وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا ذِكْرُ بَلَدِهِ، وَسَكَنِهِ، وَمَحَلِّهِ مِنْهَا لَا قِيمَتِهِ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِدُونِهَا (أَوْ لَا يُؤْمَنُ) اشْتِبَاهُهَا كَغَيْرِ الْمَعْرُوفِ مِنْ نَحْوِ الْعَبِيدِ، وَالدَّوَابِّ (فَالْأَظْهَرُ سَمَاعُ) الدَّعْوَى بِهَا اعْتِمَادًا عَلَى الْأَوْصَافِ أَيْضًا لِإِقَامَةِ (الْبَيِّنَةِ) عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ تُمَيِّزُهَا، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَى إقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهَا كَالْعَقَارِ (وَيُبَالِغُ) وُجُوبًا (الْمُدَّعِي فِي الْوَصْفِ) لِلْمِثْلِيِّ بِمَا يُمْكِنُ الِاسْتِقْصَاءُ بِهِ لِيَحْصُلَ التَّمْيِيزُ بِهِ الْحَاصِلُ غَالِبًا بِذَلِكَ، وَاشْتُرِطَتْ الْمُبَالَغَةُ هُنَا دُونَ السَّلَمِ؛ لِأَنَّهَا ثَمَّ تُؤَدِّي لِعِزَّةِ الْوُجُودِ الْمُنَافِيَةِ لِلْعَقْدِ (وَيَذْكُرُ الْقِيمَةَ) فِي الْمُتَقَوِّمِ وُجُوبًا أَيْضًا إذْ لَا يَصِيرُ مَعْلُومًا إلَّا بِهَا أَمَّا ذِكْرُ قِيمَةِ الْمِثْلِيِّ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي وَصْفِ الْمُتَقَوِّمِ فَمَنْدُوبَانِ كَمَا جَرَيَا عَلَيْهِ هُنَا، وَقَوْلُهُمَا فِي الدَّعَاوَى يَجِبُ وَصْفُ الْعَيْنِ بِصِفَةِ السَّلَمِ دُونَ قِيمَتِهَا مِثْلِيَّةً كَانَتْ، أَوْ مُتَقَوَّمَةً مَحْمُولٌ عَلَى عَيْنٍ حَاضِرَةٍ بِالْبَلَدِ يُمْكِنُ إحْضَارُهَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ.
وَقَدْ أَشَارُوا لِذَلِكَ بِتَعْبِيرِهِمْ هُنَا بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْوَصْفِ، وَثَمَّ بِوَصْفِ السَّلَمِ فَمَنْ عَبَّرَ فِي الْبَابَيْنِ بِصِفَاتِ السَّلَمِ فَقَدْ، وَهِمَ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِهَا) أَيْ: بِمَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَعَ خَطَرِ الِاشْتِبَاهِ، وَالْجَهَالَةِ بَعِيدٌ، وَالْحَاجَةُ تَنْدَفِعُ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ بِهَا اعْتِمَادًا عَلَى صِفَاتِهَا، وَالْكِتَابَةِ بِهَا كَمَا قَالَ: (بَلْ يَكْتُبُ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ بِمَا شَهِدَتْ بِهِ) الْبَيِّنَةُ فَإِنْ أَظْهَرَ الْخَصْمُ هُنَاكَ عَيْنًا أُخْرَى مُشَارِكَةً لَهَا بِيَدِهِ، أَوْ يَدِ غَيْرِهِ أَشْكَلَ الْحَالُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ عَمِلَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِالصِّفَةِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا الْكِتَابُ، وَحِينَئِذٍ (فَيَأْخُذُهُ) مِمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ (وَيَبْعَثُهُ إلَى) الْقَاضِي (الْكَاتِبِ لِيَشْهَدُوا عَلَى عَيْنِهِ) لِيَحْصُلَ الْيَقِينُ (وَ) لَكِنْ (الْأَظْهَرُ أَنَّهُ) لَا (يُسَلِّمُهُ لِلْمُدَّعِي) إلَّا (بِكَفِيلٍ)
ــ
[حاشية الشرواني]
الْأَرْبَعَةِ إنْ لَمْ يُعْرَفْ إلَّا بِهَا فَالْمَعْرِفَةُ فِيهِ لَا تَتَقَيَّدُ بِهَا فَقَدْ يُعْرَفُ بِالشُّهْرَةِ إلَخْ. وَقَدْ لَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِ حُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ، بَلْ يَكْتَفِي بِثَلَاثَةٍ، وَأَقَلَّ مِنْهَا فَقَوْلُ الرَّوْضَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا إلَخْ.) هَذَا كُلُّهُ إذَا تَوَقَّفَ التَّعْرِيفُ عَلَى الْحُدُودِ فَلَوْ حَصَلَ التَّعْرِيفُ بِاسْمٍ وُضِعَ بِهَا لَا يُشَارِكُهَا فِيهِ غَيْرُهَا كَدَارِ النَّدْوَةِ بِمَكَّةَ كَفَى كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الدَّعَاوَى، وَإِنْ ادَّعَى أَشْجَارًا فِي بُسْتَانٍ ذَكَرَ حُدُودَهُ الَّتِي لَا يَتَمَيَّزُ بِدُونِهَا وَعَدَدَ الْأَشْجَارِ، وَمَحَلَّهَا مِنْ الْبُسْتَانِ، وَمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا، وَالضَّابِطُ التَّمْيِيزُ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَسَكَنِهِ) يَعْنِي حَارَتَهُ. اهـ. سُلْطَانٌ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ مِنْهَا) أَيْ: هَلْ هُوَ فِي أَوَّلِهَا، أَوْ آخِرِهَا، أَوْ، وَسَطِهَا. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ: السِّكَّةِ. اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ الْعَبِيدِ، وَالدَّوَابِّ) أَيْ: مِنْ سَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ، وَأَمَّا الْعَقَارُ فَلَا يَكُونُ إلَّا مَأْمُونَ الِاشْتِبَاهِ إمَّا بِالشُّهْرَةِ، وَإِمَّا بِالتَّحْدِيدِ كَمَا مَرَّ. اهـ. رَشِيدِيٌّ، وَيُفِيدُهُ أَيْضًا قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي كَالْعَقَارِ. اهـ. بِكَافِ الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ: كَمَا فِي الْمَعْرُوفِ السَّابِقِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: بِمَا يُمْكِنُ إلَخْ.) أَيْ: بِذِكْرِهِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، وَالْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: لِلْعَقْدِ) أَيْ: لِصِحَّةِ عَقْدِ السَّلَمِ (قَوْلُهُ: كَمَا جَرَيَا عَلَيْهِ إلَخْ.) أَيْ: فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: مِثْلِيَّةً كَانَتْ، أَوْ مُتَقَوَّمَةً) أَيْ: فَخَالَفَ مَا هُنَا فِي الْمُتَقَوَّمَةِ. اهـ. بُجَيْرِمِيُّ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى عَيْنٍ حَاضِرَةٍ إلَخْ.) سَيَأْتِي أَنَّ الْحَاضِرَةَ يَجِبُ فِيهَا ذِكْرُ الصِّفَاتِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَوَّمَةً قَالَ سم وَكَانَ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاضِرَ بِالْبَلَدِ تَسْهُلُ مَعْرِفَتُهُ فَاشْتُرِطَ، وَصْفُهُ فِي الدَّعْوَى، وَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ لَا تُسْمَعُ إلَّا عَلَى عَيْنِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا انْتَهَى. أَيْ: فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ: الْآتِي، أَوْ غَائِبَةً عَنْ الْمَجْلِسِ لَا الْبَلَدِ أَمَرَ بِإِحْضَارِ مَا يُمْكِنُ إلَخْ.؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى، وَمَا يَأْتِي مِنْ تَكْلِيفِ الْإِحْضَارِ بِالنِّسْبَةِ لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ بِعَيْنِهِ. اهـ. بُجَيْرِمِيُّ قَالَ الْمُغْنِي: وَبِذَلِكَ الْحَمْلِ انْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ أَنَّ كَلَامَهُمَا هُنَا يُخَالِفُ مَا فِي الدَّعَاوَى، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَعَ اعْتِمَادِهِ مَا فِي الدَّعَاوَى كَلَامَ الْمَتْنِ فِي غَيْرِ النَّقْدِ، أَمَّا هُوَ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ ذِكْرَ الْجِنْسِ، وَالنَّوْعِ، وَالصِّحَّةِ، وَالتَّكَسُّرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَمَنْ عَبَّرَ إلَخْ.) تَعْرِيضٌ لِابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ: بِمَا قَامَتْ إلَخْ.) أَيْ: بِعَيْنٍ مِثْلِيَّةٍ، أَوْ مُتَقَوَّمَةٍ قَامَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مَعَ خَطَرِ الِاشْتِبَاهِ إلَخْ.) أَيْ: خَوْفِهِ. اهـ. بُجَيْرِمِيُّ (قَوْلُهُ: وَالْكِتَابَةُ إلَخْ.) أَيْ: مَعَهَا، وَقَوْلُهُ: بِهَا أَيْ: بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَدِ غَيْرِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا بِيَدِ غَيْرِهِ، وَهِيَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ) أَيْ: فَيَبْعَثُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ لِيَطْلُبَ مِنْ الشُّهُودِ زِيَادَةَ تَمْيِيزٍ لِلْعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ زِيَادَةً عَلَى الصِّفَاتِ الْمَكْتُوبَةِ وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ ع ش وَبُجَيْرِمِيُّ (قَوْلُهُ: بِالصِّفَةِ الَّتِي إلَخْ.) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ إذَا وَجَدَهُ بِالصِّفَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) لَا مَوْقِعَ لَهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَيَأْخُذُهُ أَيْ: الْمُدَّعَى بِهِ، وَيَبْعَثُهُ إلَخْ.) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ يَتَعَذَّرُ بَعْثُهُ كَالْعَقَارِ الْغَيْرِ الْمَعْرُوفِ، أَوْ يَتَعَسَّرُ كَالشَّيْءِ الثَّقِيلِ، أَوْ يُورِثُ قَلْعُهُ ضَرَرًا كَالْمُثَبَّتِ فِي جِدَارٍ، وَسَأَلْت الطَّبَلَاوِيَّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا يَجْرِي فِيهِ مَا ذَكَرَهُ انْتَهَى. اهـ. سم، وَقَالَ م ر يَتَدَاعَيَانِ عِنْدَ قَاضِي بَلَدِ الْعَيْنِ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ.
بُجَيْرِمِيُّ (قَوْلُهُ: وَيَبْعَثُهُ إلَى الْقَاضِي إلَخْ.) لَيْسَ فِيهِ إفْصَاحٌ عَنْ أَنَّ الْبَعْثَ جَائِزٌ، أَوْ وَاجِبٌ وَلَا عَنْ مَحَلِّ مُؤْنَةِ الْبَعْثِ. اهـ. سم، وَإِنَّمَا نَفَى الْإِفْصَاحَ لَا أَصْلَ الدَّلَالَةِ فِي الْبَعْثِ لِقَوْلِهِمْ أَنَّ مُطْلَقَاتِ الْعُلُومِ ضَرُورِيَّةٌ، وَأَمَّا نَفْيُهُ عَنْ مَحَلِّ مُؤْنَةِ الْبَعْثِ فَقَدْ يَمْنَعُ بِأَنَّ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ كَالذَّهَابِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَحَيْثُ، أَوْجَبْنَا الْإِحْضَارَ إلَخْ. مُفْصِحٌ بِذَلِكَ (قَوْلُ الْمَتْنِ لِيَشْهَدُوا عَلَى عَيْنِهِ) أَيْ: فَفَائِدَةُ الشَّهَادَةِ الْأُولَى نَقْلُ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ. اهـ. بُرُلُّسِيٌّ وَسَمِّ (قَوْلُهُ: لِيَحْصُلَ الْيَقِينُ) هُوَ مُرَادِفٌ لِلْعِلْمِ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا فَقَالَ الْيَقِينُ حُكْمُ الذِّهْنِ الْجَازِمِ الَّذِي لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الشَّكُّ، وَالْعِلْمُ أَعَمُّ، وَعَلَى هَذَا كَانَ االْأَنْسَبُ التَّعْبِيرَ بِالْعِلْمِ. اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُهُ إلَّا بِكَفِيلٍ) زِيَادَةً لَا مَعَ إلَّا تُوهِمُ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ يَقُولُ: يُسَلِّمُهُ بِلَا كَفِيلٍ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْعَقَارِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَعْرُوفَاتٍ (قَوْلُهُ: اعْتِمَادًا عَلَى الْأَوْصَافِ أَيْضًا) أَيْ: كَمَا فِي الْمَعْرُوفِ السَّابِقِ فَيَأْخُذُهُ، وَيَبْعَثُهُ اُنْظُرْ لَوْ كَانَ يَتَعَذَّرُ بَعْثُهُ كَالْعَقَارِ، أَوْ يَتَعَسَّرُ كَالشَّيْءِ الثَّقِيلِ، أَوْ يُورِثُ قَلْعُهُ ضَرَرًا كَالْمُثَبَّتِ فِي جِدَارٍ (قَوْلُهُ: وَيَبْعَثُهُ) لَيْسَ فِيهِ إفْصَاحٌ عَنْ أَنَّ الْبَعْثَ جَائِزٌ، أَوْ، وَاجِبٌ، وَلَا عَنْ مَحَلِّ مُؤْنَةِ الْبَعْثِ (قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute