للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَفَى النَّدَمُ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ وَكَذَا يَكْفِي النَّدَمُ وَالْإِقْلَاعُ عَنْ الْحَسَدِ وَيُسَنُّ لِلزَّانِي كَكُلِّ مَنْ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً لِلَّهِ السِّتْرُ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنْ لَا يُظْهِرَهَا لِيُحَدَّ أَوْ يُعَزَّرَ لَا أَنْ لَا يَتَحَدَّثَ بِهَا تَفَكُّهًا أَوْ مُجَاهَرَةً فَإِنَّ هَذَا حَرَامٌ قَطْعًا وَكَذَا يُسَنُّ لِمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الرُّجُوعُ عَنْ إقْرَارِهِ بِهِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَهُمْ يُسَنُّ لِمَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ حَدٌّ أَيْ: لِلَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْإِمَامَ لِيُقِيمَهُ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ السِّتْرِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّهُورِ هُنَا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى زِنَاهُ مَثَلًا مَنْ لَا يَثْبُتُ الزِّنَا بِشَهَادَتِهِ فَيُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ، أَمَّا حَدُّ الْآدَمِيِّ أَوْ الْقَوَدُ لَهُ أَوْ تَعْزِيرُهُ فَيَجِبُ الْإِقْرَارُ بِهِ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ وَيُسَنُّ لِشَاهِدِ الْأَوَّلِ السِّتْرُ مَا لَمْ يَرَ الْمَصْلَحَةَ فِي الْإِظْهَارِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالتَّرْكِ إيجَابُ حَدٍّ عَلَى الْغَيْرِ وَإِلَّا كَثَلَاثَةٍ شَهِدُوا بِالزِّنَا لَزِمَ الرَّابِعَ الْأَدَاءُ، وَأَثِمَ بِتَرْكِهِ وَلَيْسَ اسْتِيفَاءُ نَحْوِ الْقَوَدِ مُزِيلًا لِلْمَعْصِيَةِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّوْبَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَيْهَقِيُّ وَحَمَلَ الْأَحَادِيثَ فِي أَنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَةٌ عَلَى مَا إذَا تَابَ وَجَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى خِلَافِهِ وَجَمَعَ الزَّرْكَشِيُّ

ــ

[حاشية الشرواني]

اهـ.

مُغْنِي. (قَوْلُهُ: كَفَى النَّدَمُ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ كَالرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ الْغِيبَةِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُهَا بِهَا. اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي الِاسْتِغْفَارُ وَحْدَهُ. اهـ.

سم وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ كَلَامُ الرَّوْضِ الْمَذْكُورِ فِي رَدِّ الظُّلَامَةِ فَقَطْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ شَرْحِهِ فَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ رُكْنٌ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي التَّوْبَةِ عَنْ كُلِّ مَعْصِيَةٍ قَوْلِيَّةٍ كَانَتْ أَوْ فِعْلِيَّةٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَكْفِي النَّدَمُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْحَسَدُ وَهُوَ أَنْ يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَفْرَحَ بِمُصِيبَتِهِ كَالْغِيبَةِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْعَبَّادِيِّ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِيهَا قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ الْمُخْتَارُ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إخْبَارُ الْمَحْسُودِ وَلَوْ قِيلَ بِكُرْهِهِ لَمْ يَبْعُدْ. اهـ.

وَعِبَارَةُ سم لَمْ يَزِدْ فِي الرَّوْضِ عَلَى قَوْلِهِ وَيَسْتَغْفِرُ أَيْ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ الْحَسَدِ. اهـ.

قَالَ فِي شَرْحِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْحَسَدُ كَالْغِيبَةِ وَهِيَ أَفْيَدُ انْتَهَى وَكَانَ وَجْهُ الْأَفْيَدِيَّةِ أَنَّهَا تُفِيدُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا عَلِمَ الْمَحْسُودَ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِحْلَالِهِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لِلزَّانِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَإِذَا تَعَلَّقَ بِالْمَعْصِيَةِ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْمُسْكِرِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَلَهُ أَنْ يُظْهِرَهُ بِقَوْلِهِ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَإِنْ ظَهَرَ فَقَدْ فَاتَ السِّتْرُ فَيَأْتِي الْحَاكِمَ وَيُقِرُّ بِهِ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا أَنْ لَا يَتَحَدَّثَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا يُظْهِرُهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ هَذَا) أَيْ التَّحَدُّثَ الْمَذْكُورَ حَرَامٌ إلَخْ أَيْ لِإِخْلَافِ السُّنَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُخَالِفُ هَذَا) أَيْ سَنَّ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّهُورِ هُنَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ أَيْ الظُّهُورِ الشَّهَادَةُ قَالَ وَأَلْحَقَ بِهَا ابْنُ الصَّبَّاغِ مَا إذَا اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ انْتَهَى. اهـ.

سم أَقُولُ وَمَرَّ آنِفًا عَنْ الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي سَنِّ الْإِتْيَانِ بِالْإِمَامِ الظُّهُورُ عِنْدَ وَاحِدٍ. (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ أَنْ يَأْتِيَ الْإِمَامَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِشَاهِدِ الْأَوَّلِ) أَيْ حَدِّ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ: وَمَحِلُّهُ) أَيْ سَنُّ السِّتْرِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَنْ لَزِمَهُ حَدٌّ وَخَفِيَ أَمْرُهُ نُدِبَ لَهُ السِّتْرُ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ ظَهَرَ أَتَى لِلْإِمَامِ لِيُقِيمَهُ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ اسْتِيفَاؤُهُ مُزِيلًا لِلْمَعْصِيَةِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّوْبَةِ إذْ هُوَ مُسْقِطٌ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ، وَأَمَّا حَقُّ اللَّهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى التَّوْبَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَائِلَ كِتَابِ الْجِرَاحِ. اهـ.

وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي أَنَّ كَلَامَهُمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي انْتِفَاءِ الْمَعْصِيَةِ اسْتِيفَاءُ الْحَدِّ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّوْبَةِ وَقَدَّمْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجِرَاحِ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ.

عِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَإِذَا اقْتَصَّ الْوَارِثُ أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ أَوْ مَجَّانًا فَظَاهِرُ الشَّرْعِ يَقْتَضِي سُقُوطَ الْمُطَالَبَةِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَكِنْ ظَاهِرُ تَعْبِيرِ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْعُقُوبَةِ فَإِنَّهُمَا قَالَا وَيَتَعَلَّقُ بِالْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ وَرَاءَ الْعُقُوبَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ مُؤَاخَذَةٌ فِي الدُّنْيَا وَجَمَعَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِأَنَّ كَلَامَ الْفَتَاوَى وَشَرْحِ مُسْلِمٍ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ تَابَ، ثُمَّ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْبَيْهَقِيُّ وَحَمَلَ الْأَحَادِيثَ إلَخْ) وَفِي فَتْحِ الْبَارِي فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ» مَا نَصُّهُ وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ كَفَّارَةٌ لِلذَّنْبِ وَلَوْ لَمْ يَتُبْ الْمَحْدُودُ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ التَّوْبَةِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ بَعْضُ التَّابِعِينَ وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمُعْتَزِلَةِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: كَفَى النَّدَمُ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ كَالرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ الْغَيْبَةِ. اهـ.

أَيْ: إنْ لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُهَا بِهَا فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي الِاسْتِغْفَارُ وَحْدَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِاسْتِغْفَارِ اللَّهِ مِنْهَا النَّدَمُ لَكِنْ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي الزَّوَاجِرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الظَّاهِرِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِسُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ لِلْمُغْتَابِ حَيْثُ قَالَ: وَحَدِيثُ كَفَّارَةِ الْغَيْبَةِ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِمَنْ اغْتَبْته تَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلَهُ فِيهِ ضَعْفٌ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: هُوَ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ إسْنَادٌ مَعْنَاهُ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَالَ تَعَالَى {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا» وَحَدِيثُ «حُذَيْفَةَ لَمَّا اشْتَكَى إلَيْهِ ذَرْبَ اللِّسَانِ عَلَى أَهْلِهِ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ» . اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا يَكْفِي النَّدَمُ وَالْإِقْلَاعُ عَنْ الْحَسَدِ) لَمْ يَزِدْ فِي الرَّوْضِ عَلَى قَوْلِهِ وَيَسْتَغْفِرُ أَيْ: اللَّهَ تَعَالَى مِنْ الْحَسَدِ. اهـ.

قَالَ فِي شَرْحِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْحَسَدُ كَالْغَيْبَةِ وَهِيَ أَفْيَدُ. اهـ.

وَكَانَ وَجْهُ الْأَفْيَدِيَّةِ أَنَّهَا تُفِيدُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا عَلِمَ الْمَحْسُودَ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِحْلَالِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّهُورِ هُنَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَالْمُرَادُ بِهِ أَيْ: بِالظُّهُورِ الشَّهَادَةُ قَالَ: وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ مَا إذَا اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ اسْتِيفَاءُ نَحْوِ الْقَوَدِ مُزِيلًا لِلْمَعْصِيَةِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّوْبَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَيْهَقِيُّ وَحَمَلَ الْأَحَادِيثَ فِي أَنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَةٌ إلَخْ) فِي فَتْحِ الْبَارِي

<<  <  ج: ص:  >  >>