للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهَا وَلِفَاعِلِهَا؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ بِهِ إلَى الْيَقِينِ قَالَ تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦] وَفِي خَبَرِ «عَلَى مِثْلِهَا أَيْ: الشَّمْسِ فَاشْهَدْ» نَعَمْ يَأْتِي أَنَّ مَا يَتَعَذَّرُ فِيهِ الْيَقِينُ يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ كَالْمِلْكِ وَالْعَدَالَةِ وَالْإِعْسَارِ وَقَدْ تُقْبَلُ مِنْ الْأَعْمَى بِفِعْلٍ كَمَا يَأْتِي وَيَجُوزُ تَعَمُّدُ نَظَرِ فَرْجِ زَانٍ وَامْرَأَةٍ تَلِدُ لِأَجْلِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا هَتَكَ حُرْمَةَ نَفْسِهِ

(وَتُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ عَلَى الْفِعْلِ (مِنْ أَصَمَّ) لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِالْمُشَاهَدَةِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ الْمَتْنِ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِقِيمَةِ عَيْنٍ لَا تُسْمَعُ إلَّا مِمَّنْ رَآهَا وَعَرَفَ أَوْصَافَهَا جَمِيعًا

(وَالْأَقْوَالُ كَعَقْدٍ) وَفَسْخٍ وَإِقْرَارٍ (يُشْتَرَطُ سَمْعُهَا وَإِبْصَارُ قَائِلِهَا) حَالَ صُدُورِهَا مِنْهُ وَلَوْ مِنْ وَرَاءِ نَحْوِ زُجَاجٍ فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ رَأَيْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ قَالُوا تَكْفِي الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا مِنْ وَرَاءِ ثَوْبٍ خَفِيفٍ يَشِفُّ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ كَمَا اقْتَضَاهُ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي نِقَابِ الْمَرْأَةِ الرَّقِيقِ فَلَا يَكْفِي سَمَاعُهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَإِنْ عَلِمَ صَوْتَهُ؛ لِأَنَّ مَا أَمْكَنَ إدْرَاكُهُ بِإِحْدَى الْحَوَاسِّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ بِغَلَبَةِ ظَنٍّ لِجَوَازِ اشْتِبَاهِ الْأَصْوَاتِ نَعَمْ لَوْ عَلِمَهُ بِبَيْتٍ وَحْدَهُ وَعَلِمَ أَنَّ الصَّوْتَ مِمَّنْ فِي الْبَيْتِ جَازَ لَهُ اعْتِمَادُ صَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ وَكَذَا لَوْ عَلِمَ اثْنَيْنِ بِبَيْتٍ لَا ثَالِثَ لَهُمَا وَسَمِعَهُمَا يَتَعَاقَدَانِ وَعَلِمَ الْمُوجِبَ مِنْهُمَا مِنْ الْقَابِلِ لِعِلْمِهِ بِمَالِكِ الْمَبِيعِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلَهُ الشَّهَادَةُ بِمَا سَمِعَهُ مِنْهُمَا

(وَلَا يُقْبَلُ أَعْمَى) وَمَنْ يُدْرِكُ الْأَشْخَاصَ وَلَا يُمَيِّزُهَا فِي مَرْئِيٍّ لِانْسِدَادِ طَرِيقِ التَّمْيِيزِ عَلَيْهِ مَعَ اشْتِبَاهِ الْأَصْوَاتِ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَمِنْ ثَمَّ نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى حِلِّ وَطْئِهَا اعْتِمَادًا عَلَى لَمْسِ عَلَامَةٍ يَعْرِفُهَا فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ صَوْتَهَا وَعَلَى أَنَّ لِمَنْ زُفَّتْ لَهُ زَوْجَتُهُ أَنْ يَعْتَمِدَ قَوْلَ امْرَأَةٍ هَذِهِ زَوْجَتُك وَيَطَأَهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْقَرِينَةِ الْقَوِيَّةِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ أَحَدٌ ذَلِكَ (إلَّا أَنْ تَكُونَ) شَهَادَتُهُ بِنَحْوِ اسْتِفَاضَةٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: لَهَا) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَقَدْ تُقْبَلُ إلَى يَجُوزُ وَقَوْلَهُ: وَامْرَأَةٍ تَلِدُ. (قَوْلُهُ: لَهَا وَلِفَاعِلِهَا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ لَهُ مَعَ فَاعِلِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦] عِبَارَةُ الْمُغْنِي {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦] اهـ. (قَوْلُهُ: «فَاشْهَدْ) أَوْ دَعْ» أَسْنَى. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَأْتِي) أَيْ: فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ: آنِفًا. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَعَمُّدُ نَظَرِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَيْ: وَالْمُغْنِي وَيَجُوزُ تَعَمُّدُ النَّظَرِ لِفَرْجَيْ الزَّانِيَيْنِ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُمَا هَتَكَا حُرْمَةَ أَنْفُسِهِمَا اهـ وَظَاهِرُهُ جَوَازُ مَا ذُكِرَ وَإِنْ سُنَّ السَّتْرُ إلَّا أَنْ يُقَالَ السَّتْرُ لَا يُطْلَبُ حَالَ الْفِعْلِ سم. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إلَخْ) إنْ كَانَ ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ لِلزَّانِيَيْنِ فَوَاضِحٌ لَكِنْ تَبْقَى مَسْأَلَةُ الْوِلَادَةِ بِلَا تَعْلِيلٍ أَوْ لِلزَّانِي وَالْوَالِدَةِ فَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَالِدَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَالَتَئِذٍ فِي نَحْوِ قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الْمُغْنِي مُصَرِّحَةً بِقَصْرِ تَعْلِيلِ الْهَتْكِ عَلَى الزَّانِيَيْنِ سَيِّدُ عُمَرُ

. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَتُقْبَلُ مِنْ أَصَمَّ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ الْأَخْرَسِ وَسَبَقَ حُكْمُ شَهَادَتِهِ عِنْدَ ذِكْرِ شُرُوطِ الشَّاهِدِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَاسْتُفِيدَ مِنْ الْمَتْنِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ سم وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ الْمَتْنِ أَنَّ مَبْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْعِلْمِ مَا أَمْكَنَ.

(قَوْلُهُ: إلَّا مِمَّنْ رَآهَا وَعَرَفَ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ حَيْثُ كَانَتْ مِمَّا لَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَتُسْمَعُ دَعْوَى مَنْ غَصَبَهَا مَثَلًا بِأَنَّهَا تَغَيَّرَتْ صِفَاتُهَا عَنْ وَقْتِ رُؤْيَةِ الشَّاهِدِ وَتَشْهَدُ بِذَلِكَ ع ش وَقَوْلُهُ: وَتَشْهَدُ لَعَلَّ صَوَابَهُ وَشَاهِدُهُ

. (قَوْلُهُ: وَفَسْخٍ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يُقْبَلُ أَعْمَى فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ مِنْ نَحْوِ وَرَاءِ زُجَاجٍ إلَى فَلَا يَكْفِي سَمَاعُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِقْرَارٍ) أَيْ: وَطَلَاقٍ رَوْضٌ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: عَلَيْهَا) أَيْ: الْأَقْوَالِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي سَمَاعُهُ) أَيْ: الْقَوْلِ، مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرَهُ) سَوَاءٌ كَانَ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ لِظُلْمَةٍ أَوْ وُجُودِ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا ع ش. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ عَلِمَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمَا حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ فِي بَابِ بَيْتٍ فِيهِ اثْنَانِ فَقَطْ فَسَمِعَ مُعَاقَدَتَهُمَا بِالْبَيْعِ أَوْ غَيْرِهِ كَفَى مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ. زَيَّفَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْمُوجِبَ مِنْ الْقَابِلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ هَذَا مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَصِحُّ التَّحَمُّلُ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِأَنْ يَعْرِفَ أَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُ أَحَدِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ يَسْكُنُ بَيْتًا وَنَحْوَهُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ كَانَ جَارَهُ فَسَمِعَ أَحَدَهُمَا يَقُولُ بِعْنِي بَيْتَك الَّذِي يَسْكُنُهُ فُلَانٌ الشَّاهِدُ أَوْ الَّذِي فِي جِوَارِهِ أَوْ عَلِمَ أَنَّ الْقَابِلَ فِي زَاوِيَةٍ وَالْمُوجِبَ فِي أُخْرَى أَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي بَيْتٍ بِمُفْرَدِهِ وَالشَّاهِدُ جَالِسٌ بَيْنَ الْبَيْتَيْنِ وَغَيْرُ ذَلِكَ اهـ

. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَخَفُّ) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِالظَّنِّ وَمَبْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْعِلْمِ مَا أَمْكَنَ أَسْنَى. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ) إلَى قَوْلِهِ وَالْفَرْقُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَعَلَ كَذَا وَقَوْلَهُ: وَكَذَا إلَى وَلَا يَخْلُو. (قَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ شَهَادَتُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَنَحْوُهَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْأَعْمَى مُتَرْجِمًا أَوْ مُسْمِعًا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْيِينٍ وَإِشَارَةٍ بِأَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مَشْهُورًا بِاسْمِهِ وَصِفَتِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ اسْتِفَاضَةٍ إلَخْ) لَفْظَةُ نَحْوِ لَيْسَتْ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَلَعَلَّهُ أَدْخَلَ بِهَا التَّوَاتُرَ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا مِنْ الِاسْتِفَاضَةِ بِالْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الدَّعْوَى وَالْحَلِفِ بِالْجَمِيعِ بِأَنَّهُ مَا الْمَانِعُ مِنْ كَوْنِهَا بِالْبَعْضِ؛ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ فِيهِمَا عَلَى بَعْضِ الْحَقِّ وَالْإِعْرَاضَ عَنْ الْبَاقِي لَا مَانِعَ مِنْهُ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مَا ادَّعَى بِهِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ مِنْهُ بِالْقِسْطِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَمْنُوعُ الدَّعْوَى بِالْبَعْضِ وَالْحَلِفَ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ يَخُصُّهُ كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَشَرَةً مِنْ جِهَةِ مُوَرِّثِهِ وَيَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ كَوْنِ حَقِّ مُوَرِّثِهِ مِائَةً وَالْوَرَثَةُ عَشَرَةُ أَوْلَادٍ أَمَّا عَلَى وَجْهٍ لَا يَخُصُّهُ كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ مُوَرِّثَهُ يَسْتَحِقُّ عَلَى هَذَا عَشَرَةً وَيَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْعَشَرَةِ إلَّا وَاحِدًا فَلَا إشْكَالَ حِينَئِذٍ فَلْيُحَرَّرْ

. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَعَمُّدُ نَظَرِ فَرْجِ زَانٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَيَجُوزُ تَعَمُّدُ النَّظَرِ لِفَرْجَيْ الزَّانِيَيْنِ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُمَا هَتَكَا حُرْمَةَ أَنْفُسِهِمَا اهـ وَظَاهِرُهُ جَوَازُ مَا ذَكَرَ وَإِنْ سُنَّ السَّتْرُ إلَّا أَنْ يُقَالَ السَّتْرُ لَا يُطْلَبُ حَالَ الْفِعْلِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَيَجُوزُ تَعَمُّدُ نَظَرِ فَرْجِ زَانٍ) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الزِّنَا مَنْدُوبٌ سَتْرُهُ اهـ وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ طَلَبَ السَّتْرَ

(قَوْلُهُ: وَاسْتُفِيدَ مِنْ الْمَتْنِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ..

<<  <  ج: ص:  >  >>