للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَبَطَلَ إيرَادُهُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَرَدُّ غَيْرِهِ سَهْوٌ وَصَوَابُهُ وَرَدُّ الصَّبِيِّ

(وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْكَافِرِ) إذَا أَسْلَمَ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] (إلَّا الْمُرْتَدِّ) بِالْجَرِّ كَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلَعَلَّهُ لِاقْتِصَارِ ضَبْطِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ الْأَفْصَحَ فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ زَمَنَ الرِّدَّةِ حَتَّى زَمَنَ جُنُونِهِ، أَوْ إغْمَائِهِ، أَوْ سُكْرِهِ فِيهَا وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ زَمَنِ حَيْضِهَا وَنِفَاسِهَا وَوَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا يُخَالِفُهُ وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ؛ لِأَنَّ إسْقَاطَهَا عَنْهَا عَزِيمَةٌ فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهَا الرِّدَّةُ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَعَدَمِهِ جَعَلَهُ قِسْمَيْنِ الْأَصْلِيُّ قِسْمٌ، وَالْمُرْتَدُّ قِسْمٌ وَإِنْ كَانَا مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْوُجُوبِ عَلَيْهِمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا اعْتَرَضَهُ بِهِ سم عَلَى حَجّ ع ش (قَوْلُهُ: وَصَوَابُهُ وَرَدُّ الصَّبِيِّ) أَيْ:؛ لِأَنَّهَا لَا تُطْلَبُ مِنْ غَيْرِ الصَّبِيِّ مِمَّنْ ذُكِرَ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُهُ لَا عُمُومَ فِيهِ وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ سم

(قَوْلُهُ: وَرَدُّ الصَّبِيِّ) أَيْ:؛ لِأَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ مِنْهُ وَلَوْ بِوَاسِطَةِ وَلِيِّهِ رَشِيدِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ سم مِثْلُهُ وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الْبَصْرِيِّ لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ الطَّلَبِ فِي الدُّنْيَا شَامِلٌ لِلْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُ الْمُعْتَرِضِ وَرَدُّ غَيْرِهِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ صَوَابُهُ وَرَدُّ الصَّبِيِّ اهـ

(قَوْلُهُ: إذَا أَسْلَمَ) إلَى قَوْلِهِ وَنَظَرَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لِاقْتِصَارِ إلَى لِكَوْنِهِ قَوْلَ الْمَتْنِ (وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْكُفَّارِ) أَيْ كَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ وَلَوْ قَضَاهَا لَمْ تَنْعَقِدْ نِهَايَةٌ وَنَقَلَ سم عَنْ إفْتَاءِ السُّيُوطِيّ صِحَّتَهُ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ وَهُوَ أَيْ الِانْعِقَادُ التَّحْقِيقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَكَمَا لَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا لَا يُسَنُّ، بَلْ لَا يَنْعَقِدُ عَلَى مُعْتَمَدِ الرَّمْلِيِّ وَجَزَمَ غَيْرُهُ بِالِانْعِقَادِ وَاسْتَوْجَهَهُ سم وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَائِضِ، وَالنُّفَسَاءِ بِأَنَّهُمَا أَهْلٌ لِلْعِبَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ

(قَوْلُهُ: تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ) وَلَوْ أَسْلَمَ أُثِيبَ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ الْقُرَبِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَصَدَقَةٍ وَصِلَةٍ وَعِتْقٍ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَلَوْ أَسْلَمَ إلَخْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ لَا يُثَابُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا فِي الْآخِرَةِ لَكِنْ يَجُوزُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعَوِّضُهُ عَنْهَا فِي الدُّنْيَا مَالًا، أَوْ وَلَدًا، أَوْ غَيْرَهُمَا اهـ.

وَفِي الْبَصْرِيِّ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا الْمُرْتَدِّ) وَلَيْسَ مِثْلُ الْمُرْتَدِّ الْمُنْتَقِلِ مِنْ دِينِ غَيْرِ الْإِسْلَامِ إلَى دِينٍ آخَرَ، بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ أَدَاءً وَلَا قَضَاءً إذَا أَسْلَمَ شَيْخُنَا وع ش (قَوْلُهُ: بِالْجَرِّ) أَيْ: عَلَى الْبَدَلِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ لِكَوْنِهِ الْأَفْصَحَ) أَيْ: عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إذَا كَانَ تَامًّا غَيْرَ مُوجَبٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [النساء: ٦٦] فَالْأَرْجَحُ اتِّبَاعُ الْمُسْتَثْنَى لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَيَجُوزُ النَّصْبُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ

(قَوْلُهُ: حَتَّى زَمَنِ جُنُونِهِ) أَيْ: الْخَالِي مِنْ الْحَيْضِ وَنَحْوِهِ ع ش وَلَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ أُصُولِهِ حَالَ جُنُونِهِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَسَقَطَ الْقَضَاءُ مِنْ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حِينَئِذٍ مَجْنُونٌ مُسْلِمٌ سم وَقَوْلُهُ وَسَقَطَ الْقَضَاءُ مِنْ حِينَئِذٍ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ زَمَنِ حَيْضِهَا وَنِفَاسِهَا) أَيْ الْوَاقِعَيْنِ فِي رِدَّتِهَا سم (قَوْلُهُ: مَا يُخَالِفُهُ) أَيْ: مِنْ قَضَاءِ الْحَائِضِ الْمُرْتَدَّةِ زَمَنَ الْجُنُونِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ) أَجَابَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَائِضِ الَّتِي بَلَغَتْ سِنَّ الْحَيْضِ وَلَمْ تَحِضْ بِالْفِعْلِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا أَوْلَى مِنْ نِسْبَتِهِ إلَى السَّهْوِ بُجَيْرِمِيٌّ وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ زَمَنِ حَيْضِهَا إلَخْ وَبَيَانٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ زَمَنِ نَحْوِ الْحَيْضِ وَزَمَنِ نَحْوِ الْجُنُونِ (قَوْلُهُ: إسْقَاطُهَا عَنْهَا) أَيْ: إسْقَاطُ الصَّلَاةِ عَنْ نَحْوِ الْحَائِضِ سم (قَوْلُهُ: عَزِيمَةٌ) أَيْ:؛ لِأَنَّهَا انْتَقَلَتْ مِنْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

التَّفْصِيلُ فِي الْإِثْمِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ إثْمٌ مُطْلَقًا دَائِمًا (قَوْلُهُ: فَبَطَلَ إيرَادُهُ) بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا تَفْصِيلَ فِيهِ فَلَمْ يَبْطُلْ الْإِيرَادُ (قَوْلُهُ: وَصَوَابُهُ وَرَدَّ الصَّبِيُّ) أَيْ:؛ لِأَنَّهَا لَا تُطْلَبُ مِنْ غَيْرِ الصَّبِيِّ مِمَّنْ ذُكِرَ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرَهُ لَا عُمُومَ فِيهِ وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ

(قَوْلُهُ: وَلَا قَضَاءَ عَلَى الْكَافِرِ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَسْأَلَةُ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ وَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ مَا فَاتَهُ فِي زَمَنِ الْكُفْرِ مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَزَكَاةٍ هَلْ لَهُ ذَلِكَ وَهَلْ ثَبَتَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ فَعَلَ ذَلِكَ حِينَ أَسْلَمَ الْجَوَابُ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ وَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ إجْمَالًا وَتَفْصِيلًا، ثُمَّ أَطَالَ جِدًّا فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَقَالَ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِالتَّحْرِيمِ وَلَا بِالْكَرَاهَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَائِضِ بِأَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ لِلْحَائِضِ عَزِيمَةٌ وَبِسَبَبٍ لَيْسَتْ مُتَعَدِّيَةً بِهِ، وَالْقَضَاءُ لَهَا بِدْعَةٌ وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَتَرْكُ الصَّلَاةِ لِلْكَافِرِ بِسَبَبٍ هُوَ مُتَعَدٍّ بِهِ وَإِسْقَاطُ الصَّلَاةِ عَنْهُ مِنْ بَابِ الرُّخْصَةِ مَعَ قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ حَالَ الْكُفْرِ وَعُقُوبَتُهُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ اهـ لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر الْجَزْمُ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ وَوَجَّهَهُ فِي دَرْسِهِ بِأَنَّ قَضَاءَهُ لَا يُطْلَبُ وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا؛ لِأَنَّهُ يُنَفِّرُهُ، وَالْأَصْلُ فِيمَا لَمْ يُطْلَبْ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ

(قَوْلُهُ: تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَا يُسَنُّ وَهَلْ يَصِحُّ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُخَاطَبًا بِهِ فِي الْجُمْلَةِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ مُطْلَقًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ، وَالْعِبَادَةُ إذَا لَمْ تُطْلَبْ الْأَصْلُ أَنْ لَا تَصِحَّ فِيهِ نَظَرٌ وَعَلَى الثَّانِي فَيُفَارِقُ صِحَّةَ قَضَاءِ الْحَائِضِ بِنَاءً عَلَى صِحَّتِهِ عَلَى قَوْلِ كَرَاهَتِهِ بِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ خِطَابٍ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: حَتَّى زَمَنِ جُنُونِهِ) لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ أُصُولِهِ حَالَ جُنُونِهِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَسَقَطَ الْقَضَاءُ مِنْ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حِينَئِذٍ مَجْنُونٌ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: حَيْضِهَا وَنِفَاسِهَا) أَيْ الْوَاقِعَانِ فِي رِدَّتِهَا (قَوْلُهُ: عَنْهَا) أَيْ:

<<  <  ج: ص:  >  >>