اسْمِ الْمُفَاعَلَةِ الَّذِي غَلَبَ فِيهِ مَعْنَى الْفِعْلِ دُونَ الصِّفَةِ فَالْتَحَقَ بِالْأَفْعَالِ الَّتِي لَا تَتَوَقَّفُ إضَافَتُهَا عَلَى تَوْقِيفٍ، وَلِذَا تَوَسَّعَ النَّاسُ فِيهَا غَيْرُ صَحِيحٍ، أَمَّا أَوَّلًا فَهِيَ لَيْسَتْ مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ لَفْظًا وَهُوَ وَاضِحٌ، وَلَا مَعْنَى وَكَوْنُهَا تَقْتَضِي تَعَلُّقًا تُؤَثِّرُ فِيهِ لَا يَخْتَصُّ بِهَا بَلْ أَكْثَرُ الْأَسْمَاءِ التَّوْفِيقِيَّةِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَمَنْ الَّذِي صَرَّحَ عَلَى طَرِيقَةِ الْأَشْعَرِيِّ بِأَنَّ الْأَسْمَاءَ أَوْ الصِّفَاتِ الَّتِي مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ لَا تَقْتَضِي تَوْقِيفًا، بَلْ الْفِعْلُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّوْقِيفِ لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاسْمِ وَالصِّفَةِ أَنَّ هَذَيْنِ لَا بُدَّ مِنْ وُرُودِ لَفْظِهِمَا بِعَيْنِهِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِقَاقُهُمَا مِنْ فِعْلٍ أَوْ مَصْدَرٍ وَرَدَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ بِخِلَافِ الْفِعْلِ لَا يُشْتَرَطُ وُرُودُ لَفْظِهِ، بَلْ يَكْفِي وُرُودُ مَعْنَاهُ أَوْ مُرَادِفِهِ، بَلْ عَدَمُ إشْعَارِهِ بِالنَّقْصِ وَإِنْ لَمْ يَرِدَا، وَهَذَا وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ ظَاهِرٌ مِنْ فَحَوَى عِبَارَاتِ الْأُصُولِيِّينَ فَتَأَمَّلْهُ. وَيُسَنُّ أَنْ تَقْرَأَ عَلَيْهِ آيَةَ آلِ عِمْرَانَ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: ٧٧] وَأَنْ يُوضَعَ الْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ، وَيَحْلِفَ الذِّمِّيُّ بِمَا يُعَظِّمُهُ مِمَّا نَرَاهُ نَحْنُ لَا هُوَ وَلَا يَجُوزُ التَّحْلِيفُ بِنَحْوِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ، بَلْ يَلْزَمُ الْإِمَامَ عَزْلُ مَنْ فَعَلَهُ أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ يَعْتَقِدُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ يَخْتَصُّ التَّغْلِيظُ بِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ كَمَا إذَا ادَّعَى قِنٌّ عَلَى سَيِّدِهِ عِتْقًا أَوْ كِتَابَةً فَأَنْكَرَهُ السَّيِّدُ فَتُغَلَّظُ عَلَيْهِ إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا فَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْقِنِّ غُلِّظَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ لَيْسَتْ بِمَالٍ
(وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ) وَهُوَ الْجَزْمُ فِيمَا لَيْسَ بِفِعْلِهِ وَلَا فِعْلِ غَيْرِهِ كَإِنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ إنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا فَأَنْتِ طَالِقٌ
نَعَمْ الْمُودِعُ إذَا ادَّعَى الْوَدِيعُ التَّلَفَ وَرُدَّ الْيَمِينُ وَعَلَيْهِ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ مَعَ أَنَّ التَّلَفَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ أَحَدٍ وَ (فِي فِعْلِهِ) نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا لِإِحَاطَتِهِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ أَيْ: مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ وَقَعَ مِنْهُ حَالَ جُنُونِهِ مَثَلًا كَمَا أَطْلَقُوهُ (وَكَذَا فِعْلِ غَيْرِهِ إنْ كَانَ إثْبَاتًا) كَبَيْعٍ وَإِتْلَافٍ وَغَصْبٍ لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ نَفْيًا) غَيْرَ مَحْصُورٍ (فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) كَلَا أَعْلَمُهُ فَعَلَ كَذَا
ــ
[حاشية الشرواني]
وَكَأَنَّ الظَّاهِرَ وَالْغَزَالِيِّ بِالْوَاوِ وَسَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: اسْمُ الْمُفَاعَلَةِ) يَعْنِي اسْمٌ دَالٌّ عَلَى الْمُشَارَكَةِ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَالْجَوَابُ عِبَارَةُ الْمُغْنِي أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا إلَخْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْأَحْوَطُ اجْتِنَابُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّافِعِيُّ وَكَثِيرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ اهـ. وَهُوَ كَمَا قَالَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا تَقْتَضِي) أَيْ: مِنْ جِهَةِ تَحَقُّقِ مَدْلُولَاتِهَا. (قَوْلُهُ: تَعَلُّقًا) أَيْ: مُتَعَلِّقًا.
(قَوْلُهُ: التَّوْفِيقِيَّةِ إلَخْ) لَعَلَّ حَقَّ الْمَقَامِ الْغَيْرِ التَّوْفِيقِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ الَّذِي إلَخْ) اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ) أَيْ: لَا يَكْفِي فِي جَوَازِ إطْلَاقِهِمَا. (قَوْلُهُ: أَوْ مُرَادِفِهِ) لَعَلَّهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ. (قَوْلُهُ: بَلْ عَدَمُ إشْعَارِهِ بِالنَّقْصِ إلَخْ) هَذَا لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ آنِفًا: بَلْ الْفِعْلُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّوْقِيفِ سَيِّدُ عُمَرَ وَسَمِّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرِدْ) أَيْ: مَعْنَاهُ وَمُرَادِفُهُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: بَلْ عَدَمُ إشْعَارِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ، وَيُفَرَّقُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ إلَى، وَقَدْ يَخْتَصُّ وَقَوْلَهُ: وَلَا أَعْلَمُكَ ابْنَ أَبِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَوْ ادَّعَى دَيْنًا فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُوضَعَ الْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ) أَيْ: وَلَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَخْوِيفُهُ بِحَلِفِهِ بِحَضْرَةِ الْمُصْحَفِ ع ش وَكَلَامُ الْمُغْنِي يُفِيدُ أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى الْمُصْحَفِ مُسْتَحَبٌّ أَيْضًا عِبَارَتُهُ وَيُحْضَرُ الْمُصْحَفُ وَيُوضَعُ فِي حِجْرِ الْحَالِفِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمُطَرِّفٌ قَاضِيَ صَنْعَاءَ يُحَلِّفَانِ بِهِ، وَهُوَ حَسَنٌ وَعَلَيْهِ الْحُكَّامُ بِالْيَمَنِ وَقَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي بَابِ كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ مِنْ الْأُمِّ: وَقَدْ كَانَ مِنْ حُكَّامِ الْآفَاقِ مَنْ يَسْتَحْلِفُ عَلَى الْمُصْحَفِ، وَذَلِكَ عِنْدِي حَسَنٌ وَقَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا التَّغْلِيظُ مُسْتَحَبٌّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ الذِّمِّيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي هَذَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ يَهُودِيًّا حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَنَجَّاهُ مِنْ الْغَرَقِ أَوْ نَصْرَانِيًّا حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى أَوْ مَجُوسِيًّا أَوْ وَثَنِيًّا حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ اهـ. زَادَ الْأَنْوَارُ وَلَوْ حَلَّفَ مُسْلِمًا بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَوْ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى جَازَ اهـ. (قَوْلُهُ: لَا هُوَ) كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ الَّذِي أَرْسَلَ كَذَا أَوْ أَنْزَلَ كَذَا مِنْ رَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ لَا نَعْرِفُهُمَا مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ التَّحْلِيفُ إلَخْ) أَيْ: مِنْ الْقَاضِي فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ حَيْثُ لَا إكْرَاهَ مِنْهُ ع ش وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ الْقَاضِي كَمَا يَأْتِي فِي بَحْثِ اعْتِبَارِ نِيَّةِ الْقَاضِي عَنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَمُحَشِّيهِ الزِّيَادِيِّ. (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ طَلَاقٍ إلَخْ) كَنَذْرٍ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَيْ: إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ: الْقَاضِي الَّذِي يَفْعَلُهُ قَالَ الْمُغْنِي: وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبِرِّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَى الِاسْتِحْلَافَ بِذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ دَعْوَاهُ لَيْسَتْ بِمَالٍ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ مُفَوِّتًا لِلْمَالِ عَلَى السَّيِّدِ ع ش
. (قَوْلُهُ: فِيمَا لَيْسَ بِفِعْلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَصْرُ الْيَمِينِ فِي فِعْلِهِ وَفِعْلِ غَيْرِهِ، وَقَدْ يَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى تَحْقِيقِ مَوْجُودٍ لَا عَلَى فِعْلٍ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَلَا إلَى غَيْرِهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: لِزَوْجَتِهِ إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَارَ وَلَمْ يُعْرَفْ فَادَّعَتْ أَنَّهُ غُرَابٌ وَأَنْكَرَ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ اهـ. (قَوْلُهُ: كَإِنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ إنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا إلَخْ) أَيْ: ثُمَّ ادَّعَتْ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ أَنَّ الشَّمْسَ طَلَعَتْ أَوْ كَانَ هَذَا غُرَابًا فَأَنْكَرَ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهَا لَمْ تَطْلُعْ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْمُودِعُ) بِكَسْرِ الدَّالِ. (قَوْلُهُ: يَحْلِفُ) أَيْ: الْمُودِعُ. (قَوْلُهُ: وَفِي فِعْلِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا لَيْسَ بِفِعْلِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا) فَيَقُولُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْإِثْبَاتِ: وَاَللَّهِ لَقَدْ بِعْتُ بِكَذَا أَوْ اشْتَرَيْتُ بِكَذَا وَفِي النَّفْيِ: وَاَللَّهِ مَا بِعْتُ بِكَذَا أَوْ مَا اشْتَرَيْتُ بِكَذَا مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ وَقَعَ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ: وَقَدْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِهِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ: أَوْ إغْمَائِهِ أَوْ سُكْرِهِ الطَّافِحِ مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) وَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ ذَلِكَ فَلَوْ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ اُعْتُدَّ بِهِ كَمَا
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: بَلْ عَدَمُ إشْعَارِهِ بِالنَّقْصِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بَلْ الْفِعْلُ لَا بُدَّ فِيهِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: كَلَا أَعْلَمُهُ فَعَلَ كَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute