فَإِنَّ الشَّاهِدَ الْبَاقِيَ غَيْرُ حُجَّةٍ فَلَيْسَ قَاتِلًا بِحَقٍّ بَلْ الرَّاجِعُ حِينَئِذٍ كَشَرِيكِ الْمُخْطِئِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا لَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِقِيَامِ الشُّبْهَةِ فِي فِعْلِهِ لَا ذَاتِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْجِرَاحِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ هَذَا مَا لَمْ يَقُلْ الْوَلِيُّ عَلِمْت تَعَمُّدَهُمْ وَإِلَّا فَالْقَوَدُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ.
(وَعَلَى الْقَاضِي قِصَاصٌ إنْ) رَجَعَ وَحْدَهُ وَ (قَالَ تَعَمَّدْتُ) لِاعْتِرَافِهِ بِمُوجِبِهِ فَإِنْ آلَ الْأَمْرُ لِلدِّيَةِ فَكُلُّهَا مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَقِلُّ بِالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا إذَا قَضَى بِعِلْمِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ هُوَ وَالشُّهُودُ فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُمْ كَمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ بَحَثَ اسْتِوَاءَهُمَا (وَإِنْ رَجَعَ هُوَ وَهُمْ فَعَلَى الْجَمِيعِ قِصَاصٌ وَإِنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا) وَعَلِمْنَا إلَى آخِرِهِ لِنِسْبَةِ هَلَاكِهِ إلَيْهِمْ كُلِّهِمْ (فَإِنْ قَالُوا: أَخْطَأْنَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ) مُخَفَّفَةٍ (وَعَلَيْهِمْ نِصْفٌ) كَذَلِكَ تَوْزِيعًا عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ (وَلَوْ رَجَعَ مُزَكٍّ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَنْ مَرَّ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ) بِالْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّزْكِيَةِ يُلْجِئُ الْقَاضِيَ لِلْحُكْمِ الْمُقْتَضِي لِلْقَتْلِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي شَاهِدِ الْإِحْصَانِ بِأَنَّ الزِّنَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْإِحْصَانِ صَالِحٌ لِلْإِلْجَاءِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحَدُّ وَالشَّهَادَةُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ التَّزْكِيَةِ غَيْرُ صَالِحَةٍ أَصْلًا فَكَانَ الْمُلْجِئُ هُوَ التَّزْكِيَةُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا لِجَمْعٍ هُنَا.
ــ
[حاشية الشرواني]
فِيهِ مَا فِيهِ سم.
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ إلَخْ) أَيْ: الشَّاهِدُ بِالْبَاقِي. (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا) أَيْ: مِنْ الْمُخْطِئِ وَالشَّاهِدِ الْبَاقِي. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْهُ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ مَالٍ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَا شَهِدُوا لَهُ إلَى وَإِعَادَةُ ضَمِيرِ الْجَمْعِ. (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ: مِمَّا مَرَّ فِي الْجِرَاحِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ هَذَا) أَيْ: وُجُوبِ الْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى أَحَدِهِمْ. (قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ) أَيْ: أَوْ الدِّيَةُ
. (قَوْلُهُ: رَجَعَ وَحْدَهُ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَعَلِمْنَا إلَخْ وَقَوْلَهُ أَوْ مَعَ مَنْ مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ تَعَمَّدْت) أَيْ: الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ فَإِنْ قَالَ أَخْطَأْت فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَةٍ كَذَّبَتْهُ أَسْنَى وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَقَالَ تَعَمَّدْت) أَيْ: وَعَلِمْت أَنَّهُ يُقْتَلُ بِحُكْمِي وَلَمْ يَقُلْ الْوَلِيُّ عَلِمْت تَعَمُّدَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَقِلُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فِي شَرْحِ فَإِنْ قَالُوا أَخْطَأْنَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ إلَخْ نَصُّهَا: قَالَ الرَّافِعِيُّ كَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ عِنْدَ رُجُوعِهِ وَحْدَهُ كَمَا لَوْ رَجَعَ بَعْضُ الشُّهُودِ انْتَهَى. وَرَدَ الْقِيَاسُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ يَسْتَقِلُّ بِالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا إذَا قَضَى بِعِلْمِهِ بِخِلَافِ الشُّهُودِ وَبِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ عِنْدَ رُجُوعِ الشُّهُودِ وَحْدَهُمْ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ: فِي الْمَتْنِ آنِفًا.
(قَوْلُهُ: بَحَثَ اسْتِوَاءَهُمَا) أَيْ: رُجُوعَهُ وَحْدَهُ أَوْ وَالشُّهُودِ ع ش عِبَارَةُ سم أَيْ: الْمَسْأَلَتَيْنِ حَتَّى لَا يَجِبَ كَمَالُ الدِّيَةِ عِنْدَ رُجُوعِهِ وَحْدَهُ اهـ. وَإِنَّمَا يَجِبُ النِّصْفُ فَقَطْ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُ الْمَتْنِ فَعَلَيْهِ) أَيْ: الْقَاضِي وَقَوْلُهُ: وَعَلَيْهِمْ أَيْ: الشُّهُودِ مُغْنِي وَعِ ش. (قَوْلُهُ: تَوْزِيعًا عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِصَاصِ خَاصَّةً لَكِنْ يَنْبَغِي التَّأَمُّلُ فِي قَوْلِهِ تَوْزِيعًا عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ رَجَعَ مُزَكٍّ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ قَبْلَ شَهَادَةِ الشُّهُودِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يَخْفَى إشْكَالُهُ إذْ لَا أَثَرَ لِلتَّزْكِيَةِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ وَلَا لِلرُّجُوعِ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا لَوْ زَكَّاهُمْ فِي قَضِيَّةٍ وَقَعَ الْحُكْمُ فِيهَا ثُمَّ رَجَعَ الْمُزَكِّي ثُمَّ شَهِدُوا عَقِبَ ذَلِكَ فِي قَضِيَّةٍ أُخْرَى وَقَبِلَهُمْ الْحَاكِمُ تَعْوِيلًا عَلَى التَّزْكِيَةِ السَّابِقَةِ لِقُرْبِ الزَّمَانِ وَعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى تَجْدِيدِ التَّزْكِيَةِ وَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَخْلُو عَنْ إشْكَالٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ الرَّمْلِيَّ رَدَّ هَذَا التَّصْوِيرَ بِأَنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ إيجَابُهُ لِلْقِصَاصِ لِأَنَّ شَرْطَهُ قَصْدُ الشَّخْصِ وَلَمْ يُوجَدْ انْتَهَى اهـ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ مَنْ مَرَّ) فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَاشْتَرَكَ الْجَمِيعُ أَيْ: جَمِيعُ مَنْ يَرْجِعُ مِنْ الشَّاهِدِ وَالْمُزَكِّي وَالْوَلِيِّ وَكَذَا الْقَاضِي فِي لُزُومِ الْقَوَدِ فَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ فَهِيَ عَلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ أَرْبَاعًا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ إلَى أَنْ بَيَّنَ أَنَّ النَّوَوِيَّ صَحَّحَ أَنَّ الْمُؤَاخَذَ الْوَلِيُّ وَحْدَهُ وَقَدْ يُفِيدُ ذَلِكَ أَنَّهُ فِيمَا إذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ وَالْمُزَكِّي وَآلَ الْأَمْرُ إلَى الْمَالِ وَجَبَ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ نِصْفَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُ الْمَتْنِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ) أَيْ: دُونَ الْأَصْلِ ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: بِالْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ هَذَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْقَوَدَ أَوْ الدِّيَةَ عَلَى الْمُزَكِّي وَحْدَهُ وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ: فِي الْفَرْقِ الْآتِي فَكَانَ الْمُلْجِئُ هُوَ التَّزْكِيَةُ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُلْجِئُ كَالْمُزَكِّي لَكِنْ فِي الْأَنْوَارِ أَنَّهُ يُشَارِكُ الشُّهُودَ فِي الْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. أَقُولُ: وَإِلَيْهِ أَيْ: رَدِّ مَا فِي الْأَنْوَارِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِهِ يَنْدَفِعُ مَا لِجَمْعٍ هُنَا. (قَوْلُهُ: بِالْقَوَدِ) أَيْ: بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ أَيْ: إنْ قَالَ تَعَمَّدْتُ ذَلِكَ وَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُسْتَوْفَى مِنْهُ بِقَوْلِهِ وَجَهِلَ الْوَلِيُّ تَعَمُّدَهُ.
(قَوْلُهُ:
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ بَحَثَ اسْتِوَاءَهُمَا) أَيْ: الْمَسْأَلَتَيْنِ حَتَّى لَا يَجِبَ كَمَالُ الدِّيَةِ عِنْدَ رُجُوعِهِ وَحْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَجَعَ مُزَكٍّ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ قَبْلَ شَهَادَةِ الشُّهُودِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يَخْفَى إشْكَالُهُ إذْ لَا أَثَرَ لِلتَّزْكِيَةِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ وَلَا لِلرُّجُوعِ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا لَوْ زَكَّاهُمْ فِي قَضِيَّةٍ وَقَعَ الْحُكْمُ فِيهَا ثُمَّ رَجَعَ الْمُزَكِّي ثُمَّ شَهِدُوا عَقِبَ ذَلِكَ فِي قَضِيَّةٍ أُخْرَى وَقَبِلَهُمْ الْحَاكِمُ تَعْوِيلًا عَلَى التَّزْكِيَةِ السَّابِقَةِ لِقُرْبِ الزَّمَانِ وَعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى تَجْدِيدِ التَّزْكِيَةِ وَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَخْلُو الْحُكْمُ مِنْ إشْكَالٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ الرَّمْلِيَّ رَدَّ هَذَا التَّصْوِيرَ بِأَنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ إيجَابُهُ لِلْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ قَصْدُ الشَّخْصِ وَلَمْ يُوجَدْ اهـ. (قَوْلُهُ أَيْضًا: وَلَوْ رَجَعَ مُزَكٍّ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَاشْتَرَكَ الْجَمِيعُ أَيْ: جَمِيعُ مَنْ رَجَعَ مِنْ الشَّاهِدِ وَالْمُزَكِّي وَالْوَلِيِّ وَكَذَا الْقَاضِي فِي لُزُومِ الْقَوَدِ فَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ فَهِيَ عَلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ أَرْبَاعًا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ إلَى أَنْ بَيَّنَ أَنَّ النَّوَوِيَّ صَحَّحَ أَنَّ الْمُؤَاخَذَ الْوَلِيُّ وَحْدَهُ وَقَدْ يُفِيدُ ذَلِكَ أَنَّهُ فِيمَا إذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ وَالْمُزَكِّي وَآلَ الْأَمْرُ إلَى الْمَالِ وَجَبَ الدِّيَةُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ مَنْ مَرَّ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا عَلَى الْمُزَكِّي مِنْ الدِّيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute