وَمَا قِيلَ فِيهِ وَبُحِثَ حَمْلُ مَا نُقِلَ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْغِيبَةَ كَبِيرَةٌ وَمَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ عَلَى غَيْرِ الْفَاسِقِ بِخِلَافِهِ فَإِنْ ذَكَرَهُ بِمَا لَمْ يُعْلِنْ بِهِ صَغِيرَةً وَفِي كِتَابِي الزَّوَاجِرِ عَنْ اقْتِرَافِ الْكَبَائِرِ (وَ) اجْتِنَابُ (الْإِصْرَارِ عَلَى صَغِيرَةٍ) أَوْ صَغَائِرَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ أَنْوَاعٍ بِأَنْ لَا تَغْلِبَ طَاعَاتُهُ صَغَائِرَهُ فَمَتَى ارْتَكَبَ كَبِيرَةً بَطَلَتْ عَدَالَتُهُ مُطْلَقًا أَوْ صَغِيرَةً أَوْ صَغَائِرَ دَاوَمَ عَلَيْهَا أَوْ لَا خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ، فَإِنْ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ صَغَائِرَهُ فَهُوَ عَدْلٌ وَمَتَى اسْتَوَيَا أَوْ غَلَبَتْ صَغَائِرُهُ فَهُوَ فَاسِقٌ وَيَظْهَرُ ضَبْطُ الْغَلَبَةِ بِالنِّسْبَةِ لِتَعْدَادِ
ــ
[حاشية الشرواني]
هِيَ إلَى السَّبْعِينَ أَقْرَبُ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إنَّهَا إلَى السَّبْعِمِائَةِ أَقْرَبُ أَيْ بِاعْتِبَارِ أَصْنَافِ أَنْوَاعِهَا وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْمَعَاصِي فَمِنْ الصَّغَائِرِ وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ النَّوْعَيْنِ فَمِنْ الْأَوَّلِ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ أَوْ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا بِلَا عُذْرٍ وَمَنْعُ الزَّكَاةِ، وَتَرْكُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَنِسْيَانُ الْقُرْآنِ، وَالْيَأْسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَأَمْنُ مَكْرِهِ تَعَالَى وَالْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ، وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالْإِفْطَارُ فِي رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَالزِّنَا، وَاللِّوَاطُ وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَشُرْبُ الْخَمْرِ وَإِنْ قَلَّ وَالسَّرِقَةُ، وَالْغَصْبُ وَقَيَّدَهُ جَمَاعَةٌ بِمَا يَبْلُغُ رُبُعَ مِثْقَالٍ كَمَا يُقْطَعُ بِهِ فِي السَّرِقَةِ، وَكِتْمَانُ الشَّهَادَةِ بِلَا عُذْرٍ، وَضَرْبُ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقَطْعُ الرَّحِمِ، وَالْكَذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْدًا وَسَبُّ الصَّحَابَةِ وَأَخْذُ الرِّشْوَةِ، وَأَمَّا الْغِيبَةُ فَإِنْ كَانَتْ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ فَهِيَ كَبِيرَةٌ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَإِلَّا فَصَغِيرَةٌ، وَمِنْ الصَّغَائِرِ النَّظَرُ الْمُحَرَّمُ وَكَذِبٌ لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ وَالْإِشْرَافُ عَلَى بُيُوتِ النَّاسِ وَهَجْرُ الْمُسْلِمِ فَوْقَ الثَّلَاثِ، وَكَثْرَةُ الْخُصُومَاتِ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا إلَّا إنْ رَاعَى حَقَّ الشَّرْعِ فِيهَا، وَالضَّحِكُ فِي الصَّلَاةِ، وَالنِّيَاحَةُ، وَشَقُّ الْجَيْبِ فِي الْمُصِيبَةِ، وَالتَّبَخْتُرُ فِي الْمَشْيِ وَالْجُلُوسُ بَيْنَ الْفُسَّاقِ إينَاسًا لَهُمْ وَإِدْخَالُ مَجَانِين وَصِبْيَانَ وَنَجَاسَةٍ يَغْلِبُ تَنْجِيسُهُمْ الْمَسْجِدَ، وَاسْتِعْمَالُ نَجَاسَةٍ فِي بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ. اهـ.
وَزَادَ الرَّوْضُ فِي شَرْحِهِ عَلَى ذَلِكَ مَعَ تَقْيِيدٍ لِبَعْضِهِ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَمَا قِيلَ فِيهِ) أَيْ الْكُلِّ وَقَوْلُهُ وَبُحِثَ حَمْلُ إلَخْ مَعْطُوفَانِ عَلَى أَدِلَّةِ كُلٍّ. (قَوْلُهُ: وَمَا وَرَدَ فِيهَا) أَيْ حَمْلُ مَا وَرَدَ فِي الْغِيبَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ الْفَاسِقِ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَمِنْ الصَّغَائِرِ غِيبَةٌ لِلْمُسِرِّ فِسْقَهُ، وَاسْتِمَاعُهَا بِخِلَافِ الْمُعْلِنِ لَا تَحْرُمُ غِيبَتُهُ بِمَا أَعْلَنَ بِهِ وَبِخِلَافِ غَيْرِ الْفَاسِقِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ غِيبَتُهُ كَبِيرَةً وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَيْ ابْنُ الْمُقْرِي كَأَصْلِهِ فِي الْوُقُوعِ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ كَمَا مَرَّ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهَا كَبِيرَةٌ وَهَذَا التَّفْصِيلُ أَحْسَنُ مِنْ إطْلَاقِ صَاحِبِ الْعِدَّةِ أَنَّهَا صَغِيرَةٌ وَإِنْ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ وَاسْتِمَاعُهَا أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَالسُّكُوتُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُهَا وَلَا يَسْمَعُهَا. اهـ.
بِحَذْفٍ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ) أَيْ الْفَاسِقِ. (قَوْلُهُ: فِي كِتَابِيٍّ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بَيَّنْت ذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَالْإِصْرَارِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَمْضِيَ زَمَنٌ تُمْكِنُ فِيهِ التَّوْبَةُ وَلَمْ يَثْبُتْ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ: وَقَالَ عَمِيرَةُ: الْإِصْرَارُ قِيلَ هُوَ الدَّوَامُ عَلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْهَا وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ الْإِكْثَارُ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْحَقُّ أَنَّ الْإِصْرَارَ الَّذِي تَصِيرُ بِهِ الصَّغِيرَةُ كَبِيرَةً إمَّا تَكْرَارُهَا بِالْفِعْلِ وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَإِمَّا تَكْرَارُهَا فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ انْتَهَى. اهـ.
بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَغَائِرَ) إلَى قَوْلِهِ وَهُمَا صَرِيحَانِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: فَمَتَى إلَى فَيَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَغَائِرَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ كَمَا فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا تَغْلِبَ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ لَا تَغْلِبُ وَفِي هَامِشِ أَصْلِهِ بِخَطِّ تِلْمِيذِهِ عَبْدِ الرَّءُوفِ مَا نَصُّهُ الظَّاهِرُ أَنَّ لَا زَائِدَةٌ. اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ تَفْسِيرُ الْإِصْرَارِ الْمُرَادِ لِلْمُصَنِّفِ وَحِينَئِذٍ فَيَتَعَيَّنُ إثْبَاتُ لَا، وَأَمَّا حَذْفُ لَا فَإِنَّمَا يَتَأَتَّى لَوْ كَانَ الْمُرَادُ تَفْسِيرَ اجْتِنَابِ الْإِصْرَارِ وَلَيْسَ مُرَادًا. اهـ.
سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ بَلْ يُصَرِّحُ بِكَوْنِ ذَلِكَ رَاجِعًا لِلْإِصْرَارِ وَأَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى مَعَ قَوْلُهُ: الْآتِي عَنْ الْقِيلِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ أَصَرَّ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَغَلَبَتْ طَاعَاتُهُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرَةً) يَعْنِي وَدَاوَمَ عَلَيْهَا أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ وَإِلَّا لَمْ يَظْهَرْ الْمَعْنَى كَمَا لَا يَخْفَى عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ مَعَهُ وَالْعَدْلُ يَتَحَقَّقُ بِأَنْ لَمْ يَأْتِ كَبِيرَةً وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ أَوْ أَصَرَّ عَلَيْهَا وَغَلَبَتْ طَاعَاتُهُ فَبِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ طَاعَاتُ الْمُصِرِّ عَلَى مَا أَصَرَّ عَلَيْهِ فَلَا تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ عَنْهُ. اهـ.
وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي فَبِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ طَاعَتُهُ مَعَاصِيَهُ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ فَلَا تَنْتَفِي عَدَالَتُهُ وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ الِانْتِفَاءَ مُطْلَقًا (فَائِدَةٌ) .
فِي الْبَحْرِ لَوْ نَوَى الْعَدْلُ فِعْلَ كَبِيرَةٍ عَدَا الزِّنَا لَمْ يَصِرْ بِذَلِكَ فَاسِقًا بِخِلَافِ نِيَّةِ الْكُفْرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ) أَيْ: وَاشْتَرَطَ الدَّوَامَ عَلَى نَوْعٍ مِنْهَا وَقَالَ إنَّ الْمُكْثِرَ مِنْ أَنْوَاعِ الصَّغَائِرِ بِدُونِ مُدَاوَمَةٍ عَلَى نَوْعٍ مِنْهَا لَيْسَ بِفَاسِقٍ وَإِنْ لَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ عَلَى صَغَائِرِهِ. (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِتَعْدَادِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لَوْ أَخْبَرَ الْحَاكِمُ بِرُجُوعِ الشَّاهِدِ فَإِنْ ظَنَّ صِدْقَ الْمُخْبِرِ تَوَقَّفَ عَنْ الْحُكْمِ