للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِينَئِذٍ بِخِلَافِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ، وَنُوزِعَا بِتَصْرِيحِ الْغَزَالِيِّ كَإِمَامِهِ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعَقَارِ الْمَقْضِيِّ بِهِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِمَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ، وَغَيْرِهَا قَالَ الْإِمَامُ فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَقْضِي بِبُقْعَةٍ لَيْسَتْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ قُلْنَا: هَذَا غَفْلَةٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَكَمَا أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى مَنْ لَيْسَ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَفِيمَا لَيْسَ فِيهِ كَذَلِكَ، وَعَنْ هَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ بِحَقَائِقِ الْقَضَاءِ قَاضٍ فِي قَرْيَةٍ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِي دَائِرَةِ الْآفَاقِ، وَيَقْضِي عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ إذَا سَاغَ الْقَضَاءُ عَلَى غَائِبٍ فَالْقَضَاءُ بِالدَّارِ الْغَائِبَةِ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ، وَالدَّارُ مُقْضًى بِهَا. اهـ.

قَالَ غَيْرُهُ، وَبَيْعُ الْغَائِبَةِ عَنْ الْغَائِبِ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ قَضَاءٌ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ بِلَا شَكٍّ، بَلْ ذَلِكَ أَوْلَى بِالْقَضَاءِ عَلَى غَائِبٍ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ بِعَيْنٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَيَلْزَمُ السُّبْكِيَّ وَالْغَزِّيَّ، وَمَنْ تَبِعَهُمَا أَنْ يَمْنَعُوا ذَلِكَ، وَلَا أَظُنُّهُمْ يَسْمَحُونَ بِهِ، وَتَقْيِيدُ الرَّافِعِيِّ بِالْحَاضِرِ فِي قَوْلِهِ: إذَا ثَبَتَ عَلَى الْغَائِبِ دَيْنٌ، وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ، وَفَّاهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ لِلْغَالِبِ لِنُدْرَةِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَيَسُّرِ الْقَضَاءِ مِنْ الْمَالِ الْغَائِبِ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ. اهـ.، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ: أَيْضًا قَدْ يَكُونُ لِلْغَائِبِ مَالٌ حَاضِرٌ يُمْكِنُ التَّوْفِيَةُ مِنْهُ، وَقَدْ لَا فَيَسْأَلُ الْمُدَّعِي الْقَاضِيَ إنْهَاءَ الْحُكْمِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ. اهـ. فَقَوْلُهُ: فَيَسْأَلُ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِ هَذَا الْإِنْهَاءِ أَسْرَعَ فِي خَلَاصِ الْحَقِّ، وَأَقْوَى عَلَيْهِ مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي بِهِ مَعَ كَوْنِهِ بِغَيْرِ عَمَلِهِ، وَقَدْ قَالَ الْقَمُولِيُّ فِي الْمُفْلِسِ كَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَهُ، وَصَرَفَهُ فِي دَيْنِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَالُهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ هَذَا الْحَاكِمِ، أَوْ فِي وِلَايَةِ غَيْرِهِ، وَنَقَلَهُ الْأَزْرَقُ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي فَثَبَتَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: لَا شَاهِدَ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ الْغَرِيمَ فِيهِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَلَا كَلَامَ حِينَئِذٍ فِي بَيْعِ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ خَارِجَهَا، وَإِنَّمَا مَحَلُّ الْكَلَامِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمَالِ، وَالْخَصْمِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَلَا شَاهِدَ أَيْضًا فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ، وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِغَيْبَتِهِمَا مَعًا عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَلْيُحْمَلْ عَلَى أَنَّ الْإِنْهَاءَ يُخَالِفُ غَيْرَهُ، أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْخَصْمُ الْغَائِبُ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَالْأَوْلَوِيَّةُ، وَحَمْلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورَانِ مَمْنُوعَانِ إذْ لَا دَلِيلَ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، وَقَدْ اعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ السُّبْكِيّ وَالْغَزِّيِّ فَارِقًا بَيْنَ إنْهَاءِ الْقَاضِي إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا، وَبَيْنَ بَيْعِهِ لِلْمَالِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي مَحَلِّ عَمَلِهِ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ، وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ إذَا غَابَ هُوَ وَمَالُهُ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَيْ: فَيُنْهِيهِ إلَى حَاكِمِ بَلَدٍ هُوَ فِيهَا، أَوْ مَالُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ إذَا خَرَجَا عَنْهَا، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يَجُوزُ سَهْوٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ إحْضَارُهُ لِلدَّعْوَى عَلَيْهِ، وَإِنْ قَرُبَ فَكَيْفَ يَبِيعُ مَالَهُ قَهْرًا عَلَيْهِ.

اهـ. وَمَا عَلَّلَ بِهِ السَّهْوُ هُوَ السَّهْوُ إذْ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ الْإِحْضَارِ، وَالْبَيْعِ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِي فَتَاوِيهِ ذَلِكَ فَمَنَعَ بَيْعَ مَا لَيْسَ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ مُطْلَقًا قَالَ كَمَنْ زَوَّجَ امْرَأَةً لَيْسَتْ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَيْ: الْغَرِيمُ، وَكَذَا ضَمِيرُ كَانَ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْمَالِ، وَمَالِكِهِ (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ إلَخْ.) ، وَهُمَا حُضُورُ الْمَالِكِ، وَغَيْبَتُهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: الْمُقْضَى بِهِ) أَيْ: بِالْعَقَارِ دَيْنُ شَخْصٍ حَاضِرٍ، أَوْ غَائِبٍ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا) الْأَوْلَى التَّذْكِيرُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ:) تَأْيِيدًا، وَتَوْجِيهًا لِعَدَمِ الْفَرْقِ، وَسَيَأْتِي رَدُّهُ بِقَوْلِهِ: وَلَك أَنْ تَقُولَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَيْفَ يُقْضَى إلَخْ.) أَيْ: دَيْنًا عَلَى حَاضِرٍ، أَوْ غَائِبٍ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ: فَكَمَا أَنَّهُ يَقْضِي عَلَى مَنْ لَيْسَ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ إلَخْ.) أَفَادَ بِهِ أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ صَادِقٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَقْضِيُّ بِهِ غَائِبًا أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَفِيمَا لَيْسَ فِيهِ إلَخْ.) أَيْ: فَيُقْضَى عَلَيْهِ فِي عَيْنٍ لَهُ لَيْسَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَعَنْ هَذَا) أَيْ: مِنْ أَجْلِ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ غَيْبَةِ الْمَالِكِ، وَغَيْبَةِ مَالِهِ فِي جَوَازِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: بِحَقَائِقِ الْقَضَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: فِي دَائِرَةِ الْآفَاقِ) أَيْ: عَلَى بِقَاعِ الْأَرْضِ فِي دَائِرَةِ الْآفَاقِ. اهـ. مُغْنِي هَذَا بَيَانٌ لِنُفُوذِ حُكْمِهِ فِيمَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَقَوْلُهُ: وَيَقْضِي عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا بَيَانٌ لِنُفُوذِ حُكْمِهِ عَلَى غَيْرِ مَنْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَقَوْلُهُ: إذَا سَاغَ الْقَضَاءُ عَلَى غَائِبٍ أَيْ: بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ آنِفًا، وَقَوْلُهُ: فَالْقَضَاءُ أَيْ: قَضَاءُ دَيْنِ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: قَالَ غَيْرُهُ:) أَيْ: غَيْرُ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: بَلْ ذَلِكَ) أَيْ: الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: أَوْلَى بِالْقَضَاءِ عَلَى غَائِبٍ إلَخْ.) أَيْ: أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْقَضَاءِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ: الْقَضَاءُ عَلَى غَائِبٍ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ بِعَيْنٍ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: بِهِ أَيْ: بِمَنْعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) .

أَيْ: وَتَبِعَهُ شُرَّاحُ الْمِنْهَاجِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ: قَوْلُ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ: الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: يُحْمَلُ قَوْلُهُ:) أَيْ: الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: فَيَسْأَلُ إلَخْ.) مُتَفَرِّعٌ عَلَى الْمَعْطُوفِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ: قَوْلُ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: فَثَبَتَ إلَخْ.) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَنُوزِعَا إلَى هُنَا (قَوْلُهُ: أَنَّ هَذَا) أَيْ: جَوَازَ بَيْعِ الْقَاضِي لِمَالِ الْغَرِيمِ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَإِنْ غَابَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ: لَا شَاهِدَ فِي هَذَا) أَيْ: فِيمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ: مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: كُلًّا مِنْ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ، وَالْكَلَامِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) لَعَلَّهُ هُوَ مَحَطُّ النَّفْيِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: يُخَالِفُ غَيْرَهُ) أَيْ: بَيْعُ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ: بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ خَبَرُ كَانَ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ خَرَجَ كُلٌّ مِنْ الْمَالِ، وَالْخَصْمِ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَةِ الْحَاكِمِ الْمَنْهِيِّ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: حَاصِلُهُ قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ) لَعَلَّ هُنَا حَذْفًا، وَقَلْبًا، وَالْأَصْلُ كَمَا قَالَ إلَخْ. أَوْ قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ حَاصِلُهُ (قَوْلُهُ: عَنْهَا) الْأَوْلَى التَّذْكِيرُ (قَوْلُهُ: وَخَالَفَ شَيْخُنَا إلَخْ.) وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، فَإِنَّهُ سُئِلَ هَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُ عَنْ الْغَائِبِ عَقَارًا لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَغَيْرِهِ أَمْ لَا كَمَا فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَبِيعَ الْقَاضِي عَنْ الْغَائِبِ عَقَارًا لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إذْ هُوَ فِيهِ كَالْمَعْزُولِ، وَمَا عُزِيَ فِي السُّؤَالِ لِشَرْحِ الرَّوْضِ لَمْ أَرَهُ فِيهِ انْتَهَى. اهـ. سم (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ: كَلَامُ السُّبْكِيّ وَالْغَزِّيِّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَمْ لَا. اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ)

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

حُضُورُهَا عِنْدَهُ.

(قَوْلُهُ: وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِي فَتَاوِيهِ إلَخْ.) ، وَافَقَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، فَإِنَّهُ سُئِلَ هَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقَاضِي يَبِيعُ عَنْ الْغَائِبِ عَقَارًا لَيْسَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَغَيْرِهِ أَمْ لَا كَمَا فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>