وَبَحْثُ تَقْيِيدِهِ بِمَا يَأْتِي عَنْ الْمَطْلَبِ
(وَلَوْ نَادَاهُ) كَاثْنَيْنِ (فِي طَرَفَيْ وِلَايَتِهِمَا) ، وَقَالَ لَهُ: إنِّي حَكَمْت بِكَذَا (أَمْضَاهُ) أَيْ: نَفَّذَهُ، وَكَذَا إذَا كَانَ فِي بَلَدٍ قَاضِيَانِ، وَلَوْ نَائِبًا، وَمُنِيبُهُ، وَشَافَهَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِحُكْمِهِ فَيُمْضِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْخَصْمُ (فَإِنْ اقْتَصَرَ) الْقَاضِي الْكَاتِبُ (عَلَى سَمَاعِ بَيِّنَةٍ كَتَبَ سَمِعْت بَيِّنَةً عَلَى فُلَانٍ) ، وَيَصِفُهُ بِمَا يُمَيِّزُهُ لِيَحْكُمَ عَلَيْهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ (وَيُسَمِّيهَا) وُجُوبًا، وَيَرْفَعُ فِي نَسَبِهَا (إنْ لَمْ يُعَدِّلْهَا) لِيَبْحَثَ الْمَكْتُوبُ لَهُ عَنْ عَدَالَتِهَا، وَغَيْرِهَا حَتَّى يَحْكُمَ بِهَا، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ تَعَيُّنَ تَعْدِيلِهَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي بَلَدِ الْمَكْتُوبِ لَهُ مَنْ يَعْرِفُهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ عَدَّلَهَا (فَالْأَصَحُّ جَوَازُ تَرْكِ التَّسْمِيَةِ) ، وَلَوْ فِي غَيْرِ مَشْهُورِي الْعَدَالَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لَكِنْ خَصَّهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَشْهُورِيهَا، وَذَلِكَ اكْتِفَاءً بِتَعْدِيلِ الْكَاتِبِ لَهَا كَمَا أَنَّهُ إذَا حَكَمَ اسْتَغْنَى عَنْ تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ شَاهِدًا، وَيَمِينًا، أَوْ يَمِينًا مَرْدُودَةً، وَجَبَ بَيَانُهَا؛ لِأَنَّ الْإِنْهَاءَ قَدْ يَصِلُ لِمَنْ لَا يَرَى قَبُولَهَا، وَالْحُكْمُ بِالْعِلْمِ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ نَقْلَهُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ، وَلَوْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِالْإِقْرَارِ لَزِمَهُ بَيَانُهُ، وَلَا يَجْزِمُ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ لِقَبُولِ الْإِقْرَارِ لِلسُّقُوطِ بِدَعْوَى أَنَّهُ عَلَى رَسْمِ الْقَبَالَةِ فَيَطْلُبُ يَمِينَ خَصْمِهِ فَيَرُدُّهَا فَيَحْلِفُ فَيَبْطُلُ الْإِقْرَارُ (وَالْكِتَابُ) ، وَالْإِنْهَاءُ بِلَا كِتَابٍ (بِالْحُكْمِ) مِنْ الْحَاكِمِ لَا الْمُحَكَّمِ (يَمْضِي مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ) ، وَبُعْدِهَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ تَمَّ فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ إلَّا الِاسْتِيفَاءُ (وَبِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا فِي مَسَافَةِ قَبُولِ شَهَادَةٍ عَلَى شَهَادَةٍ) فَيُقْبَلُ مِنْ الْحَاكِمِ لَا الْمُحَكَّمِ أَيْضًا، وَهِيَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى الْآتِيَةِ لِسُهُولَةِ إحْضَارِ الْحُجَّةِ مَعَ الْقُرْبِ، وَمِنْهُ أُخِذَ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ لَوْ تَعَسَّرَ إحْضَارُهَا مَعَ الْقُرْبِ بِنَحْوِ مَرَضٍ قَبْلَ الْإِنْهَاءِ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْمَسَافَةِ بِمَا بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ لَا بِمَا بَيْنَ الْقَاضِي الْمُنْهِي، وَالْغَرِيمِ
(فَرْعٌ)
قَالَ الْقَاضِي وَأَقَرُّوهُ لَوْ حَضَرَ الْغَرِيمُ، وَامْتَنَعَ مِنْ بَيْعِ مَالِهِ الْغَائِبِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ بِهِ عِنْدَ الطَّلَبِ سَاغَ لِلْقَاضِي بَيْعُهُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَكَذَا إنْ غَابَ بِمَحِلِّ وِلَايَتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ التَّاجُ السُّبْكِيُّ وَالْغَزِّيُّ قَالَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِغَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ نِيَابَتُهُ عَنْهُ فِي، وَفَاءِ الدَّيْنِ
ــ
[حاشية الشرواني]
لَهَا كَنَقْلِ الْفَرْعِ شَهَادَةَ الْأَصْلِ فَكَمَا لَا يَحْكُمُ بِالْفَرْعِ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ غَابَ الشُّهُودُ عَنْ بَلَدِ الْقَاضِي لِمَسَافَةٍ يَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ جَازَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ إلَخْ.) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ تَيَسَّرَتْ شَهَادَةُ الْحُجَّةِ. اهـ. أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ غَابَتْ، أَوْ مَرِضَتْ فَيَقْضِي بِهَا سم. اهـ. بُجَيْرِمِيُّ، وَمَرَّ عَنْ الْأَسْنَى مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: بِمَا يَأْتِي) أَيْ: قُبَيْلَ الْفَرْعِ
(قَوْلُهُ: وَقَالَ لَهُ: إنِّي حَكَمْت بِكَذَا) أَيْ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: إنِّي سَمِعْت الْبَيِّنَةَ بِكَذَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ آنِفًا مِنْ الْفَرْقِ (قَوْلُ الْمَتْنِ أَمْضَاهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالْكِتَابِ فِي الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَشَافَهَ أَحَدَهُمَا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْأَصِيلَ، أَوْ النَّائِبَ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِحُكْمِهِ) أَيْ: لَا بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْخَصْمُ) هَلْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: السَّابِقِ، وَإِحْضَارُ الْخَصْمِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ إلَخْ. لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْإِنْهَاءِ بِالْكِتَابِ، وَالْمُشَافَهَةِ، أَوْ كَيْفَ الْحَالُ. اهـ. سم أَقُولُ: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لِلْفَرْقِ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ إحْضَارِ الْخَصْمِ هُنَاكَ، وَهُوَ إثْبَاتُ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ الْغَرَضُ هُنَا إذْ الْقَضَاءُ هُنَا بِالْعِلْمِ، وَأَمَّا التَّفْصِيلُ الْمَارُّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ قَالَ لَسْت الْمُسَمَّى إلَخْ. فَظَاهِرٌ أَنَّ نَظِيرَهُ يَجْرِي هُنَا (قَوْلُهُ: لِيَبْحَثَ الْمَكْتُوبُ لَهُ عَنْ عَدَالَتِهَا) هَلْ يُشْتَرَطُ حُضُورُهَا عِنْدَهُ. اهـ. سم أَقُولُ صَرِيحُ صَنِيعِهِمْ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: الْجَوَازُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: اكْتِفَاءً بِتَعْدِيلِ الْكَاتِبِ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ تَعْدِيلِهَا (تَنْبِيهٌ)
لَوْ أَقَامَ الْخَصْمُ بَيِّنَةً بِجَرْحِ الشُّهُودِ قُدِّمَتْ عَلَى بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ، وَيُمْهَلُ ثَلَاثَةً مِنْ الْأَيَّامِ لِيُقِيمَ بَيِّنَةَ الْجَرْحِ إذَا اسْتَمْهَلَ لَهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَبْرَأَنِي، أَوْ قَضَيْت الْحَقَّ، وَاسْتُمْهِلَ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ قَالَ: أَمْهِلُونِي حَتَّى أَذْهَبَ إلَى بَلَدِهِمْ، وَأُجَرِّحَهُمْ، فَإِنِّي لَا أَتَمَكَّنُ مِنْ جَرْحِهِمْ إلَّا هُنَاكَ، أَوْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ هُنَاكَ دَافِعَةٌ لَمْ يُمْهَلْ بَلْ يُؤْخَذُ الْحَقُّ مِنْهُ، فَإِنْ أَثْبَتَ جَرْحًا، أَوْ دَفْعًا اسْتَرَدَّ مَا سَلَّمَهُ مُغْنِي، وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ) أَيْ: الْحُجَّةُ الْمَسْمُوعَةُ مُعَدِّلَةً، أَوْ لَا. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ يَمِينًا مَرْدُودَةً) صُورَتُهَا مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى حَاضِرٍ فَيُنْكِرَ، وَيَعْجِزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْبَيِّنَةِ، وَيَرُدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي، ثُمَّ غَابَ قَبْلَ الْقَضَاءِ ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِ بَعْدَ تَحْلِيفِ خَصْمِهِ م ر. اهـ. ع ش، وَفِي الْبُجَيْرَمِيِّ عَنْ الْعَنَانِيِّ وَالْحَلَبِيِّ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَجَبَ بَيَانُهَا) لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ حَالَ قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ، أَمَّا لَوْ عَلِمَ، وَكَانَ مُوَافِقًا لِلْقَاضِي الْكَاتِبِ فَلَا يَحْتَاجُ لِمَا ذُكِرَ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ) أَيْ: إنْهَاءُ حُكْمِهِ بِالْعِلْمِ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ نَعَمْ إنْ كَانَتْ شَاهِدًا إلَخْ. السَّابِقُ فِي مُجَرَّدِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ قَدْ وُجِدَ فِيهِ حُكْمٌ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحُكْمَ يَرْفَعُ الْخِلَافَ فَلَا نَظَرَ إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ لِاخْتِلَافِ إلَخْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ، وَقَدَّمْت عَنْ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ فِي هَامِشٍ، وَيُنْهِي إلَيْهِ حُكْمًا مَا يُصَرِّحُ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْبَيَانِ فِي إنْهَاءِ الْحُكْمِ مُطْلَقًا رَاجِعْهُ عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَ الْحُكْمِ الَّذِي قَدْ تَمَّ، وَارْتَفَعَ بِهِ الْخِلَافُ، وَبَيْنَ مُجَرَّدِ الثُّبُوتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخَالِفُ لَا يَرَاهُ حُكْمًا مُعْتَدًّا بِهِ بِحَيْثُ يَجُوزُ لَهُ نَقْضُهُ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِالْإِقْرَارِ) أَيْ: بِبَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عَلَى إقْرَارِ الْغَائِبِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ مَرَضٍ) لِلشُّهُودِ كَغَيْبَتِهِمْ عَنْ بَلَدِ الْقَاضِي أَيْ: بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لِمَسَافَةٍ يَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ. اهـ. أَسْنَى (قَوْلُهُ: لَا الْمُحَكَّمِ أَيْضًا) ، وَالْمُتَّجَهُ قَبُولُ ذَلِكَ أَيْ: الْإِنْهَاءِ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْمُحَكَّمِ. اهـ. نِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ: لَوْ حَضَرَ الْغَرِيمُ) أَيْ: كَانَ حَاضِرًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ غَابَ إلَخْ.)
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَالْمُشَافَهَةِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْخَصْمُ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ: السَّابِقِ، وَإِحْضَارُهُ الْخَصْمَ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ إلَخْ. لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْإِنْهَاءِ بِالْكِتَابِ، وَالْمُشَافَهَةِ، أَوْ كَيْفَ الْحَالُ (قَوْلُهُ: لِيَبْحَثَ الْمَكْتُوبُ لَهُ عَنْ عَدَالَتِهَا) هَلْ يُشْتَرَطُ -