لَيْسَ هُنَا قَرِينَةٌ عَلَى الْقَصْدِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا وَعِنْدَ الْخَوْفِ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَصْدِهِ الْكَذِبَ فِي إخْبَارِهِ وَأَنْ يُطْلِقَ اكْتِفَاءً بِقَرِينَةِ الْخَوْفِ
وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: يَعْتِقُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقُلْهُ خَوْفًا إذْ لَا قَرِينَةَ، وَقَوْلُهُ لِغَيْرِهِ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ حُرٌّ إقْرَارٌ بِحُرِّيَّتِهِ بِخِلَافِ أَنْتَ تَظُنُّ، وَلَوْ قَالَ لِقِنِّهِ اُفْرُغْ مِنْ الْعَمَلِ قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَأَنْتَ حُرٌّ وَقَالَ: أَرَدْتَ حُرًّا مِنْ الْعَمَلِ دُيِّنَ أَيْ:؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ هُنَا ضَعِيفَةٌ بِخِلَافِهَا فِي حَلِّ الْوَثَاقِ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الطَّلَاقِ فِيهِ شَائِعٌ بِخِلَافِ الْحُرِّيَّةِ فِي فَرَاغِ الْعَمَلِ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ مِثْلَ هَذَا الْعَبْدِ، وَأَشَارَ إلَى عَبْدٍ آخَرَ عَتَقَ الْأَوَّلُ أَوْ مِثْلَ هَذَا عَتَقَا الْأَوَّلُ بِالْإِنْشَاءِ وَالثَّانِي بِالْإِقْرَارِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَذَّبَ لَمْ يَعْتِقْ بَاطِنًا (وَكَذَا فَكُّ رَقَبَةٍ) أَيْ: مَا اُشْتُقَّ مِنْهُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ، وَتَرْجَمَةُ الصَّرِيحِ صَرِيحَةٌ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ هُنَا كَهِيَ فِي الطَّلَاقِ
(وَلَا يَحْتَاجُ) الصَّرِيحُ (إلَى نِيَّةٍ) كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَذُكِرَ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ أَيْضًا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مِنْ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ وُقُوعُهُ بِهَا مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ (وَتَحْتَاجُ إلَيْهَا كِنَايَةٌ) ، وَإِنْ احْتَفَتْ بِهَا قَرِينَةٌ؛ لِاحْتِمَالِهَا، وَيَظْهَرُ أَنْ يَأْتِيَ فِي مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لَهَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ، وَهِيَ أَيْ: الْكِنَايَةُ كَثِيرَةٌ، وَضَابِطُهَا كُلُّ مَا أَنْبَأَ عَنْ فِرْقَةٍ أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ، فَمِنْهَا (لَا مِلْكَ) أَوْ لَا يَدَ أَوْ لَا أَمْرَ أَوْ لَا إمْرَةَ أَوْ لَا حُكْمَ أَوْ لَا قُدْرَةَ (لِي عَلَيْكَ وَلَا سُلْطَانَ) لِي عَلَيْكَ (وَلَا سَبِيلَ) لِي عَلَيْكَ وَ (لَا خِدْمَةَ) لِي عَلَيْكَ زَالَ مِلْكِي عَنْكَ (أَنْتَ) بِفَتْحِ التَّاءِ أَوْ كَسْرِهَا مُطْلَقًا إذْ لَا أَثَرَ لِلَّحْنِ هُنَا (سَائِبَةٌ أَنْتَ مَوْلَايَ) أَيْ: سَيِّدِي أَنْتَ لِلَّهِ لِإِشْعَارِهَا بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ مَعَ اجْتِمَالِهَا لِغَيْرٍ، وَوَجْهُهُ فِي مَوْلَايَ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْعَتِيقِ وَالْمُعْتِقِ، وَكَذَا يَا سَيِّدِي
ــ
[حاشية الشرواني]
بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَاصِدًا الْكَذِبَ إذْ الْكَذِبُ لَا يَدْخُلُ الْإِنْشَاءَ بَلْ الْخَبَرَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ وَحِينَئِذٍ يَتَوَجَّهُ عَلَى قَوْلِهِ فَلَمْ يُنْظَرْ فِيهِ لِقَصْدِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُنْظَرْ لِقَصْدِهِ الْكَذِبَ لَكَانَ الْكَلَامُ مَحْمُولًا عَلَى الصِّدْقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْتَفَى قَصْدُ الْكَذِبِ لَزِمَ الْحَمْلُ عَلَى الصِّدْقِ إذْ الْكَلَامُ فِيمَنْ تَكَلَّمَ عَلَى قَصْدٍ فَإِذَا أُلْغِيَ قَصْدُهُ الْكَذِبَ ثَبَتَ حُكْمُ الصِّدْقِ فَكَانَ يَلْزَمُ الْوُقُوعُ بَاطِنًا أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُقَالُ مُرَادُ الشَّارِحِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالسُّؤَالِ فَإِذَا قَصَدَ بِهِ الْإِنْشَاءَ حَكَمْنَا بِالْوُقُوعِ ظَاهِرًا بِالْجَوَابِ لِتَنْزِيلِهِ عَلَى السُّؤَالِ فَإِذَا كَانَ الْمُجِيبُ قَصَدَ الْإِخْبَارَ كَاذِبًا قُبِلَ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ هُنَا) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِفْهَامِ. (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الْخَوْفِ لَا فَرْقَ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا بِفَرْضِ تَسْلِيمِهِ مُقَيَّدٌ بِحَالَةِ الْإِرَادَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ لِغَيْرِهِ) إلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ بِالْإِنْشَاءِ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: إقْرَارٌ بِحُرِّيَّتِهِ) أَيْ: فَإِنْ كَانَ صَادِقًا عَتَقَ بَاطِنًا أَيْضًا وَإِلَّا عَتَقَ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا ع ش. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أَنْتَ تَظُنُّ) أَيْ: أَوْ تَرَى مُغْنِي. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْعِشَاءِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ ع ش. (قَوْلُهُ: دُيِّنَ) أَيْ: فَيَعْتِقُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا ع ش وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: فِي حَمْلِ الْوَثَاقِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحُرِّيَّةِ إلَخْ) أَيْ: اسْتِعْمَالِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْتَ حُرٌّ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِضَارِبِ عَبْدِهِ عَبْدُ غَيْرِك حُرٌّ مِثْلُك لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهُ كَمَا لَوْ قَالَ لِقِنِّهَا يَا خَوَاجَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ: لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِهِ أَيْ: حَيْثُ قَصَدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَسَلُّطَ لِلضَّارِبِ عَلَى عَبْدِ غَيْرِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى الْحُرِّ أَوْ أَطْلَقَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الْعِتْقَ يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ فَلْيُرَاجَعْ وَقَالَ السَّيِّدُ عُمَرُ قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ لِقِنِّهَا إلَخْ وَاضِحٌ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ عِتْقَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَى عَبْدٍ آخَرَ) أَيْ: لَهُ عَتَقَ الْأَوَّلُ أَيْ: الْمُخَاطَبُ دُونَ ذَلِكَ الْعَبْدِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَيْ: مَا اُشْتُقَّ مِنْهُ) أَيْ: كَمَفْكُوكِ الرَّقَبَةِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَهِيَ فِي الطَّلَاقِ) أَيْ: فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ أَوْ الْفَطِنُ دُونَ غَيْرِهِ فَكِنَايَةٌ وَإِلَّا فَلَغْوٌ ع ش
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ) بَلْ يَعْتِقُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إيقَاعَهُ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِإِيقَاعِهِ كَسَائِرِ الصَّرَائِحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ غَيْرُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِتَقْوِيَتِهِ بِالنِّيَّةِ وَلِأَنَّ هَزْلَهُ جَدٌّ كَمَا مَرَّ فَيَقَعُ الْعِتْقُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إيقَاعَهُ أَمَّا قَصْدُ لَفْظِ الصَّرِيحِ لِمَعْنَاهُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِيَخْرُجَ أَعْجَمِيٌّ تَلَفَّظَ بِالْعِتْقِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ) أَيْ: الْآتِي وَكَانَ الْأَوْلَى لِمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ) أَيْ: قَوْلَهُ الْآتِي. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إلَخْ) أَيْ: وَذُكِرَ هَذَا الْقَوْلُ مَعَ كَوْنِهِ مَعْلُومًا لِئَلَّا إلَخْ. (قَوْلُ الْمَتْنِ كِنَايَةٌ) وَفِي نُسْخَةِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مِنْ كِنَايَتِهِ بِهَاءِ الضَّمِيرِ. (قَوْلُهُ: احْتَفَتْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ انْضَمَّتْ. (قَوْلُهُ: قَرِينَةٌ) الْأَنْسَبُ لِمَا قَبْلَهُ قَرَائِنُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِهَا) أَيْ: غَيْرَ الْعِتْقِ نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ) وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ أَنَّهُ يَكْفِي مُقَارَنَتُهَا لِجُزْءٍ مِنْ الصِّيغَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: أَيْ: الْكِنَايَةُ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: قَالَ لِأَنَّهُ إلَى وَقَوْلَهُ أَنْتَ ابْنِي وَقَوْلَهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: كَثِيرَةٌ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ أَيْ: الْمُصَنِّفُ هِيَ كَقَوْلِهِ إلَخْ كَمَا فَعَلَ فِي الرَّوْضَةِ كَانَ أَوْلَى لِئَلَّا يُوهَمَ الْحَصْرُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: زَالَ مِلْكِي إلَخْ) أَيْ: وَنَحْوُ ذَلِكَ كَأَزَلْت مِلْكِي أَوْ حُكْمِي عَنْك مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ التَّاءِ) بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: مُذَكَّرًا كَانَ الْمُخَاطَبُ بِهِ أَوْ ضِدَّهُ نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: لِإِشْعَارِهَا) أَيْ: الصِّيَغِ الْمَذْكُورَةِ.
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْتِمَاسًا لِإِنْشَاءٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: قَاصِدًا الْكَذِبَ، إذْ الْكَذِبُ لَا يَدْخُلُ الْإِنْشَاءَ، بَلْ الْخَبَرَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ، وَحِينَئِذٍ يُتَوَجَّهُ عَلَى قَوْلِهِ فَلَمْ يَنْظُرْ فِيهِ لِقَصْدِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْظُرْ لِقَصْدِهِ الْكَذِبَ لَكَانَ الْكَلَامُ مَحْمُولًا عَلَى الصِّدْقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْتَفَى قَصْدُ الْكَذِبِ لَزِمَ الْحَمْلُ عَلَى الصِّدْقِ، إذْ الْكَلَامُ فِيمَنْ تَكَلَّمَ عَنْ قَصْدٍ فَإِذَا أَلْغَى قَصْدَهُ الْكَذِبَ ثَبَتَ حُكْمُ الصِّدْقِ فَكَانَ يَلْزَمُ الْوُقُوعُ بَاطِنًا أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَقَدْ يُقَالُ: مُرَادُ الشَّارِحِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالسُّؤَالِ فَإِذَا قَصَدَ بِهِ الْإِنْشَاءَ حَكَمْنَا بِالْوُقُوعِ ظَاهِرًا بِالْجَوَابِ لِتَنْزِيلِهِ عَلَى السُّؤَالِ فَإِنْ كَانَ الْمُجِيبُ قَصَدَ الْإِخْبَارَ كَاذِبًا قُبِلَ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا إلَخْ) وَقَوْلُهُ: لِضَارِبِ قِنِّهِ عَبْدُ غَيْرِكَ حُرٌّ مِثْلُكَ لَا عِتْقَ بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِقِنِّهِ: يَا خَوَاجَا ش م ر