مَا زَادَ لَا لِلْعَمَلِ بِكُلٍّ انْتَهَى، وَلَا يَنْحَصِرُ فِي ذَلِكَ بَلْ مِنْ فَوَائِدِهِ بَيَانُ الْمُدْرَكِ، وَأَنَّ مَنْ رَجَّحَ أَحَدَهَا مِنْ مُجْتَهِدِي الْمَذْهَبِ لَا يُعَدُّ خَارِجًا عَنْهُ وَأَنَّ الْخِلَافَ لَمْ يَنْحَصِرْ فِيهَا حَتَّى يُمْنَعَ الزَّائِدُ بِمَعُونَةِ مَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ أَنَّهُمْ إذَا أَجْمَعُوا عَلَى قَوْلَيْنِ لَمْ يَجُزْ إحْدَاثُ ثَالِثٍ إلَّا إنْ كَانَ مُرَكَّبًا مِنْهُمَا بِأَنْ يَكُونَ مُفَصَّلًا، وَكُلٌّ مِنْ شِقَّيْهِ قَالَ بِهِ أَحَدُهُمَا ثُمَّ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا مَا تَأَخَّرَ إنْ عُلِمَ، وَإِلَّا فَمَا نَصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ وَإِلَّا فَمَا فُرِّعَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَإِلَّا فَمَا قَالَ عَنْ مُقَابِلِهِ مَدْخُولٌ أَوْ يَلْزَمُهُ فَسَادٌ، وَإِلَّا فَمَا أَفْرَدَهُ فِي مَحَلٍّ أَوْ جَوَابٍ وَإِلَّا فَمَا وَافَقَ مَذْهَبَ مُجْتَهِدٍ لِتُقَوِّيهِ بِهِ فَإِنْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
مُتَعَاقِبَانِ فَالْمُتَأَخِّرُ قَوْلُهُ إلَخْ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ مَا زَادَ) أَيْ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ وَاحِدًا مِنْهَا وَلَا مُرَكَّبًا مِنْهَا سم أَيْ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْحَصِرُ) أَيْ فَائِدَةُ الذِّكْرِ وَتَذْكِيرُ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَنْفَكُّ عَنْ التَّاءِ كَالْمَعْرِفَةِ وَالنَّكِرَةِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْعِصَامُ (قَوْلُهُ بَيَانُ الْمُدْرِكِ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ مَوْضِعُ الْإِدْرَاكِ وَمَدَارِكُ الشَّرْعِ مَوَاضِعُ طَلَبِ الْأَحْكَامِ، وَالْفُقَهَاءُ يَقُولُونَ فِي الْوَاحِدِ مَدْرَكٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَلَيْسَ لِتَخْرِيجِهِ وَجْهٌ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ لَكِنْ فِي حَوَاشِي الشَّنَوَانِيِّ عَلَى شَرْحِ الشَّافِيَةِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ الْغَزِّيِّ عَلَى الْجَارْبُرْدِيِّ أَنَّ الْمَدْرَكَ بِفَتْحِ الْمِيمِ انْتَهَى اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ وَأَنَّ مَنْ رَجَّحَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى بَيَانِ الْمُدْرَكِ (قَوْلُهُ لَمْ يَنْحَصِرْ فِيهَا) كَذَا فِيمَا رَأَيْت وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ أَنَّ عَدَمَ الِانْحِصَارِ لَا يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِهَا حَتَّى يَكُونَ مِنْ فَوَائِدِهَا، وَأَنَّ عَدَمَ الِانْحِصَارِ مَنَافٍ لِمَا نَقَلَهُ مِنْ قَوْلِهِ إبْطَالُ مَا زَادَ وَلَوْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ هَكَذَا وَأَنَّ الْخِلَافَ انْحَصَرَ فِيهَا لَمْ يَكُنْ زَائِدًا عَلَى مَا نَقَلَهُ بِقَوْلِهِ إبْطَالُ مَا زَادَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْعِبَارَةَ هِيَ مَا رَأَيْت وَمَعْنَاهَا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْأَقْوَالِ بِمَعُونَةِ مَا فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْخِلَافَ لَمْ يَنْحَصِرْ فِيهَا بَلْ يَجُوزُ إحْدَاثُ قَوْلٍ زَائِدٍ عَلَيْهَا بِحَيْثُ لَا يَكُونُ خَارِجًا عَنْهَا بَلْ مُرَكَّبًا مِنْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِشْكَالَ قَوِيٌّ، وَالْجَوَابُ ضَعِيفٌ وَلِذَا أَسْقَطَ النِّهَايَةُ هَذِهِ الْفَائِدَةَ (قَوْلُهُ حَتَّى يَمْنَعَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ فَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ لِلْحَصْرِ (قَوْلُهُ مُفَصِّلًا) اسْمُ فَاعِلٍ (قَوْلُهُ مِنْ شِقَّيْهِ) أَيْ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ مَا تَأَخَّرَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ مَا نُصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ وَإِلَّا فَمَا عُلِمَ تَأَخُّرُهُ وَإِلَّا إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمَا نُصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ) يَقْتَضِي أَنَّ الرَّاجِحَ مَا تَأَخَّرَ إنْ عُلِمَ وَإِنْ نُصَّ عَلَى رُجْحَانِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا فَلَوْ عَكَسَ فَقَالَ، ثُمَّ الرَّاجِحُ مَا نُصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ وَإِلَّا فَمَا تَأَخَّرَ إنْ عُلِمَ أَصَابَ، قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ وَهُوَ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَمَعْنًى أَمَّا نَقْلًا فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ كَالرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَكُتُبِ الْأُصُولِ كَجَمْعِ الْجَوَامِعِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَقُولُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا.
وَأَمَّا مَعْنًى فَلِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَ أَقْوَى مِنْ التَّرْجِيحِ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ إنَّمَا رَجَّحَ الْأَوَّلَ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ وَمَا ذَكَرَهُ ثَانِيًا كَالنَّاسِخِ لِلْأَوَّلِ بِتَرْجِيحِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُتَأَخِّرَ مِنْ أَقْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاسِخٌ لِلْمُتَقَدِّمِ مُطْلَقًا وَإِنْ قَالَ فِي الْمُتَقَدِّمِ إنَّهُ وَاجِبٌ مُسْتَمِرٌّ أَبَدًا كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ فَعُلِمَ أَنَّ الصَّوَابَ مَا صَنَعَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ لَا مَا صَنَعَهُ الشَّارِحُ م ر الْمُوَافِقُ لِاعْتِرَاضِ ابْنِ قَاسِمٍ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ وَكَذَا صَنِيعُ الْمُغْنِي مُوَافِقٌ لِصَنِيعِ التُّحْفَةِ كَمَا يَأْتِي لَكِنَّ قَوْلَهُ أَيْ الرَّشِيدِيِّ وَأَمَّا مَعْنَى إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ لَا يُلَاقِي لِاعْتِرَاضِ سم إذْ مُرَادُهُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ مِنْ سِيَاقِهِ الْمَعْلُومِ تَأَخُّرُهُ إذَا نَصَّ عِنْدَهُ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى رُجْحَانِ الْأَوَّلِ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْأَوَّلِ قَطْعًا خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ صَنِيعُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَمَا نَصَّ) أَيْ الشَّافِعِيُّ ع ش (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمَا قَالَ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّهُ إذَا فَرَّعَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، ثُمَّ قَالَ عَنْهُ إنَّهُ مَدْخُولٌ أَوْ يَلْزَمُهُ فَسَادٌ أَنَّهُ يُقَدَّمُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ ابْنَ قَاسِمٍ سَبَقَ إلَى ذَلِكَ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ مَدْخُولٌ) أَيْ فِيهِ دَخَلٌ أَيْ نَظَرٌ ع ش (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمَا وَافَقَ إلَخْ) عِبَارَةُ كَنْزِ الْبَكْرِيِّ وَلَوْ وَافَقَ أَخَذَ قَوْلَيْهِ الْمُطْلَقَيْنِ مَذْهَبُ مُجْتَهِدٍ كَانَ مُرَجَّحًا بِالنِّسْبَةِ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فَمِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ مَا زَادَ) أَيْ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْهَا وَلَا مُرَكَّبًا مِنْهَا (قَوْلُهُ لَمْ يَنْحَصِرْ فِيهَا) كَذَا فِيمَا رَأَيْت وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ أَنَّ عَدَمَ الِانْحِصَارِ لَا يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِهَا حَتَّى يَكُونَ مِنْ فَوَائِدِهَا وَإِنَّ عَدَمَ الِانْحِصَارِ مُنَافٍ لِمَا نَقَلَهُ مِنْ قَوْلِهِ إبْطَالُ مَا زَادَ وَلَوْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ هَكَذَا وَإِنَّ الْخِلَافَ انْحَصَرَ فِيهَا لَمْ يَكُنْ زَائِدًا عَلَى مَا نَقَلَهُ بِقَوْلِهِ أَبْطَلَ مَا زَادَ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْعِبَارَةَ هِيَ مَا رَأَيْت وَمَعْنَاهَا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْأَقْوَالِ بِمَعُونَةِ مَا فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْخِلَافَ لَمْ يَنْحَصِرْ فِيهَا بَلْ يَجُوزُ إحْدَاثُ قَوْلٍ زَائِدٍ عَلَيْهَا بِحَيْثُ لَا يَكُونُ خَارِجًا عَنْهَا بَلْ مُرَكَّبًا مِنْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمَا نَصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ) يَقْتَضِي أَنَّ الرَّاجِحَ مَا تَأَخَّرَ إنْ عُلِمَ وَإِنْ نَصَّ عَلَى رُجْحَانِ الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا فَلَوْ عُكِسَ فَقَالَ ثُمَّ الرَّاجِحُ مَا نُصَّ عَلَى رُجْحَانِهِ وَإِلَّا فَمَا تَأَخَّرَ إنْ عُلِمَ أَصَابَ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا مَعْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَأَخُّرُهُ وَهُوَ لَا يَخْلُصُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمَا قَالَ) ظَاهِرُهُ تَقْدِيمُ مَا فُرِّعَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ عَنْهُ يَلْزَمُهُ فَسَادٌ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمَا وَافَقَ مَذْهَبَ مُجْتَهِدٍ) عِبَارَةُ كَنْزٍ مَوْلَانَا الْبَكْرِيُّ وَلَوْ وَافَقَ أَحَدُ قَوْلَيْهِ الْمُطْلَقَيْنِ مَذْهَبَ مُجْتَهِدٍ كَانَ مُرَجَّحًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُقَلِّدِ لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ مِنْ الْقَوْلِ فِي غَيْرِهَا وَالْمُوَافِقُ زَادَتْ بِهِ قُوَّةُ ذَلِكَ الْقَوْلِ انْتَهَى وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَحَكَى الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِيمَا إذَا كَانَ لِلشَّافِعِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute