للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْهُ رُخْصَةٌ فَأَثَّرَتْ فِيهَا إذْ لَيْسَ الْمُرْتَدُّ مِنْ أَهْلِهَا وَنَظَرَ فِيهِ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْصِ بِالْجُنُونِ فَمُقَارَنَةُ الرِّدَّةِ لَهُ كَمُقَارَنَةِ الْمَعْصِيَةِ فِي السَّفَرِ لَهُ وَجَوَابُهُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الرِّدَّةَ الْمُوجِبَةَ لِلْقَضَاءِ مُقَارِنَةٌ لِلْجُنُونِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ السَّفَرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ مَانِعٌ لِلْقَصْرِ أَصْلًا

فَإِنْ قُلْت لِمَ وَجَبَ الْقَضَاءُ مَعَ الْجُنُونِ الْمُقَارِنِ لَهَا تَغْلِيظًا وَمَنَعَ الْجُنُونُ صِحَّةَ إقْرَارِهِ فَلَمْ يَنْظُرْ لِلتَّغْلِيظِ عَلَيْهِ لِأَجْلِهَا وَأَوْجَبَ السُّكْرَ الْأَوَّلَ وَلَمْ يَمْنَعْ الثَّانِيَ تَغْلِيظًا فِيهِمَا مَعَ أَنَّهَا أَفْحَشُ مِنْهُ قُلْت؛ لِأَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا جِنَايَةٌ إلَّا عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَاقْتَضَتْ التَّغْلِيظَ فِيهَا فَحَسْبُ وَهُوَ فِيهِ جِنَايَةٌ عَلَى الْحَقَّيْنِ فَاقْتَضَى التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ فِيهِمَا فَتَأَمَّلْهُ

(وَلَا) قَضَاءَ عَلَى (الصَّبِيِّ) الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى لِمَا فَاتَهُ زَمَنَ صِبَاهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ (وَيُؤْمَرُ) مَعَ التَّهْدِيدِ فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْأَمْرِ

ــ

[حاشية الشرواني]

وُجُوبِ الْفِعْلِ إلَى وُجُوبِ التَّرْكِ وَلَا يُشْكِلُ بِكَوْنِ أَكْلِ الْمُضْطَرِّ لِلْمَيْتَةِ رُخْصَةً مَعَ أَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ وُجُوبِ تَرْكِ الْأَكْلِ إلَى وُجُوبِ فِعْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا تَمِيلُ إلَيْهِ النَّفْسُ بِخِلَافِ تَرْكِ الصَّلَاةِ فَلَا تَمِيلُ إلَيْهِ النَّفْسُ غَالِبًا قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ نَحْوِهِ عَنْ ع ش مَا نَصُّهُ

وَالْحَقُّ أَنَّ الْحَائِضَ، وَالنُّفَسَاءَ انْتَقَلَتَا إلَى سُهُولَةٍ فَحِينَئِذٍ فَوَجْهُ كَوْنِهِ عَزِيمَةً أَنَّ الْحُكْمَ تَغَيَّرَ فِي حَقِّهِمَا لِعُذْرٍ مَانِعٍ مِنْ الْفِعْلِ وَشَرْطُ الْعُذْرِ الْمَأْخُوذِ فِي تَعْرِيفِ الرُّخْصَةِ أَنْ لَا يَكُونَ مَانِعًا مِنْ الْفِعْلِ كَمَا يُسْتَفَادُ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْمَحَلِّيِّ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَعَنْهُ) أَيْ وَإِسْقَاطُهَا عَنْ نَحْوِ الْمَجْنُونِ سم (قَوْلُهُ: رُخْصَةٌ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ وُجُوبِ الْفِعْلِ إلَى جَوَازِ التَّرْكِ شَيْخُنَا وَقَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ الْمُرَادُ بِالرُّخْصَةِ فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ أَيْ وَنَحْوِهِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ السُّهُولَةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَاطَبًا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ زَمَنَ جُنُونِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَنَظَرَ فِيهِ) فِي لُزُومِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمَجْنُونِ الْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْصِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَهُ فِي جُنُونٍ لَا تَعَدِّيَ بِهِ لَكِنْ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ يَقْتَضِي فَرْضَ الْكَلَامِ فِي الْأَعَمِّ فَفِيهِ مَا فِيهِ سم (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِلْمُسَافِرِ سَفَرَ قَصْرٍ

(قَوْلُهُ: وَجَوَابُهُ مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) فِيهِ شِبْهُ مُصَادَرَةٍ وَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّهَا مُوجِبَةٌ لِلْقَضَاءِ فِي زَمَنِ الْجُنُونِ فِيهِ تَقْدِيمُ الْمُقْتَضِي عَلَى الْمَانِعِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ هُوَ الْقِيَاسُ لَكِنْ خَرَجْنَا عَنْهُ لِغِلَظِ الرِّدَّةِ فَكَانَ وُجُودُهَا مَانِعًا مِنْ التَّخْفِيفِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَعْصِيَةُ فِي السَّبَبِ الْمُبِيحِ بَصْرِيٌّ وَفِي سم نَحْوُهُ (قَوْلُهُ: مُقَارِنَةً لِلْجُنُونِ إلَخْ) لَعَلَّ الْأُولَى سَابِقَةٌ عَلَى الْجُنُونِ فَجُعِلَ تَابِعًا لَهَا بِخِلَافِ الْمَعْصِيَةِ فِي السَّفَرِ فَإِنَّهَا بِالْعَكْسِ فَجُعِلَتْ تَابِعًا لَهُ (قَوْلُهُ: لَهَا) أَيْ لِلرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: وَمَنَعَ الْجُنُونُ إلَخْ) إنْ عَمَّ مَنْعُهُ قَوِيَ السُّؤَالُ وَإِنْ خُصَّ بِغَيْرِ الْمُتَعَدِّي ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّكْرِ سم (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ لِأَجْلِهَا) أَيْ: عَلَى الْمُرْتَدِّ الْمَجْنُونِ لِأَجْلِ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَوْجَبَ السُّكْرَ) أَيْ: بِتَعَدٍّ، ثُمَّ قُوَّةُ عِبَارَتِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ فِي سُكْرٍ مُنْفَصِلٍ عَنْ الرِّدَّةِ إلَّا أَنَّ الْحُكْمَ، وَالْفَرْقَ الَّذِي ذَكَرَهُ صَالِحَانِ لِلْمُتَّصِلِ بِهَا أَيْضًا سم

(قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ) أَيْ: الْقَضَاءُ وَقَوْلُهُ الثَّانِي أَيْ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ وَقَوْلُهُ مَعَ أَنَّهَا أَيْ الرِّدَّةَ وَقَوْلُهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ السُّكْرِ

(قَوْلُهُ: وَلَا قَضَاءَ عَلَى الصَّبِيِّ إلَخْ) أَيْ: وُجُوبًا نَعَمْ يُنْدَبُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ زَمَنَ التَّمْيِيزِ دُونَ مَا قَبْلَهُ فَلَا يَنْعَقِدُ قَضَاؤُهُ شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: زَمَنَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ لَفَاتَهُ وَ (قَوْلُهُ: بَعْدَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِلَا قَضَاءٍ (قَوْلُهُ: مَعَ التَّهْدِيدِ) أَيْ: حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ سم وع ش أَيْ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ صَلِّ وَإِلَّا ضَرَبْتُك شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْأَمْرِ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُفِدْ سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا عَلِمَ عَدَمَ جَدْوَاهُ وَهَلْ يَكْفِي الْأَمْرُ مَرَّةً وَاحِدَةً، أَوْ يُعِيدُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، أَوْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الْحَائِضِ (قَوْلُهُ: وَعَنْهُ رُخْصَةٌ) أَيْ: وَإِسْقَاطُهَا عَنْهُ أَيْ عَنْ الْمَجْنُونِ، أَوْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، أَوْ السَّكْرَانِ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى زَمَنَ جُنُونِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ يُفِيدُ دُخُولَ غَيْرِ الْمُتَعَدِّي؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ سَاقِطٍ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَعْصِ) يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَهُ فِي جُنُونٍ لَا تَعَدِّيَ بِهِ لَكِنْ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ يَقْتَضِي فَرْضَ الْكَلَامِ فِي الْأَعَمِّ فَفِيهِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: مُقَارِنَةٌ لِلْجُنُونِ) قَدْ يُقَالُ غَايَتُهُ اجْتِمَاعُ مُقْتَضٍ وَمَانِعٍ فَلِمَ قَدَّمَ الْأَوَّلَ إلَّا أَنْ يُقَالَ لِقُوَّتِهِ بِاقْتِضَائِهِ التَّغْلِيظَ، أَوْ بِتَقَدُّمِهِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَرِدُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ شَرَعَ فِي السَّفَرِ بَعْدَ تَلَبُّسِهِ بِالْمَعْصِيَةِ وَيُجَابُ بِالْفَرْقِ بِمَا عُلِمَ مِنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّفَرِ) قَدْ يُقَالُ الْفَرْقُ غَيْرُ مُوَجَّهٍ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ النَّظَرِ أَنَّ مُقَارَنَةَ الْمَعْصِيَةِ لِلسَّفَرِ كَمَا لَمْ تَمْنَعْ تَرَتُّبَ مُقْتَضَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَوَازُ التَّرَخُّصِ فَهَلَّا كَانَ مُقَارَنَةُ الرِّدَّةِ لِلْجُنُونِ كَذَلِكَ أَيْ غَيْرُ مَانِعَةٍ مِنْ تَرَتُّبِ أَثَرِهِ وَهُوَ سُقُوطُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ وَحَاصِلُهُ لِمَ جَعَلْتُمْ مُقَارَنَةَ الرِّدَّةِ مُؤَثِّرًا دُونَ مُقَارَنَةِ الْمَعْصِيَةِ لِلسَّفَرِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا لَا يَنْدَفِعُ بِدَعْوَى أَنَّ الْمَعْصِيَةَ الْمُقَارِنَةَ لِلسَّفَرِ غَيْرُ مَانِعَةٍ لِلْقَصْرِ أَيْ غَيْرُ مَانِعَةٍ مِنْ تَرَتُّبِ أَثَرِ السَّفَرِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ حَاصِلُ هَذَا الْفَرْقِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْفَرْقُ بِأَنَّ الرِّدَّةَ تُنَافِي التَّخْفِيفَ (فَرْعٌ)

الْوَجْهُ فِيمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ، ثُمَّ بَلَغَتْهُ وُجُوبُ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ قَبْلَ بُلُوغِهَا وَفِيمَنْ خُلِقَ أَعْمَى أَصَمُّ أَخْرَسُ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَأَنَّهُ لَوْ رُدَّتْ لَهُ حَوَاسُّهُ لَمْ يَجِبْ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ قَبْلَ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَمَنَعَ الْجُنُونُ) إنْ عَمَّ مَنْعُهُ قَوِيَ السُّؤَالُ وَإِنْ خُصَّ بِغَيْرِ الْمُتَعَدِّي ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّكْرِ (قَوْلُهُ: وَأَوْجَبَ السُّكْرَ) أَيْ: بِتَعَدٍّ، ثُمَّ قُوَّةُ عِبَارَتِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ فِي سُكْرٍ مُنْفَصِلٍ عَنْ الرِّدَّةِ إلَّا أَنَّ الْحُكْمَ، وَالْفَرْقَ الَّذِي ذَكَرَهُ صَالِحَانِ لِلْمُتَّصِلِ بِهَا أَيْضًا

(قَوْلُهُ: مَعَ التَّهْدِيدِ) أَيْ حَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>