فَهُوَ لَا يَتْرُكُ وَقْتَهَا لِلَّعِبِ إلَّا وَهُوَ نَاسٍ قِيلَ فَلَا يَعُودُ لِلَّعِبِ الَّذِي يُورِثُ النِّسْيَانَ فَإِنْ عَادَ لَهُ وَقَدْ جَرَّبَهُ أَنَّهُ يُورِثُهُ ذَلِكَ فَذَلِكَ اسْتِخْفَافٌ. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْغَفْلَةَ نَشَأَتْ مِنْ تَعَاطِيهِ لِلْفِعْلِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُلْهِيَ عَنْ ذَلِكَ فَكَانَ كَالْمُتَعَمِّدِ لِتَفْوِيتِهِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ لَهْوٍ وَلِعْبٍ مَكْرُوهٍ مُشْغِلٍ لِلنَّفْسِ وَمُؤَثِّرٍ فِيهَا تَأْثِيرًا يَسْتَوْلِي عَلَيْهَا حَتَّى تَشْتَغِلَ بِهِ عَنْ مَصَالِحِهَا الْأُخْرَوِيَّةِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِذَلِكَ فِي شَغْلِ النَّفْسِ بِكُلِّ مُبَاحٍ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَجِبُ تَعَاطِي مُقَدِّمَاتِ الْوَاجِبِ يَجِبُ تَعَاطِي مُقَدِّمَاتِ تَرْكِ مُفَوِّتَاتِهِ وَالْكَلَامُ فِيمَنْ جَرَّبَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّ اشْتِغَالَهُ بِذَلِكَ الْمُبَاحِ يُلْهِيهِ حَتَّى يَفُوتَ بِهِ الْوَقْتُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ شَغْلُ النَّفْسِ بِالْمُبَاحِ يَفْجَؤُهَا وَلَا قُدْرَةَ عَلَى دَفْعِهِ وَعَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ وَفِيهِ مِنْ السَّبَبِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَعَاصِي يُحْمَلُ مَا جَاءَ فِي ذَمِّهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ الْكَثِيرَةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بِتَحْرِيمِهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ لَكِنْ قَالَ الْحُفَّاظُ: لَمْ يَثْبُتْ مِنْهَا حَدِيثٌ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ وَلَا حَسَنٍ وَقَدْ لَعِبَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ لَا يُحْصَى مِنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَمِمَّنْ كَانَ يَلْعَبُهُ غِبًّا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَنَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي كَرَاهَتِهِ بِأَنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ لَا أُحِبُّهُ لَا يَقْتَضِيهَا وَقَيَّدَهَا الْغَزَالِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهِ وَإِلَّا حَرُمَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ نَعَمْ مَحَلُّهَا إنْ لَعِبَ مَعَ مُعْتَقِدٍ حِلَّهُ وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ يُعِينُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ حَتَّى فِي ظَنِّ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّا نَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِاعْتِقَادِ إمَامِهِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ الْقَاضِي اعْتِقَادَ نَفْسِهِ دُونَ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّهُ مُلْزِمٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ لِاعْتِقَادِهِ الْخَصْمُ تَعَطَّلَ الْقَضَاءُ وَلِأَنَّهُ أَعْنِي الشَّافِعِيَّ يَلْزَمُهُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَنْ فَعَلَ مَا يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَلَوْ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ إبَاحَتَهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ مِنْ النِّزَاعِ فِي ذَلِكَ.
(فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ مَالٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَقِمَارٌ مُحَرَّمٌ) إجْمَاعًا بِخِلَافِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا لِيَبْذُلَهُ إنْ غُلِبَ وَيُمْسِكَهُ إنْ غَلَبَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِقِمَارٍ وَإِنَّمَا هُوَ عَقْدُ مُسَابَقَةٍ فَاسِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ آلَةِ قِتَالٍ، وَمَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ قِمَارًا هُوَ مُحَرَّمٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ فِيهِ تَعَاطِيَ عَقْدٍ فَاسِدٍ وَهُوَ صَغِيرَةٌ لَكِنَّ أَخْذَ الْمَالِ كَبِيرَةٌ، وَعَبَّرَ بِقِمَارٍ مُحَرَّمٍ احْتِرَازًا عَنْ اعْتِرَاضِ الْإِمَامِ عَلَى إطْلَاقِهِمْ التَّحْرِيمَ بِأَنَّ الْمُحَرَّمَ وَهُوَ مَا اقْتَرَنَ بِالشِّطْرَنْجِ لَا هُوَ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْأُولَى مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: لَا يَتْرُكُ وَقْتَهَا) أَيْ لَا يَفُوتُهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَعُودُ لِلَّعِبِ الَّذِي يُورِثُ النِّسْيَانَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا مَعْصِيَةَ فِي الْأَوَّلِ مِنْ ذَلِكَ نَعَمْ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُؤَدِّي لِلنِّسْيَانِ فَالْوَجْهُ تَحْرِيمُهُ سم وَقَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ السَّيِّدِ عُمَرَ هُوَ الْأَظْهَرُ فَقَوْلُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَالْمُغْنِي وَإِنْ اقْتَرَنَ بِهِ فُحْشٌ أَوْ تَأْخِيرُ الْفَرِيضَةِ عَنْ وَقْتِهَا عَمْدًا وَكَذَا سَهْوًا لِلَّعِبِ بِهِ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ فَحَرَامٌ أَيْضًا لِمَا اقْتَرَنَ بِهِ مَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ. اهـ.
الْمُوَافِقُ لِصَنِيعِ الْأُمِّ وَصَرِيحِ الشَّارِحِ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُؤَدِّي لِلنِّسْيَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: لِلْفِعْلِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ إلَخْ) أَيْ بِتَجْرِبَتِهِ مِنْ نَفْسِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَيَأْتِي وَتَقَدَّمَ عَنْ السَّيِّدِ عُمَرَ وَسَمِّ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّ ذَلِكَ وَلَوْ بِغَيْرِ تَجْرِبَةٍ. (قَوْلُهُ: كَالْمُتَعَمِّدِ لِتَفْوِيتِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَفْسُقُ بِإِخْرَاجِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا مَرَّةً وَاحِدَةً لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ ذَلِكَ وَتَوَقَّفَ سم فِي ضَابِطِ التَّكَرُّرِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَصْحَابِ. (قَوْلُهُ: يَجِبُ تَعَاطِي تَرْكِ مُفَوِّتَاتِهِ) إنْ أَرَادَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْوَاجِبِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَعَمُّ وَإِنْ أَرَادَ مُطْلَقًا فَيُمْنَعُ بِجَوَازِ النَّوْمِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ وَإِنْ عَلِمَ اسْتِغْرَاقَهُ الْوَقْتَ. (قَوْلُهُ: مَا قِيلَ شَغْلُ النَّفْسِ إلَخْ) أَقَرَّهُ الْأَسْنَى كَمَا مَرَّ آنِفًا. (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ وَكَثِيرًا مَا يَسْتَغْرِقُ فِيهِ لَاعِبُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ وَفِيهِ) أَيْ الشِّطْرَنْجِ سم. (قَوْلُهُ: فِي ذَمِّهِ) أَيْ الشِّطْرَنْجِ. (قَوْلُهُ: وَالْآثَارِ الْكَثِيرَةِ) مِنْهَا مَا مَرَّ عَنْ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (قَوْلُهُ: لَا يَقْتَضِيهَا) أَيْ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى خِلَافِ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ وَإِنْ رُدَّتْ الشَّهَادَةُ بِالْمُوَاظَبَةِ كَمَا يَأْتِي آنِفًا لِخَرْمِ الْمُرُوءَةِ بِهَا كَمَا يَأْتِي فِي مَبْحَثِهِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ) إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالرَّوْضِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: مَعَ مُعْتَقِدِ حِلِّهِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَعِبَ مَعَ مُعْتَقِدٍ تَحْرِيمَهُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: الْقَاضِي إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فِي الْحَاكِمِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: تَعَطَّلَ الْقَضَاءُ) لَعَلَّهُ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ اعْتِقَادُ الْخَصْمَيْنِ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ) أَيْ: فَكَيْفَ يُعِينُهُ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ فِيهِ سم (قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ) أَيْ اللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ مَالٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَيْ: عَلَى أَنَّ مَنْ غَلَبَ مِنْ اللَّاعِبَيْنِ فَلَهُ عَلَى الْآخَرِ كَذَا مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ فَقِمَارٌ) بِكَسْرِ الْقَافِ اللَّعِبُ الَّذِي فِيهِ تَرَدُّدٌ بَيْنَ الْغُرْمِ وَالْغُنْمِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَقِمَارٌ مُحَرَّمٌ) أَيْ: ذَلِكَ الشَّرْطُ أَوْ الْمَالُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ صَغِيرَةٌ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ) أَيْ اشْتِرَاطِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: لِيَبْذُلَهُ إنْ غُلِبَ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُحَرَّمٌ) أَيْ: كَالْأَوَّلِ مُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ صَغِيرَةٌ) أَيْ كَمَا قَبْلَهُ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ بِتَأْوِيلٍ. اهـ.
قَالَ ع ش نُقِلَ عَنْ زَوَاجِرِ ابْنِ حَجّ أَنَّ تَعَاطِيَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ كَبِيرَةٌ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ أَخْذُ الْمَالِ كَبِيرَةٌ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ سم. (قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ بِقِمَارٍ مُحَرَّمٍ احْتِرَازًا) فِيهِ تَأَمُّلٌ بَلْ التَّعْبِيرُ الْمَذْكُورُ ظَاهِرٌ فِي مُوَافَقَةِ إطْلَاقِهِمْ. (قَوْلُهُ: مَا اقْتَرَنَ بِالشِّطْرَنْجِ) أَيْ شَرْطُ الْمَالِ لَا هُوَ أَيْ الشِّطْرَنْجُ. (قَوْلُهُ:
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: فَلَا يَعُودُ لِلَّعِبِ الَّذِي يُورِثُ النِّسْيَانَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا مَعْصِيَةَ فِي الْأَوَّلِ مِنْ ذَلِكَ نَعَمْ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ يُؤَدِّي لِلنِّسْيَانِ فَالْوَجْهُ تَحْرِيمُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ) أَيْ: الشِّطْرَنْجُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَعْنِي الشَّافِعِيَّ يَلْزَمُهُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ) فَكَيْفَ يُعِينُهُ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ أَخْذُ الْمَالِ كَبِيرَةٌ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute