للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاللَّفْظِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَا كَذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِأَنَّهُ قَالَ وَكَّلْتُك فِي كَذَا وَآخَرُ بِأَنَّهُ قَالَ سَلَّطْتُك عَلَيْهِ أَوْ فَوَّضْته إلَيْكَ أَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ، وَالْآخَرُ بِالْإِبْرَاءِ مِنْهُ فَلَا يُلَفَّقَانِ. اهـ.

فَقَوْلُهُ النَّقْلُ بِالْمَعْنَى كَالنَّقْلِ بِاللَّفْظِ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّعْبِيرُ عَنْ الْمَسْمُوعِ بِمُرَادِفِهِ الْمُسَاوِي لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَا غَيْرُ، وَيُؤَيِّدُ قَوْلِي وَكَأَنَّ الْغَرَضَ إلَى آخِرِهِ قَوْلُهُمْ لَوْ شَهِدَ لَهُ وَاحِدٌ بِبَيْعٍ، وَآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ لَمْ يُلَفِّقَا فَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا وَشَهِدَ بِمَا شَهِدَ بِهِ الْآخَرُ قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْضُرَ الْأَمْرَيْنِ فَتَعْلِيلُهُمْ هَذَا صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْته فَتَأَمَّلْهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْمُتَنَقِّبَةِ أَنَّ مَحَلَّ قَبُولِهِ هُنَا إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الدِّيَانَةِ وَالْمَعْرِفَةِ وَلَوْ شَهِدَ لَهُ وَاحِدٌ بِأَلْفٍ وَآخَرُ بِأَلْفَيْنِ ثَبَتَ الْأَلْفُ وَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ بِالْأَلْفِ الزَّائِدَةِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ اعْتِمَادُ قَوْلِ الْعَبَّادِيِّ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ هَذَا، وَآخَرُ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ هَذَا وَهَذِهِ لُفِّقَتَا فِيهِ وَأَنَّ اسْتِغْرَابَ الْهَرَوِيِّ لَهُ غَيْرُ وَاضِحٍ وَلَوْ أَخْبَرَ عَدْلٌ الشَّاهِدَ بِمُضَادِّ شَهَادَتِهِ فَفِي حِلِّ تَرْكِهَا إنْ ظَنَّ صِدْقَهُ وَجْهَانِ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ الْمَنْعَ وَبَعْضُهُمْ الْجَوَازَ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِالظَّنِّ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ اُخْتُصَّتْ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِقَادِ فَإِنْ اعْتَقَدَ صِدْقَهُ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ جَزْمُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ الْحَاكِمُ بِرُجُوعِ الشَّاهِدِ فَإِنْ ظَنَّ صُدِّقَ الْمُخْبِرُ أَيْ: اعْتَقَدَهُ تَوَقَّفَ عَنْ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَلَا وَمَنْ شَهِدَ بِإِقْرَارٍ مَعَ عِلْمِهِ بَاطِنًا بِمَا يُخَالِفُهُ لَزِمَهُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ

(وَشَرْطُ الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ) كُلِّ كَبِيرَةٍ مِنْ أَنْوَاعِ (الْكَبَائِرِ) ؛ لِأَنَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَةِ فَاسِقٌ وَهِيَ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كُلُّ جَرِيمَةٍ تُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَرِقَّةِ الدِّيَانَةِ وَهَذَا لِشُمُولِهِ أَيْضًا لِصَغَائِر الْخِسَّةِ وَلِلْإِصْرَارِ عَلَى صَغِيرَةِ الْآتِي أَشْمَلُ مِنْ حَدِّهَا بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَهَا لَا حَدَّ فِيهِ أَوْ بِمَا فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ بِنَصِّ الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِمَّا عَدُّوهُ كَبَائِرَ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ كَالظِّهَارِ وَأَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَكَثِيرًا مِمَّا عَدُّوهُ صَغَائِرَ فِيهِ ذَلِكَ كَالْغِيبَةِ كَمَا بَيَّنْت ذَلِكَ كُلَّهُ مَعَ تَعْدَادِهَا عَلَى وَجْهٍ مَبْسُوطٍ بِحَيْثُ زَادَتْ عَلَى الْأَرْبَعِمِائَةِ وَمَعَ أَدِلَّةِ كُلٍّ

ــ

[حاشية الشرواني]

بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَا كَذَلِكَ فِي الْعَقْدِ) اُنْظُرْ مَا مُرَادُهُ بِهِ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ وَقَدْ يُصَوِّرُ كَلَامُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْغَزِّيِّ بِأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ قَالَ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا وَآخَرُ بِأَنَّهُ قَالَ مَلَّكْتُك هَذَا بِكَذَا (قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ إلَخْ) لَعَلَّ الْأَوْلَى كَأَنْ شَهِدَ إلَخْ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ مِنْ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ إلَخْ) أَيْ: كَمَا تَدُلُّ لَهُ أَمْثِلَتُهُ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَتَعْلِيلُهُمْ هَذَا صَرِيحٌ إلَخْ) إنْ أَرَادَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَهُ بِإِطْلَاقِهِ فَمَحَلُّ نَظَرٍ بَلْ صَرِيحٌ أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي رَدِّهِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِالرُّجُوعِ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهُوَ كَذَلِكَ وَالْأَمْرُ حِينَئِذٍ وَاضِحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ قَبُولِهِ) أَيْ مَنْ رَجَعَ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِأَلْفَيْنِ إلَخْ) لَعَلَّ الدَّعْوَى بِأَلْفَيْنِ لِتَصْحِيحِ الشَّهَادَةِ بِالْأَلْفِ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: لُفِّقَتَا فِيهِ) أَيْ: فِيمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ الْعَيْنَيْنِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْبَرَ عَدْلٌ إلَخْ) لَعَلَّهُ عَدْلُ رِوَايَةٍ إذْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ ظَنَّ صِدْقَهُ بَلْ قِيَاسُ النَّظَائِرِ أَنَّ الْفَاسِقَ كَذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: الْمَنْعَ) أَيْ مَنْعَ التَّرْكِ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهُمْ الْجَوَازَ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ عِبَارَتُهُ وَلَوْ أَخْبَرَ الشَّاهِدَ عَدْلٌ بِمَا يُنَافِي شَهَادَتَهُ جَازَ لَهُ اعْتِمَادُهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَخْبَرَ الْحَاكِمُ بِرُجُوعِ الشَّاهِدِ فَإِنْ ظَنَّ صِدْقَ الْمُخْبِرِ تَوَقَّفَ عَنْ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَلَا. اهـ.

وَيُؤَيِّدُهُ الْخَبَرُ الْمُتَقَدِّمُ عَنْ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَوَالِدِهِ كَمَا مَرَّ آنِفًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا دَلِيلٌ عَلَيْهِ لَا لَهُ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ تَرْكُ الشَّهَادَةِ وَقَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى الشَّرْطِ الْوُجُوبُ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ ذَلِكَ جَوَازٌ بَعْدَ الِامْتِنَاعِ فَيَشْمَلُ الْوُجُوبَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي ع ش كُلًّا مِنْ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ الْمَذْكُورَيْنِ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَتُهُ مَعَ أَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِإِقْرَارِهِ وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ ع ش مَا لَا يَشْفِي رَشِيدِيٌّ عِبَارَتُهُ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاكِمَ يَثْبُتُ فِي بَيَانِ الْحَقِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ أَقَرَّ نَاسِيًا أَوْ ظَانًّا بَقَاءَ الْحَقِّ مَعَ كَوْنِهِ فِي الْوَاقِعِ غَيْرَ ثَابِتٍ. اهـ.

وَيَأْتِي قُبَيْلَ الشَّرْطِ الرَّابِعِ مِنْ شُرُوطِ الْأَدَاءِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِذَلِكَ الشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِالْإِقْرَارِ إلَّا إنْ قَلَّدَ الْقَائِلَ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ إنْشَاءٌ لِلْمِلْكِ لَا إخْبَارٌ بِهِ رَاجِعْهُ

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَشَرْطُ الْعَدَالَةِ) أَيْ تَحَقُّقُهَا اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ وَالْمُرَادُ بِهَا بِقَرِينَةِ التَّعَارِيفِ الْآتِيَةِ غَيْرِ الْكَبَائِرِ الِاعْتِقَادِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْبِدَعُ فَإِنَّ الرَّاجِحَ قَبُولُ شَهَادَةِ أَهْلِهَا مَا لَمْ نُكَفِّرْهُمْ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَمَا فِي مَعْنَاهَا) أَيْ مَعْنَى الْكَبِيرَةِ. (قَوْلُهُ: كُلُّ جَرِيمَةٍ إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظَةِ كُلِّ وَقَوْلُهُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا إلَخْ أَيْ قِلَّةِ اعْتِنَائِهِ بِالدِّينِ بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَرِقَّةِ الدِّيَانَةِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ ع ش. (قَوْلُهُ: لِشُمُولِهِ إلَخْ) لَعَلَّ اللَّامَ بِمَعْنَى مَعَ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ: كَشُمُولِهِ لِلْكَبَائِرِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُذْكَرَ عَقِبَ قَوْلِهِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَكْثَرَهَا لَا حَدَّ فِيهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ عَدُّوا الرِّبَا، وَأَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ، وَشَهَادَةَ الزُّورِ وَنَحْوَهَا مِنْ الْكَبَائِرِ وَلَا حَدَّ فِيهَا أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا فِيهِ إلَخْ) الْأَوْلَى وَبِمَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِمَا فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ إلَخْ) اخْتَارَ النِّهَايَةُ وَالْأَسْنَى وَالْمُغْنِي هَذَا الْحَدَّ، ثُمَّ قَالَ الْأَوَّلُ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ الْحَدِّ عَدُّهُمْ كَبَائِرَ لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ كَالظِّهَارِ إلَخْ قَالَ ع ش أَيْ لِجَوَازِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ كَبِيرَةٌ وَأَنَّ مَا لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ فِيهِ تَفْصِيلٌ. اهـ.

وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ اُنْظُرْ مَا وَجْهُ عَدَمِ الْقَدْحِ وَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ ع ش يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْحَدَّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا. اهـ. .

(قَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ) أَيْ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ. (قَوْلُهُ: كَمَا بَيَّنْت ذَلِكَ) أَيْ عَدَمَ جَامِعِيَّةِ الْحَدَّيْنِ الْأَخِيرَيْنِ وَعَدَمَ مَانِعِيَّةِ الْأَخِيرِ. (قَوْلُهُ: مَعَ تَعْدَادِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي هَذَا ضَبْطُهَا بِالْحَدِّ، وَأَمَّا بِالْعَدِّ فَأَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

لَا يَمْتَنِعُ فِي الْحِكَايَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ النَّحْوِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ جَزْمُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ الْحَاكِمُ بِرُجُوعِ الشَّاهِدِ إلَخْ) وَلَوْ أَخْبَرَ الشَّاهِدُ عَدْلٌ بِمَا يُنَافِي شَهَادَتَهُ جَازَ لَهُ اعْتِمَادُهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ وَإِلَّا فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>