للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ذِمَّتِهِ وَوُجُوبُ إخْرَاجِهَا مِنْ مَالِهِ عَلَى وَلِيِّهِ فَإِنْ بَقِيَتْ إلَى كَمَالِهِ وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ لَزِمَ إخْرَاجُهَا وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامِهِمْ الْمُتَنَاقِضِ فِي ذَلِكَ (تَنْبِيهٌ)

ذَكَرَ السَّمْعَانِيُّ فِي زَوْجَةٍ صَغِيرَةٍ ذَاتِ أَبَوَيْنِ أَنَّ وُجُوبَ مَا مَرَّ عَلَيْهِمَا فَالزَّوْجُ وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ ضَرْبِهَا وَبِهِ وَلَوْ فِي الْكَبِيرَةِ صَرَّحَ جَمَالُ الْإِسْلَامِ بْنُ الْبِزْرِيِّ بِتَقْدِيمِ الزَّايِ نِسْبَةً لِبِزْرِ الْكَتَّانِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ لَكِنْ إنْ لَمْ يَخْشَ نُشُوزًا أَوْ أَمَارَتَهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِ الزَّرْكَشِيّ النَّدْبَ وَقَوْلُ غَيْرِهِ فِي الْوُجُوبِ نَظَرٌ، وَالْجَوَازُ مُحْتَمَلٌ وَأَوَّلُ مَا يَلْزَمُ الْمُكَلَّفَ الْجَاهِلَ بِاَللَّهِ تَعَالَى مَعْرِفَتُهُ تَعَالَى عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ النَّظَرُ الْمُؤَدِّي إلَيْهَا وَوُجُوبُهَا قَطْعِيٌّ وَشَرْعِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ شَرْعِيًّا تَوَقُّفُهُ عَلَى مَعْرِفَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِهَذَا يَتَّضِحُ مَا صَرَّحَ بِهِ السَّمْعَانِيُّ مِنْ أَنَّهَا أَوَّلُ الْوَاجِبَاتِ مُطْلَقًا لَا يُقَالُ هَذَا أَيْضًا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَاكَ فَجَاءَ الدَّوْرُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ

ــ

[حاشية الشرواني]

ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ تَعْلِيمِهِ الْقُرْآنَ وَدَفْعَ أُجْرَتِهِ مِنْ مَالِهِ، أَوْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، أَوْ بِلَا أُجْرَةٍ حَيْثُ كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلصَّبِيِّ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي تَعْلِيمِهِ صَنْعَةً يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهَا مَعَ احْتِيَاجِهِ إلَى ذَلِكَ وَعَدَمِ تَيَسُّرِ النَّفَقَةِ لَهُ إذَا اشْتَغَلَ بِالْقُرْآنِ فَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ شُغْلُهُ بِالْقُرْآنِ وَلَا بِتَعَلُّمِ الْعِلْمِ، بَلْ يَشْغَلُهُ بِمَا يَعُودُ عَلَيْهِ مِنْهُ مَصْلَحَةٌ وَإِنْ كَانَ ذَكِيًّا وَظَهَرَتْ عَلَيْهِ عَلَامَةُ النَّجَابَةِ نَعَمْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِصِحَّةِ عِبَادَتِهِ يَجِبُ تَعْلِيمُهُ لَهُ وَلَوْ بَلِيدًا وَيَصْرِفُ أُجْرَةَ التَّعْلِيمِ مِنْ مَالِهِ عَلَى مَا مَرَّ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَوْنِ أَبِيهِ فَقِيهًا وَعَدَمِهِ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا فِيهِ مَصْلَحَةُ الصَّبِيِّ ع ش

(قَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ: الصَّبِيِّ ع ش (قَوْلُهُ: وَوُجُوبُ إخْرَاجِهَا إلَخْ) عُطِفَ عَلَى وَمَعْنَى إلَخْ وَيُحْتَمَلُ عَلَى وَأُجْرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَقِيَتْ) أَيْ: نَحْوُ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَمَعْنَى وُجُوبِهَا إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ وَوُجُوبُ إخْرَاجِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالزَّوْجُ) أَيْ: فَإِنْ فُقِدَا، وَتَرَكَا التَّعْلِيمَ فَعَلَى الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ: قَضِيَّةُ كَلَامِ السَّمْعَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْكَبِيرَةِ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ ضَرْبُ زَوْجَتِهِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا إذْ مَحَلُّ جَوَازِ ضَرْبِهِ لَهَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الْبَزْرِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَمْرُهَا بِالصَّلَاةِ وَضَرْبُهَا عَلَيْهَا اهـ وَوَافَقَهُ م ر وَالْبُجَيْرِمِيُّ وَشَيْخُنَا فَقَالَا وَمِثْلُ الْمُعَلِّمِ الزَّوْجُ فِي زَوْجَتِهِ فَلَهُ الْأَمْرُ لَا الضَّرْبُ إلَّا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَإِنْ كَانَ لَهُ الضَّرْبُ لِلنُّشُوزِ اهـ

قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ إلَخْ أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَمْرُهَا بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ نُشُوزًا وَلَا أَمَارَتَهُ لِوُجُوبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ، وَالزَّوْجُ مِنْهُمْ وَقَوْلُهُ م ر ضَرْبُ زَوْجَتِهِ أَيْ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَهُ ضَرْبُهَا إذَا كَانَتْ فَاقِدَةَ الْأَبَوَيْنِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ م ر وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الْبَزْرِيِّ إلَخْ ضَعِيفٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَالزَّوْجُ) فَإِنْ قُلْت بِرَدِّهِ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الزَّوْجَ لَهُ الضَّرْبُ لِحَقِّهِ لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ كَغَيْرِهِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَرُدُّهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَاكَ مَا لَمْ تَثْبُتْ هَذِهِ الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ بِأَنْ فُقِدَ أَبَوَاهَا، بَلْ قَدْ يُقَالُ، بَلْ يَنْبَغِي ثُبُوتُ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ أَبَوَيْهَا حَالَ غَيْبَتِهِمَا عَنْهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ حِينَئِذٍ لَا يَنْقُصُ عَنْ مُسْتَعِيرِ الرَّقِيقِ وَوَدِيعِهِ بِجَامِعِ أَنَّ لِكُلٍّ وِلَايَةً وَتَسَلُّطًا وَمُجَرَّدُ أَنَّ الرَّقِيقَ مَالٌ لَا يُؤَثِّرُ هُنَا سم (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْشَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِخِلَافِ مَا إذَا خَشِيَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ اهـ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ إنْ لَمْ يَخْشَ نُشُوزًا أَوْ أَمَارَتَهُ

(قَوْلُهُ: وَأَوَّلُ مَا يَلْزَمُ الْمُكَلَّفَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ نَفْسَ مَعْرِفَتِهِ تَعَالَى يُمْكِنُ حُصُولُهَا بِالشَّرْعِ، وَالْعَقْلِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَأَنَّ وُجُوبَ الْمَعْرِفَةِ بِالشَّرْعِ إذْ لَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ عِنْدَنَا وَأَنَّ نَفْسَ مَعْرِفَةِ النَّبِيِّ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُوبِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ عَلَى نَفْسِ مَعْرِفَتِهِ تَعَالَى وَأَنَّ وُجُوبَ مَعْرِفَتِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ النَّبِيِّ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ مَعَ مَا قَالَهُ يَتَّضِحُ لَك الْحَالُ وَمَا فِيهِ سم (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ النَّظَرُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنْ كَفَى التَّقْلِيدُ فِي الْمَعْرِفَةِ لَمْ يَجِبْ النَّظَرُ وَإِلَّا وَجَبَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: لَا عَقْلِيٌّ إلَخْ) أَيْ: خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْمَاتُرِيدِيَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ كَوْنِهِ) أَيْ: الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ: بِتَوَقُّفِ الْوُجُوبِ عَلَى مَعْرِفَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: هَذَا أَيْضًا مُتَوَقِّفٌ عَلَى ذَاكَ إلَخْ) إنْ أَرَادَ أَنَّ مَعْرِفَةَ النَّبِيِّ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ النَّبِيِّ فَالْمُشَبَّهُ بِهِ مَمْنُوعٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى مَعْرِفَةِ النَّبِيِّ وُجُوبُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا نَفْسُ مَعْرِفَتِهِ

وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ مَعْرِفَةَ النَّبِيِّ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى وُجُوبِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

لَيْسَ كَالْأَبِ فِي ذَاكَ وَقَضِيَّةُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ كَالْأَبِ (قَوْلُهُ: فَالزَّوْجُ) فَإِنْ قُلْت يَرُدُّهُ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الزَّوْجَ لَهُ الضَّرْبُ لِحَقِّهِ لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ كَغَيْرِهِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَرُدُّهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ تَثْبُتْ هَذِهِ الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ بِأَنْ فُقِدَ أَبَوَاهَا، بَلْ قَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي ثُبُوتُ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ أَبَوَيْهَا حَالَ غَيْبَتِهِمَا عَنْهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ حِينَئِذٍ لَا يَنْقُصُ عَنْ مُسْتَعِيرِ الرَّقِيقِ وَوَدِيعِهِ بِجَامِعِ أَنَّ لِكُلٍّ وِلَايَةً وَتَسَلُّطًا أَوْ مُجَرَّدُ أَنَّ الرَّقِيقَ مَالٌ لَا يُؤَثِّرُ هُنَا

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْشَ نُشُوزًا) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَشِيَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَأَوَّلُ مَا يَلْزَمُ الْمُكَلَّفَ الْجَاهِلَ بِاَللَّهِ تَعَالَى مَعْرِفَتُهُ) اعْلَمْ أَنَّ نَفْسَ مَعْرِفَتِهِ تَعَالَى يُمْكِنُ حُصُولُهَا بِالشَّرْعِ، وَالْعَقْلِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَأَنَّ وُجُوبَ الْمَعْرِفَةِ بِالشَّرْعِ إذْ لَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ عِنْدَنَا وَأَنَّ نَفْسَ مَعْرِفَةِ النَّبِيِّ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُوبِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ عَلَى نَفْسِ مَعْرِفَتِهِ وَأَنَّ وُجُوبَ مَعْرِفَتِهِ تَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ النَّبِيِّ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ مَعَ مَا قَالَهُ يَتَّضِحُ لَك الْحَالُ وَمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ النَّظَرُ الْمُؤَدِّي إلَيْهَا) قَدْ يُقَالُ إنْ كَفَى التَّقْلِيدُ فِي الْمَعْرِفَةِ لَمْ يَجِبْ

<<  <  ج: ص:  >  >>