(بِالْإِعْتَاقِ) ، وَإِلَّا بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ (وَاسْتِيلَادُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْمُوسِرِ يَسْرِي) إلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ كَالْعِتْقِ، بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ، وَهُوَ أَقْوَى، وَلِذَا نَفَذَ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ دُونَ عِتْقِهِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَمِنْ مَرِيضٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِعْتَاقُهُ مِنْ الثُّلُثِ إمَّا مِنْ الْمُعْسِرِ فَلَا يَسْرِي كَالْعِتْقِ إلَّا مِنْ وَالِدِ الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْهُ إيلَادُهَا كُلِّهَا (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْمُوسِرِ (قِيمَةُ) مَا أَيْسَرَ بِهِ مِنْ (نَصِيبِ شَرِيكِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ (وَحِصَّتُهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ) ؛ لِاسْتِمْتَاعِهِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ إنْ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْهُ حِصَّةُ مَهْرٍ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لَهُ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ لِمَا يَأْتِي أَنَّ السِّرَايَةَ تَقَعُ بِنَفْسِ الْعُلُوقِ، وَاعْتِمَادُ جَمْعٍ وُجُوبَهَا مُطْلَقًا مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْآتِي بِوُقُوعِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ فِي الْأَبِ بِأَنَّهُ إنَّمَا قُدِّرَ الْمِلْكُ فِيهِ لِحُرْمَتِهِ، وَيَجِبُ مَعَ ذَلِكَ فِي بَكْرٍ حِصَّتُهُ مِنْ أَرْشِ الْبَكَارَةِ
(وَتَجْرِي الْأَقْوَالُ) السَّابِقَةُ (فِي وَقْتِ حُصُولِ السِّرَايَةِ) إذْ الْعُلُوقُ هُنَا كَالْإِعْتَاقِ ثَمَّ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) ، وَهُوَ الْحُصُولُ بِنَفْسِ الْعُلُوقِ (وَالثَّالِثِ) ، وَهُوَ التَّبَيُّنُ (لَا تَجِبُ قِيمَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَلَدِ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ انْعَقَدَ حُرًّا لِوُقُوعِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ، وَعَلَى الثَّالِثِ نُزِّلَ اسْتِحْقَاقُ السِّرَايَةِ مَنْزِلَةَ حُصُولِ الْمِلْكِ، وَعَلَى الثَّانِي تَجِبُ (وَلَا يَسْرِي تَدْبِيرٌ) لِبَعْضِهِ مِنْ مَالِكِ كُلٍّ أَوْ بَعْضٍ إلَى الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إتْلَافًا لِجَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ فَيَمُوتُ السَّيِّدُ بِعِتْقِ مَا دَبَّرَهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مُعْسِرٌ، وَحُصُولُهُ فِي الْحَمْلِ لَيْسَ سِرَايَةً، بَلْ تَبَعًا كَعُضْوٍ مِنْهَا
. (وَلَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ دَيْنٌ) حَالٌ (مُسْتَغْرِقٌ) بِدُونِ حَجْرٍ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا فِي يَدِهِ نَافِذُ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَلِذَا نَفَذَ إعْتَاقُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَا حَاجَةَ لِمُسْتَغْرِقٍ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فَإِذَا أَوْجَبَتْ السِّرَايَةُ مِائَةً، وَهِيَ عِنْدَهُ وَعَلَيْهِ خَمْسُونَ لَمْ يَسْرِ عَلَى الضَّعِيفِ إلَّا فِي خَمْسِينَ، وَلَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ الْحَالِ رَهْنٌ لَازِمٌ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَا يَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَسْرِ قَطْعًا، وَلَوْ عَلَّقَ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ، وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لَمْ يَسْرِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي نُفُوذِ الْعِتْقِ بِحَالَةِ وُجُودُ الصِّفَةِ
(وَلَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلِ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: إلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ) أَيْ: حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا بِالْكُلِّ وَإِلَّا فَفِيمَا أَيْسَرَ بِهِ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ: فَلَا يَسْرِي إلَخْ أَيْ: وَيَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا فَيَغْرَمُ لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ نِصْفِهِ عُبَابٌ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ حِكَايَةُ خِلَافٍ فِيهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُ أَنَّهُ مُبَعَّضٌ ع ش. (قَوْلُهُ: مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ) أَيْ: بِجُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: دُونَ عِتْقِهِ) أَيْ: إعْتَاقِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ وَالِدِ الشَّرِيكِ إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ الَّذِي هُوَ وَالِدُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ اسْتَوْلَدَهَا رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي نَعَمْ إنْ كَانَ الشَّرِيكُ الْمُسْتَوْلِدُ أَصْلًا لِشَرِيكِهِ سَرَى كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَ الْجَارِيَةَ الَّتِي كُلُّهَا لَهُ اهـ. وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهَا عَنْ كَنْزِ الْأُسْتَاذِ مَا نَصُّهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ نَظِيرَ ذَلِكَ فِي الْإِعْتَاقِ بِأَنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُعْسِرُ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ حِصَّتَهُ فَهَلْ يَسْرِي وَتَبْقَى الْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِيلَادِ؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ وَالثَّانِي هُوَ مُقْتَضَى تَضْعِيفِ اسْتِثْنَاءِ بَعْضِهِمْ الْآتِي فِي هَامِشِ أَحَدِهَا الْيَسَارُ اهـ. (قَوْلُهُ: إيلَادُهَا كُلِّهَا) أَيْ: إيلَادُ الْجَارِيَةِ الَّتِي كُلُّهَا لِوَلَدِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ تَقَدَّمَ أَوْ قَارَنَ وَلَوْ تَنَازَعَا فَزَعَمَ الْوَاطِئُ تَقَدُّمَ الْإِنْزَالِ وَالشَّرِيكُ تَأَخُّرَ صُدِّقَ الْوَاطِئُ فِيمَا يَظْهَرُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْمَهْرِ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ تَأَخُّرَ الْإِنْزَالِ وَيُحْتَمَلُ تَصْدِيقُ الشَّرِيكِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَنْ تَعَدَّى فِي مِلْكِ غَيْرِهِ الضَّمَانُ حَتَّى يُوجَدَ مُسْقِطٌ وَلَمْ نَتَحَقَّقْهُ وَهَذَا أَقْرَبُ ع ش.
وَقَوْلُهُ: بِأَنْ تَقَدَّمَ أَوْ قَارَنَ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ النِّكَاحِ فِي الْإِعْفَافِ وَمُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُغْنِي هُنَا مِمَّا نَصُّهُ نَعَمْ إنْ أَنْزَلَ مَعَ الْحَشَفَةِ وَقُلْنَا بِمَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ مَعَ الْعُلُوقِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ الْوُجُوبُ وَاحْتَرَزَ وَالْمُصَنِّفُ بِالْمُوسِرِ عَمَّا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَسْرِي كَالْعِتْقِ فَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا الثَّانِي وَهُوَ مُعْسِرٌ فَهِيَ مُسْتَوْلَدَتُهُمَا لِمُصَادَفَةِ مِلْكِهِ الْمُسْتَقِرِّ وَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ مَهْرِهَا لِلْآخَرِ وَيَأْتِي فِيهِ أَقْوَالُ التَّقَاصِّ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُوجِبَ لَهُ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ. (قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي أَنَّ السِّرَايَةَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَهُوَ مُنْتَفٍ. (قَوْلُهُ: وُجُوبَهَا) أَيْ: الْحِصَّةِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: تَقَدَّمَ الْإِنْزَالُ أَوْ لَا ع ش. (قَوْلُهُ: عَلَى ضَعِيفٍ) أَيْ: مِنْ أَنَّ السِّرَايَةَ تَقَعُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ) أَيْ: بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْمُوجِبَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: يَنْدَفِعُ الْفَرْقُ) أَيْ: فَرْقُ ذَلِكَ الْجَمْعِ الْقَائِلِ بِالْوُجُوبِ مُطْلَقًا هُنَا. (قَوْلُهُ: بَيْنَ هَذَا) أَيْ: اسْتِيلَادِ شَرِيكٍ مُوسِرٍ لَيْسَ بِأَبٍ. (قَوْلُهُ: وَمَا مَرَّ فِي الْأَبِ) أَيْ: فِي النِّكَاحِ فِي فَصْلِ الْإِعْفَافِ مِنْ تَقْيِيدِ الْوُجُوبِ بِتَأَخُّرِ الْإِنْزَالِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالْفَرْقِ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ مَعَ ذَلِكَ فِي بِكْرٍ حِصَّتُهُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إنْ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ إزَالَتِهَا وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ لَهَا أَرْشٌ وَلَعَلَّهُ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ لِبُعْدِ الْعُلُوقِ مِنْ الْإِنْزَالِ قَبْلَ زَوَالِ الْبَكَارَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الثَّانِي) وَهُوَ حُصُولُ السِّرَايَةِ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ: لِبَعْضِهِ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: كُلٌّ أَوْ وَقَوْلَهُ: وَحُصُولُهُ إلَى الْمَتْنِ
. (قَوْلُهُ: وَلِذَا نَفَذَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ نَفَذَ اهـ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ) أَيْ: لِلرَّاهِنِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْرِ قَطْعًا) أَيْ: وَلَا يُقَالُ إنَّهُ مُوسِرٌ بِالرَّهْنِ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ: لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ وَلَا تُشْكِلُ هَذِهِ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ لَهُ مَالٌ يُدْفَعُ مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ بِخِلَافِ هَذَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ) أَيْ: بِفَلَسٍ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْرِ) وَفِي نَظِيرِهِ فِي حَجْرِ السَّفَهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُفْلِسَ لَوْ نَفَّذْنَا عِتْقَهُ ضَرَرْنَا بِالْغُرَمَاءِ بِخِلَافِ السَّفِيهِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِيمَا يَأْتِي آخِرَ كِتَابِ التَّدْبِيرِ أَنَّ الْعِبْرَةَ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مِنْ الْقِيمَةِ، بَلْ إلَى مَا يُقَابِلُهُ مِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ قِيمَتِهِ إنَّمَا يُنَاسِبُ الثَّانِيَ، وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ لِلْأَوَّلِ أَنْ يُقَالَ: عَقَّبَ بِهِ أَيْ: بِقِيمَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ وَالِدِ الشَّرِيكِ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute