للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَهُوَ لِتَكَافُؤِ نَظَرَيْهِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى سَعَةِ الْعِلْمِ وَدِقَّةِ الْوَرَعِ حَذَّرَ مِنْ وَرْطَةِ هُجُومٍ عَلَى تَرْجِيحٍ مِنْ غَيْرِ اتِّضَاحِ دَلِيلٍ، وَزَعَمَ أَنَّ صُدُورَ قَوْلَيْنِ مَعًا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ كَفِيهَا قَوْلَانِ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا غَلَطٌ أُفْرِدَ رَدُّهُ وَإِنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِهِ وَوُقُوعِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ بِتَأْلِيفٍ حَسَنٍ قَالَ الْإِمَامُ وَوَقَعَ ذَلِكَ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا.

وَنَقَلَ الْقَرَافِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَخْيِيرِ الْمُقَلِّدِ بَيْنَ قَوْلَيْ إمَامِهِ أَيْ عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ لَا الْجَمْعِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ إجْمَاعَ أَئِمَّةِ مَذْهَبِهِ كَيْفَ وَمُقْتَضَى مَذْهَبِنَا كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ

ــ

[حاشية الشرواني]

لِلْمُقَلِّدِ انْتَهَى.

وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَحَكَى الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِيمَا إذَا كَانَ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا مُوَافِقٌ أَبَا حَنِيفَةَ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَوْلَ الْمُخَالِفَ أَوْلَى، وَهَذَا قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّمَا خَالَفَهُ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى مُوجَبِ الْمُخَالَفَةِ وَالثَّانِي الْقَوْلُ الْمُوَافِقُ أَوْلَى وَهَذَا قَوْلُ الْقَفَّالِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا لَمْ نَجِدْ مُرَجِّحًا مِمَّا سَبَقَ انْتَهَى، وَيَنْبَغِي حَمْلُ تَصْحِيحِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَدُلَّ النَّظَرُ الْمُوَافِقُ لِقَوَاعِدِ الشَّافِعِيِّ عَلَى رُجْحَانِ الْمُخَالِفِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُوَافِقُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَذْهَبَ مُجْتَهِدٍ سم بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ فَهُوَ لِتَكَافُؤِ نَظَرَيْهِ) الْجُمْلَةُ جَوَابٌ فَإِنْ خَلَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ يَدُلُّ إلَخْ) أَيْ ذِكْرُ قَوْلَيْنِ مُتَكَافِئَيْنِ ع ش (قَوْلُهُ حَذَرًا إلَخْ) لَعَلَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ لِيَدُلَّ عَلَى دِقَّةِ الْوَرَعِ، وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَحَذَرًا إلَخْ بِالْوَاوِ وَالْعَاطِفَةِ عَلَى لِتَكَافُؤِ نَظَرَيْهِ اهـ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ.

(قَوْلُهُ مِنْ وَرْطَةِ هُجُومٍ) أَيْ مِنْ مَفْسَدَةِ هُجُومٍ وَالْوَرْطَةُ لُغَةً الْهَلَاكُ ع ش (قَوْلُهُ وَزَعَمَ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ غَلَطٌ وَيُصَرِّحُ بِالْجَوَازِ أَيْضًا قَوْلُ الْمُغْنِي مَا نَصُّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ جَدِيدَانِ فَالْعَمَلُ بِآخِرِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ فَبِمَا رَجَّحَهُ الشَّافِعِيُّ فَإِنْ قَالَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ عُمِلَ بِإِحْدَاهُمَا كَانَ إبْطَالًا لِلْآخَرِ عِنْدَ الْمُزَنِيّ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَكُونُ إبْطَالًا بَلْ تَرْجِيحًا، وَهَذَا أَوْلَى وَاتَّفَقَ ذَلِكَ لِلشَّافِعِيِّ فِي نَحْوِ سِتَّ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ قَالَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا لَزِمَ الْبَحْثُ عَنْ أَرْجَحِهِمَا بِشَرْطِ الْأَهْلِيَّةِ فَإِنْ أُشْكِلَ تَوَقَّفَ فِيهِ اهـ.

(قَوْلُهُ رَدَّهُ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَإِنَّ الْإِجْمَاعَ إلَخْ سم (قَوْلُهُ بِتَأْلِيفِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِأَفْرَدَ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ الْقَرَافِيُّ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَهُوَ وَجِيهٌ وَقَوْلُهُ وَكَانَ أَخَذَ إلَى؛ لِأَنَّ كُلًّا وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ الْقَرَافِيُّ إلَخْ) أَيْ الْمَالِكِيُّ ع ش (قَوْلُهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَخْيِيرِ الْمُقَلِّدِ إلَخْ) هَلْ يَجْرِي مَا ذُكِرَ فِي الْوَجْهَيْنِ سم (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ تَرْجِيحٌ إلَخْ) أَيْ أَمَّا إذَا ظَهَرَ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ الْعَمَلُ بِالرَّاجِحِ وَاجِبٌ فَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الْعَمَلُ لِنَفْسِهِ بِالْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ كَمُقَابِلِ الْأَصَحِّ غَيْرُ صَحِيحٍ هَكَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا ع ش وَفِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي قَوْلَيْنِ لِمُجْتَهِدٍ وَاحِدٍ فَلَا يُنْتِجُ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ إذَا تَعَدَّدَ قَائِلُهُمَا كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ فَمَا اُشْتُهِرَ إلَخْ تَفْرِيعًا عَلَى مَا هُنَا فِي مَقَامِ الْمَنْعِ.

وَقَوْلُهُمْ الْعَمَلُ بِالرَّاجِحِ وَاجِبٌ إنَّمَا هُوَ فِي قَوْلَيْنِ لِإِمَامٍ وَاحِدٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ جَمْعِ الْجَوَامِعِ الَّذِي هِيَ عِبَارَتُهُ كَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَمَلِ فِي قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ لَيْسَ هُوَ خُصُوصَ الْعَمَلِ لِلنَّفْسِ بَلْ الْمُرَادُ كَوْنُهُ الْمَعْمُولَ بِهِ مُطْلَقًا كَمَا لَا يَخْفَى الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ فَمَا اُشْتُهِرَ إلَخْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ هَذِهِ الشُّهْرَةَ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا مُلَخَّصُهُ بَعْدَ كَلَامٍ أَسْلَفَهُ، ثُمَّ مُقْتَضَى قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَإِذَا اخْتَلَفَ مُتَبَحِّرَانِ فِي مَذْهَبٍ إلَخْ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْوَجْهِ الضَّعِيفِ فِي الْعَمَلِ وَيُؤَيِّدُهُ إفْتَاءُ الْبُلْقِينِيِّ بِجَوَازِ تَقْلِيدِ ابْنِ سُرَيْجٍ فِي الدُّورِ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُ عِنْدَ اللَّهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُ السُّبْكِيّ فِي الْوَقْفِ فِي فَتَاوِيهِ: يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْوَجْهِ الضَّعِيفِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَمَلِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا الْفَتْوَى وَالْحُكْمِ فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ اهـ فَكَلَامُ الرَّوْضَةِ السَّابِقُ أَيْ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الشَّرْحِ هُنَا مَعَ زِيَادَةِ التَّصْرِيحِ بِالْوَجْهَيْنِ مَحْمُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَمَلِ بِالْوَجْهَيْنِ عَلَى وَجْهَيْنِ لِقَائِلٍ وَاحِدٍ أَوْ شَكَّ فِي كَوْنِهِمَا لِقَائِلٍ أَوْ قَائِلَيْنِ كَمَا فِي قَوْلَيْ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ مِنْهُمَا لَمْ يَتَحَرَّرْ لِلْمُقَلِّدِ بِطَرِيقٍ يَعْتَمِدُهُ أَمَّا إذَا تَحَقَّقَ كَوْنُهُمَا مِنْ اثْنَيْنِ خَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّرْجِيحِ فَيَجُوزُ تَقْلِيدُ أَحَدِهِمَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَفَعَنَا بِهِ فَتَأَمَّلْهُ حَقَّ التَّأَمُّلِ وَانْظُرْ إلَى فِرْقَةٍ آخِرًا بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ لِقَائِلٍ وَاحِدٍ وَالْوَجْهَيْنِ لِقَائِلَيْنِ تَعْلَمُ مَا فِي تَفْرِيعِ شَيْخِنَا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا وَافَقَ أَبَا حَنِيفَةَ وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا أَحَدُهُمَا:

أَنَّ الْقَوْلَ الْمُخَالِفَ أَوْلَى وَهَذَا قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّمَا خَالَفَهُ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى مُوجَبِ الْمُخَالَفَةِ وَالثَّانِي الْقَوْلُ الْمُوَافِقُ أَوْلَى وَهُوَ قَوْلُ الْقَفَّالِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَجِدْ مُرَجِّحًا مِمَّا سَبَقَ انْتَهَى، وَعِبَارَةُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ مُخَالِفُ أَبِي حَنِيفَةَ أَرْجَحُ مِنْ مُوَافِقِهِ وَعَكَسَ الْقَفَّالُ وَالْأَصَحُّ التَّرْجِيحُ بِالنَّظَرِ فَإِنْ وُقِفَ فَالْوَقْفُ انْتَهَى وَيَنْبَغِي حَمْلُ تَصْحِيحِ الْمَجْمُوعِ السَّابِقِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَدُلَّ النَّظَرُ الْمُوَافِقُ لِقَوَاعِدِ الشَّافِعِيِّ عَلَى رُجْحَانِ الْمُخَالِفِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُوَافِقُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَذْهَبَ مُجْتَهِدٍ (قَوْلُهُ أَفْرَدَ رَدَّهُ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَأَنَّ الْإِجْمَاعَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ الْقَرَافِيُّ إلَخْ) هَلْ يَجْرِي مَا ذَكَرَ فِي الْوَجْهَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>