مِنْ الْقَوَدِ أَوْ الْحَدِّ ثُمَّ رَجَعُوا. (وَقَالُوا) كُلُّهُمْ (تَعَمَّدْنَا) وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِنَا أَوْ جَهِلْنَا ذَلِكَ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ أَوْ ظَنَنَّا أَنَّنَا نَجْرَحُ بِأَسْبَابٍ فِيمَا يَتَّجِهُ لِي وَإِنْ بَحَثَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُمْ مُخْطِئُونَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا عُذْرَ لَهُمْ فِيهِ بِوَجْهٍ إلَّا إنْ كَانَتْ الْأَسْبَابُ أَوْ بَعْضُهَا ظَاهِرَةً لِكُلِّ أَحَدٍ وَعَلَيْهِ قَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ تَعَمَّدْت وَلَا أَعْلَمُ حَالَ صَاحِبِي أَوْ اقْتَصَرَ كُلٌّ عَلَى قَوْلِهِ تَعَمَّدْت (فَعَلَيْهِمْ) مَا لَمْ يَعْتَرِفْ وَلِيُّ الْقَاتِلِ بِحَقِيقَةِ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ (قِصَاصٌ) بِشَرْطِهِ وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ جَلْدُ الزِّنَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَيُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَشْهَدَا بِهِ فِي زَمَنِ نَحْوِ حَرٍّ وَمَذْهَبُ الْقَاضِي يَقْتَضِي الِاسْتِيفَاءَ فَوْرًا وَإِنْ أَهْلَكَ غَالِبًا وَعَلِمَا ذَلِكَ وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ تَنْظِيرِ الْبُلْقِينِيِّ فِيهِ كَابْنِ الرِّفْعَةِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ قِصَاصٌ أَنَّهُ يُرَاعَى فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ فَيُحَدُّونَ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا حَدَّ الْقَذْفِ ثُمَّ يُرْجَمُونَ (أَوْ) لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ لِمَا قَدَّمَهُ أَنَّ الْوَاجِبَ أَوَّلًا الْقَوَدُ، وَالدِّيَةُ بَدَلٌ عَنْهُ لَا أَحَدُهُمَا (دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ) فِي مَالِهِمْ مُوَزَّعَةٌ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ لِنِسْبَةِ إهْلَاكِهِ إلَيْهِمْ وَخَرَجَ بِتَعَمَّدْنَا أَخْطَأْنَا فَعَلَيْهِمْ دِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ فِي مَالِهِمْ إلَّا إنْ صَدَّقَتْهُمْ الْعَاقِلَةُ أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمْ تَعَمَّدْتُ وَتَعَمَّدَ صَاحِبِي وَقَالَ صَاحِبُهُ أَخْطَأْت أَوْ قَالَ تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ صَاحِبِي أَوْ قَالَ أَخْطَأْنَا فَيُقْتَلُ الْأَوَّلُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمُوجِبِهِ دُونَ الثَّانِي وَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَقَالَ تَعَمَّدْنَا قُتِلَ أَوْ تَعَمَّدْتُ فَلَا وَاعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ كَشَرِيكِ الْقَاتِلِ بِحَقٍّ وَيُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الشرواني]
قَذْفٍ وَشُرْبٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْقَوَدِ أَوْ الْحَدِّ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ الْمَجْلُودِ فَجَعَلَا الْمَوْتَ قَيْدًا لِلْجَلْدِ فَقَطْ وَهُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ غَيْرَ الْقِصَاصِ فِي طَرَفٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْمَوْتِ وَالْقِصَاصُ فِي طَرَفٍ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ إلَخْ) هُوَ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا سَكَتُوا رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ جَهِلْنَا ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِمْ بَعْدَ رُجُوعِهِمْ لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِقَوْلِنَا إلَّا لِقُرْبِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ فَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ فِي مَالِهِمْ مُؤَجَّلًا بِثَلَاثِ سِنِينَ مَا لَمْ تُصَدِّقْهُمْ الْعَاقِلَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا إلَخْ) أَيْ: قَوْلَهُمْ وَظَنَنَّا أَنَّنَا نُجْرَحُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الظُّهُورِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: كَلَامُ الرَّافِعِيِّ) أَيْ: بَحْثُهُ الْمَذْكُورُ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَاعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ كُلٌّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ قَالُوا تَعَمَّدْنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ اقْتَصَرَ إلَخْ) أَوْ قَالَ كُلٌّ تَعَمَّدْت وَتَعَمَّدَ صَاحِبِي رَوْضٌ وَنِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: وَلِيُّ الْقَاتِلِ إلَخْ) الْأَوْلَى وَلِيُّ الدَّمِ كَمَا فِي الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي، وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ مَا لَمْ يَعْتَرِفْ الْقَاتِلُ اهـ. قَالَ الرَّشِيدِيُّ: يَعْنِي مَنْ قَتَلَ وَاسْتَوْفَيْنَا مِنْهُ الْقِصَاصَ وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَهُ الْمَقْتُولُ رِدَّةً أَوْ رَجْمًا مَثَلًا فَكَانَ الْأَوْلَى إبْدَالَ لَفْظَةِ الْقَاتِلِ بِالْمَقْتُولِ اهـ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) وَهُوَ الْمُكَافَأَةُ ع ش. (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ: شَرْطِ الْقِصَاصِ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا إلَخْ) أَيْ: بِالتَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُرْجَمُونَ) وَلَا يَضُرُّ فِي اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ عَدَمُ مَعْرِفَةِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ مِنْ الْمَرْجُومِ وَلَا قَدْرِ الْحَجَرِ وَعَدَدِهِ قَالَ الْقَاضِي لِأَنَّ ذَلِكَ تَفَاوُتٌ يَسِيرٌ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَخَالَفَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ يَتَعَيَّنُ السَّيْفُ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: فِي مَالِهِمْ) إلَى قَوْلِهِ وَاعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا مَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ صَدَّقَتْهُمْ الْعَاقِلَةُ) كَذَا فِي الرَّوْضِ وَالنِّهَايَةِ، وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى إنْ كَذَّبَتْهُمْ الْعَاقِلَةُ فَإِنْ صَدَّقَتْهُمْ فَعَلَيْهِمْ الدِّيَةُ وَكَذَا إنْ سَكَتَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ خِلَافًا لِمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الرَّوْضِ فَإِنْ صَدَّقَتْهُمْ لَزِمَهَا الدِّيَةُ.
(فَرْعٌ) لَوْ ادَّعَوْا أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَعْرِفُ خَطَأَهُمْ هَلْ لَهُمْ تَحْلِيفُهَا أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا أَنَّ لَهُمْ ذَلِكَ كَمَا رَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ غَرِمَتْ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي مِنْ عَدَمِ التَّحْلِيفِ اهـ. وَقَوْلُهُ: فَرْعٌ إلَخْ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَالَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ كُلٌّ تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ صَاحِبِي فَلَا قِصَاصَ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا تَعَمَّدْت وَصَاحِبِي أَخْطَأَ أَوْ قَالَ تَعَمَّدْت وَلَا أَدْرِي أَتَعَمَّدَ صَاحِبِي أَمْ لَا وَهُوَ مَيِّتٌ أَوْ غَائِبٌ لَا تُمْكِنُ مُرَاجَعَتُهُ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى تَعَمَّدْت وَقَالَ صَاحِبُهُ أَخْطَأْت فَلَا قِصَاصَ وَعَلَى الْمُتَعَمِّدِ قِسْطٌ مِنْ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ وَعَلَى الْمُخْطِئِ قِسْطٌ مِنْ مُخَفَّفَةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ صَاحِبُهُ إلَخْ) أَيْ: أَوْ هُوَ غَائِبٌ أَوْ مَيِّتٌ رَوْضٌ وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: دُونَ الثَّانِي) أَيْ: لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ إلَّا بِشَرِكَةِ مُخْطِئٍ أَوْ بِخَطَأٍ أَسْنَى وَمُغْنِي وَسم. (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ إلَخْ)
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (فَرْعٌ) لَوْ لَمْ يَقُولَا رَجَعْنَا لَكِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِرُجُوعِهِمَا لَمْ يَغْرَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لِأَنَّ الْحَقَّ بَاقٍ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ اهـ الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَأَنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِثُبُوتِ رُجُوعِهِمَا بِالْبَيِّنَةِ أَيْ: وَهَذَا إذَا كَانَ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت أَبَا زُرْعَةَ قَالَ فِي فَتَاوِيهِ مَا مُلَخَّصُهُ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِالرُّجُوعِ) ظَاهِرُهُ الْقَبُولُ مَعَ عَدَمِ التَّعَرُّضِ الْمَذْكُورِ
. (قَوْلُهُ: وَقَالُوا كُلُّهُمْ: تَعَمَّدْنَا وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِنَا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِمْ أَيْ: بَعْدَ الرُّجُوعِ لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ أَيْ: بِقَوْلِنَا إلَّا لِقُرْبِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَيْ: أَوْ نَشْئِهِمْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ فَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ فِي مَالِهِمْ مُؤَجَّلًا ثَلَاثَ سِنِينَ أَيْ: إلَّا أَنْ تُصَدِّقَهُمْ الْعَاقِلَةُ فَيَجِبَ عَلَيْهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِتَعَمَّدْنَا أَخْطَأْنَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْإِمَامُ وَقَدْ يَرَى الْقَاضِي فِيمَا إذَا قَالُوا أَخْطَأْنَا تَعْزِيرَهُمْ لِتَرْكِهِمْ التَّحَفُّظَ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ وَأَقَرَّهُ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ: الْمَعْرُوفُ عَدَمُ التَّعْزِيرِ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَفَّالُ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْقَاضِي مُجَلِّي لَكِنْ جَمَعَ الْأَذْرَعِيُّ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ أَرَادُوا أَنَّهُ لَا يَتَحَتَّمُ التَّعْزِيرُ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ صَدَّقَتْهُمْ الْعَاقِلَةُ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَذَّبَتْهُمْ الْعَاقِلَةُ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا أَيْ: لَوْ ادَّعَوْا أَنَّهَا تَعْرِفُ خَطَأَهُمْ وَأَنَّ عَلَيْهِمْ الدِّيَةَ وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ عَلَيْهَا يَمِينَ نَفْيِ الْعِلْمِ إذَا طَلَبُوا تَحْلِيفَهُمَا ش م ر. (قَوْلُهُ: دُونَ الثَّانِي) أَيْ: لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ إلَّا بِشَرِكَةِ مُخْطِئٍ أَوْ بِخَطَأٍ. (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ) فِيهِ مَا فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute