وَيَظْهَرُ وُجُوبُ كَوْنِهِ ثِقَةً مَلِيًّا قَادِرًا لِيُطِيقَ السَّفَرَ لِإِحْضَارِهِ، وَلِيُصَدَّقَ فِي طَلَبِهِ (بِبَدَنِهِ) احْتِيَاطًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى إذَا لَمْ يُعَيِّنْهُ الشُّهُودُ طُولِبَ بِرَدِّهِ نَعَمْ الْأَمَةُ الَّتِي تَحْرُمُ خَلْوَتُهُ بِهَا لَا تُرْسَلُ مَعَهُ، بَلْ مَعَ أَمِينٍ مَعَهُ فِي الرُّفْقَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ هُنَا إلَى نَحْوِ مَحْرَمٍ، أَوْ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ تَمْنَعُ الْخَلْوَةَ، وَلَوْ قِيلَ: بِهِ لَمْ يَبْعُدْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ يَشُقُّ فَسُومِحَ فِيهِ مُسَارَعَةً لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ، وَفِيهِ مَا فِيهِ، وَيُسَنُّ أَنْ يَخْتِمَ عَلَى الْعَيْنِ، وَأَنْ يُعَلِّقَ قِلَادَةً بِعُنُقِ الْحَيَوَانِ بِخَتْمٍ لَازِمٍ لِئَلَّا يُبَدَّلَ بِغَيْرِهِ (فَإِنْ) ذَهَبَ بِهِ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَ (شَهِدُوا) عِنْدَهُ (بِعَيْنِهِ كَتَبَ بِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ) بَعْدَ تَتْمِيمِ الْحُكْمِ، وَتَسْلِيمِ الْعَيْنِ لِلْمُدَّعِي، وَلَمْ يَحْتَجْ لِإِرْسَالِ ثَانٍ (، وَإِلَّا) يَشْهَدُوا بِعَيْنِهِ (فَعَلَى الْمُدَّعِي مُؤْنَةُ الرَّدِّ) كَالذَّهَابِ لِظُهُورِ تَعَدِّيهِ، وَعَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ أُجْرَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ إنْ كَانَتْ لَهُ مَنْفَعَةٌ؛ لِأَنَّهُ عَطَّلَهَا عَلَى صَاحِبِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ
(أَوْ) ادَّعَى عَيْنًا غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ لِلْقَاضِي، وَلَا مَشْهُورَةٍ لِلنَّاسِ (غَائِبَةً عَنْ الْمَجْلِسِ لَا الْبَلَدِ) .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ قَرِيبَةً مِنْ الْبَلَدِ، وَسَهُلَ إحْضَارُهَا، وَسَبَقَهُ إلَيْهِ فِي الْمَطْلَبِ فَقَالَ: الْغَائِبَةُ عَنْ الْبَلَدِ بِمَسَافَةِ الْعَدْوَى أَيْ: وَهِيَ فِي مَحِلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي كَاَلَّتِي فِي الْبَلَدِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي وُجُوبِ الْإِحْضَارِ (أَمَرَ بِإِحْضَارِ مَا يُمْكِنُ) أَيْ: يَتَيَسَّرُ مِنْ غَيْرِ كَبِيرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (إحْضَارُهُ) لِيَدَّعِيَ وَ (لِيَشْهَدُوا بِعَيْنِهِ) لِتَوَصُّلِهِ بِهِ لِحَقِّهِ فَوَجَبَ كَمَا يَجِبُ عَلَى الْخَصْمِ الْحُضُورُ عِنْدَ الطَّلَبِ (وَلَا تُسْمَعُ) حِينَئِذٍ (شَهَادَةٌ بِصِفَةٍ) كَمَا فِي الْخَصْمِ
ــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلِهِ: الْآتِي، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ إلَخْ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ أَيْ: الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ يُسَلِّمُهُ إلَى الْمُدَّعِي بَعْدَ أَنْ يُحَلِّفَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّ الْمَالَ هُوَ الَّذِي شَهِدَ بِهِ شُهُودُهُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّسْلِيمُ بِكَفِيلٍ بِبَدَنِهِ أَيْ: الْمُدَّعِي، وَقِيلَ لَا يَكْفُلُهُ بِبَدَنِهِ، بَلْ يَكْفُلُهُ بِقِيمَةِ الْمَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وُجُوبُ كَوْنِهِ) أَيْ: الْكَفِيلِ (قَوْلُهُ: مَلِيًّا) مَا وَجْهُ اعْتِبَارِ الْمُلَاءَةِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا مَا يَتَأَتَّى مَعَهُ السَّفَرُ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَلْيَصْدُقْ إلَخْ.) بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنْ الصِّدْقِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ التَّصْدِيقِ (قَوْلُهُ: احْتِيَاطًا) إلَى قَوْلِهِ: وَأَمَّا ثَقِيلٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَظَاهِرُهُ إلَى، وَيُسَنُّ أَيْ: وَهِيَ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي، وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ كَبِيرِ مَشَقَّةٍ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: لِيَدَّعِيَ، وَقَوْلُهُ: لِتَوَصُّلِهِ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لَا تُرْسَلُ مَعَهُ) أَيْ: مَعَ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ: بَلْ مَعَ أَمِينٍ فِي الرُّفْقَةِ إلَخْ.) وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْمُدَّعِي، وَلَوْ أَمِينًا حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهِ نَحْوُ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي مِنْ الطَّمَعِ فِيهَا مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ فَالتُّهْمَةُ فِيهِ أَقْوَى. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُعَلِّقَ قِلَادَةً بِعُنُقِ الْحَيَوَانِ) الْأَوْلَى، وَعَلَى قِلَادَةٍ تُجْعَلُ بِعُنُقِ الْحَيَوَانِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالرَّوْضِ، وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَيُسَنُّ أَنْ يَخْتِمَ عَلَى الْعَيْنِ حِينَ تَسْلِيمِهَا بِخَتْمٍ لَازِمٍ لِئَلَّا تُبَدَّلَ بِمَا يَقَعُ بِهِ اللَّبْسُ عَلَى الشُّهُودِ، فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا جَعَلَ فِي عُنُقِهِ قِلَادَةً، وَخَتَمَ عَلَيْهَا. اهـ. وَفِي الْبُجَيْرَمِيِّ قَوْلُهُ: رَقِيقًا لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ حَيَوَانًا. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخَتْمٍ لَازِمٍ) أَيْ: لَا يُمْكِنُ زَوَالُهُ كَنِيلَةٍ فَلَا يَكْتَفِي بِخَتْمِهِ بِحِبْرٍ، وَنَحْوِهِ. اهـ. بُجَيْرِمِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْعَشْمَاوِيِّ (قَوْلُهُ: ذَهَبَ بِهِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ إحْضَارُهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: أَيْ: وَهِيَ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي (قَوْلُ الْمَتْنِ بِعَيْنِهِ) أَيْ: عَلَى عَيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ (قَوْلُهُ: كَالذَّهَابِ) عِبَارَةُ كَنْزِ الْأُسْتَاذِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي مُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ أَيْضًا انْتَهَتْ. اهـ.
، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ قَوْلِهِ: فَإِنْ شَهِدُوا بِعَيْنِهَا حُكِمَ بِهَا لِلْمُدَّعِي، وَسَلَّمَهَا نَصُّهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْخَصْمِ بِمُؤْنَةِ الْإِحْضَارِ. اهـ. وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ مُؤْنَةَ الْإِحْضَارِ تُؤْخَذُ مِنْ الْمُدَّعِي، ثُمَّ إنْ ثَبَتَ الْعَيْنُ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْخَصْمِ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي آخِرَ الْفَصْلِ، وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الْحُضُورَ إلَخْ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ تَعَدِّيهِ) وَلِهَذَا كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: تِلْكَ الْمُدَّةِ) أَيْ: مُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ. اهـ. مُغْنِي
(قَوْلُهُ: غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ إلَخْ.) سَيُذْكَرُ مُحْتَرَزُهُ (قَوْلُهُ: لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي وُجُوبِ الْإِحْضَارِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ وُجُوبَ الْإِحْضَارِ حُكْمُ الْأَصْلِ لَا جَامِعٌ فَكَانَ الصَّوَابُ فِي تَيَسُّرِ الْإِحْضَارِ (قَوْلُ الْمَتْنِ أُمِرَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ: أَمَرَ الْقَاضِي الْخَصْمَ، أَوْ مَنْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِيَدَّعِيَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالصِّفَةِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَفْهَمَ نَفْيُ الِاقْتِصَارِ عَلَى سَمَاعِ الشَّهَادَةِ بِالصِّفَةِ جَوَازَ الدَّعْوَى، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ انْتَهَى. اهـ. سم أَقُولُ، وَكَذَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُغْنِي فَقَالَ عَقِبَ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَا تُسْمَعُ شَهَادَةٌ بِصِفَةٍ مَا نَصُّهُ لِعَيْنٍ غَائِبَةٍ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَإِنْ سُمِعَتْ الدَّعْوَى بِهَا اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ بِعَيْنِهِ) أَيْ: عَلَيْهَا. اهـ. مُغْنِي
(قَوْلُهُ: لِتَوَصُّلِهِ إلَخْ.) قَدْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: الْآتِي كَمَا فِي الْخَصْمِ الْغَائِبِ إلَخْ. عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لِتَيَسُّرِ ذَلِكَ. اهـ. زَادَ الْمُغْنِي، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ بُعْدُ الْمَسَافَةِ، وَكَثْرَةُ الْمَشَقَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) إشَارَةٌ إلَى سَمَاعِ الشَّهَادَةِ بِالصِّفَةِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ -
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَيَظْهَرُ وُجُوبُ كَوْنِهِ ثِقَةً مَلِيًّا) مَا وَجْهُ اعْتِبَارِ الْمُلَاءَةِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا مَا يَتَأَتَّى مَعَهُ السَّفَرُ (قَوْلُهُ: بَلْ مَعَ أَمِينٍ) إنْ حَلَّتْ خَلْوَةُ ذَلِكَ الْأَمِينِ بِهَا فَقَدْ اُحْتِيجَ هُنَا إلَى نَحْوِ مَحْرَمٍ، وَإِلَّا فَمَا الْمُرَجِّحُ لِإِرْسَالِهَا مَعَهُ دُونَ الْمُدَّعِي إذَا كَانَ أَمِينًا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي بِهَا مِنْ الطَّمَعِ فِيهَا مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ فَالتُّهْمَةُ فِيهِ أَقْوَى (قَوْلُهُ: مُؤْنَةُ الرَّدِّ كَالذَّهَابِ إلَخْ.) سَكَتَ عَنْ مُؤْنَةِ إحْضَارِهِ إذَا شَهِدُوا بِعَيْنِهِ عَلَى مَنْ هِيَ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ قَوْلِ الرَّوْضِ، فَإِنْ شَهِدُوا بِعَيْنِهَا حَكَمَ بِهَا لِلْمُدَّعِي، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ مَا نَصُّهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْخَصْمِ بِمُؤْنَةِ الْإِحْضَارِ انْتَهَى.، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ مُؤْنَةَ الْإِحْضَارِ تُؤْخَذُ مِنْ الْمُدَّعِي، ثُمَّ إنْ ثَبَتَ الْعَيْنُ لَهُ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْخَصْمِ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي آخِرَ الْفَصْلِ، وَحَيْثُ، أَوْجَبْنَا الْإِحْضَارَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُصَنِّفِ أَيْضًا فَعَلَى الْمُدَّعِي مُؤْنَةُ الرَّدِّ) عِبَارَةُ كَنْزِ الْأُسْتَاذِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي مُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ أَيْضًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِيَدَّعِيَ، وَلِيُشْهِدُوا إلَخْ.) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالصِّفَةِ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَفْهَمَ نَفْيُ الِاقْتِصَارِ عَلَى سَمَاعِ الشَّهَادَةِ بِالصِّفَةِ جَوَازَ الدَّعْوَى، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ فَقَالَ: وَالدَّعْوَى بِالْعَبْدِ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي بِعَيْنِهِ مَسْمُوعَةٌ عَلَى الْوَصْفِ لَا مَحَالَةَ إذْ قَدْ لَا يَقْدِرُ الْمُدَّعِي عَلَى إحْضَارِ الْعَبْدِ، وَهُوَ فِي يَدِ الْخَصْمِ. اهـ. (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) إشَارَةٌ إلَى سَمَاعِ الشَّهَادَةِ بِالصِّفَةِ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي قَوْلِهِ: الْآتِي، وَأَمَّا مَا لَا يَسْهُلُ