هَذَا تَوَقُّفٌ بِوَجْهٍ وَذَاكَ تَوَقُّفٌ بِالْكَمَالِ فَلَا دَوْرَ وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْمَعْرِفَةُ بِوَجْهٍ مَا؛ لِأَنَّ الْحَيْثِيَّةَ بِذَلِكَ الْوَجْهِ مُخْتَلِفَةٌ بِالِاعْتِبَارِ وَمَرَّ أَوَّلُ الْكِتَابِ إشَارَةٌ لِذَلِكَ
(وَلَا) قَضَاءَ (عَلَى) شَخْصٍ (ذِي حَيْضٍ) ، أَوْ نِفَاسٍ وَلَوْ فِي رِدَّةٍ كَمَا مَرَّ إذَا طَهُرَ، بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْحَيْضِ (أَوْ) ذِي (جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ) ، أَوْ سُكْرٍ بِلَا تَعَدٍّ إذَا أَفَاقَ إلَّا فِي زَمَنِ الرِّدَّةِ كَمَا مَرَّ (بِخِلَافِ) ذِي (السُّكْرِ) ، أَوْ الْجُنُونِ، أَوْ الْإِغْمَاءِ الْمُتَعَدِّي بِهِ إذَا أَفَاقَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ ظَنَّ مُتَنَاوِلُ الْمُسْكِرِ أَنَّهُ لِقِلَّتِهِ لَا يُسْكِرُهُ لِتَعَدِّيهِ، وَكَذَا يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ سَكِرَ بِتَعَدٍّ، ثُمَّ جُنَّ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ سَكِرَ بِلَا تَعَدٍّ مُدَّةَ مَا تَعَدَّى بِهِ وَإِنْ عَرَفَ وَإِلَّا فَمَا يَنْتَهِي إلَيْهِ السُّكْرُ غَالِبًا، وَالْإِغْمَاءُ بِمَعْرِفَةِ الْأَطِبَّاءِ لَا مَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ مُدَّةِ جُنُونِ الْمُرْتَدِّ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ مَنْ جُنَّ فِي رِدَّتِهِ مُرْتَدٌّ فِي جُنُونِهِ حُكْمًا وَمَنْ جُنَّ مَثَلًا فِي سُكْرِهِ لَيْسَ بِسَكْرَانَ فِي دَوَامِ جُنُونِهِ قَطْعًا وَظَاهِرُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْإِغْمَاءَ يَقْبَلُ طُرُوُّ إغْمَاءٍ آخَرَ عَلَيْهِ دُونَ الْجُنُونِ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ تَمْيِيزُ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ بَعْدَ طُرُوُّ الثَّانِي عَلَيْهِ وَفِي تَصَوُّرِ ذَلِكَ بَعْدُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْإِغْمَاءَ مَرَضٌ وَلِلْأَطِبَّاءِ دَخْلٌ فِي تَمَايُزِ أَنْوَاعِهِ وَمُدَدِهَا بِخِلَافِ الْجُنُونِ
ــ
[حاشية الشرواني]
مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا أَنَّ وُجُوبَ مَعْرِفَتِهِ تَعَالَى مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَعْرِفَةِ النَّبِيِّ فَالْمُشَبَّهُ مَمْنُوعٌ وَأَنَّ مَعْرِفَةَ النَّبِيِّ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا أَنَّ وُجُوبَ مَعْرِفَتِهِ تَعَالَى مَوْقُوفٌ عَلَى مَعْرِفَةِ النَّبِيِّ فَقَوْلُهُ فَجَاءَ الدَّوْرُ ظَاهِرُ السُّقُوطِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى التَّكَلُّفَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا لِظُهُورِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ وُجُوبُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ غَيْرُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ فِي الْمُشَبَّهِ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ تَوَقُّفُ مَعْرِفَةِ النَّبِيِّ وَقَوْلُهُ بِوَجْهٍ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ مِنْ حَيْثُ نُبُوَّتُهُ وَقَوْلُهُ وَذَاكَ أَيْ تَوَقُّفُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَوْلُهُ بِالْكَمَالِ يَعْنِي لِإِمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ تَعَالَى بِالْعَقْلِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْمَعْرِفَةُ بِوَجْهٍ مَا) لَا يَخْفَى مَا فِي جَعْلِهِ هَذَا غَايَةً، بَلْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بَعْدَهُ فَلَا دَوْرَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ إلَخْ، ثُمَّ قَوْلُهُ الْمَعْرِفَةُ بِوَجْهٍ مَا لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَيْثُ وُجُوبُهَا لَا ذَاتُهَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَيْثِيَّةَ فِي ذَلِكَ إلَخْ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى مَوْقُوفَةٌ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُهَا وَمَوْقُوفٌ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ نَفْسُهَا وَكَانَ الْأَخْصَرَ الْأَوْضَحَ؛ لِأَنَّ الْوَجْهَيْنِ مُتَغَايِرَانِ وَقَوْلُهُ بِالِاعْتِبَارِ الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ إذْ الْمُخْتَلَفُ بِالِاعْتِبَارِ إنَّمَا هُوَ الْمُقَيَّدُ، وَأَمَّا الْقَيْدَانِ فَمُخْتَلِفَانِ حَقِيقَةٌ
(قَوْلُهُ: شَخْصٍ) دَفَعَ بِهِ كَالْمَحَلِّيِّ مَا يَرُدُّ عَلَى الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ الْحَيْضَ صِفَةُ الْمَرْأَةِ فَالْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ ذَاتَ حَيْضٍ وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ الْمُحْوِجِ لِلتَّأْوِيلِ لِعَطْفِ الْجُنُونِ الشَّامِلِ لِلذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى عَلَى الْحَيْضِ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ نِفَاسٍ إلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرٌ إلَخْ) فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، بَلْ يَحْرُمُ إلَى الْمَتْنِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَقَدْ يُعَكِّرُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ) اعْتَمَدَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، وَالنِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي وَسم الْكَرَاهَةَ، وَالِانْعِقَادَ (قَوْلُهُ: أَوْ ذِي جُنُونٍ، أَوْ إغْمَاءٍ إلَخْ) سَوَاءٌ قَلَّ زَمَنُ ذَلِكَ أَمْ طَالَ وَإِنَّمَا وَجَبَ قَضَاءُ الصَّوْمِ عَلَى مَنْ اسْتَغْرَقَ إغْمَاؤُهُ جَمِيعَ النَّهَارِ لِمَا فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ مِنْ الْحَرَجِ لِكَثْرَتِهَا بِتَكَرُّرِهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ سُكْرٍ) وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ الْمَعْتُوهُ، وَالْمُبَرْسَمُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ وَفِي الْقَامُوسِ الْمَعْتُوهُ هُوَ نَاقِصُ الْعَقْلِ، أَوْ فَاسِدُهُ، وَالْمُبَرْسَمُ هُوَ الَّذِي أَصَابَتْهُ عِلَّةٌ يَهْذِي فِيهَا اهـ
(قَوْلُهُ: بِلَا تَعَدٍّ) اُنْظُرْ هَلْ مِنْ الْجُنُونِ بِالتَّعَدِّي الْحَاصِلِ لِمَنْ يَتَعَاطَى الْخَلَاوَى، وَالْأَوْرَادُ بِغَيْرِ طَرِيقٍ مُوَصِّلٍ لِذَلِكَ أَوْ لَا؟ الْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ ضَابِطَ التَّعَدِّي أَنْ يَعْلَمَ تَرَتُّبَ الْجُنُونِ عَلَى مَا تَعَاطَاهُ وَيَفْعَلُهُ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ ع ش (قَوْلُهُ: الْمُتَعَدِّي بِهِ) فَلَوْ جَهِلَ كَوْنَهُ مُحَرَّمًا، أَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ، أَوْ أَكَلَهُ لِيَقْطَعَ غَيْرَهُ بَعْدَ زَوَالِ عَقْلِهِ يَدًا لَهُ مَثَلًا مُتَآكِلَةً لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْقَضَاءُ لِعُذْرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر، أَوْ أَكَلَهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَطْعَمَهُ غَيْرُهُ لِذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي أَنَّ الْفَاعِلَ هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْآكِلِ، أَوْ لَا؟ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي بَدَنِ غَيْرِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِقَصْدِ الْإِصْلَاحِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا بِأَسْبَابِ الْمَصْلَحَةِ، أَوْ أَخْبَرَهُ بِهَا ثِقَةٌ اهـ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اسْتَنَدَ ظَنُّهُ لِخَبَرِ عَدْلٍ، أَوْ عُدُولٍ وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ ع ش وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: إنْ عَرَفَ) أَيْ: أَمَدَ مَا تَعَدَّى بِهِ (قَوْلُهُ: غَالِبًا) تَوْجِيهُهُ أَنَّ السُّكْرَ لَهُ أَمَدٌ يَنْتَهِي بِهِ وَيَنْتَفِي عِنْدَهُ بِخِلَافِ الرِّدَّةِ فَإِنَّهَا لَا تَنْتَهِي وَلَا تَنْتَفِي إلَّا بِالْإِسْلَامِ وَلَمْ يُوجَدْ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْقِسْمَةَ الْعَقْلِيَّةَ تَقْتَضِي سِتًّا وَثَلَاثِينَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ الْجُنُونِ، وَالْإِغْمَاءِ، وَالسُّكْرِ فِي نَفْسِهَا وَضَرْبِ التِّسْعَةِ الْحَاصِلَةِ فِي الْوُقُوعِ فِي الرِّدَّةِ، وَالْوُقُوعِ فِي غَيْرِهَا وَضَرْبِ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الْحَاصِلَةِ فِي اثْنَيْنِ التَّعَدِّي وَعَدَمِهِ فَالْجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ فَالْوَاقِعُ فِي الرِّدَّةِ يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا، وَالْوَاقِعُ فِي غَيْرِهَا يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ مَعَ التَّعَدِّي وَلَا يَجِبُ مَعَ عَدَمِهِ وَغَيْرُ الْمُتَعَدِّي بِهِ الْوَاقِعُ فِي الْمُتَعَدِّي بِهِ يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ مُدَّةَ الْمُتَعَدِّي بِهِ فَقَطْ مَدَابِغِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْإِغْمَاءُ) عُطِفَ عَلَى السُّكْرِ (قَوْلُهُ: لَا مَا بَعْدَهُ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ مَا تَقَرَّرَ) وَهُوَ قَوْلُهُ، وَكَذَا يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجُنُونِ) لَا شُبْهَةَ أَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ مَرِيضٌ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ ع ش قَدْ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ فِي زَوَالِ الْعَقْلِ إذَا أَخْبَرَ الْأَطِبَّاءُ بِعَوْدِهِ انْتَظَرَ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ظُهُورِ عَلَامَاتٍ لَهُمْ يَسْتَدِلُّونَ بِهَا عَلَى إمْكَانِ الْعَوْدِ دُخُولُ جُنُونٍ عَلَى جُنُونٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ حَصَلَ بِهِ زَوَالُ الْعَقْلِ وَحَيْثُ زَالَ فَلَا يُمْكِنُ تَكَرُّرُهُ مَا دَامَ الْجُنُونُ قَائِمًا؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَلَا يُمْكِنُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
النَّظَرُ وَإِلَّا وَجَبَ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى ذِي حَيْضٍ) أَيْ: لَكِنْ يَصِحُّ قَضَاءُ الْحَائِضِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ) أَيْ: أَوْ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ ذِي جُنُونٍ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ الْمَجْنُونُ هَلْ يَجُوزُ لَهُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ إذَا أَفَاقَ مِنْ صَلَاةٍ، أَوْ صَوْمٍ أَمْ يُسْتَحَبُّ أَمْ يُكْرَهُ الْجَوَابُ الْقَضَاءُ لِلْمَجْنُونِ مُسْتَحَبٌّ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ