قِيلَ: إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى حِلِّ نَظَرِهِ الضَّعِيفِ أَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ حُرْمَتِهِ فَلْيَثْبُتْ بِالنِّسَاءِ اهـ. وَلَك رَدُّهُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ لَا سِيَّمَا مَا يَبْدُو فِي مِهْنَةِ الْأَمَةِ فَإِنَّ تَخْصِيصَهُ لَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنَّهَا كَالْحُرَّةِ وَلَا عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ يَحِلُّ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَمَّا ذَكَرَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُمْ هُنَا لَمْ يَنْظُرُوا لِحِلِّ نَظَرٍ وَلَا لِحُرْمَتِهِ إذْ لِلشَّاهِدِ النَّظَرُ لِلشَّهَادَةِ وَلَوْ لِلْفَرْجِ كَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا النَّظَرُ لِمَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَسْهُلَ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهِ غَالِبًا وَلَا وَمَا ذُكِرَ يَسْهُلُ اطِّلَاعُهُمْ عَلَيْهِ كَذَلِكَ لِعَدَمِ تَحَفُّظِ النِّسَاءِ فِي سَتْرِهِ غَالِبًا فَلَمْ يُقْبَلْنَ فِيهِ مُطْلَقًا
(وَمَا لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ بِالْأَقْوَى فَالْأَضْعَفُ أَوْلَى (وَمَا يَثْبُتُ بِهِمْ) أَيْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَغَلَّبَهُ لِشَرَفِهِ (يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهِمَا قَالَ مُسْلِمٌ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهِمَا فِي الْحُقُوقِ وَالْأَمْوَالِ ثُمَّ الْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ صَحَابِيًّا فَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ خَبَرٌ وَاحِدٌ فَلَا يَنْسَخُ الْقُرْآنَ عَلَى أَنَّ النَّسْخَ لِلْحُكْمِ وَهُوَ ظَنِّيٌّ فَلِيَثْبُتَ بِمِثْلِهِ.
ــ
[حاشية الشرواني]
هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي إلَخْ مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: قِيلَ إنَّمَا يَتَأَتَّى إلَخْ) قَالَ ذَلِكَ شَرْحُ الرَّوْضِ سم. (قَوْلُهُ: عَلَى حِلِّ نَظَرِهِ) أَيْ: عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ النَّظَرِ إلَى ذَلِكَ أَسْنَى وَمُغْنِي أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: فَلْيَثْبُتْ) أَيْ: عَيْبَ مَا ذَكَرَ. (قَوْلُهُ: وَلَكَ رَدُّهُ بِأَنَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أُجِيبُ بِأَنَّ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ يَطَّلِعُ عَلَيْهِمَا الرِّجَالُ غَالِبًا وَإِنْ قُلْنَا بِحُرْمَةِ نَظَرِ الْأَجْنَبِيِّ إلَيْهِمَا لِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِمَحَارِمِهَا وَزَوْجِهَا وَيَجُوزُ نَظَرُ الْأَجْنَبِيِّ لِوَجْهِهَا لِتَعْلِيمٍ وَمُعَامَلَةٍ وَتَحَمُّلِ شَهَادَةٍ وَقَدْ قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ أَطْلَقَ الْمَاوَرْدِيُّ نَقْلَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ عُيُوبَ النِّسَاءِ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ لَا تُقْبَلُ فِيهَا إلَّا الرِّجَالُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِيهِمَا اهـ. فَلَا تُقْبَلُ النِّسَاءُ الْخُلَّصُ فِي الْأَمَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِمَا مَرَّ اهـ. (قَوْلُهُ: عَمَّا ذُكِرَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِ الْأَسْنَى أَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيُوَجَّهُ) أَيْ: كَلَامُهُمْ نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ) أَيْ: عَيْبُ الْوَجْهِ وَالْيَدِ مِنْ الْحُرَّةِ وَمَا يَبْدُو وَعِنْدَ مِهْنَةِ الْأَمَةِ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: غَالِبًا. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: عَلَى الضَّعِيفِ وَالْمُعْتَمَدِ جَمِيعًا
. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَمَا لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ لِضَابِطٍ يُعْرَفُ بِهِ مَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَمَا لَا يَثْبُتُ بِهِمَا مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ مُسْلِمٍ أَنَّهُ إلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قَالَ مُسْلِمٌ إلَى وَرَوَاهُ وَقَوْلَهُ عَلَى أَنَّ النُّسَخَ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَغُلِّبَ لِشَرَفِهِ) فَلِذَا أَتَى بِضَمِيرِ الْمُذَكَّرِ الْعَاقِلِ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَتَى بِالضَّمِيرِ مُذَكَّرًا تَغْلِيبًا لَهُ عَلَى الْمُؤَنَّثِ اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ) وَلَوْ ادَّعَى مِلْكًا تَضَمَّنَ وَقْفِيَّةً كَأَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ كَانَتْ لِأَبِي وَوَقَفَهَا عَلَيَّ وَأَنْتَ غَاصِبٌ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ حُكِمَ لَهُ بِالْمِلْكِ ثُمَّ تَصِيرُ وَقْفًا بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ نِهَايَةٌ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ: ثُمَّ تَصِيرُ وَقْفًا إلَخْ أَيْ: ثُمَّ إنْ ذَكَرَ مَصْرِفًا بَعْدَهُ صُرِفَ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ فَيُصْرَفُ لِأَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ) أَيْ: فَصَارَ إجْمَاعًا ع ش. (قَوْلُهُ: وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ) أَيْ: قَضَاءُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا ذُكِرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَةُ الشَّارِحِ مُحْتَمِلَةً سَيِّدُ عُمَرُ عِبَارَةَ الْمُغْنِي لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَضَى بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي خِلَافِيَّاتِهِ حَدِيثَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ» عَنْ نَيِّفٍ إلَخْ وَالْقَضَاءُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ قَالَ بِهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ سَلَفًا وَخَلَفًا مِنْهُمْ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ وَكَتَبَ بِهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى عُمَّالِهِ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ اهـ. (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ مُجَرَّدَ رِوَايَتِهِ عَنْ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ مِنْ الصَّحَابَةِ لَا يُحَقِّقُ تَوَاتُرَهُ لِمَا اسْتَقَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ وُجُودُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ فِي سَائِرِ الطِّبَاقِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ وَلَك أَنْ تَقُولَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ لَيْسَ هُوَ تَمَامَ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُودِ التَّوَاتُرِ بَلْ هُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ أُخْرَى تَرَكَاهَا لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ وَهِيَ أَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ ذَلِكَ الْحَنَفِيَّ مُنَازَعَتُهُ إنَّمَا هِيَ مَعَ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ مِنْ تَابِعِي التَّابِعِينَ وَيَبْعُدُ عَادَةً أَنْ يَرْوِيَ مَا ذُكِرَ عَنْ عَدَدٍ قَلِيلٍ عَنْ هَذَا الْعَدَدِ مِنْ الصَّحَابَةِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الرَّاوِيَ لَهُ عَنْ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ عَدَدٌ أَكْثَرُ مِنْهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ لِمَا عُرِفَ بِالِاسْتِقْرَاءِ أَنَّ الْخَبَرَ الْوَاحِدَ يَرْوِيهِ عَنْ الصَّحَابِيِّ الْوَاحِدِ عَدَدٌ مِنْ التَّابِعِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ مَا يَبْلُغُ نَحْوَ الْبَيْهَقِيّ عَنْ هَذَا الْعَدَدِ مِنْ الصَّحَابَةِ مَعَ تَرَاخِي زَمَنِهِ عَنْهُمْ يَبْلُغُ الشَّافِعِيَّ عَنْ عَدَدٍ أَكْثَرَ مِنْهُمْ لِقُرْبِهِ مِنْ زَمَنِهِمْ وَلِجَلَالَتِهِ الْمُقَرَّرَةِ فِي هَذَا الْعِلْمِ كَغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ: وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْخَصْمَ يُنْكِرُ تَوَاتُرَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الطِّبَاقِ وَثُبُوتُ تَوَاتُرِهِ فِي طَبَقَةٍ خُصُوصًا فِي خَيْرِ الْقُرُونِ كَافٍ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْسَخُ الْقُرْآنَ) قَدْ يَمْنَعُ لُزُومَ النَّسْخِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: لِلْحُكْمِ) أَيْ: لَا لِلْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: بِمِثْلِهِ) أَيْ: بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
(قَوْلُ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: قِيلَ إنَّمَا يَتَأَتَّى إلَخْ) قَالَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ بِحِلِّ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتَيْهَا إلَخْ) قَدْ يُنَاقَشُ بِأَنَّهُ يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّخْصِيصَ لِلتَّمْثِيلِ دُونَ التَّقْيِيدِ
. (قَوْلُهُ: وَغَلَّبَهُ لِشَرَفِهِ) فَلِذَا أَتَى بِضَمِيرِ الْمُذَكَّرِ الْعَاقِلِ. (قَوْلُهُ: فَانْدَفَعَ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ رِوَايَتِهِ عَنْ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ مِنْ الصَّحَابَةِ لَا يُحَقِّقُ تَوَاتُرَهُ لِمَا اسْتَقَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ وُجُودُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ فِي سَائِرِ الطِّبَاقِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْفَسِخُ) قَدْ يَمْنَعُ لُزُومَ الْفَسْخِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute