صَلَاةٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقَضَاهَا وَلَمْ يُؤَذِّنْ لَهَا»
(قُلْت الْقَدِيمُ) أَنَّهُ يُؤَذَّنُ لَهَا فُعِلَتْ جَمَاعَةً، أَوْ فُرَادَى خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَلَا يُنَافِيهِ الْقَدِيمُ السَّابِقُ لِلِاخْتِلَافِ عَنْهُ، بَلْ قِيلَ إنَّ ذَاكَ جَدِيدٌ لَا قَدِيمٌ وَهُوَ (أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا فَاتَتْهُ الصُّبْحُ بِالْوَادِي سَارَ قَلِيلًا، ثُمَّ نَزَلَ وَأَذَّنَ بِلَالٌ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ الصُّبْحَ» وَذَلِكَ بَعْدَ الْخَنْدَقِ فَالْأَذَانُ عَلَى الْأَوَّلِ حَقٌّ لِلْوَقْتِ وَعَلَى الثَّانِي حَقٌّ لِلْفَرْضِ وَفِي الْإِمْلَاءِ حَقٌّ لِلْجَمَاعَةِ
(فَإِنْ كَانَ) عَلَيْهِ (فَوَائِتُ) وَأَرَادَ قَضَاءَهَا مُتَوَالِيَةً (لَمْ يُؤَذِّنْ لِغَيْرِ الْأُولَى) أَوْ مُتَفَرِّقَةً فَإِنْ طَالَ فَصْلٌ بَيْنَ كُلٍّ عُرْفًا أَذَّنَ لِكُلٍّ وَلَوْ جَمَعَ تَأْخِيرًا أَذَّنَ لِلْأُولَى فَقَطْ سَوَاءً كَانَتْ صَاحِبَةَ الْوَقْتِ، أَمْ غَيْرَهَا، وَكَذَا تَقْدِيمًا مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الثَّانِيَةِ قَبْلَ فِعْلِهَا فَيُؤَذِّنُ لَهَا لِزَوَالِ التَّبَعِيَّةِ وَلَوْ وَالَى بَيْنَ فَائِتَةٍ وَمُؤَدَّاةٍ أَذَّنَ لَأَوَّلَاهُمَا إلَّا أَنْ يُقَدِّمَ الْفَائِتَةَ، ثُمَّ بَعْدَ الْأَذَانِ لَهَا
ــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلُهُ: صَلَوَاتٌ) هِيَ الظُّهْرُ، وَالْعَصْرُ، وَالْمَغْرِبُ اهـ مَحَلِّيٌّ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحِ م ر فِي شَرْحِ وَيُسَنُّ تَقْدِيمُهُ أَيْ الْفَائِتِ عَلَى الْحَاضِرَةِ إلَخْ مِمَّا هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَغْرِبَ لَمْ تَفُتْهُ لِإِمْكَانِ تَعَدُّدِ الْفَوَاتِ فِي أَيَّامِ الْخَنْدَقِ ع ش (قَوْلُهُ: كَلَامُ شَارِحِ) قَدْ يُقَالُ مُرَادُهُ أَنَّهُ عَلَى الْقَدِيمِ السَّابِقِ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْجَمَاعَةِ فَلَا مُخَالَفَةَ سم
(قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ: ذَلِكَ التَّعْمِيمُ (الْقَدِيمُ السَّابِقُ) أَيْ فِي الْمُؤَدَّاةِ وَوَجْهُ الْمُنَافَاةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُؤَذِّنْ الْمُنْفَرِدُ لَهَا فَالْفَائِتَةُ أَوْلَى نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِلِاخْتِلَافِ عَنْهُ) أَيْ: فِي ذَلِكَ الْقَدِيمِ فَعَنْ بِمَعْنَى فِي (قَوْلُهُ: بَلْ قِيلَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالنِّهَايَةِ وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الرَّافِعِيِّ مِنْ اقْتِصَارِ الْجُمْهُورِ فِي الْمُؤَدَّاةِ عَلَى أَنَّهُ يُؤَذَّنُ يَجْرِي الْقَدِيمُ هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الْقَدِيمُ (قَوْلُهُ: «لَمَّا فَاتَتْهُ الصُّبْحُ» ) أَيْ بِنَوْمِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَاسْتَشْكَلَ هَذَا بِحَدِيثِ «نَحْنُ مُعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ تَنَامُ أَعْيُنُنَا وَلَا تَنَامُ قُلُوبُنَا» وَأَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ لِلْأَنْبِيَاءِ نَوْمَيْنِ فَكَانَ هَذَا مِنْ النَّوْمِ الثَّانِي وَهُوَ خِلَافُ نَوْمِ الْعَيْنِ وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِجَوَابٍ حَسَنٍ وَهُوَ أَنَّ إدْرَاكَ دُخُولِ الْوَقْتِ مِنْ وَظَائِفِ الْعَيْنِ، وَالْأَعْيُنُ كَانَتْ نَائِمَةً وَهَذَا لَا يُنَافِي اسْتِيقَاظَ الْقُلُوبِ اهـ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي هَذَا بِأَنَّ يَقَظَةً يُدْرِكُ بِهَا الشَّمْسَ كَمَا يَقَعُ ذَلِكَ لِبَعْضِ أُمَّتِهِ فَكَيْفَ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِلتَّشْرِيعِ؛ لِأَنَّ مَنْ نَامَتْ عَيْنَاهُ لَا يُخَاطَبُ بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ حَالَ نَوْمِهِ وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُشَارِكٌ لِأُمَّتِهِ إلَّا فِيمَا اُخْتُصَّ بِهِ وَلَمْ يَرِدْ اخْتِصَاصُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْخِطَابِ حَالَ نَوْمِ عَيْنَيْهِ دُونَ قَلْبِهِ فَتَأَمَّلْ ع ش وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَامَ فِي تِلْكَ الْمَرَّةِ قَلْبُهُ الشَّرِيفُ أَيْضًا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ لِلتَّشْرِيعِ
(قَوْلُهُ: سَارَ إلَخْ) ، وَالْحِكْمَةُ فِي سَيْرِهِمْ مِنْهُ وَلَمْ يُصَلُّوا فِيهِ أَنَّ فِيهِ شَيْطَانًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ «ارْحَلُوا بِنَا مِنْ هَذَا الْوَادِي فَإِنْ فِيهِ شَيْطَانًا» أَطْفِيحِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: «وَأَذَّنَ بِلَالٌ» ) أَيْ: بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ: الْجَدِيدِ وَ (قَوْلُهُ: الثَّانِي) أَيْ: الْقَدِيمُ الْأَصَحُّ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: حَقٌّ لِلْفَرْضِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مُغْنِي
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ فَوَائِتُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَدِيمِ الرَّاجِحِ ع ش (قَوْلُهُ: مُتَوَالِيَةٌ) وَلَا يَضُرُّ فِي الْمُوَالَاةِ رَوَاتِبُ الْفَرْضِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ حَجّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَشَرْطُهُ الْوَقْتُ إلَخْ مَا نَصُّهُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْكَلَامَ لِحَاجَةٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي طُولِ الْفَصْلِ وَأَنَّ الطُّولَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالسُّكُوتِ، أَوْ الْكَلَامِ غَيْرِ الْمَنْدُوبِ لَا لِحَاجَةٍ انْتَهَى اهـ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (لَمْ يُؤَذِّنْ لِغَيْرِ الْأُولَى) وَلَا يُنْتَقَضُ بِهَذَا وَبِمَا يَأْتِي فِي الْمَجْمُوعَتَيْنِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْفَرْضِ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الثَّانِيَةِ تَابِعَةً حَقِيقَةٌ فِي الْجَمْعِ، أَوْ صُورَةٌ فِي غَيْرِهِ صَيَّرَهَا كَجُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْأُولَى فَاكْتُفِيَ بِالْأَذَانِ لَهَا اهـ شَرْحُ الْعُبَابِ (فَرْعٌ)
نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ وَأَوْجَبْنَا الْخَمْسَ فَإِنْ، وَالَاهَا أَذَّنَ لِلْأُولَى وَإِلَّا فَلِكُلٍّ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَالَ فَصَلَ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ كَالْفَصْلِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ ع ش (قَوْلُهُ: بَيْنَ كُلٍّ) أَيْ: كُلِّ اثْنَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمْعَ تَأْخِيرٍ إلَخْ) أَيْ: مَعَ التَّوَالِي كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمَنْهَجِ أَيْ، وَالْمُغْنِي بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَذَّنَ لِلْأُولَى إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ وَمَا يَأْتِي أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْأُولَى، بَلْ لَوْ أَطْلَقَ انْصَرَفَ لَهَا فَلَوْ قَصَدَ بِهِ الثَّانِيَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْتَفَى بِهِ حَلَبِيٌّ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: فَيُؤَذِّنُ لَهَا) أَيْ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ، وَالَى إلَخْ) دَخَلَ فِيهِ مَا إذَا تَذَكَّرَ فَائِتَةً بَعْدَ فِعْلِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
كَلَامُ شَارِحٍ) قَدْ يُقَالُ مَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ عَلَى الْقَدِيمِ السَّابِقِ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْجَمَاعَةِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الثَّانِي حَقٌّ لِلْفَرْضِ) نَظَرَ الْإِسْنَوِيُّ فِي نَدْبِ الْأَذَانِ فِي وَقْتِ الْأُولَى مِنْ الْمَجْمُوعَتَيْنِ إذَا نَوَى جَمْعَ التَّأْخِيرِ قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَيَظْهَرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّهُ حَقُّ الْوَقْتِ، أَوْ الصَّلَاةِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ أَذَّنَ وَإِلَّا فَلَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُؤَذَّنُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ حَقٌّ لِلصَّلَاةِ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ حَقٌّ لِلْوَقْتِ أَنَّهُ يُؤَذَّنُ لِلْأُولَى فِي وَقْتِهَا وَإِنْ نَوَى جَمْعَهَا تَأْخِيرًا كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقِيَاسُهُ أَنْ يُؤَذَّنَ لِلثَّانِيَةِ فِي وَقْتِهَا وَإِنْ جَمَعَهُمَا تَقْدِيمًا وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ التَّأْخِيرِ أَوْ فِعْلَهُ التَّقْدِيمَ صَيَّرَ الْوَقْتَ هُوَ الثَّانِيَ، أَوْ الْأَوَّلَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَقِيَاسُهُ عَدَمُ الْأَذَانِ فِيمَا ذُكِرَ اهـ
(قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَذَّنْ لِغَيْرِ الْأُولَى) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَإِنْ قُلْت مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْفَرْضِ يُنْتَقَضُ بِمَا يَأْتِي فِي تَوَالِي فَوَائِتَ أَوْ مَجْمُوعَتَيْنِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤَذَّنُ لِغَيْرِ الْأُولَى قُلْت لَا يُنَاقِضُهُ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الثَّانِيَةِ تَابِعَةً حَقِيقَةٌ فِي الْجَمْعِ، أَوْ صُورَةً فِي غَيْرِهِ صَيَّرَهَا كَجُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْأُولَى فَاكْتُفِيَ بِالْأَذَانِ لَهَا اهـ.
(فَرْعٌ)
نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ وَأَوْجَبْنَا الْخَمْسَ فَإِنْ، وَالَاهَا أَذَّنَ لِلْأُولَى وَإِلَّا فَلِكُلٍّ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ، وَالَى