَنَّهُ الْأَنْسَبُ بِالِاحْتِيَاطِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ أَمْرُ الْغَائِبِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ بِعَدَمِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا فَتَحْلِفُ أَنَّ نَفَقَتَهَا بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ مَا بَرِئَ مِنْهَا بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا فِي قَاضٍ جَعَلَهُ الْمَيِّتُ، وَصِيًّا، وَاعْتَرَفَ عِنْدَهُ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَهُ الْقَضَاءَ بِعِلْمِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُبْرِئُهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَاحْتِيجَ لِيَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ لِنَفْيِ ذَلِكَ، وَنَحْوِهِ، وَبِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ، وَهُوَ مَرِيضٌ، وَأَوْصَى بِقَضَائِهِ، وَفِي الْوَرَثَةِ يَتِيمٌ اُحْتِيجَ لِيَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ إنْ مَضَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ إمْكَانُ أَدَائِهِ، وَفِيهِ إيهَامٌ، وَالْوَجْهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ يَمِينٌ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ حَقٌّ، وَبِبَقَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَمْضِ مُدَّةُ إمْكَانِ أَدَائِهِ لِاحْتِمَالِ الْإِبْرَاءِ، أَوْ نَحْوِهِ (، وَيَجْرِيَانِ) أَيْ: الْوَجْهَانِ كَمَا قَبْلَهُمَا مِنْ الْأَحْكَامِ (فِي دَعْوَى عَلَى صَبِيٍّ، وَمَجْنُونٍ) لَا وَلِيَّ لَهُ، أَوْ لَهُ وَلِيٌّ، وَلَمْ يَطْلُبْ فَلَا تَتَوَقَّفُ الْيَمِينُ عَلَى طَلَبِهِ، وَمَيِّتٍ لَيْسَ لَهُ، وَارِثٌ خَاصٌّ حَاضِرٌ كَالْغَائِبِ، بَلْ، أَوْلَى لِعَجْزِهِمْ عَنْ التَّدَارُكِ فَإِذَا كَمَّلَا، أَوْ قُدِّمَ الْغَائِبُ فَهُمْ عَلَى حُجَّتِهِمْ أَمَّا مَنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ حَاضِرٌ كَامِلٌ فَلَا بُدَّ فِي تَحْلِيفِ خَصْمِهِ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ مِنْ طَلَبِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
مَا مَرَّ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْجَمْعَ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِالنَّظَرِ إلَى إطْلَاقِهِمَا، وَأَمَّا عَلَى تَقْيِيدِ الْأَوَّلِ بِمُلَاحَظَةِ جِهَةِ الْحِسْبَةِ، وَالثَّانِي بِعَدَمِهَا كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ فَلَا فَلِلْجَمْعِ طَرِيقَانِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: ظَاهِرُ كَلَامِ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: بِفِعْلِهِ) وَهُوَ عَدَمُ الدُّخُولِ بِهَا الْمُثْبَتِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى بَقَاءِ بَكَارَتِهَا، وَهُوَ أَيْ: فِعْلُهُ يَعْنِي بَقَاءُ الْبَكَارَةِ فَفِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامٌ لِضَعْفِ دَلَالَتِهِ أَيْ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا وَطْئًا خَفِيفًا فَعَادَتْ الْبَكَارَةُ (قَوْلُهُ:، وَالْأَوْجَهُ إطْلَاقُ وُجُوبِهَا) أَيْ: سَوَاءٌ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ بِفِعْلِهِ، وَظَاهِرُهُ، وَسَوَاءٌ لُوحِظَتْ جِهَةُ الْحِسْبَةِ، أَوْ لَا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ تَعْلِيلُهُ الْآتِي، وَحِينَئِذٍ قَدْ يُخَالِفُ النِّهَايَةَ، فَإِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ إلَخْ.) أَيْ: لِأَنَّ تَحْلِيفَهَا إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْمَالِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ دَعْوَاهَا. اهـ. سم (قَوْلُهُ: فَتَحْلِفُ إلَخْ.) أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ إلَخْ.) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ، وَذِكْرُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ: الْآتِي وَمَيِّتٍ لَيْسَ لَهُ إلَخْ. فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَر.
(قَوْلُهُ: قَدْ يُبَرِّئُهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ) أَيْ: أَوْ يَتَبَيَّنُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَالِاعْتِرَافِ أَنَّهُ قَدْ أَبْرَأَهُ قَبْلَهَا، وَقَدْ يَدَّعِي دُخُولَهُ فِي قَوْلِهِ: الْآتِي وَنَحْوُهُ (قَوْلُهُ: لِنَفْيِ ذَلِكَ) أَيْ: الْإِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ: كَأَدَائِهِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَقَبْلَ الْمَوْتِ، وَإِتْلَافِ دَائِنِهِ، أَوْ أَخْذِهِ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ بِقَدْرِهِ، وَكَوْنِ اعْتِرَافِهِ عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي شَرْحٍ فَلَا تَحْلِيفَ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ: آنِفًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَمْضِ إلَخْ.) أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ يَتِيمٌ، وَطَلَبُوهَا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ الْإِبْرَاءِ إلَخْ.) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَيْ: الْوَجْهَانِ) إلَى قَوْلِهِ: وَخَرَجَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَحْكَامِ) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى إلَّا إنْ كَانَتْ هُنَاكَ حُجَّةٌ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِي نَصْبٌ مُسْتَمِرٌّ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُ الْمَتْنِ فِي دَعْوَى عَلَى صَبِيٍّ إلَخْ.) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ، فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ، وَعَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى الصَّبِيِّ، وَنَحْوِهِ. اهـ. زِيَادِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي (تَنْبِيهٌ)
قَدْ عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ مَا ذُكِرَ هُنَا، وَمَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ دَعْوَى الدَّمِ، وَالْقَسَامَةِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَى صَبِيٍّ، وَمَجْنُونٍ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ حُضُورِ وَلِيِّهِمَا فَتَكُونُ الدَّعْوَى عَلَى الْوَلِيِّ، أَمَّا عِنْدَ غَيْبَتِهِ فَالدَّعْوَى عَلَيْهِمَا كَالدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ فَلَا تُسْمَعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ، وَيَحْتَاجُ مَعَهَا إلَى يَمِينٍ. اهـ. أَقُولُ مَا تَقْتَضِيهِ عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَى نَحْوِ صَبِيٍّ عِنْدَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ حَاضِرٌ هُوَ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ فِي غَائِبٍ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لَا وَلِيَّ لَهُ) إلَى قَوْلِهِ: وَمَيِّتٍ حَاصِلُهُ وُجُوبُ التَّحْلِيفِ مُطْلَقًا عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطْلُبْ) الْأَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ. اهـ. ع ش أَقُولُ، بَلْ الْأَوْلَى الْأَخْصَرُ لَا وَلِيَّ لَهُ، أَوْ لَمْ يَطْلُبْ (قَوْلُهُ: فَلَا تَتَوَقَّفُ الْيَمِينُ عَلَى طَلَبِهِ) خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمَيِّتٍ) إلَى قَوْلِهِ: وَالْفَرْقُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ إلَخْ.) أَيْ: كَامِلٌ أَخْذًا مِنْ مُحْتَرَزِهِ الْآتِي (قَوْلُهُ: كَالْغَائِبِ) أَيْ: قِيَاسًا عَلَى الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى) إضْرَابٌ عَمَّا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ: كَالْغَائِبِ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ) أَيْ: الْوَارِثُ الْخَاصُّ الْغَائِبُ (قَوْلُهُ: فَهُمْ عَلَى حُجَّتِهِمْ) أَيْ: مِنْ قَادِحٍ فِي الْبَيِّنَةِ، أَوْ مُعَارَضَةٍ بِبَيِّنَةٍ بِالْأَدَاءِ، أَوْ الْإِبْرَاءِ مُغْنِي (قَوْلُهُ:، أَمَّا مَنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ إلَخْ.) ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَمَتَى حَكَمَ بِشَاهِدَيْنِ فَبَانَا إلَخْ. مَا نَصُّهُ، وَإِلَّا أَيْ: إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ خَاصٌّ لَمْ تُسْمَعْ أَيْ: الدَّعْوَى إلَّا فِي وَجْهِ وَارِثٍ لَهُ إنْ حَضَرُوا، أَوْ بَعْضُهُمْ. اهـ. وَقُبَيْلَ قَوْلِهِ: وَيَبْطُلُ حَقُّ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ إلَخْ. مَا نَصُّهُ، وَيَكْفِي فِي دَعْوَى دَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ حُضُورُ بَعْضِ وَرَثَتِهِ لَكِنْ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
تُسْمَعُ عَلَيْهِ) ، وَإِلَّا، فَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ مِنْ حُضُورِهِ، وَحَلِفِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَتَوَقَّفُ الْيَمِينُ عَلَى طَلَبِهِ) جَزَمَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِالتَّوَقُّفِ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ حَاضِرٌ كَامِلٌ، فَلَا بُدَّ فِي تَحْلِيفِ خَصْمِهِ إلَخْ) .
، وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَمَتَى حَكَمَ بِشَاهِدَيْنِ فَبَانَا كَافِرَيْنِ، أَوْ عَبْدَيْنِ إلَخْ. مَا نَصُّهُ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ الشَّيْءُ عَلَى الدَّعْوَى لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ لِجَوَابِ خَصْمٍ، وَلَا لِحُضُورِهِ كَدَعْوَى تَوْكِيلِ شَخْصٍ لَهُ، وَلَوْ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ إلَى أَنْ قَالَ: وَكَالدَّعْوَى عَلَى مُمْتَنِعٍ، وَمَنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ كَمَحْجُورٍ، وَغَائِبٍ، وَمَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ، وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ إلَّا فِي وَجْهِ وَارِثٍ لَهُ إنْ حَضَرُوا، أَوْ بَعْضُهُمْ انْتَهَى، وَقِيلَ قَوْلُهُ: وَيَبْطُلُ حَقُّ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ بِنُكُولِهِ إنْ حَضَرَ، وَهُوَ كَامِلٌ إلَخْ. مَا نَصُّهُ، وَيَكْفِي فِي دَعْوَى دَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ حُضُورُ بَعْضِ وَرَثَتِهِ لَكِنْ لَا يَتَعَدَّى الْحُكْمُ لِغَيْرِ الْحَاضِرِ انْتَهَى، وَكَتَبْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute