وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَقْرِيبٌ لَا تَحْدِيدٌ وَقَدْ لَا يُحْتَاجُ لَهَا كَشَاهِدٍ بِزِنًا حُدَّ لِنَقْصِ النِّصَابِ فَتُقْبَلُ عَقِبَ ذَلِكَ وَكَمُخْفِي فِسْقٍ أَقَرَّ بِهِ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ فَتُقْبَلُ مِنْهُ حَالًا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُظْهِرْ التَّوْبَةَ عَمَّا كَانَ مَسْتُورًا إلَّا عَنْ صَلَاحٍ وَكَنَاظِرِ وَقْفٍ تَابَ فَتَعُودُ وِلَايَتُهُ حَالًا كَوَلِيِّ النِّكَاحِ وَكَقَاذِفِ غَيْرِ الْمُحْصَنِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ: وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ لَكِنْ قَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إيذَاءٌ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ السَّنَةِ وَكَمُرْتَدٍّ أَسْلَمَ اخْتِيَارًا وَكَانَ عَدْلًا قَبْلَ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ إسْلَامِهِ احْتِمَالٌ وَلَا بُدَّ مِنْ السَّنَةِ فِي التَّوْبَةِ مِنْ خَارِمِ الْمُرُوءَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَكَذَا مِنْ الْعَدَاوَةِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَإِنْ خَالَفَهُ الْبُلْقِينِيُّ
(وَيُشْتَرَطُ فِي) صِحَّةِ (تَوْبَةِ مَعْصِيَةٍ قَوْلِيَّةٍ) مِنْ حَيْثُ حَقُّ الْآدَمِيِّ (الْقَوْلُ) قِيَاسًا عَلَى التَّوْبَةِ مِنْ الرِّدَّةِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَوُجُوبُهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الرِّدَّةُ فِعْلًا كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ لِكَوْنِ الْقَوْلِيَّةِ هِيَ الْأَصْلُ أَوْ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ تَكْذِيبَ الشَّرْعِ وَقَضِيَّتُهُ كَالْمَتْنِ اشْتِرَاطُ الْقَوْلِ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ قَوْلِيَّةٍ كَالْغَيْبَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ فِيهَا وَنَصُّ الْأُمِّ بِقَضِيَّتِهِ فِي الْكُلِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَإِنْ قِيلَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ اخْتِصَاصُهُ بِالْقَذْفِ وَعَلَيْهِ فَرَّقَ فِي الْمَطْلَبِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِأَنَّ ضَرَرَهُ أَشَدُّ؛ لِأَنَّهُ يُكْسِبُ عَارًا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَاحْتِيطَ بِإِظْهَارِ نَقِيضِ مَا حَصَلَ مِنْهُ وَهُوَ الِاعْتِرَافُ بِالْكَذِبِ جَبْرًا لِقَلْبِ الْمَقْذُوفِ وَصَوْنًا لِمَا انْتَهَكَهُ مِنْ عِرْضِهِ وَاشْتَرَطَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّوْبَةِ مِنْ كُلِّ مَعْصِيَةٍ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ أَيْضًا وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَطَالَ فِي الِاسْتِدْلَالِ لَهُ لَكِنْ بِمَا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ الْمُقْتَضِي لِحَمْلِ تِلْكَ الظَّوَاهِرِ عَلَى النَّدَمِ وَخَرَجَ بِالْقَوْلِيَّةِ الْفِعْلِيَّةُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا قَوْلٌ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا مُتَمَحِّضٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَأُدِيرَ الْأَمْرُ فِيهَا عَلَى الصِّدْقِ بَاطِنًا بِخِلَافِ الْقَذْفِ لِمَا تَقَرَّرَ فِيهِ (فَيَقُولُ الْقَاذِفُ) وَإِنْ كَانَ قَذَفَهُ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ لِكَوْنِ الْعَدَدِ لَمْ يَتِمَّ (قَذْفِي بَاطِلٌ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَيْهِ وَلَا أَعُودُ إلَيْهِ) أَوْ مَا كُنْت مُحِقًّا فِي قَذْفِي وَقَدْ تُبْت مِنْهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِكَذِبِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا فَإِنْ قُلْت قَدْ تَعَرَّضَ لَهُ بِقَوْلِهِ قَذْفِي بَاطِلٌ وَلِذَا قِيلَ الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ كَالْجُمْهُورِ الْقَذْفُ بَاطِلٌ.
ــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَقْرِيبٌ) أَيْ فَيُغْتَفَرُ مِثْلُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ لَا مَا زَادَ عَلَيْهَا ع ش. (قَوْلُهُ: فَتُقْبَلُ عَقِبَ ذَلِكَ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ فَإِنَّهُ لَا يُحْتَاجُ بَعْدَ التَّوْبَةِ عِنْدَ الْقَاضِي إلَى اسْتِبْرَاءٍ بَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الْحَالِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: أَقَرَّ بِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي إذَا تَابَ وَأَقَرَّ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ لِلْحَدِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَقِبَ تَوْبَتِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكَنَاظِرِ وَقْفٍ) أَيْ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: كَوَلِيِّ النِّكَاحِ) أَيْ لَوْ عَصَى بِالْعَضْلِ، ثُمَّ تَابَ زَوَّجَ فِي الْحَالِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَاءٍ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ مُغْنِي وَالْعَضْلُ لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: وَكَقَاذِفِ غَيْرِ الْمُحْصَنِ) ، وَأَمَّا قَاذِفُ الْمُحْصَنِ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ قَبْلُ بِقَوْلِهِ كَشَاهِدٍ بِزِنَا إلَخْ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمِنْهَا قَاذِفُ غَيْرِ الْمُحْصَنِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَاءٍ لِمَفْهُومِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ فَأَمَّا مَنْ قَذَفَ مُحْصَنَةً فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ حَتَّى يُخْتَبَرَ. اهـ.
قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ نِهَايَةٌ يَعْنِي فِيمَا لَا إيذَاءَ فِيهِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَيَّدَهُ غَيْرُهُ) أَيْ كَالرَّوْضِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَكَمُرْتَدٍّ إلَخْ) وَكَمُمْتَنِعٍ مِنْ الْقَضَاءِ إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَكَصَبِيٍّ إذَا فَعَلَ مَا يَقْتَضِي فِسْقَ الْبَالِغِ، ثُمَّ تَابَ وَبَلَغَ تَائِبًا وَكَمَا لَوْ حَصَلَ خَلَلٌ فِي الْأَصْلِ، ثُمَّ زَالَ احْتَاجَ الْفَرْعُ إلَى تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ ثَانِيًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يَذْكُرُوا هَذِهِ الْمُدَّةَ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: اخْتِيَارًا) فَإِنْ أَسْلَمَ عِنْدَ تَقْدِيمِهِ لِلْقَتْلِ اُعْتُبِرَ مُضِيُّ الْمُدَّةِ أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَكَذَا مِنْ الْعَدَاوَةِ) سَوَاءٌ كَانَتْ قَذْفًا أَمْ لَا كَالْغَيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ مُغْنِي
. (قَوْلُهُ: لِكَوْنِ الْقَوْلِيَّةِ) أَيْ الرِّدَّةِ الْقَوْلِيَّةِ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ) أَيْ الِارْتِدَادِ الْفِعْلِيِّ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ وَكَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ كَالْمَتْنِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: كَالْغَيْبَةِ) أَيْ وَالنَّمِيمَةِ سم (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ الْغِيبَةِ. (قَوْلُهُ: يَقْتَضِيهِ) أَيْ اشْتِرَاطَ الْقَوْلِ فِي الْكُلِّ أَيْ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ قَوْلِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى فَرْضِ صِحَّةِ الِاخْتِصَاصِ بِالْقَذْفِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَاشْتُرِطَ جَمْعٌ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَا اشْتَرَطَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ مِنْ اشْتِرَاطِ الِاسْتِغْفَارِ فِي الْمَعْصِيَةِ الْقَوْلِيَّةِ أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى النَّدَمِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مَعْصِيَةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِعْلِيَّةٍ وَقَيَّدَهَا النِّهَايَةُ بِالْقَوْلِيَّةِ كَمَا مَرَّ آنِفًا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَاشْتِرَاطِ الْقَوْلِ فِي الْمَعْصِيَةِ الْقَوْلِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِمَا لَا يُرَدُّ إلَخْ) لَعَلَّ لَا زَائِدَةٌ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ ضَمِيرُ عَلَيْهِمْ لِغَيْرِ الْجَمْعِ الْمُتَقَدِّمِينَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا مُتَمَحِّضٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْقَذْفِ الْأَنْسَبُ بِخِلَافِ الْقَوْلِيَّةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَيَقُولُ الْقَاذِفُ) أَيْ مَثَلًا فِي التَّوْبَةِ مِنْ الْقَذْفِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قَذْفُهُ) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: أَلَا تَرَى إلَى، ثُمَّ إنْ اتَّصَلَ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قَذْفُهُ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْغَايَةَ فِيمَا إذَا كَانَ صَادِقًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَمَا فَائِدَةُ ذِكْرِ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ مَعَ أَنَّ الْحَدَّ لَا بُدَّ مِنْ إقَامَتِهِ؟ وَالتَّوْبَةُ مَدَارُهَا عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا أَتَى بِمَعْصِيَةٍ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَذْفُ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي بِأَنْ لَمْ يَكْمُلْ عَدَدُ الشُّهُودِ أَوْ بِالسَّبِّ وَالْإِيذَاءِ، وَلَكِنْ لَوْ كَانَ قَذْفُهُ فِي شَهَادَةٍ لَمْ تَكْمُلْ عَدَدًا فَلْيَتُبْ عِنْدَ الْقَاضِي وَلَا يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ مُضِيُّ الْمُدَّةِ إذَا كَانَ عَدْلًا قَبْلَ الْقَذْفِ وَإِنْ كَانَ قَذْفُهُ بِالسَّبِّ وَالْإِيذَاءِ اُشْتُرِطَ مُضِيُّهَا. اهـ.
بِزِيَادَةٍ مِنْ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: الْقَذْفُ بَاطِلٌ) أَيْ قَذْفُ النَّاسِ بَاطِلٌ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: وَكَقَاذِفِ غَيْرِ الْمُحْصَنِ) وَأَمَّا قَاذِفُ الْمُحْصَنِ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ قَبْلُ بِقَوْلِهِ كَشَاهِدٍ بِزِنًا إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ كَالْمَتْنِ اشْتِرَاطُ الْقَوْلِ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ قَوْلِيَّةٍ كَالْغَيْبَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ النَّقِيبِ فِي مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ فَرْعٌ.
قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ: لَا بُدَّ فِي تَوْبَةِ شَاهِدِ الزُّورِ أَنْ يَقُولَ كَذَبْت فِيمَا قُلْت وَلَا أَعُودُ إلَى مِثْلِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يَطَّرِدَ فِي الْغَيْبَةِ