مَالِكُهُ مُعْسِرًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ وَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا عَتَقَ» وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ مِمَّا مَرَّ وَيَأْتِي وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ «وَرَقَّ مِنْهُ مَا رَقَّ» قَالَ الْحُفَّاظُ: وَرِوَايَةُ السِّعَايَةِ مُدْرَجَةٌ فِيهِ وَبِفَرْضِ وُرُودِهَا حُمِلَتْ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَسْعِي لِسَيِّدِهِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ بِمَعْنَى يَخْدُمُهُ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ لِئَلَّا يَظُنَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِخْدَامُهُ (أَوْ إلَى مَا أَيْسَرَ بِهِ) مِنْ قِيمَتِهِ لِيَقْرَبَ حَالُهُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ كَانَ لِثَلَاثَةَ فَأَعْتَقَ اثْنَانِ مِنْهُمْ نَصِيبَهُمَا مَعًا، وَأَحَدُهُمَا مُوسِرٌ فَقَطْ قُوِّمَ جَمِيعُ مَا لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ (وَعَلَيْهِ قِيمَةُ ذَلِكَ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ) أَيْ: وَقْتَهُ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِتْلَافِ كَجِنَايَةٍ عَلَى قِنٍّ سَرَتْ لِنَفْسِهِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَهَا لَا يَوْمَ مَوْتِهِ كَذَا أَطْلَقَهُ شَارِحٌ، وَهُوَ غَفْلَةٌ عَمَّا مَرَّ فِي الْمَتْنِ فِي الْغَصْبِ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنْ جَنَى وَتَلِفَ بِسَرَايَةٍ، فَالْوَاجِبُ الْأَقْصَى وَبِمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا قِيمَةُ الْبَعْضِ لَا بَعْضُ الْقِيمَةِ صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَيَظْهَرُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا مَا مَرَّ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الصَّدَاقِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الزَّوْجَةَ امْتَازَتْ بِأَحْكَامٍ فِي مُقَابَلَةِ كَسْرِهَا لَا تَأْتِي فِي غَيْرِهَا فَلَا بُعْدَ أَنْ تَجِبَ هُنَا قِيمَةُ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتْلَفُ دُونَ بَعْضِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ ثَمَّ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ التَّمَيُّزِ
. (وَتَقَعُ السِّرَايَةُ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ) لِلْخَبَرِ الظَّاهِرِ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى السِّرَايَةِ فِي حُكْمِ الْإِتْلَافِ وَالْقِيمَةُ تَجِبُ بِسَبَبِ الْإِتْلَافِ فَيُعْطَى حُكْمَ الْأَحْرَارِ عَقِبَ الْعِتْقِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ الْقِيمَةَ (وَفِي قَوْلٍ) لَا يَقَعُ الْإِعْتَاقُ إلَّا (بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ) أَوْ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنْ كَانَ مُوسِرًا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ يَعْتِقُ» وَأَجَابُوا بِأَنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ بِالتَّقْوِيمِ لَا بِالدَّفْعِ، وَحِينَئِذٍ فَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَمَّمَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتْلَفًا، وَإِنَّمَا يَتْلَفُ بِالسِّرَايَةِ (وَفِي قَوْلٍ) يُوقَفُ الْأَمْرُ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ فَعَلَيْهِ (إنْ دَفَعَهَا) أَيْ: الْقِيمَةَ (بَانَ أَنَّهَا) أَيْ: السِّرَايَةَ حَصَلَتْ
ــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلًا وَاحِدًا اهـ.
(قَوْلُهُ: مَالِكُهُ) أَيْ: مَالِكُ النَّصِيبِ ع ش. (قَوْلُهُ: ثَمَنَ الْعَبْدِ) أَيْ: ثَمَنَ مَا يَخُصُّ شَرِيكَهُ مِنْ الْعَبْدِ وَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ هُنَا الْقِيمَةُ ع ش وَسَمِّ. (قَوْلُهُ: قُوِّمَ الْعَبْدُ) أَيْ: نَصِيبُ الشَّرِيكِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ: مِنْ اشْتِرَاكِ الْعَبْدِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَوْنِ الْمُشْتَرَكِ أَمَةً وَقَوْلُهُ: يَأْتِي أَيْ: مِنْ الْإِيسَارِ بِبَعْضِ قِيمَةِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ. (قَوْلُهُ: وَرِوَايَةُ السِّعَايَةِ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي وَالرَّشِيدِيِّ وَأَمَّا رِوَايَةُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ اُسْتُسْعِيَ لِصَاحِبِهِ فِي قِيمَتِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ فَمُدْرَجَةٌ فِي الْخَبَرِ كَمَا قَالَهُ الْحُفَّاظُ أَوْ مَحْمُولَةٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي يَخْدُمُهُ) لَا يَخْفَى عَدَمُ تَأَتِّي هَذَا الْجَوَابِ مَعَ قَوْلِهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ وَمَعَ قَوْلِهِ فِي قِيمَتِهِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُ الْمَتْنِ إلَى مَا أَيْسَرَ بِهِ) إنْ كَانَ مَا عِبَارَةٌ عَنْ الْجُزْءِ مِنْ نَصِيبِ الشَّرِيكِ كَمَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ بِهِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: بِقِيمَتِهِ أَوْ عَنْ الْجُزْءِ مِنْ الْقِيمَةِ كَمَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِتَعَلُّقِ الْيَسَارِ بِهِ فَمَا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: إلَى قِسْطِ مَا أَيْسَرَ بِهِ وَإِلَّا فَالسِّرَايَةُ لَيْسَتْ إلَى مَا أَيْسَرَ بِهِ مِنْ الْقِيمَةِ بَلْ إلَى مَا يُقَابِلُهُ مِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ قِيمَتِهِ إنَّمَا يُنَاسِبُ الثَّانِيَ وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ لِلْأَوَّلِ أَنْ يُقَالَ عَقَّبَ بِهِ أَيْ: بِقِيمَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: مِنْ قِيمَتِهِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي مِنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: قُوِّمَ جَمِيعُ مَا لَمْ يُعْتَقْ إلَخْ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ: الْمُوسِرِ مُتَعَلِّقٌ بِقُوِّمَ عِبَارَةُ الْمُغْنِي قُوِّمَ جَمِيعُ نَصِيبِ الَّذِي لَمْ يُعْتَقْ عَلَى هَذَا الْمُوسِرِ كَمَا جَزَمَا بِهِ وَالْمَرِيضُ مُعْسِرٌ إلَّا فِي ثُلُثِ مَالِهِ كَمَا سَيَأْتِي فَإِذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَإِنْ خَرَجَ جَمِيعُ الْعَبْدِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ وَعَتَقَ جَمِيعُهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا نَصِيبُهُ عَتَقَ بِلَا سِرَايَةٍ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَالْمَرِيضُ إلَخْ فِي الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ مِثْلُهُ. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْمُوسِرِ عَلَى كُلِّ الْأَقْوَالِ الْآتِيَةِ قِيمَةُ ذَلِكَ أَيْ: الْقَدْرِ الَّذِي أَيْسَرَ بِهِ.
(تَنْبِيهٌ)
لِلشَّرِيكِ مُطَالَبَةُ الْمُعْتِقِ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ وَإِجْبَارُهُ عَلَيْهَا فَلَوْ مَاتَ أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الشَّرِيكُ فَلِلْعَبْدِ الْمُطَالَبَةُ فَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ طَالَبَهُ الْقَاضِي وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ قِيمَتِهِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْعِتْقِ رُوجِعَ أَهْلُ التَّقْوِيمِ أَوْ مَاتَ أَوْ غَابَ أَوْ طَالَ الْعَهْدُ صُدِّقَ الْمُعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ مُغْنِي وَقَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا إلَخْ فِي الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَقْتِهِ) إلَى قَوْلِهِ كَذَا أَطْلَقَهُ شَارِحٌ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: كَذَا أَطْلَقَهُ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى الْمَقِيسِ عَلَيْهِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فِي مُقَابَلَةِ كَسْرِهَا) أَيْ: بِالطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ ثَمَّ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ هُنَاكَ
. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَتَقَعُ السِّرَايَةُ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ) فَتَنْتَقِلُ الْحِصَّةُ إلَى مِلْكِ الْمُعْتِقِ ثُمَّ تَقَعُ السِّرَايَةُ بِهِ.
(تَنْبِيهٌ) يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَاتَبَهُ الشَّرِيكَانِ ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَإِنَّا نَحْكُمُ بِالسِّرَايَةِ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ أَدَاءِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَإِنَّ فِي التَّعْجِيلِ ضَرَرًا عَلَى السَّيِّدِ بِفَوَاتِ الْوَلَاءِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: مَا تَرَتَّبَ إلَخْ) وَهُوَ الْعِتْقُ. (قَوْلُهُ: فَيُعْطَى إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: لَا يَقَعُ الْإِعْتَاقُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ إلَى مِنْ مَرِيضٍ وَقَوْلَهُ: فَإِذَا أَوْجَبَتْ إلَى وَلَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا) فَلَا يَكْفِي الْإِبْرَاءُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ. (قَوْلُهُ: يُوقَفُ الْأَمْرُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يَسْرِي تَدْبِيرٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلَهُ: وَاعْتِمَادُ جَمْعٍ إلَى وَيَجِبُ مَعَ ذَلِكَ وَقَوْلَهُ: وَعَلَى الثَّالِثِ إلَى وَعَلَى الثَّانِي. (قَوْلُهُ: رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْعِتْقِ يَضُرُّ السَّيِّدَ وَالتَّأْخِيرَ إلَى أَدَاءِ الْقِيمَةِ يَضُرُّ بِالْعَبْدِ وَالتَّوَقُّفُ أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ وَرِعَايَةِ الْجَانِبَيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ) أَيْ:
[حاشية ابن قاسم العبادي]
(قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ ثَمَنُ الْعَبْدِ) يُتَأَمَّلُ حِكْمَةُ التَّعْبِيرِ بِالْعَبْدِ مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ فَقَطْ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ الْمُرَادُ بِدَلِيلِ بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ. (قَوْلُهُ: مَا أَيْسَرَ بِهِ) إنْ كَانَ مَا عِبَارَةً عَنْ الْجُزْءِ مِنْ نَصِيبِ الشَّرِيكِ كَمَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، فَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: بِهِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: بِقِيمَتِهِ أَوْ عَنْ الْجُزْءِ مِنْ الْقِيمَةِ كَمَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِتَعَلُّقِ الْيَسَارِ بِهِ فَمَا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: أَوْ إلَى قِسْطِ مَا أَيْسَرَ بِهِ، وَإِلَّا فَالسِّرَايَةُ لَيْسَتْ إلَى مَا أَيْسَرَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute